العلاقات بين الجزائر وإسبانيا في نفق مظلم

(تحليل إخباري)

TT

العلاقات بين الجزائر وإسبانيا في نفق مظلم

استثنت الحكومة الجزائرية سفارتها في مدريد من حركة في سلكها الدبلوماسي أجرتها الاثنين الماضي، ما يؤشر على استمرار أزمتها الحادة مع إسبانيا ولأمد طويل، حسب تقديرات مراقبين، حيث نقلت سفيرها في العاصمة الإسبانية سعيد موسي، إلى باريس بعدما كانت سحبته مؤقتاً، في مارس (آذار) الماضي، احتجاجاً على إعلان رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز تأييد خطة الحكم الذاتي في الصحراء.
وأكد مسؤول جزائري طلب عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن تعيين سفير جديد في مدريد خلفاً لموسي «مرهون بعودة إسبانيا إلى موقفها المحايد من نزاع الصحراء، وفي رأينا أن ذلك لن يتحقق إلا برحيل سانشيز عن السلطة. والموقف الذي عبَر عنه حيال قضية الصحراء يلزمه وحده بحكم أنه ليس كل ألوان الطيف السياسي الإسباني، على النسق نفسه». ورأى أن «للدولة الإسبانية مسؤوليات تجاه الصحراويين والأمم المتحدة في الوقت نفسه، باعتبارها القوة المديرة للإقليم، ومسؤولياتها تبعاً لذلك لا تسقط بالتقادم». وكانت «بوليساريو» علَقت علاقتها مع حكومة سانشيز للأسباب ذاتها التي حرَكت المقاطعة الجزائرية لإسبانيا.
وقالت الخارجية الجزائرية، عندما سحبت السفير موسي في 19 مارس الماضي، إنها «استغربت الانقلاب المفاجئ والتحول في موقف السلطة الإدارية السابقة في الصحراء الغربية، وعليه قررت استدعاء سفيرها في مدريد فوراً للتشاور». ولاحقاً، أكدت أن عودة السفير إلى منصبه، «ستتقرر سيادياً بعد أن تقدم إسبانيا إيضاحات صريحة، وبعدها يمكن إعادة بناء الثقة المتضررة بشكل خطير، وبناء على أسس واضحة ومطابقة للقانون الدولي». والقانون الدولي، في مفهوم الجزائر للنزاع، هو أن يتمكن الصحراويون من إجراء استفتاء يقررون بموجبه إما الاستقلال أو الانضمام إلى المغرب. وهذا الطرح ترفضه الرباط بشدة.
وتعارض موقفي البلدين المغاربيين بشأن هذه النقطة، يمثّل حجر الزاوية في خلافاتهما الحادة، علماً بأن العلاقات مقطوعة بينهما، منذ 21 أغسطس (آب) 2021.
وكرد فعل فوري علقت الجزائر «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» التي تربطها مع إسبانيا منذ 2002. ثم ظلت تترقب تفسيراً من شريكها الاقتصادي الأوروبي الكبير حول «تغير موقفه من النزاع»، لكن لم تتلق شيئاً. وزادت على ذلك بقرارات ذات طابع اقتصادي استراتيجي أخذت شكل عقوبات، أهمها تفضيل التعاطي مع طلب إيطاليا ضخّ مزيد من الغاز المسال لتعويض الغاز الروسي، فيما لم تتحمس للطلب ذاته من إسبانيا. كما علقت عمليات استيراد لحوم الماشية من إسبانيا وهي بكميات كبيرة سنوياً.
كما أنها خفّضت ثلثي وارداتها من هذا البلد والتي تفوق سنوياً 4 مليارات دولار.
ومما عقّد الأزمة أكثر، حصول تراشق بين الجزائر ومفوضية الاتحاد الأوروبي التي أعلنت تضامنها مع إسبانيا، وعدّت قرار وقف العمليات التجارية مع مدريد «انتهاكاً لاتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، لا سيما في مجال التجارة والاستثمار، بما من شأنه أن يؤدي إلى معاملة تمييزية لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، ويؤثر سلباً على حقوق الاتحاد بموجب الاتفاق». وردت الجزائر على المفوضية بأن «التعليق المزعوم للعلاقات التجارية والاستثمارية مع إسبانيا، الذي تضمنته التصريحات الأوروبية الرسمية قد تمت إثارته بشكل متسرع، ومن دون أي أساس، حيث لا تحوز هيئات المجموعة الأوروبية، على أي أساس قانوني لإقرار اختصاصها في هذا الشأن».
وفي خطوة دلت على عدم وجود أي رغبة من الجزائريين، للتخلي عن موقفهم تجاه إسبانيا، صرّح عمار بلاني المسؤول الدبلوماسي الكبير المكلف بشؤون المغرب العربي والصحراء في الخارجية، بأن «الذين يتكهنون بسذاجة عن غضب مؤقت للجزائر، لا ينسجمون مع الواقع». وكان يشير إلى تصريحات لوزير خارجية إسبانيا، خوسيه مانويل ألباريس، بأن الخلاف مع الجزائر «لا يعدو أن يكون سحابة صيف سرعان ما تنقشع أو تمر».


مقالات ذات صلة

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

الاقتصاد إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

أعلنت الحكومة الإسبانية أمس (الجمعة) فتح تحقيق في احتمال دخول شحنات من النفط الروسي إلى أراضيها عبر دول ثالثة ودعت إلى بذل جهود أوروبية مشتركة لـ«تعزيز إمكانية تتبع» واردات المحروقات. وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا في رسالة: «في مواجهة أي شكوك، من الضروري التحقق» مما إذا كانت «المنتجات المستوردة تأتي من المكان المشار إليه أو من بلد آخر وما إذا كانت هناك أي مخالفة». وأوضحت الوزيرة الإسبانية أن «هذه المخاوف» هي التي دفعت إسبانيا إلى «التحقيق» في إمكانية وصول نفط روسي إلى أراضيها، مذكرة بأن واردات المحروقات «مرفقة نظريا بوثائق تثبت مصدرها».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة، أنها استدعت السفير الروسي في مدريد، بعد «هجمات» شنتها السفارة على الحكومة عبر موقع «تويتر». وقال متحدث باسم الوزارة، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن الغرض من الاستدعاء الذي تم الخميس، هو «الاحتجاج على الهجمات ضد الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم إسبانيا سترسل 6 دبابات «ليوبارد» لأوكرانيا خلال أيام

إسبانيا سترسل 6 دبابات «ليوبارد» لأوكرانيا خلال أيام

قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده سترسل خلال أيام 6 دبابات من بين 10 دبابات من طراز «ليوبارد 2» لأوكرانيا كانت قد تعهدت بتقديمها، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية. وقال ألباريس لمجموعة «فونكه» الإعلامية الألمانية، في مقابلة نُشرت اليوم (السبت)، «سيتم تزويد أوكرانيا في وقت لاحق بمجموعة ثانية تتكون من أربع دبابات». وتابع «سندعم أوكرانيا طالما تحتاج للدعم...

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق حمى الضنك... ما أعراضها؟ ومتى تبدأ في الظهور؟

حمى الضنك... ما أعراضها؟ ومتى تبدأ في الظهور؟

أصدر مسؤولو الصحة في جزيرة إيبيزا الإسبانية إنذاراً بعد رصد عدة حالات من حمى الضنك. وتحدث المسؤولون في الجزيرة عن العدوى في بيان بعد الإبلاغ عن إصابة ستة سياح ألمان بين مايو (أيار) ونوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، مما أثار مخاوف من تفشي المرض مع اقتراب الموسم السياحي، وفقاً لصحيفة «إندبندنت». وحمى الضنك هي عدوى تنتشر عن طريق البعوض.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق لم تمس الماء طيلة عام ونصف... إسبانية تعيش منعزلة تحت الأرض لـ500 يوم

لم تمس الماء طيلة عام ونصف... إسبانية تعيش منعزلة تحت الأرض لـ500 يوم

خرجت متسلقة الجبال الإسبانية والمتخصصة في استكشاف الكهوف، بياتريس فلاميني (50 عاما)، إلى النور يوم الجمعة، بعد أن أمضت طواعية 500 يوم تحت الأرض داخل كهف بعمق 70 مترا في مقاطعة غرناطة جنوبي إسبانيا، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وقالت الرياضية المحترفة، وهي تضحك بصوت عال أمام كاميرات قناة «آر تي في إي» التلفزيونية الحكومية ووسائل الإعلام الأخرى «سأخبركم كيف كان الوضع هناك... ولكن إذا كنتم لا تمانعون، سأستحم، لأنني لم أمس الماء طيلة عام ونصف العام».

«الشرق الأوسط» (مدريد)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».