عودة التوتر إلى أوكرانيا.. والانفصاليون يعلنون مقتل 15 من عناصرهم

موسكو تنتقد تقييد دخول دبلوماسييها إلى البرلمان الأوروبي

إطفائي يسعى لإخماد نار مشتعلة في سوق طالها القصف بضواحي دونيتسك في شرق أوكرانيا أمس (إ.ب.أ)
إطفائي يسعى لإخماد نار مشتعلة في سوق طالها القصف بضواحي دونيتسك في شرق أوكرانيا أمس (إ.ب.أ)
TT

عودة التوتر إلى أوكرانيا.. والانفصاليون يعلنون مقتل 15 من عناصرهم

إطفائي يسعى لإخماد نار مشتعلة في سوق طالها القصف بضواحي دونيتسك في شرق أوكرانيا أمس (إ.ب.أ)
إطفائي يسعى لإخماد نار مشتعلة في سوق طالها القصف بضواحي دونيتسك في شرق أوكرانيا أمس (إ.ب.أ)

اتهمت قيادة الجيش الأوكراني أمس المتمردين الموالين لروسيا بشن «هجوم واسع النطاق» أمس ضد مواقعها في شرق البلاد رغم الهدنة السارية حاليا. وقالت هيئة أركان الجيش في بيان إن المتمردين «شنوا قرابة الساعة الرابعة صباحًا، وبشكل ينتهك اتفاقات وقف إطلاق النار، هجوما واسع النطاق على المواقع الأوكرانية». وأضاف البيان أن المتمردين «أرسلوا باتجاه منطقة مارينكا أكثر من عشر دبابات وما يصل إلى ألف عنصر» لمواجهة القوات الحكومية.
وبدوره، قال قائد شرطة منطقة دونيتسك الموالية لكييف فياتشيسلاف ابروسكين إن منطقتي مارينكا وغورغييفكا، الخاضعتين لسيطرة القوات الأوكرانية وغير البعيدتين عن معقل المتمردين في دونيتسك تعرضتا إلى نيران كثيفة. وأضاف أن «العدو يطلق النار على مارييكا بصواريخ غراد ومن الدبابات أيضا»، مؤكدا سقوط ضحايا لكن من دون أن يتمكن من تحديد عددهم.
من جهتهم، نفى قادة الانفصاليين شن هجوم ضد القوات الأوكرانية لكنهم أكدوا وقوع معارك قرب مارينكا. وبدوره، قال فلاديمير كونونوف، وهو مسؤول عسكري تابع للانفصاليين، في مؤتمر صحافي بمنطقة دونيستك أمس، إن نحو 15 شخصًا قتلوا، مشيرًا إلى أن هذه الحصيلة هي «خسائر جمهورية دونيتسك الشعبية»، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء محلية تدعى «دي. إيه. إن». ولم يتسن التحقق من هذه الحصيلة من مصادر مستقلة.
يذكر أن اتفاقات «مينسك 2» التي تم التوصل إليها في فبراير (شباط) الماضي وأتاحت إعلان وقف إطلاق نار نصت على سحب الأسلحة التي يفوق عيارها مائة ملم من خط الجبهة. ودخل اتفاق جديد لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 15 فبراير بعد توقيع اتفاقات «مينسك 2 للسلام» لكنه لا يزال هشا فيما تتواصل المعارك في عدة مناطق في الشرق الانفصالي. وأوقع النزاع بين الجيش الأوكراني والمتمردين أكثر من 6400 قتيل منذ اندلاعه في أبريل (نيسان) 2014. وتتهم كييف والغرب الكرملين بدعم الانفصاليين الموالين لروسيا وتزويدهم بأسلحة، وهو ما تنفيه موسكو بشكل قاطع. وأول من أمس، أرجئ اجتماع في مينسك كان هدفه بحث اتفاقات السلام إلى موعد لاحق، فيما اتهمت كييف روسيا بـ«نسف» المحادثات.
وفي إطار تصعيد التوتر بين روسيا والاتحاد الأوروبي على خلفية الأزمة الأوكرانية، انتقدت موسكو أمس قرار بروكسل السماح فقط لاثنين من دبلوماسييها بدخول البرلمان الأوروبي ووصفته بأنه «حملة اضطهاد». وكان رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز أعلن أول من أمس أنه لن يسمح سوى للسفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيزوف ودبلوماسي آخر بدخول البرلمان، ردا على قرار موسكو منع 89 أوروبيا من دخول روسيا التي قالت إنه رد على العقوبات الأوروبية المتصلة بالأزمة الأوكرانية. وقالت ماريا زخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية: «إن حملة الاضطهاد ضد الروس قد بدأت، والمرء يشعر أن البيروقراطية الأوروبية تعود أحيانا إلى عهد محاكم التفتيش» الدينية، حيث كانت تتم مطاردة المتهمين بالسحر والشعوذة وقتلهم وحرقهم في القرون الوسطى. وأضافت: «ماذا بعد؟ محاكم دينية للدبلوماسيين الروس يتبعها حرقهم على الأوتاد في بروكسل؟»، مطالبة المسؤولين الأوروبيين بتقديم تفسيرات.
من جانبه، حث رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس اتحاد روسيا في البرلمان قسطنطين كوزاتشيف موسكو على الرد واتخاذ إجراءات عقابية. واتهم كوزاتشيف الاتحاد الأوروبي بالكيل بمكيالين قائلا إن بروكسل لم تفهم، على ما يبدو، أن القائمة السوداء الروسية هي مجرد رد على العقوبات الغربية المتصلة بالنزاع في أوكرانيا. وأضاف ساخرا: «يحق لهم ما لا يحق لغيرهم».
في غضون ذلك، قام قوميون أوكرانيون أمس بإزالة تمثال للينين رغم معارضة قسم من السكان في مدينة سلافيانسك التي كانت قبل فترة معقلا للمتمردين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا قبل أن تستعيدها قوات كييف. وقال وزير الداخلية الأوكراني ارسن افاكوف في حسابه على «تويتر»: «قام شبان من حركة برافي سكتور (القومية) بإزالة تمثال للينين بشكل لائق جدا». وظهر في صور تم بثها على الإنترنت التمثال وقد أزيل بواسطة رافعة وسلك ربط برأسه.
وكانت مدينة سلافيانسك لفترة معقلا للانفصاليين الموالين لروسيا قبل أن تسيطر عليها القوات الأوكرانية. وحصل خلاف بين السكان حول إزالة التمثال، حتى إن بعضهم كانوا يتظاهرون أمامه خلال الأشهر القليلة الماضية لمنع إزالته. ولا يزال لينين يحظى باحترام كبير لدى قسم كبير من شعوب الاتحاد السوفياتي السابق. وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو قد أصدر في منتصف الشهر الماضي قوانين خلافية الهدف منها القطع بشكل نهائي مع الماضي السوفياتي لأوكرانيا.



روسيا: أوكرانيا بدأت «هجوماً مضاداً» في منطقة كورسك

آثار الدمار الذي خلّفه قصف روسي على تشرنيهيف الروسية في 4 يناير (رويترز)
آثار الدمار الذي خلّفه قصف روسي على تشرنيهيف الروسية في 4 يناير (رويترز)
TT

روسيا: أوكرانيا بدأت «هجوماً مضاداً» في منطقة كورسك

آثار الدمار الذي خلّفه قصف روسي على تشرنيهيف الروسية في 4 يناير (رويترز)
آثار الدمار الذي خلّفه قصف روسي على تشرنيهيف الروسية في 4 يناير (رويترز)

أعلنت روسيا، الأحد، أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في منطقة كورسك، التي توغلت فيها قبل خمسة أشهر وتحاول موسكو طردها منها. وعبرت قوات أوكرانية الحدود في اجتياح مفاجئ في السادس من أغسطس (آب)، وتمكّنت السيطرة على جزء من المنطقة مما يمكن أن يمنح لكييف ورقة مساومة مهمة إذا أُجريت محادثات سلام، كما ذكرت وكالة «رويترز». وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها تتصدى لقوات أوكرانية، لكن تقارير مدونين عسكريين روس تشير إلى أن الجانب الروسي يتعرض لضغوط شديدة.

تقدّم أوكراني

رجل على دراجة يمر قرب جسر مدمّر في بوكروفسك في شرق أوكرانيا (رويترز)

وقال أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عبر «تلغرام» إن هناك «أنباءً جيدة» من كورسك، مضيفاً: «روسيا تتلقى ما تستحقه». بدوره، قال أندريه كوفالينكو، رئيس المركز الأوكراني الرسمي لمكافحة المعلومات المضللة على «تلغرام»، إن القوات الروسية تعرضت للهجوم في مواقع عدة. وتابع: «في منطقة كورسك، يشعر الروس بقلق شديد لأنهم تعرضوا لهجوم من اتجاهات عدة، وكان الأمر مفاجأة بالنسبة إليهم».

في المقابل، ذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنه «في نحو الساعة التاسعة بتوقيت موسكو، ومن أجل وقف تقدُّم القوات الروسية في اتجاه كورسك، شنّ العدو هجوماً مضاداً بمجموعة هجومية مكوَّنة من دبابتين ومركبة لإزالة الألغام، و12 مركبة قتالية مدرعة مع قوات مظلية باتجاه قرية بردين». وأضافت: «تمكنت قوات مدفعية وطيران من المجموعة الشمالية من القوات (الروسية) من هزيمة المجموعة الهجومية من القوات المسلحة الأوكرانية». وذكر البيان أن القوات الروسية صدت هجومين أوكرانيين مضادين.

روسيا في «موقف دفاعي»

وأشار مدونو‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬حرب روس إلى أن الهجوم الأوكراني الأحدث وضع القوات الروسية في «موقف دفاعي». وعلى الرغم من أن هؤلاء المدونين يؤيدون حرب موسكو في أوكرانيا، فإنهم كثيراً ما ينتقدون في تدويناتهم ما يصفونه بفشل وانتكاسات روسية.

جنود أوكرانيون خلال مناورة تدريبية في منطقة دنيبروبيتروفسك بأوكرانيا في 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وفي أول تعليق بعد الهجوم، ذكرت قناة «أوبراتيفني سفودكي» أو «التقارير العملياتية» على «تلغرام» أنه «على الرغم من الضغوط القوية من العدو، تحافظ وحداتنا على مواقعها بشكل بطولي». لكن أحد المدونين المؤثرين، وهو يوري بودولياك، ذكر في تحديث لاحق أن وحدات روسية سيطرت على الوضع بعد «أخطاء» أولية، وحاصرت القوات الأوكرانية شمال الطريق السريع المؤدي إلى كورسك. وتشير تقديرات أوكرانية وغربية إلى أن هناك نحو 11 ألفاً من قوات كوريا الشمالية في كورسك لدعم القوات الروسية. ولم تَنْفِ روسيا أو تؤكد وجود تلك القوات. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن القوات الروسية وقوات كوريا الشمالية مُنيت بخسائر فادحة هناك.

استعداد لعودة ترمب

يأتي هذا التطور في مرحلة حساسة في الحرب المستمرة منذ نحو 3 سنوات، مع استعداد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي وعد بوقف سريع لإطلاق النار لتولي منصبه في 20 يناير (كانون الثاني).

أشخاص ينتظرون في محطة حافلات بجوار ملجأ من الخرسانة المسلحة أُقيم في أحد الشوارع خلال الصراع بين روسيا وأوكرانيا في كورسك في 28 أغسطس (رويترز)

واستبقت إدارة جو بايدن تنصيب ترمب، بتقديم حزمة مساعدات أمنية واقتصادية لكييف بقيمة تناهز 6 مليارات دولار. وتشنّ موسكو وكييف هجمات متبادلة بطائرات من دون طيار بشكل شبه يومي، ما يتسبّب بأضرار في مناطق مدنية بعيدة من خط المواجهة، وفي استنزاف الدفاعات الجوية للطرفين. وأعلنت روسيا، الأحد، أنّها أسقطت عشرات المسيّرات الأوكرانية خلال الليل، في هجوم ألحق أضراراً بمنازل، وأدّى إلى إطلاق إنذارات جوية. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، انفجارات في منطقة روستوف بجنوب روسيا، بينما أمكن سماع دوي صفارات الإنذار. وأوقفت 4 مطارات حركة الملاحة الجوية لفترة وجيزة، صباح الأحد، لأسباب تتعلّق بـ«السلامة»، ما أجبر 8 طائرات على تغيير مسارها، حسبما أفاد متحدث باسم هيئة الطيران المدني الروسية «روسافياتسيا». ومن جهته، قال سلاح الجو الأوكراني إنّ روسيا أطلقت 103 مسيرات في اتجاه الأراضي الأوكرانية، أُسقطت 61 منها. وأشار إلى «تضرُّر عدد من المنازل في منطقة خاركيف جراء سقوط مسيّرة هجومية متضرّرة». وأُصيب 3 أشخاص بجروح في منطقة خاركيف في شمال شرقي أوكرانيا نتيجة الهجوم، بينما تضرّرت 4 مبانٍ، حسبما أفاد مدعون إقليميون.