الحوثيون يخطفون ناشطين معارضين في الحديدة.. والمقاومة في مأرب تكبدهم خسائر

إب تشكل مجلسًا للمقاومة لمواجهة جماعة أنصار الله والموالين للرئيس السابق

قوات موالية للرئيس هادي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية للرئيس هادي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يخطفون ناشطين معارضين في الحديدة.. والمقاومة في مأرب تكبدهم خسائر

قوات موالية للرئيس هادي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية للرئيس هادي في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

تستمر جماعة الحوثي المسلحة في عملية ملاحقات واعتقالات لجميع الناشطين المناوئين لها، من الذين يطالبون بطردهم من محافظة الحديدة، (غرب) ومن كافة محافظات ومدن إقليم تهامة، وخروجهم من جميع المرافق الحكومية التي يسيطرون عليها بما فيها ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، في حين تستمر المقاومة الشعبية التهامية في ملاحقتهم وشن هجماتها عليهم ما أدى إلى سقوط العشرات من المسلحين الحوثيين قتلى وجرحى.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن «جماعة الحوثي المسلحة اعتقلت بمدينة الحديدة، الناشط محمد الجبلي وأودعته بسجن مديرية التحيتا، بالإضافة إلى محاصرة منزل مدير مكتبة زبيد، هشام ورو، على خلفية دعواتهما للخروج بمسيرة حاشدة ضد الجماعة المسلحة والقصاص من قتلة أحد مواطني المنطقة الذي قتل على يد المسلحين الحوثيين». وأكد مقرب من المقاومة الشعبية التهامية لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي المقاومة الشعبية شنوا هجوما باستخدام صاروخ «لو» على دورية تابعة لجماعة الحوثي المسلحة بمفرق الصليف، محافظة الحديدة، غرب اليمن، وخلف الهجوم قتيلين وإصابة ثالث من المسلحين الحوثيين.
وفي تطور ميداني آخر، اندلعت اشتباكات عنيفة بين المقاومة الشعبية في محافظة مأرب مسنودة بالجيش الموالي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مع ميليشيات جماعة الحوثي المسلحة. وقال مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط» بأن «مسلحي المقاومة استولوا على قاذفات صاروخية من طراز لو وآر بي جي، وسط أنباء عن مقتل مسلحين حوثيين في مواجهات اندلعت بين المسلحين والمقاومة بمنطقة الجفينة في الساعات الأولى من صباح أمس».
وفي السياق نفسه، تمكنت المقاومة من إحباط عملية تسلل المسلحين الحوثيين باتجاه جبل البلق، جنوبي سد مأرب، وقتل في المواجهة خمسة مسلحين حوثيين وجرح آخرين، في حين تمكنت المقاومة الشعبية بمحافظة مأرب من مطاردة المسلحين الحوثيين والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت الجماعة تتمركز فيها بالجفينة بجبهة الزور وصرواح. وتمكن المسلحون الحوثيون من الفرار تاركين وراءهم قتلاهم والعتاد. كما أكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» مقتل مسلح حوثي أثناء تسلله ومداهمته لموقع للمقاومة الشعبية في جبل مرتد الاستراتيجي في مديرية صرواح غرب محافظة مأرب.
وعلى صعيد المواجهات الميدانية بمحافظة إب، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، أكد سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاتلي المقاومة الشعبية تمكنت من تكبيد جماعة الحوثي المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وتمكنوا من قتل أكثر من 18 مسلحا حوثيا ومن قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح من خلال نصب كمبين لهم استهدف قافلة لهم في مدينة القاعدة وهي إحدى مدن محافظة إب اليمنية بينما كانت في طريقها لتعزيز قوات المسلحين الحوثيين بمدينة تعز».
وتؤكد المصادر أن المقاومة الشعبية بمحافظة إب مستمرة في «تنفيذ عملياتها ضد جماعة الحوثي المسلحة ومسلحين موالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، بالإضافة إلى تفجير أطقم خاصة بالمسلحين الحوثيين في مديرية الرضمة وقتل كافة المسلحين الذين كانوا على متنها، وهجومهم على نقاط تفتيش تتبع المسلحين الحوثيين بالمدينة ومقتل من كانوا في النقطة».
وكانت محافظة إب قد فتحت جبهة جديدة ضد جماعة الحوثي المسلحة عندما أعلن جماعة من مشايخ قبائل محافظة إب، الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، عن تشكيل مجلس للمقاومة في المحافظة لمقاومة المسلحين الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وذلك حتى يتحقق لأبناء المحافظة والشعب اليمني الأمن والاستقرار وعودة مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة مهامها ووظائفها الدستورية والقانونية.
ودعا بيان مشايخ المحافظة عن تشكيل مجلس للمقاومة الشعبية، من كافة أبناء المحافظة من مشايخ ووجهاء وكل مكونات المحافظة بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم للاصطفاف مع المقاومة بدعمها ومساندتها والالتفاف حولها حتى تحقيق النصر إن شاء الله.
وقالوا في بيانهم: «نظرا لما وصلت إليه محافظة إب من تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية في ظل سيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على مؤسسات الدولة في المحافظة، اتفق جمعٌ من مشايخ قبائل محافظة إب على تشكيل مجلس للمقاومة الشعبية لترتيب الجهود وتوظيف طاقات أبناء المحافظة لمقاومة ميليشيات الحوثي وصالح حتى يتحقق لأبناء المحافظة والشعب اليمني الأمن والاستقرار، وعودة مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة وظائفها الدستورية والقانونية، حيث لم يبق أمام الشعب من خيار إلا مواجهة هذه الفئة الضالة المنحرفة حتى تتطهر المحافظة من شر هذه الفئة وإجرامها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.