حتى يومنا هذا، يعتقد توني خان أن فولهام قام بعمل جيد خلال فترة الانتقالات الصيفية لعام 2018، لكن أي شخص طبيعي لا بد أن يرى أن إنفاق 100 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع جان ميشيل سيري، وأندريه فرانك زامبو أنغويسا، وألفي ماوسون، وأندريه شورليه، وما لا يقل عن ستة أشخاص آخرين، ما هو إلا واحد من أكبر الإخفاقات في سوق انتقالات اللاعبين في عصر الدوري الإنجليزي الممتاز الحديث، خاصة عندما نضع في الاعتبار ما حدث بعد ذلك، حيث هبط فولهام من الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 26 نقطة، بعد أن عين ثلاثة مديرين فنيين، وشهد معركة كاملة بالأيدي بين ألكسندر ميتروفيتش وأبو بكر كامارا، وهي المعركة التي بدأت على ما يبدو أثناء التأمل في جلسة يوغا جماعية!
وبالنسبة لخان، فإن الاستثمارات التي ضخها النادي على التعاقدات الجديدة في عام 2018 – والتي شملت أيضًا ميتروفيتش وجو بريان، الذي سجل هدف الفوز في نهائي ملحق الصعود لعام 2020 – كانت سببا رئيسيا لعودة فولهام إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد ذلك بعامين. وقال عن ذلك: «لقد أنفقنا من أجل المستقبل. أنا سعيد جدا باللاعبين الذين اشتريتهم». في الحقيقة، يلخص هذا المعضلة التي تواجه الأندية الصاعدة للدوري الإنجليزي الممتاز عندما يتعلق الأمر بالتحرك في سوق انتقالات اللاعبين. فإلى أي مدى يمكنك أن تذهب وأنت تحاول تحقيق حلمك؟ وما هو المبلغ الذي لا يتعين عليك تجاوزه؟ وإلى أي مدى أنت مستعد، ليس فقط للصراع في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولكن أيضا بعد الهبوط المحتمل الذي يلي ذلك؟
ومع فتح فترة الانتقالات لمدة شهر تقريبا، فإن المؤشرات الأولية هي أن الأندية الصاعدة حديثا للدوري الإنجليزي الممتاز لهذا العام تتعامل مع ما قام به فولهام في عام 2018 على أنه قصة تحذيرية ينبغي الحذر من تكرارها، وليست نموذجا يجب اتباعه.
أندرياس بيريرا (أ.ف.ب)
وينطبق هذا الأمر على فولهام نفسه، حيث كانت تحركات النادي في سوق الانتقالات تمثل مصدر إزعاج للمدير الفني للفريق ماركو سيلفا. لقد نجح النادي في ضم جواو بالينها من سبورتنغ لشبونة، ومن المرجح أن يتبعه لاعب مانشستر يونايتد أندرياس بيريرا. وكان بورنموث أكثر اقتصادا، حيث لم يضم سوى لاعبين اثنين بشكل مجاني بعد نهاية عقديهما مع نادييهما، وحذر المدير الفني، سكوت باركر، المشجعين من توقع صفقات كبيرة.
لقد كان باركر موجودا في فولهام في موسم الهبوط، ويعرف العواقب المدمرة للإنفاق السيئ أكثر من أي شخص آخر. وقال في مقابلة مع صحيفة التايمز في مايو (أيار) الماضي: «لم يتم إنفاق الأموال في فولهام بشكل صحيح، حيث أنفقت هذه الأموال على لاعبين غير معتادين على المستوى، وكان يجب إعادة ترتيب الكثير من الأشياء. أنفق دين سميث 150 مليون جنيه إسترليني مع أستون فيلا في عام 2019، ونجح الفريق في ضمان البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز في اليوم الأخير من الموسم. في عالم مثالي، سأُنفق 100 مليون جنيه إسترليني، لكن لا يمكنني فعل ذلك. الحقيقة هي أنه سيكون عاما صعبا».
لم يكن فولهام هو الفريق الوحيد الذي عانى من إنفاق الأموال بشكل غير مدروس. فخلال الصيف الماضي، كان نوريتش سيتي أكبر المنفقين من بين الأندية الصاعدة، حيث أنفق أكثر من 40 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع ميلوت راشيكا وكريستوس تزوليس وجوش سارغنت وديميتريوس غيانوليس. قد تكون معذورا إذا لم تسمع شيئا عن أي من هؤلاء اللاعبين، نظرا لأنهم لم يقدموا شيئا يذكر مع الفريق.
دين هندرسون (رويترز)
وأبرم واتفورد 14 صفقة، لكن أربعة لاعبين فقط من هذه الصفقات الجديدة شاركوا في أكثر من عشر مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل أن يلحق واتفورد بنوريتش سيتي ويهبط إلى دوري الدرجة الأولى. وفي الوقت نفسه، ضمن برينتفورد، الذي حقق أرباحا من الانتقالات في ستة من المواسم السبعة الماضية، البقاء بشكل مريح.
لقد كان سعي نوريتش سيتي المحموم لإبرام صفقات جديدة ناجما إلى حد كبير عن الذعر الناتج عن خسارة جهود نجمه إيمي بوينديا المنتقل إلى أستون فيلا.
وخسر فولهام بالفعل جهود جناحه الشاب الرائع فابيو كارفالو، الذي انتقل مؤخرا إلى ليفربول، كما خسر نوتنغهام فورست خدمات نجمه برايس سامبا الذي انتقل إلى لينس. ومن بين الأندية الثلاثة الصاعدة حديثا للدوري الإنجليزي الممتاز، ربما يكون موقف نوتنغهام فورست هو الأكثر حساسية، حيث يجد الفريق نفسه في موقف صعب بين الإنفاق بكل سخاء من أجل الظهور بشكل جيد في أول مشاركة له في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 23 عاما، وبين الإنفاق الحكيم الذي ساعدهم في الوصول إلى هناك في المقام الأول.
وحتى الآن، أبرم نوتنغهام فورست أربع صفقات: حارس المرمى دين هندرسون على سبيل الإعارة، وجوليان بيانكون وموسى نياخاتي في خط الدفاع، والمهاجم تايوو أوونيي مقابل 17.5 مليون جنيه إسترليني من يونيون برلين. لكن الرابط بين هؤلاء اللاعبين جميعا هو أنهم جميعا من الشباب، فأعمارهم تتراوح بين 22 و26 عاما، ويحصلون على أجور متواضعة، ولم يثبتوا جدارتهم من قبل في الدوري الإنجليزي الممتاز. وهذا ما وصفه الرئيس التنفيذي للنادي، داين ميرفي، بـ«الاستثمار المتوازن والهادف» – قد لا تنجح كل الرهانات على الفور، لكنها لا تحرق النادي إذا لم تنجح.
إن الصفقات التي أبرمها نوتنغهام فوريست وبورنموث هذا الصيف - وفولهام إلى حد ما - تشير إلى أن الأندية الصاعدة حديثا للدوري الإنجليزي الممتاز تخطط لما قد يحدث في حال الفشل كما تخطط تماما للنجاح، وهو الأمر الذي يعد منطقيا تماما من الناحية التجارية، في ظل اتساع الفجوة بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى. وتشير الإحصائيات إلى أن سبعة من الأندية الـ 12 الصاعدة في السنوات الأخيرة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز قد هبطت إلى دوري الدرجة الأولى في العام التالي مباشرة. وعلاوة على ذلك، فإن الأندية التي تمتلك ميزانيات قوية – ولفرهامبتون في 2018، وأستون فيلا في 2019، وليدز يونايتد في 2020 – هي التي تمكنت من الصمود في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وكما قال المدير الرياضي لنادي نوريتش سيتي، ستيوارت ويبر، هذا الصيف: «لا يمكننا التعاقد مع خمسة لاعبين يبلغون من العمر 30 عاما على أمل البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز، لأنه إذا لم تسر الأمور على ما يرام فلن يكون لدينا ناد لكرة القدم!» وبالفعل، هذا هو واقع الأندية في هذا المستوى. إن المبلغ الفلكي المطلوب حتى للتفكير في إنشاء نادٍ في الدوري الإنجليزي الممتاز يجعل المشروع بأكمله عبارة عن مغامرة كبرى. أو بعبارة أخرى، فإن الطريقة الأكثر احتمالا لسد الفجوة مع الأندية القوية هي أيضا الطريقة التي قد تقودك إلى كارثة!.