الحرب الأوكرانية وأزمتا الغذاء والطاقة على جدول أعمال مسؤولي المال في مجموعة العشرين

المشاركون في اجتماع مجموعة العشرين يستمعون لوزيرة المالية الإندونيسية سري مولياني (أ.ب)
المشاركون في اجتماع مجموعة العشرين يستمعون لوزيرة المالية الإندونيسية سري مولياني (أ.ب)
TT

الحرب الأوكرانية وأزمتا الغذاء والطاقة على جدول أعمال مسؤولي المال في مجموعة العشرين

المشاركون في اجتماع مجموعة العشرين يستمعون لوزيرة المالية الإندونيسية سري مولياني (أ.ب)
المشاركون في اجتماع مجموعة العشرين يستمعون لوزيرة المالية الإندونيسية سري مولياني (أ.ب)

بدأ كبار مسؤولي قطاع المال في مجموعة العشرين اجتماعاً في إندونيسيا تهيمن عليه تداعيات الحرب الأوكرانية على الاقتصاد العالمي في وقتٍ يرتفع التضخم وتضعف آفاق النمو، ووسط تحذيرات الدولة المضيفة من أن فشل اللقاء في التوصل إلى توافق في الآراء قد يكون كارثياً على البلدان منخفضة الدخل مع ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا. وسيبحث المسؤولون في الحلول للتخفيف من وطأة التضخم وأزمتي الغذاء والطاقة على البلدان الأكثر هشاشة. كما ستجري مناقشة الإدماج المالي والإصلاح الضريبي العالمي. وستعرض منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي تقريراً مرحلياً حول إصلاح النظام الضريبي العالمي مع فرض حد أدنى من الضرائب لا يقل عن 15 في المائة على أرباح الشركات المتعددة الجنسيات. وأرجئ تطبيق مثل هذه الضريبة العالمية إلى 2024 بعدما كان من المقرر بالأساس الشروع في فرضها في منتصف 2023.
وقالت وزيرة المالية الإندونيسية سري مولياني إندراواتي أمس الجمعة في مستهل اللقاء إن إندونيسيا ستكون وسيطاً نزيهاً وستجد حلولاً مبتكرة للتغلب على «التهديد الثلاثي» المتمثل في ارتفاع أسعار السلع الأساسية والتضخم العالمي والحرب. وقالت إن العالم يواجه أزمة جوع عالمية تلوح في الأفق بسبب الحرب وقيود التصدير والآثار المستمرة للجائحة. وأضافت أن خطر حدوث أزمة في إمدادات الأسمدة قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء حتى عام 2023 وما بعده.
وقالت إندراواتي في كلمتها الافتتاحية «العالم يراقبنا»، مضيفة: «الإجراءات التي سنتخذها سيكون لها تأثير مهم جداً على كل دول العالم». ودعت إندراواتي إلى عقد منتدى مشترك يضم وزارتي المالية والزراعة من دول مجموعة العشرين للتوصل إلى إجراءات ملموسة لمعالجة تزايد انعدام الأمن الغذائي وأزمة إمدادات الأسمدة التي تلوح في الأفق.
وتم تنظيم اجتماعات مشتركة مماثلة لوزارتي المالية والصحة العام الماضي للمجموعة لمعالجة قضايا مثل التوزيع غير المتكافئ للقاحات (كوفيد - 19).
يُعقَد الاجتماع الذي يستمر يومين لوزراء المال وحكام البنوك المركزية، في جزيرة بالي الإندونيسية، بعد أسبوع على اجتماع لوزراء خارجية دول المجموعة وجهوا خلاله وابلاً من الاتهامات لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على خلفية الحرب الأوكرانية. ويُفترض أن تركز المناقشات في البداية على السبيل الأفضل لتشجيع عودة النمو بعد جائحة فيروس كورونا، غير أن تأثير الحرب في أوكرانيا وأزمتي الغذاء والطاقة هي الملفات التي أصبحت الآن على رأس جدول الأعمال.
وحذرت الوزيرة الإندونيسية قائلة: «نحن ندرك جيداً أن ثمن فشلنا في الاتفاق، أكبر مما يمكننا تحمله»، معتبرة أن «العواقب الإنسانية على كثير من البلدان المنخفضة الدخل ستكون كارثية». وعشية الاجتماع، اعتبرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن «التحدي الأكبر» للاقتصاد العالمي مصدره الحرب في أوكرانيا، مؤكدة أن «ممثلي نظام (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يجب ألا يكون لهم أي مكان في هذا المنتدى». وأضافت: «نشهد تداعيات هذه الحرب في كل أنحاء العالم، ولا سيما فيما يتعلق بأسعار الطاقة وتزايد انعدام الأمن الغذائي».
ودعت يلين في الاجتماع نفسه إلى زيادة إنفاقهم لمواجهة تحديات الأمن الغذائي الحالية. وقالت يلين إن الأسر الفقيرة في أفقر البلدان هي الأكثر تضرراً بشكل مباشر، ما يؤدي إلى تراجع التنمية وتقويض جهود القضاء على الفقر. وأضافت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يستخدم الغذاء كسلاح في الحرب». وأشارت إلى «تدمير المنشآت الزراعية وسرقة الحبوب والمعدات الزراعية والحصار القائم على موانئ البحر الأسود». وتسببت الحرب في أوكرانيا في ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة. وأدى الحصار البحري إلى توقف الصادرات، لتتعطل عشرات السفن في الموانئ تاركة نحو 20 مليون طن من الحبوب عالقة في صوامع أوديسا. وتصف موسكو الغزو بأنه «عملية عسكرية خاصة».
وخلال المناقشات، قالت نجوزي أوكونجو إيويلا المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية إن هناك مخاوف من تحويل الإمدادات الغذائية بعيداً عن البلدان الفقيرة وتوجيهها إلى الدول الأكثر ثراءً، «ليتكرر ما حدث مع لقاحات كوفيد - 19».
ويُتوقع أن تعكس المحادثات انقساماً بين الغربيين الذين يريدون عزل موسكو اقتصادياً، والدول النامية الكبرى المعارضة للعقوبات المفروضة على روسيا. ومن المقرر أن يحضر وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف الاجتماع افتراضياً، بينما دعي نظيره الأوكراني سيرغي مارشينكو للتحدث عبر الإنترنت. أرادت إندونيسيا الدولة المضيفة لمجموعة العشرين هذا العام، أن تظل محايدة ولم تستسلم للضغوط الغربية لإبعاد روسيا عن الاجتماعات.
وكانت يلين قد شاركت في مقاطعة اجتماع لمجموعة العشرين في أبريل (نيسان) عندما تحدث المسؤولون الروس في واشنطن. وانتهى الاجتماع من دون بيان ختامي.
وإصدار بيان ختامي ليس أمراً مؤكداً هذه المرة أيضاً، نظراً إلى احتمال عدم التوصل إلى توافق بين الدول حول أسباب المشاكل الاقتصادية الحالية، وحول مسؤولية روسيا.
وقال مصدر في وزارة المال الفرنسية إن هذا الاجتماع يُعقد «في سياق مُحدد جداً»، مضيفاً: «هذا السياق يخلق مخاطر للبلدان الفقيرة والناشئة، مرتبطة بتطبيع السياسات النقدية ومخاطر أزمة ائتمان».
ويحضر الاجتماع وزراء مال إيطاليا وكندا والهند وجنوب أفريقيا، بينما أرسلت كثير من الدول الأُخرى ممثلين أقل مستوى. ويُمثل فرنسا المدير العام للخزانة ومحافظ البنك الفرنسي. وستشارك رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد عن بُعد وكذلك وزيرا المال الصيني والبرازيلي، بينما يغيب رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس.
ومن المتوقع أن تشارك المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا شخصياً في الاجتماع بعدما حذرت الأربعاء من توقعات اقتصادية عالمية «قاتمة».


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

«فوكسكون» التايوانية تتحدى رسوم ترمب... تأثير محدود بفضل الانتشار العالمي

جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)
جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)
TT

«فوكسكون» التايوانية تتحدى رسوم ترمب... تأثير محدود بفضل الانتشار العالمي

جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)
جناح «فوكسكون» في مؤتمر الذكاء العالمي في تيانجين بالصين (رويترز)

قالت شركة «فوكسكون» التايوانية، يوم الأربعاء، إنها تتوقع أن يكون تأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي يخطط لها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أقل حدة من منافسيها، مستفيدة من بصمتها التصنيعية العالمية الكبيرة.

وقال يونغ ليو، رئيس شركة «فوكسكون»، أكبر شركة تصنيع تعاقدية في العالم، ومورد رئيس لشركة «أبل»، في منتدى في تايبيه: «نرى التأثير الرئيس للرسوم الجمركية الجديدة على عملائنا؛ حيث يعتمد نموذج أعمالنا على التصنيع التعاقدي. قد يقرر بعض العملاء نقل مواقع الإنتاج، ولكن بالنظر إلى بصمتنا العالمية، فإننا في وضع أفضل مقارنة بمنافسينا؛ لذا من المرجح أن يكون التأثير علينا أقل»، وفق «رويترز».

وأعلن ترمب، يوم الاثنين، أنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا في أول يوم له في منصبه، إضافة إلى تعريفات جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة على الواردات من الصين.

وبدأت شركة «فوكسكون»، التي تمتلك مرافق تصنيع كبيرة في الصين، بما في ذلك مصنع رئيس لتجميع هواتف «آيفون»، بالفعل في توسيع استثماراتها في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والمكسيك وفيتنام ليكون جزءاً من جهودها لتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها. وفي المكسيك، تقوم الشركة ببناء منشأة كبيرة لإنتاج خوادم «إنفيديا إيه آي جي بي 200».

وأضاف ليو أنه لن يتمكن من تقديم مزيد من التفاصيل بشأن خطط «فوكسكون» في الولايات المتحدة حتى 20 يناير (كانون الثاني)، بعد أن يتولّى ترمب منصبه، ويوضح سياساته وتعديلات التعريفات الجمركية المحتملة.

وأضاف: «بعد ذلك سنكون مستعدين للرد وفقاً للتطورات»، مشيراً إلى أن «ما نشهده الآن هو صراع بين الدول وليس الشركات، وسواء كانت التعريفة 25 في المائة أو 10 في المائة إضافية، فإن النتيجة لا تزال غير مؤكدة مع استمرار المفاوضات. نحن في شركة (فوكسكون) نعمل باستمرار على تعديل استراتيجيتنا العالمية».

وخلال رئاسة ترمب بين عامي 2017 و2021، أعلنت «فوكسكون» عن استثمار بقيمة 10 مليارات دولار في ولاية ويسكونسن الأميركية، لكنها تخلّت لاحقاً عن المشروع إلى حد كبير.

وأعلنت «فوكسكون»، الثلاثاء، أن إحدى الشركات التابعة لها أنفقت 33 مليون دولار لشراء أراضٍ ومبانٍ في مقاطعة هاريس بولاية تكساس.

وقال لو إن الشركة ستواصل الاستثمار في المكسيك، وهو ما تراه فرصة عظيمة بالنظر إلى الاتجاه العالمي نحو التصنيع الإقليمي، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي للمكسيك بالقرب من أسواق أميركا الجنوبية؛ حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة.