«طلاب المدارس»... هدف بوتين الجديد لدعم جبهته

طلاب بإحدى مدارس روسيا (أ.ب)
طلاب بإحدى مدارس روسيا (أ.ب)
TT

«طلاب المدارس»... هدف بوتين الجديد لدعم جبهته

طلاب بإحدى مدارس روسيا (أ.ب)
طلاب بإحدى مدارس روسيا (أ.ب)

ستؤدي التغييرات الكاسحة في المناهج الدراسية قريباً إلى تعزيز صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركيز على إظهاره كشخصية تاريخية محورية وإعلان نهاية الانفتاح على الغرب.
فبدءاً من الصف الأول الابتدائي، سيحضر الطلاب في جميع أنحاء روسيا قريباً دروساً أسبوعية تعرض أفلاماً عن الحرب وتقدم جولات افتراضية في شبه جزيرة القرم، وفقاً لتشريع جديد وقعه بوتين يوم الخميس الماضي، ونقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
ووفقاً للتشريع، سيتم إعطاء الطلاب الروس أيضاً محاضرات دورية حول «الوضع الجيوسياسي» و«القيم التقليدية الوطنية» لموسكو، هذا بالإضافة إلى المحاضرات التي ستركز على «ولادة روسيا من جديد» في عهد الرئيس فلاديمير بوتين.

وقال سيرغي نوفيكوف، عالم الرياضيات وأحد كبار البيروقراطيين في الكرملين، للآلاف من معلمي المدارس الروس في ورشة عمل عبر الإنترنت، إنه «منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، أثبتت محاولات الحكومة الروسية لإضفاء آيديولوجية الدولة على أطفال المدارس فشلها، لكن الآن، وسط الحرب في أوكرانيا، أكد بوتين أن هذا الأمر بحاجة إلى التغيير».
وأضاف نوفيكوف: «عملنا الآيديولوجي يهدف إلى تغيير الوعي».
ووفقاً لتقرير «نيويورك تايمز»، فقد أصبح هدف روسيا منذ بدء حربها في أوكرانيا هو تقوية جبهتها الداخلية و«إعادة برمجة» المجتمع الروسي لإنهاء 30 عاماً من الانفتاح على الغرب.
ومن أجل تحقيق هذه الطموحات، قام الكرملين بسجن جميع النشطاء الذين انتقدوا الحرب واتخذ إجراءات صارمة ضد الأكاديميين والمدونين وحتى لاعبي الهوكي المشتبه في ولائهم للدولة، كما قام بالقضاء على الصحافة المستقلة.
ويعد التشريع الجديد الخاص بالتعليم هو أحدث سبل الكرملين لتحقيق هدفه الخاص بـ«إعادة برمجة» المجتمع.
ويبلغ عدد المدارس العامة الروسية 40 ألف مدرسة.
وفي حين أن بعض الخبراء يشككون في أن الخطط الكبرى للكرملين ستؤتي ثمارها بسرعة، فقد أصبحت فاعلية دعاية الكرملين في تغيير أذهان الطلاب والشباب القابلين للتأثر واضحة بالفعل منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.
فعلى سبيل المثال، قالت طالبة روسية في الصف التاسع، تدعى إيرينا، إنه في شهر مارس (آذار)، تم استبدال حصص الكومبيوتر بمدرستها بتقارير تلفزيونية حكومية عن استسلام الأوكرانيين للقوات الروسية ومحاضرات تؤكد أن المعلومات الموثوقة عن الحرب موجودة فقط لدى المصادر الروسية الرسمية.
وأضافت إيرينا: «سرعان ما لاحظت تحولاً بين بعض الأصدقاء الذين كانوا خائفين أو مرتبكين في البداية بسبب الحرب. لقد بدأوا فجأة يرددون كل شيء يقال على التلفزيون الرسمي الروسي. فجأة بدأوا يقولون إن هذه الحرب كانت مبررة، وكان لا بد أن تحدث ولم يتمكنوا حتى من إخباري عن سبب اعتقادهم في هذا الأمر».
وقالت إيرينا إنها عندما تحدت صديقاتها بشأن جرائم الحرب الروسية في بوتشا، كان ردهن جميعاً واحداً، وهو: «كل ما يقال في هذا الشأن هو مجرد دعاية وشائعات غير صحيحة».
وغادرت إيرينا مع عائلتها روسيا في شهر أبريل (نيسان)، وذهبوا للعيش في بولندا، حيث إن والدها ووالدتها رفضا تربية أطفالهما في بيئة عسكرية متزايدة.
ومن جهتها، قالت إيرينا ميليوتينا، مدرسة اللغة الإنجليزية بإحدى مدارس مدينة بسكوف، إن الأطفال في مدرستها جادلوا بقوة في البداية حول ما إذا كانت روسيا على صواب أم خطأ في غزو أوكرانيا، لكن سرعان ما تبخرت أصوات المعارضة. وكتب الأطفال حرف «Z»، الذي يعد رمز دعم الحرب الروسية، على السبورات والمكاتب وحتى أرضيات المدرسة.

وأضافت ميليوتينا (30 عاماً): «في فترات الراحة التي تتخلل اليوم الدراسي، تظاهر طلاب الصف الخامس والسادس بأنهم جنود روس، فيما وصفوا أولئك الذين لا يحبونهم كثيراً بـ(الأوكرانيين)».
وقالت ميليوتينا، التي اعتُقلت في فبراير (شباط) لاحتجاجها على الحرب لكنها تمكنت من الاحتفاظ بوظيفتها كمعلمة، إن التوجيهات الحكومية بعقد سلسلة من دروس الدعاية المؤيدة للحرب وصلت إلى مدرستها في الأسابيع التي تلت الغزو.
وتلقت المدارس في جميع أنحاء البلاد مثل هذه الأوامر، وفقاً لنشطاء وتقارير إخبارية روسية، وقد أطلع دانيل كين، رئيس نقابة المعلمين المستقلين، صحيفة «نيويورك تايمز» على بعض التوجيهات التي قال إن المعلمين قد نقلوها إليه.
ففي أحد الفصول الدراسية، أعطى الطلاب محاضرة حول «النزاعات الهجينة التي تُنفذ ضد روسيا»، مع تقديم تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية حول هجوم روسي في أوكرانيا وبيان من الرئيس فولوديمير زيلينسكي كأمثلة على «المنتجات المزيفة» التي تهدف إلى زرع الفتنة في المجتمع الروسي.
وبينما يستهدف التشريع الجديد «الترويج لنسخة الكرملين من الوطنية»، فإن بعض الخبراء والأكاديميين، ومن بينهم سيرغي تشيرنيشوف، الذي يدير مدرسة ثانوية خاصة في مدينة نوفوسيبيرسك، يعتقدون أن محاولات الكرملين لبيع نزعته العسكرية للأطفال سوف تتعارض في النهاية مع الحس السليم للعقل الصغير.
وقال تشيرنيشوف: «إن الطفل البالغ من العمر 10 سنوات هو أكثر إنسانية من المواطن الروسي النموذجي ولن يتقبل فكرة قتل شخص لآخر لأي سبب كان».
وأضاف: «تحتاج فقط إلى إيجاد القوة الأخلاقية لعدم تسهيل الشر. إذا كنت لا تستطيع الاحتجاج على ذلك، على الأقل لا تساعد فيه».


مقالات ذات صلة

الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

العالم الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

قال الكرملين الأربعاء إنه أسقط طائرتين مسيّرتين أطلقتهما أوكرانيا، واتّهم كييف بمحاولة قتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضح الكرملين في بيان: «استهدفت مسيّرتان الكرملين... تم تعطيل الجهازين»، واصفاً العملية بأنها «عمل إرهابي ومحاولة اغتيال رئيس روسيا الاتحادية». وقال الكرملين إن العرض العسكري الكبير الذي يُقام في 9 مايو (أيار) للاحتفال بالنصر على ألمانيا النازية في عام 1945 سيُنظم في موسكو رغم الهجوم بمسيَّرات. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قوله: «العرض سيقام. لا توجد تغييرات في البرنامج».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

أكّدت تركيا وروسيا عزمهما على تعزيز التعاون بعد نجاح إطلاق أكبر مشروع في تاريخ العلاقات بين البلدين اليوم (الخميس)، وهو محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء التي أنشأتها شركة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية في ولاية مرسين جنوبي تركيا. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال مشاركته إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو الخميس، في حفل تزويد أول مفاعل للمحطة التركية بالوقود النووي، أن تركيا ستصبح من خلال هذا المشروع واحدة من القوى النووية في العالم.

يوميات الشرق محمد بن سلمان وبوتين يبحثان العلاقات

محمد بن سلمان وبوتين يبحثان العلاقات

أجرى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي اتصالاً هاتفياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس. وقدم الرئيس الروسي في بداية الاتصال التهنئة لولي العهد بعيد الفطر المبارك. وجرى خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين السعودية وروسيا وسبل تطويرها في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (جدة)
بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس

بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس

اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس، بالصعوبات التي تواجهها قوات بلاده في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، وطالب بوضع تصورات محددة حول آليات تطوير الحكم الذاتي المحلي في المناطق التي ضمتها روسيا الخريف الماضي. وقال بوتين خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس تطوير الحكم الذاتي المحلي الذي استحدث لتولي الإشراف على دمج المناطق الجديدة، إنه على اتصال دائم مع حاكم دونيتسك دينيس بوشيلين. وخاطب بوشيلين قائلاً: «بالطبع، هناك كثير من المشكلات في الكيانات الجديدة للاتحاد الروسي.

العالم تقرير: المعارضة الروسية مشتتة وتعول على هزيمة في أوكرانيا

تقرير: المعارضة الروسية مشتتة وتعول على هزيمة في أوكرانيا

في روسيا وفي المنفى، أُضعفت المنظمات والمواطنون المناهضون للحرب ولبوتين بسبب القمع وانعدام الوحدة بين صفوفهم، وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. حسب التقرير، يعتبر المعارضون الديمقراطيون الروس أن هزيمة الجيش الروسي أمر مسلَّم به. «انتصار أوكرانيا شرط أساسي للتغيير الديمقراطي في روسيا»، تلخص أولغا بروكوبييفا، المتحدثة باسم جمعية الحريات الروسية، خلال اجتماع نظمه المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) مع العديد من ممثلي المعارضة الديمقراطية الروسية، وجميعهم في المنفى بأوروبا. يقول المعارضون الروس إنه دون انتصار عسكري أوكراني، لن يكون هناك شيء ممكن، ولا سيما تمرد السكان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.