بقي التسجيل الصوتي المنسوب إلى رئيس «ائتلاف دولة القانون» رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، يحظى باهتمام ومتابعة طيف واسع من مختلف الفئات العراقية، بالنظر إلى المخاطر الجسيمة التي قد تترتب على كلامه، الذي دفع باثنين من المحامين إلى رفع دعويين أمام القضاء والادعاء العام للتحقيق فيه، باعتبار أنه يمثل «مساساً بالأمن القومي العراقي ويحرض على الفتن والاقتتال الطائفي»، مثلما أكدت المحامية سلسبيل عبد شنيت.
كان الناشط والصحافي علي فاضل، نشر الأربعاء الماضي مقطعاً من التسجيل الصوتي المنسوب للمالكي، الذي يمتد على مدى 48 دقيقة، وقال إنه فضل القيام بنشر مقاطع صغيرة منه لا تتجاوز الدقيقة من الزمن أو الدقيقتين بشكل يومي، «بهدف إدامة زخم تأثيره ومفعوله لدى الأوساط الشعبية والسياسية»، وأنه سيواصل النشر وفق هذه الوتيرة خلال الأيام المقبلة.
وفي آخر مقطع نشره فاضل، أمس، وردت على لسان المالكي عبارات غاية في الخطورة، حيث قال: «إن المرحلة المقبلة مرحلة قتال، بالأمس قلت ذلك لرئيس الوزراء (مصطفى) الكاظمي، وقلت لا أعتمد عليك، أو على الجيش والشرطة، إنهم لن يفعلوا شيئاً، العراق مقبل على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد، إلا إذا استطعنا إسقاط توجهات الصدر والحلبوسي ومسعود البارزاني».
الواضح أن الكلام المنسوب للمالكي يعود إلى نحو شهرين ماضيين، حيث ظهر تحالف الصدر والبارزاني والحلبوسي في إطار ما سمي وقتها «تحالف إنقاذ وطن»، قبل أن يعلن الصدر انسحاب كتلته النيابية (73 مقعداً) من البرلمان قبل نحو شهر.
في التسجيل تحدث المالكي أيضاً عن أنه يقوم بتجهيز وتسليح من 10 إلى 15 تجمعاً «استعداداً للمرحلة الحرجة»، على حد تعبيره. وذكر أنه «سيقوم بالهجوم على النجف لحماية المرجعية والناس في حال هاجمها الصدر»، وعبّر المالكي عن خيبة أمله بجماعات «الحشد الشعبي»، واستبعد إمكانية الاعتماد عليهم، ووصفهم بـ«أمة الجبناء». ورغم قيام المالكي ومكتبه الإعلامي بنفي صحة التسجيل الصوتي المنسوب إليه لمرتين متتاليتين، والتحذير «من القدرة التقنية الحديثة (Deep fake) على تزييف الحقائق والأصوات»، إلا أن اتجاهات محلية عراقية غير قليلة لا تصدق نفي المالكي، وتؤكد «أن الصوت والأفكار متطابقان تماماً مع صوته وتوجهاته».
تعليقاً على الجدل المتواصل منذ أيام في هذا الشأن، قال الباحث العراقي في جامعة أريزونا الأميركية سليم سوزة، عبر مقال نشره في منصته الشخصية في «فيسبوك»، أنه «بصرف النظر عن صحة التسريبات الصوتية الأخيرة للمالكي من عدمها، فإن الكلام المنسوب إليه منسجم مع سلوكه وعقليته ونظرته للسياسة. بالنسبة لي، لا أشك لحظة في أنها (التسريبات) تعود للمالكي حقاً. المعلومات، النبرة الصوتية، طريقة الحديث، أسلوب تناول الملفات السياسية والأمنية، كلها مالكية بامتياز».
بدوره، يقول الباحث السياسي يحيى الكبيسي، «الحقيقة أنه لا جديد في خطاب المالكي؛ فهو يردد هذا الكلام دائماً أمام زائريه، لكنها المرة الأولى ربما التي يظهر إلى العلن، أما الآراء الرئيسية في هذا الخطاب فهي تتكرر منذ أن ظهر المالكي في المشهد السياسي العراقي 2003».
قبل ذلك، قال النائب السابق والمعارض الحالي فائق الشيخ علي، عبر تغريدة في «تويتر»، «دعكم من قصة ما إذا كان التسجيل مفبركاً أم غير مفبرك، واتركوا قصة الأجهزة وتطورها وجميع الأسئلة والاستفسارات، واسألوا أنفسكم فقط: طبقاً للوقائع والأحداث والتصريحات السابقة، هل هذه هي نظرة السيد المالكي إلى السيد مقتدى الصدر أم لا؟ ألا تقابلها نظرة أقسى وأسخط منها من السيد مقتدى إلى السيد المالكي؟!».
حتى الآن، لا تبدو التداعيات المحتملة لحديث المالكي واضحة، سواء بالنسبة إلى الجهات التي وجه إليها سهام نقده الحاد مثل زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، أو بالنسبة إلى نتائج الدعاوى القضائية التي بُوشر في رفعها ضده، وذلك في ظل الحديث عن النفوذ الذي يتمتع به داخل الجهاز القضائي. كما تستمر التكهنات في شأن الجهة التي سربت التسجيل إلى وسائل الإعلام، من بينها اتجاهات في قوى «الإطار التنسيقي» الذي ينتمي إليه المالكي نتيجة صراع الأجنحة داخله.
كان مقتدى الصدر قال لأتباعه بعد نشر التسجيل الصوتي: «لا تكترثوا بالتسريبات فنحن لا نقيم له (المالكي) وزناً».
المالكي يريدها «حرباً طاحنة» ضد الصدر
دعوة القضاء العراقي إلى التحقيق في كلامه «المحرض على الفتن»
المالكي يريدها «حرباً طاحنة» ضد الصدر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة