«الموتشي»... حلوى يعرفها اليابانيون منذ أكثر من 117 عاماً

عجينة الأرز المُطعمة بالآيس كريم تذوب في الفم... وفي ثقافة الأكل بمصر

المصريون يتطلعون إلى النكهات العالمية  -  تتميز حلوى الموتشي بألوانها الزاهية ومذاقها المميز  -  باستيان مؤسسة «موتشي إيجيبت»
المصريون يتطلعون إلى النكهات العالمية - تتميز حلوى الموتشي بألوانها الزاهية ومذاقها المميز - باستيان مؤسسة «موتشي إيجيبت»
TT

«الموتشي»... حلوى يعرفها اليابانيون منذ أكثر من 117 عاماً

المصريون يتطلعون إلى النكهات العالمية  -  تتميز حلوى الموتشي بألوانها الزاهية ومذاقها المميز  -  باستيان مؤسسة «موتشي إيجيبت»
المصريون يتطلعون إلى النكهات العالمية - تتميز حلوى الموتشي بألوانها الزاهية ومذاقها المميز - باستيان مؤسسة «موتشي إيجيبت»

بألوان ربيعية ومذاق جذاب يذوب في كرات مُثلجة من الآيس كريم، انتشرت حلوى «الموتشي» بمصر، في تجربة من قلب القارة الآسيوية تجسد عالماً لم يعد يكترث للحدود ويساعد على تقارب الثقافات.
وهذا النوع من الحلوى هو طقس شعبي ياباني، وقبل سنوات قريبة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما من خلال تطبيق المقاطع المصورة القصير «تيك توك»، الآن، بات متاحاً أن تتناول كرات «الموتشي» في القاهرة والإسكندرية بفضل مشروع واعد تقوم عليه شابة تعشق التجربة، إنها باستيان مؤسسة «موتشي إيجيبت»، التي توصف بأنها أول من خاض تجربة صناعة «الموتشي» في مصر قبل نحو عام، فحققت صدى ملموساً.
تقول باستيان لـ«الشرق الأوسط»، إن شغفها بالطعام وتقديم ثقافات من حول العالم للسوق المصرية كان الدافع وراء خوض التجربة، وتردف: «أعشق الأكلات العصرية، ولا أخشى التجربة، لا سيما أننا أمام جيل يكسر الحدود بينما هو جالس أمام حاسوبه».
وعن طبيعة «الموتشي» تقول: هي «عبارة عن عجينة أرز مُحلاة، بداخلها حلوى الآيس كريم بنكهات عدة، مثل الفانيليا، والفراولة، والشوكولاته، والبطيخ وغيره من الفاكهة الشائعة في مصر، فضلاً عن بعض النكهات اليابانية مثل (الماتشا)، ونكهة أخرى معروفة في دول آسيا باسم (أوبي) وهي البطاطا اليابانية المميزة بلونها القرمزي، والمعروفة أيضاً بمذاقها شديد الحلاوة؛ كما يدخل (اليوزو) وهو ليمون ياباني بمذاق حمضي لاذع ضمن قائمة نكهات (الموتشي) الشهيرة».
وعن وصول حلوى «الموتشي» إلى مصر، تقول: «إنها حلوى آسيوية، ولنكن أكثر دقة فهي مرتبطة بالأصول اليابانية، إلى حد أن اليابانيين يقيمون لها احتفالات شعبية في الميادين».
وفي تقرير نُشر قبل عامين في الإصدار الخاص بالسفر من شبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي ترافيل»، أفاد بأن هذه الحلوى عرفها اليابانيون منذ أكثر من 117 عاماً، وتتكون من كعكة مطاطة ولزجة مصنوعة من أرز مطحون، تُقدم عادة خلال السنة اليابانية الجديدة في احتفال يعرف باسم احتفال «الموتشي تسوكي».

حلوى الموتشي... خلطة يابانية تجمع ما بين الأرز والآيس كريم

ظلت «الموتشي» لسنوات بعيدة عن الثقافة العربية، تحديداً مصر، وذلك لأنها تتكون من نوع خاص جداً من الدقيق غير متوفر في الشرق الأوسط، وهو دقيق أرز الدبق، وتقول باستيان إن انتقال «الموتشي» إلى مصر كان يتطلب في البداية توفير مكوناتها، وتذكر: «يتم تجهيزها بطرق محترفة لتتحول إلى عجين تُجهز على البخار بدرجة معينة حتى لا تصبح شديدة اللزوجة، ثم يقوم الطاهي بفردها ولفها حول حشوة الآيس كريم».
رغم أن باستيان مصرية، لكن بفضل الشبكة العنقودية لاحظت أن «الموتشي» أصبح «ترند» أو اتجاهاً في الطعام العصري، بينما يجري كُثر عمليات بحث عن أماكن توفر تلك الحلوى اليابانية، وتقول: «أهوى متابعة كل ما هو عصري، لا سيما فيما يخص الطعام، أعده نوعاً من التطور الثقافي، ولاحظت على تطبيق (تيك توك) أن جيل الألفية يتحدث عن هذه الحلوى وأماكن بيعها، ولأني أعمل بالفعل في استيراد الأغذية، قررت أن أخوض التجربة بهدف تلبية حاجة المستهلكين وفي الوقت عينه دخول تجربة جديدة من مجال الأطعمة الذي أحترفه».
وعن محاولاتها لتحضير العجين الياباني، تقول: «في البداية كانت محاولة فردية في تحضير (الموتشي)، تعلمت وصفتها عبر الإنترنت من محترفيها، وخضت تجربتي الأولى فنالت إعجاب أصدقاء كانوا قد تناولوا (الموتشي) في بلدها الأصلي اليابان». وتضيف: «من هنا انطلقت الفكرة من مجرد تجربة فردية إلى مشروع يستهدف مزج الثقافات، فنحن في عصر اللاحدود».
«الموتشي» منتج حساس في تحضيره، هكذا تقول مؤسسة المشروع، ورغم بساطة الفكرة فإنها تحتاج إلى شخص محترف، لأن المكونات تقوم على عجينة ناعمة وآيس كريم، وتضيف: «تحتاج أماكن تبريد متخصصة، ورغم صعوبة الخطوات جاءت ردود الأفعال مبهرة دفعتنا للمضي قدماً».
صحيح أن جيل «z» الذي يتصدر بأفكاره «تيك توك»، كان في انتظار حلوى «الموتشي»، بيد أن ثمة فريقاً آخر لم يكن في الحُسبان شارك في التجربة، تقول باستيان: «هناك أجيال لا تعرف (الموتشي)، لا سيما هؤلاء غير المعنيين بالثقافة الآسيوية، لذا واجهنا أسئلة كثيرة حول المكونات غير المألوفة للمصريين، لكن المذاق كان رخصة دخول هذه الحلوى سوق الرفاهية في مصر».
بـ19 فرعاً في مصر، بات «الموتشي» حلوى شهيرة، وتفسر باستيان هذا الرواج: «المصريون لديهم شغف التجربة، وربما هو سر زخم سوق المطاعم هنا، وتداخل ثقافات الأكل بصورة ربما تفوق الأسواق خارج الحدود، رغم انعدام شهرة (الموتشي) في مصر فإن الزبائن في البداية وبمجرد تذوق الحلوى تزايدت الطلبات بكميات ضخمة».
وانتهت باستيان إلى أن نجاح «الموتشي» وذوبانه في ثقافة الأكل في مصر يلوحان بالمزيد، وتقول: «ما زلنا نقدم (الموتشي) بطريقة يدوية، صحيح أنها تتطلب كثيراً من الاحترافية والمهارة وحب الوصفة، لكن نخطط لمزيد من الانتشار في السوق المصرية من خلال شراء ماكينة حديثة صممتها الصين لنا لتحضير الحلوى اليابانية على نحو أسهل وأسرع يسمح بتوفير كميات أكبر من المنتج في الأسواق الكبرى».


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».