تفاهم عون ـ جعجع يحاذر الملف الرئاسي اللبناني بانتظار الحلول الإقليمية

بري يرجئ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية للمرة الـ24

تفاهم عون ـ جعجع يحاذر الملف الرئاسي اللبناني بانتظار الحلول الإقليمية
TT

تفاهم عون ـ جعجع يحاذر الملف الرئاسي اللبناني بانتظار الحلول الإقليمية

تفاهم عون ـ جعجع يحاذر الملف الرئاسي اللبناني بانتظار الحلول الإقليمية

دخلت العلاقة بين الحزبين المسيحيين الأقوى في لبنان (التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية) مرحلة اختبار جديدة، مع ولادة «مذكرة إعلان النوايا» مساء أول من أمس، والتي يفترض أن تطوي ثلاثة عقود من الخلافات التي استحكمت بين الطرفين وباعدت بين خياراتهما السياسية والوطنية وحتى المسيحية.
إلا أن ما يرسم علامات استفهام حول جدوى هذا «التفاهم» هو إحجامه عن ملامسة القضايا الخلافية المستفحلة، وأهمها التعيينات الأمنية والعسكرية، وموقع رئاسة الجمهورية الذي مضى على شغوره أكثر من سنة، ولا سيما أن هذه المذكرة، أبصرت النور عشية الجلسة الـ24 لانتخاب رئيس الجمهورية التي كانت مقررة أمس، ولاقت مصير سابقاتها بعدما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري إرجاء الجلسة إلى 24 الشهر الحالي بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، الذي يلزم حضور 86 نائبًا.
غير أن «المذكرة» التي ولدت من الرابية (إحدى ضواحي شمال بيروت) تتويجًا للقاء العماد ميشال عون وسمير جعجع، لم تحظَ للوهلة الأولى برضا جمهور الطرفين ولا حتى حلفاء التيار العوني الذين عبروا عن تحفظاتهم بوسائل مختلفة، وهذا ما عكسه موقف القيادي في تيار «المردة» (الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية) شادي سعد، الذي علّق على صفحته على «فيسبوك» على هذا التفاهم بشكلٍ ساخر.
ولكن هذا الانطباع خالفه قياديو «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» الذين دافعوا عن التفاهم بقوة، إذ قال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب الدكتور فريد الخازن، إن «مذكرة النوايا ليست إلا بداية مسار تظهير مزيد من التوافقات حول القضايا الخلافية في المرحلة المقبلة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «إعلان النوايا لا يعبّر عن اصطفاف مسيحي جديد كما يحاول البعض وصفه، إنما هو تفاهم حول مسائل مشتركة كما هي الحال اليوم بين القوتين الشيعيتين حركة أمل، وحزب الله، وهذا التفاهم يحظى الآن بتأييد الحلفاء لدى الطرفين، ولا يتعارض بتاتًا مع التحالفات القائمة عند كل من الطرفين».
وأكد الخازن، أن «هناك إرادة لتظهير توافقات سواء حول رئاسة الجمهورية أم غيرها من القضايا الكبرى». وأوضح أنه «في حال لم يحصل اتفاق مع «القوات اللبنانية في المرحلة المقبلة حول رئاسة الجمهورية لن نعود إلى التصعيد، في الأساس لم يكن لدى أي من الطرفين توقعات بحلّ كل المسائل الخلافية». ولفت إلى وجود «هموم مشتركة يعمل الفريقان على حلّها، ومنها ملف رئاسة الجمهورية الذي لا تقع مسؤوليته على التيار (الوطني الحر) ولا على (القوات اللبنانية) ولا على المسيحيين وحدهم، إنما على كل القيادات اللبنانية لأنه قضية وطنية أولاً وأخيرًا».
بدوره، أوضح عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب الدكتور فادي كرم، أن «المذكرة لم تكن أكثر من أرضية مشتركة للذهاب إلى التفاهم على الملفات السياسية الكبرى». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» معلقًا: «في الأساس نحن والتيار الوطني الحر لسنا حلفاء، بل هناك خلافات في وجهات النظر، ما حصل الآن هو محاولة للانطلاق نحو تفاهم سياسي، وما دام هذا الخلاف قائما، كان لا بد من إيجاد أرضية مشتركة».
وأشار كرم إلى أن «أي من الفريقين لم يعطِ الآخر شيئًا من هذا التفاهم، إنما أعطى الوطن والمجتمع، ونحن كنا صادقين مع أنفسنا ومع الناس، ولم نخدع أحدًا وقلنا إذا كانت هناك نية لحل المشكلات لا بد من التلاقي والعمل على إيجاد أطرٍ توجد الحلول السياسية للقضايا الخلافية». ولفت النائب القواتي إلى أن «إعلان هذه المذكرة عكس ارتياحًا سواء على مستوى الوطن أم على المستوى المسيحي أم على مستوى مناصري الفريقين، وما نريده هو أن يؤسس هذا التفاهم إلى اتفاق أكبر، ومن الواضح أن الحوار الذي بدأناه منذ أشهر بدأ يعطي ثماره في موضوع التشريع وغيره، وأدى إلى وقف الحملات والتهجمات السياسية والإعلامية بين الطرفين».
وعن جدوى هذا التفاهم في ظلّ استمرار التباعد على صعيد رئاسة الجمهورية، لم يخفِ كرم وجود «تباعد كبير في الطروحات بين عون وجعجع». وذكّر أن «كلا الرجلين له الحق في الترشح إلى رئاسة الجمهورية، والتنافس القائم حاليًا ليس شخصيًا، إنما هو سياسي، نحن قلنا في الأساس إن طروحات العماد عون لا نوافق عليها، وعندما نصل إلى تفاهم الطرح السياسي قد يؤدي ذلك إلى انسحاب أحدهما للآخر».
ويعوّل المسيحيون اليوم على وضع حدّ لحالة الانقسام التي أضعفت واقعهم في السلطة وفي مؤسسات الدولة اللبنانية منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990 بفعل التناحر، وكان هذا التراجع من نتائج الحرب الأهلية، وقسطها الأكبر من موروثات الاقتتال العسكري بين عون وجعجع في السنوات الأخيرة للحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. وللعلم، فإن أي انفراج سياسي كبير يقود إلى حلّ كل معضلات التي يواجهها لبنان والموقع المسيحي الأول، أي رئاسة الجمهورية، يبقى رهن حلّ ملفات المنطقة المعقدة جدًا من سوريا إلى العراق وصولاً إلى اليمن والملف النووي الإيراني.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.