بألوان ربيعية ومذاق جذاب يذوب في كرات مُثلجة من الآيس كريم، انتشرت حلوى «الموتشي» بمصر، في تجربة من قلب القارة الآسيوية تجسد عالماً لم يعد يكترث للحدود ويساعد على تقارب الثقافات.
وهذا النوع من الحلوى هو طقس شعبي ياباني، وقبل سنوات قريبة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما من خلال تطبيق المقاطع المصورة القصير «تيك توك»، الآن، بات متاحاً أن تتناول كرات «الموتشي» في القاهرة والإسكندرية بفضل مشروع واعد تقوم عليه شابة تعشق التجربة، إنها باستيان مؤسسة «موتشي إيجيبت»، التي توصف بأنها أول من خاض تجربة صناعة «الموتشي» في مصر قبل نحو عام، فحققت صدى ملموساً.
تقول باستيان لـ«الشرق الأوسط»، إن شغفها بالطعام وتقديم ثقافات من حول العالم للسوق المصرية كان الدافع وراء خوض التجربة، وتردف: «أعشق الأكلات العصرية، ولا أخشى التجربة، لا سيما أننا أمام جيل يكسر الحدود بينما هو جالس أمام حاسوبه».
وعن طبيعة «الموتشي» تقول: هي «عبارة عن عجينة أرز مُحلاة، بداخلها حلوى الآيس كريم بنكهات عدة، مثل الفانيليا، والفراولة، والشوكولاته، والبطيخ وغيره من الفاكهة الشائعة في مصر، فضلاً عن بعض النكهات اليابانية مثل (الماتشا)، ونكهة أخرى معروفة في دول آسيا باسم (أوبي) وهي البطاطا اليابانية المميزة بلونها القرمزي، والمعروفة أيضاً بمذاقها شديد الحلاوة؛ كما يدخل (اليوزو) وهو ليمون ياباني بمذاق حمضي لاذع ضمن قائمة نكهات (الموتشي) الشهيرة».
وعن وصول حلوى «الموتشي» إلى مصر، تقول: «إنها حلوى آسيوية، ولنكن أكثر دقة فهي مرتبطة بالأصول اليابانية، إلى حد أن اليابانيين يقيمون لها احتفالات شعبية في الميادين».
وفي تقرير نُشر قبل عامين في الإصدار الخاص بالسفر من شبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي ترافيل»، أفاد بأن هذه الحلوى عرفها اليابانيون منذ أكثر من 117 عاماً، وتتكون من كعكة مطاطة ولزجة مصنوعة من أرز مطحون، تُقدم عادة خلال السنة اليابانية الجديدة في احتفال يعرف باسم احتفال «الموتشي تسوكي».
ظلت «الموتشي» لسنوات بعيدة عن الثقافة العربية، تحديداً مصر، وذلك لأنها تتكون من نوع خاص جداً من الدقيق غير متوفر في الشرق الأوسط، وهو دقيق أرز الدبق، وتقول باستيان إن انتقال «الموتشي» إلى مصر كان يتطلب في البداية توفير مكوناتها، وتذكر: «يتم تجهيزها بطرق محترفة لتتحول إلى عجين تُجهز على البخار بدرجة معينة حتى لا تصبح شديدة اللزوجة، ثم يقوم الطاهي بفردها ولفها حول حشوة الآيس كريم».
رغم أن باستيان مصرية، لكن بفضل الشبكة العنقودية لاحظت أن «الموتشي» أصبح «ترند» أو اتجاهاً في الطعام العصري، بينما يجري كُثر عمليات بحث عن أماكن توفر تلك الحلوى اليابانية، وتقول: «أهوى متابعة كل ما هو عصري، لا سيما فيما يخص الطعام، أعده نوعاً من التطور الثقافي، ولاحظت على تطبيق (تيك توك) أن جيل الألفية يتحدث عن هذه الحلوى وأماكن بيعها، ولأني أعمل بالفعل في استيراد الأغذية، قررت أن أخوض التجربة بهدف تلبية حاجة المستهلكين وفي الوقت عينه دخول تجربة جديدة من مجال الأطعمة الذي أحترفه».
وعن محاولاتها لتحضير العجين الياباني، تقول: «في البداية كانت محاولة فردية في تحضير (الموتشي)، تعلمت وصفتها عبر الإنترنت من محترفيها، وخضت تجربتي الأولى فنالت إعجاب أصدقاء كانوا قد تناولوا (الموتشي) في بلدها الأصلي اليابان». وتضيف: «من هنا انطلقت الفكرة من مجرد تجربة فردية إلى مشروع يستهدف مزج الثقافات، فنحن في عصر اللاحدود».
«الموتشي» منتج حساس في تحضيره، هكذا تقول مؤسسة المشروع، ورغم بساطة الفكرة فإنها تحتاج إلى شخص محترف، لأن المكونات تقوم على عجينة ناعمة وآيس كريم، وتضيف: «تحتاج أماكن تبريد متخصصة، ورغم صعوبة الخطوات جاءت ردود الأفعال مبهرة دفعتنا للمضي قدماً».
صحيح أن جيل «z» الذي يتصدر بأفكاره «تيك توك»، كان في انتظار حلوى «الموتشي»، بيد أن ثمة فريقاً آخر لم يكن في الحُسبان شارك في التجربة، تقول باستيان: «هناك أجيال لا تعرف (الموتشي)، لا سيما هؤلاء غير المعنيين بالثقافة الآسيوية، لذا واجهنا أسئلة كثيرة حول المكونات غير المألوفة للمصريين، لكن المذاق كان رخصة دخول هذه الحلوى سوق الرفاهية في مصر».
بـ19 فرعاً في مصر، بات «الموتشي» حلوى شهيرة، وتفسر باستيان هذا الرواج: «المصريون لديهم شغف التجربة، وربما هو سر زخم سوق المطاعم هنا، وتداخل ثقافات الأكل بصورة ربما تفوق الأسواق خارج الحدود، رغم انعدام شهرة (الموتشي) في مصر فإن الزبائن في البداية وبمجرد تذوق الحلوى تزايدت الطلبات بكميات ضخمة».
وانتهت باستيان إلى أن نجاح «الموتشي» وذوبانه في ثقافة الأكل في مصر يلوحان بالمزيد، وتقول: «ما زلنا نقدم (الموتشي) بطريقة يدوية، صحيح أنها تتطلب كثيراً من الاحترافية والمهارة وحب الوصفة، لكن نخطط لمزيد من الانتشار في السوق المصرية من خلال شراء ماكينة حديثة صممتها الصين لنا لتحضير الحلوى اليابانية على نحو أسهل وأسرع يسمح بتوفير كميات أكبر من المنتج في الأسواق الكبرى».