لبنان: حزب الله يقتحم جرود عرسال تمهيدًا لإطلاق هجوم واسع خلال ساعات

الحجيري: لا يمكن فصل هذه المنطقة عن البلدة

لبنان: حزب الله يقتحم جرود عرسال تمهيدًا لإطلاق هجوم واسع خلال ساعات
TT

لبنان: حزب الله يقتحم جرود عرسال تمهيدًا لإطلاق هجوم واسع خلال ساعات

لبنان: حزب الله يقتحم جرود عرسال تمهيدًا لإطلاق هجوم واسع خلال ساعات

لم ينتظر حزب الله ما ستقرره الحكومة اللبنانية في جلستها المحددة اليوم الخميس لبحث ملف أزمة عرسال وجرودها، فاقتحم جرود البلدة ذات الغالبية السنية محرزًا تقدما على أكثر من جبهة في ما بدا أنّه عمليات تمهيدية لهجوم أوسع مرتقب خلال ساعات.
وكانت عمليات حزب الله العسكرية تقتصر بشكل أساسي داخل الأراضي السورية، وبالتحديد في منطقة القلمون الحدودية مع لبنان، إلى أن أعلن يوم أمس عن تمدّدها إلى جرود عرسال اللبنانية حيث تتمركز أعداد من المسلحين من تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» حاولوا السيطرة على البلدة الحدودية في شهر أغسطس (آب) الماضي واختطفوا عددا من العسكريين اللبنانيين. حزب الله أعلن في بيان أمس إحرازه «تقدما كبيرا على جهات متعددة أبرزها جبل الزاروب الاستراتيجي ومرتفع كنز الرصيف في جرود عرسال على السلسلة الشرقية اللبنانية». وتابع في بيانه أن عناصره «سيطروا على مرتفعات مجر الحمرا وشميس الحمرا لناحية شمال جرود نحلة وعلى مرتفعات مراد غازي وحرف وادي الهوا في جرود عرسال وسط مواجهات مع (جبهة النصرة) وسقوط قتلى وجرحى في صفوف التكفيريين»، حسب تعبيره.
وبالتزامن مع هذا التطور، أكد علي الحجيري، رئيس بلدية عرسال، لـ«الشرق الأوسط» اندلاع مواجهات في جرود البلدة وعلى الحدود اللبنانية - السورية متحدثا عن سماع دوي المعارك في وسط بلدة عرسال نفسها، وصف الوضع بـ«غير المطمئن». وشدّد الحجيري على استحالة فصل عرسال عن جرودها، ولفت إلى أن «دخول حزب الله إلى الجرود يعني دخوله إلى البلدة... ونحن سننتظر حتى ساعات الصباح لتبيان مجرى الأمور كي يكون لنا الموقف المناسب بحينها».
في هذه الأثناء، نفى مدير «مكتب القلمون الإعلامي» ثائر القلموني تحقيق الحزب أي تقدّم في جرود عرسال، وأشار إلى أن «المنطقة شهدت معارك متقطعة صباح يوم أمس الأربعاء استمرت حتى ساعات الظهر لكن الحزب لم ينجح بالسيطرة على أي نقاط». ولفت القلموني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «حزب الله يعلن سيطرته على تلال ونقاط ليست موجودة فعليا على الأرض في جرود القلمون، ويقول إنه سيطر على عدة تلال في جرود عرسال ليصنع انتصارًا إعلاميا بعد هجوم (جيش الفتح) أول من أمس على مواقعه ومقتل 15 عنصر من ميليشياته». ثم أضاف: «الأوضاع بخير في جبال القلمون ولا يوجد أي تقدم لحزب الله».
من جهة ثانية، أوضحت مصادر مطلعة على مجريات المعركة أن «العمليات التي نفذها حزب الله يوم أمس في جرود عرسال هدفها مسك المفاتيح الرئيسية للمنطقة لتسهيل عملية التطهير بالمعركة الرئيسية المرتقبة بعد جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس». وأردفت أنّه «تم إنجاز 80 في المائة من العمل الذي رصدت له 3 أيام في اليوم الأول.. وعلى ضوء ما ستقرره الحكومة في جلستها اليوم سيتم تحديد موعد انطلاق المعركة الرئيسية».
في هذا الوقت، عقد عدد ممن وصفوا بفاعليات بلدة عرسال يوم أمس مؤتمرًا صحافيًا في مقر نقابة الصحافة ببيروت طالبوا فيه «بدخول الجيش اللبناني إلى البلدة وتحريرها من العصابات التكفيرية». ودعا هؤلاء في بيان إلى «وضع حد للذين يريدون استغلال عرسال وأهلها الكرام مطالبين بدخول الجيش اللبناني وجميع القوى الأمنية لبسط سلطة الدولة اللبنانية على أرض عرسال وتحرير الجرود من هذه العصابات التكفيرية الإجرامية لكي ينعم ابن عرسال بالأمن والاستقرار على أرضه وداخل بلدته».
وعلى صعيد الحكومة، نبّه وزير العدل أشرف ريفي إلى أن دخول حزب الله إلى عرسال البلدة، «سيؤدي إلى خراب البلد»، معتبرًا أن دفع العشائر في البقاع لإنشاء ألوية تقاتل في جرود عرسال «هو استحضار للمشهد العراقي ومؤذ جدا للبلد، باعتبار أن ما يسمى بـ(الحشد الشعبي) لا يختلف أبدا عن (داعش)، وهما وجهان لعملة واحدة، لذلك آمل ألا ترتكب هذه الخطيئة في لبنان». واعتبر ريفي أن «ظهور ما يسمى بلواء القلعة هو خطوة أولى نحو تكوين (الحشد الشعبي) وهذه من أخطر الظواهر التي نراها في المنطقة العربية، وتؤدي إلى تأجيج الصراع السني - الشيعي»، معتبرا أن «من يحاول تشجيعها سيدفع هو الثمن الأكبر». وأكد ريفي في تصريحه أن «الجيش اللبناني يجب أن يحمي أهالي عرسال والنازحين السوريين وليس المقاتلين، هذا هو خيارنا، وطالما الجيش يقوم بواجباته فلا خوف، ولكن إذا قصر الجيش، فحق الدفاع عن النفس حق مقدس، إذا تم الاعتداء من قبل حزب الله على عرسال البلدة، ولكن آمل أن لا يرتكب هذا الخطأ، لأنه يضع لبنان بحالة خطر كبير».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.