ارتفاع ضحايا العنف القبلي في «النيل الأزرق» السوداني

نزوح الآلاف في ظروف صعبة... والسلطات تنشر قوات كبيرة لحفظ الأمن

TT

ارتفاع ضحايا العنف القبلي في «النيل الأزرق» السوداني

ارتفعت حصيلة العنف القبلي في إقليم النيل الأزرق جنوب شرقي السودان إلى أكثر من 33 قتيلا ونحو مائة جريح مع تسجيل نزوح الآلاف في ظروف إنسانية صعبة، وفقاً للإحصائيات الرسمية، فيما تقول مصادر محلية إن هذه حصيلة أولية، وإن «عدد الضحايا أكبر بكثير ولم يتم حصره بسبب بعد مناطق القتال» وصعوبة الاتصال، علما بأن السلطات نشرت أعدادا كبيرة من الجيش والقوات النظامية في الدمازين، عاصمة الإقليم، لضبط الأمن وإعادة الاستقرار.
وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن المواطنين الذين نزحوا من مناطق الرصيرص وقنيص إلى الدمازين نتيجة للعنف القبلي المتصاعد منذ أيام، يواجهون أوضاعا إنسانية في غاية السوء نتيجة لنقص الغذاء والدواء. وقالت «إن مفوضية العون الإنساني أحصت نحو 15 ألف نازح من الرجال والنساء والأطفال تم إيواؤهم في منطقة العزازة، فيما حالت الأجهزة الأمنية دون وصول المئات من الفارين إلى المدنية. وفي المقابل، أفادت المصادر ذاتها أن أعدادا كبيرة من المواطنين غادرت مدينة الدمازين بالسيارات العامة في حالة من الهلع والذعر خوفا على أرواحهم من تدهور الأوضاع الأمنية».
وأكدت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» وفاة 4 من الجرحى في المستشفى العام كانوا أصيبوا بالرصاص الحي خلال الاشتباكات القبلية المستمرة منذ أيام، كما استقبل المستشفى أمس 12 إصابةً جديدةً. وأبلغت أيضاً عن وجود جثث في مستشفى «الرصيرص» بالإضافة إلى العشرات من المصابين بالرصاص الحي والأسلحة البيضاء، في ظل نقص كبير في الأدوية والكوادر الطبية وقال مواطنون إن الاشتباكات توقفت في الدمازين بعد نشر السلطات قوات كبيرة من الجيش والشرطة، «وأن الأوضاع بقيت غير مستقرة، وأن تدخل الحكومة المحلية لمعالجة الأوضاع الأمنية والإنسانية بقي بطيئا».
فيما أفاد مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان في نشرة أمس، «أن فرض السلطات حظر التجوال في المنطقة وإغلاق الطرق المؤدية إلى الدمازين قيدا تحركات المنظمات في المنطقة، وتم وقف جميع الأنشطة الإنسانية بانتظار تأكيدات من السلطة المحلية للتحرك». وأشار إلى «أن الشركاء في المجال الإنساني يخططون لتوفير الإمدادات الطبية والأدوية لمستشفى الدمازين وفق ما يسمح به الوضع الأمني».
ومن جانبها قالت وزارة الصحة الاتحادية إنها شكلت فريق استجابة سريعة وأعلنت حالة استنفار وأنشأت غرفة طوارئ مع منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود البلجيكية والفرنسية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واستنفرت الكوادر الطبية العاملة للتوجه إلى مستشفى الدمازين. وأعلنت التزامها «بتوفير الأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية، وفتح خط مباشر مع الولاية لتوفير الاحتياجات» وأن هناك ترتيبات تجري «لإجلاء الحالات التي تحتاج إلى عناية ورعاية إلى العاصمة الخرطوم».
وأصدر حاكم إقليم النيل الأزرق، أحمد العمدة، أول من أمس، قراراً بحظر التجوال ومنع التجمعات وإغلاق كل الطرق في الرصيرص والدمازين لتمكين السلطات من إعادة الأمن والاستقرار. وقال في تصريحات صحافية «إن القوات الأمنية تعمل على السيطرة على الأوضاع وإيجاد حل وسط يحفظ الأمن الاجتماعي بالإقليم».
ومن جانبه حض رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس، في تغريدة على «تويتر» المجتمعات المحلية «على ممارسة ضبط النفس والامتناع عن الانتقام والعمل مع السلطات المحلية والإقليمية لاتخاذ خطوات ملموسة نحو التعايش السلمي».
وتصاعد النزاع القبلي بالإقليم خلال الأيام الماضية بسبب مطالبة قبائل «الهوسا» التي تقطن في مناطق محاذية لشريط نهر النيل الأزرق وحتى مدينة «قيسان» بتحويل وجودها في المنطقة إلى «إمارة أهلية» تسمح لها بتمليك الأراضي للموجودين عليها، وهو ما قوبل بالرفض والاستنكار من مجموعات قبلية أخرى بالإقليم.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
TT

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأحد، أن بلاده تساورها «شكوك» حيال رغبة الجزائر في التزام إحياء العلاقات الثنائية، معرباً عن مخاوفه بشأن قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف منذ أسابيع.

وقال بارو في مقابلة مع إذاعة «آر تي إل» الخاصة: «لقد وضعنا في 2022 (...) خريطة طريق (...) ونود أن يتم الالتزام بها».

وأضاف: «لكننا نلاحظ مواقف وقرارات من جانب السلطات الجزائرية أثارت لدينا شكوكاً حيال نية الجزائريين التزام خريطة الطريق هذه. لأن الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين».

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)

وأضاف بارو: «مثل رئيس الجمهورية، أعرب عن القلق البالغ إزاء رفض طلب الإفراج الذي تقدم به بوعلام صنصال ومحاموه».

وصنصال (75 عاماً) المعارض للسلطة الجزائرية والمولود من أم جزائرية وأب ذي أصول مغربية، موقوف منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بتهمة «تعريض أمن الدولة للخطر».

وأوضح بارو: «أنا قلق بشأن حالته الصحية و(...) فرنسا متمسكة جداً بحرية التعبير وحرية الرأي، وتعتبر أن الأسباب التي قد دفعت السلطات الجزائرية إلى احتجازه باطلة».

وتناول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الأولى، الأحد الماضي، قضية توقيف الكاتب بالجزائر، واصفاً إياه بـ«المحتال... المبعوث من فرنسا».

وأوقِف مؤلف كتاب «2084: نهاية العالم» في نوفمبر بمطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعدّ «فعلاً إرهابياً أو تخريبياً (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

وأشار الوزير الفرنسي إلى أن بلاده «ترغب في الحفاظ على أفضل العلاقات مع الجزائر (...) لكن هذا ليس هو الحال الآن».

وسحبت الجزائر سفيرها من باريس في يوليو (تموز) الماضي، بعد تبني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للصحراء الغربية المتنازع عليها تحت سيادة المملكة، قبل أن يزور الرباط في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).