قرطاج يطلق دورته الـ56 بـ«عشاق الدنيا»

سهرة كوميديا موسيقية شعبية شهدت تكريم بطلة التنس أنس جابر

لطفي بوشناق يغني في عرض «عشاق الدنيا» الذي أطلق ليالي مهرجان قرطاج بتونس (أ.ف.ب)
لطفي بوشناق يغني في عرض «عشاق الدنيا» الذي أطلق ليالي مهرجان قرطاج بتونس (أ.ف.ب)
TT

قرطاج يطلق دورته الـ56 بـ«عشاق الدنيا»

لطفي بوشناق يغني في عرض «عشاق الدنيا» الذي أطلق ليالي مهرجان قرطاج بتونس (أ.ف.ب)
لطفي بوشناق يغني في عرض «عشاق الدنيا» الذي أطلق ليالي مهرجان قرطاج بتونس (أ.ف.ب)

انطلق مهرجان قرطاج الدولي في دورته الـ56 بعرض «عشاق الدنيا» للمخرج عبد الحميد بوشناق، بحضور وزيرة الشؤون الثقافية التونسية حياة قطاط، وعدد من أعضاء الحكومة، وسجلت السهرة أعداداً قياسية من المتفرجين المتعطشين لسهرات مهرجان قرطاج الذي تغيبت عن النشاط لمدة سنتين بسبب الجائحة.
وقبيل الانطلاق الرسمي للسهرة، كرّم الجمهور الحاضر أنس جابر البطلة التونسية في رياضة التنس، ثم تابع عرض الافتتاح الرسمي «عشاق الدنيا»، وهي كوميديا موسيقية مستوحاة من المسلسل التلفزيوني «نوبة»، الذي عُرض على جزأين في رمضان 2019 و2020. وقد امتزجت في هذا العرض الذي تواصل لثلاث ساعات فنون المسرح وأضوائه المبهرة، بالرقص الشعبي والأغاني الاحتفالية.

جانب من العرض الافتتاحي لمهرجان قرطاج بتونس (أ.ف.ب)

وشارك في هذا العرض عدد من الأسماء الفنية التونسية اللامعة على غرار المطرب لطفي بوشناق وعبد الوهاب الحناشي، والممثلين بحري الرحالي، وريم الرياحي، وعزيز الجبالي، وأميرة شبلي، وهالة عياد، والشاذلي عرفاوي، وبلال البريكي، ومهذب الرميلي وحمزة بوشناق، إلى جانب الفنانين هشام سلام، والتليلي القفصي، وصالح الفرزيط، وسمير الوصيف وحبيب الشنكاوي. وعاد عرض «عشاق الدنيا» بالجمهور إلى فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وكان العرض بالنسبة إلى الكثير من الحاضرين بمثابة «الحنين إلى الماضي واستحضار لذكريات الحب والفرح والأعراس العائلية». وتفاعل الجمهور مع مختلف مشاهد العرض الدرامية والغنائية بالتصفيق والهتاف، وأطلق العنان للرقص على إيقاعات بعض الأغاني المعروفة، منها «كيف شبحت خيالك» التي أداها الفنان القدير لطفي بوشناق الذي أدّى كذلك أغنيته الجديدة «ما زال صغير».

لطفي بوشناق يغني في عرض «عشاق الدنيا» (أ.ف.ب)

وتناوب عدد من الفنانين على تقديم فقرات منفصلة فاستمع الجمهور لعديد الأغاني الذائعة الصيت في تونس، منها أغنية «قالولي روح البراني» لصالح الفرزيط، و«بنت الحي» لسمير الوصيف الذي أدى أيضاً أغنيتيه «تسحر عينيك» و«آش لزني على المر»، ثم تلته إطلالة الفنان عبد الوهاب الحناشي بأغنيتَي «محبوبي» و«صبرك مكتوب».
وردد الجمهور الحاضر مع الفنان التونسي التليلي القفصي كلمات أغنية «بري فوت» و«جيب الواد... الواد»، ثم جاء دور الفنان الحبيب الشنكاوي الذي أدى أغنية «الوردة»، وأدى هشام سلام أغنية «يا نجوم الليل الضواية»، قبل أن يعتلي الفنان القدير لطفي بوشناق الركح مجدداً في اختتام العرض ويؤدي أغنية «يا نوار اللوز». وقال عدد كبير من النقاد، إن العرض الأول للكوميديا الموسيقية «عشاق الدنيا» أعاد إحياء مجموعة من الأغاني الشعبية بعد أن أوشكت على الاندثار، كما أعادت الاعتبار للرقص الشعبي بلوحاته الفنية المميزة، ووثقت لجزء من تاريخ تونس الفني والسياسي والاجتماعي والثقافي.
يذكر أن الدورة الجديدة لمهرجان قرطاج قد انطلقت يوم 14 يوليو (تموز) الحالي وتتواصل إلى غاية يوم 20 أغسطس (آب) المقبل، وسيكون الاختتام مع الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب.


من العرض الغنائي «عشاق الدنيا» (أ.ف.ب)
 



المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»