مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.. منصة استثمارية جاذبة محليًا وأجنبيًا

وسط ارتفاع حجم الودائع بالبنوك السعودية المحلية 70 % خلال السنوات الست الماضية

محافظ هيئة الاستثمار خلال كلمته الافتتاحية يوم أمس («الشرق الأوسط»)
محافظ هيئة الاستثمار خلال كلمته الافتتاحية يوم أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.. منصة استثمارية جاذبة محليًا وأجنبيًا

محافظ هيئة الاستثمار خلال كلمته الافتتاحية يوم أمس («الشرق الأوسط»)
محافظ هيئة الاستثمار خلال كلمته الافتتاحية يوم أمس («الشرق الأوسط»)

باتت مدينة الملك عبد الله الاقتصادية (غرب السعودية) تمثل اليوم منصة استثمارية جاذبة. يأتي ذلك في وقت انطلقت فيه يوم أمس أعمال «منتدى الاستثمار 2015»، الذي جرى تخصيص معظم برامجه للتعريف بالفرص الاستثمارية المتوافرة في المدينة الاقتصادية من جهة، وللتعريف بالفرص الاستثمارية الجاذبة في السعودية من جهة أخرى. ويمثل ارتفاع حجم ودائع السعوديين في البنوك المحلية بنسبة تزيد على الـ70 في المائة خلال السنوات الست الماضية (بحسب بيانات صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي) دليلاً مهمًا على توافر سيولة نقدية تنتظر فقط الفرص الاستثمارية المناسبة، وذلك في وقت باتت فيه السعودية منصة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية.
وفي الشأن ذاته، أكد المهندس عبد اللطيف العثمان، محافظ الهيئة العامة للاستثمار رئيس مجلس إدارة هيئة المدن الاقتصادية في السعودية، على ضرورة العمل بما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، التي وجهها لرؤساء وأعضاء مجالس الغرف السعودية، وإدارات البنوك ومديريها التنفيذيين، ووجهها أيضا لرجال الأعمال وكبار المسؤولين في وزارتي «التجارة والصناعة» و«العمل»، والهيئة العامة للاستثمار، وهيئة المدن الاقتصادية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، خلال استقباله لهم الأسبوع المنصرم.
وأكد العثمان، خلال كلمته الافتتاحية لمنتدى الاستثمار الذي بدأ أعماله في الرياض أمس، ويُعقد على مدى يومين متتاليين لتعريف المشاركين بالفرص الاستثمارية وتشجيعهم على الاستثمار من خلال شراكات متنوعة في القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، أنه جرى الانتهاء من الدراسة التقييمية للمدينة ووضع خطة لتسريع وتيرة العمل، وهي الخطة التي جرى التوافق عليها بين هيئة المدن الاقتصادية، والمطور شركة «إعمار المدينة الاقتصادية».
وأضاف العثمان «كلمات خادم الحرمين الشريفين جددت الثقة في تشجيع الدولة المستمر للمستثمرين في المملكة، وإتاحة الفرصة لهم للعمل بحرية، والحرص التام على تذليل العقبات التي تحول بين القطاع الخاص وقيامه بدوره المطلوب في مساندة الاقتصاد الوطني».
وأشار محافظ هيئة الاستثمار السعودية إلى أن «الملك سلمان وجه بتشكيل فريق عمل مشترك يضم رجال الأعمال والصناعيين، إضافة إلى منسوبي الوزارات وأصحاب العلاقة، لدراسة الجوانب المتعلقة بما يدعم الاقتصاديين والمصنعين في عملهم، وتذليل العقبات التي قد تواجه ذلك العمل، وتهيئة البيئة الملائمة والحاضنة للاستثمار في المملكة، وهو أمر يصب في مصلحة الاقتصاد السعودي بشكل عام وقطاع الاستثمار بشكل خاص»، مبينا أن المنتدى قد يكون إحدى خطوات تحقيق توجه القيادة الرشيدة، حيث يشترك القطاعان الحكومي والخاص معا لتعزيز الاستثمار في المدن الاقتصادية من خلال نماذج عمل فريدة ومبتكرة.
وأشار المهندس العثمان إلى أن الهيئة العامة للاستثمار وهيئة المدن الاقتصادية تستمدان من كلمات خادم الحرمين الشريفين دافعا قويا للمضي قدما في تنفيذ مهامهما. وأوضح محافظ هيئة الاستثمار السعودية أن الهيئة العامة للاستثمار تسعى إلى تحقيق نقلة نوعية لبيئة الاستثمار عبر برنامج تعزيز تنافسية المملكة، وحل المعوقات التي تواجه المستمرين في البلاد، إضافة إلى توجيه استثمارات نوعية لبناء قطاعات اقتصادية منافسة عبر الخطة الوطنية الموحدة للاستثمار وعبر التسويق المحترف والجذب الاستراتيجي للاستثمارات المستهدفة، إضافة إلى السعي إلى التميز في الخدمة للمستثمرين وتعزيز نموهم عبر إطلاق مسار سريع لخدمة المستثمرين، وتطوير إسهاماتهم في تحقيق الأهداف التنموية.
ونبه المهندس العثمان إلى أن هيئة المدن الاقتصادية تركز على أن توفر المدن الاقتصادية بيئة تنافسية عالميا، بحيث تكون جاذبة للاستثمارات الرائدة للمساهمة في دفع عجلة النمو والتنوع الاقتصادي، وتنمية المناطق، وتوفير فرص عمل واعدة للشباب، مع التركيز على تنمية القطاعات ذات القيمة المضافة، وتشجيع الابتكار، ورفع مستويات الحياة المعيشية والخدمات تحت مظلة تنظيمية وإشرافية واحدة.
ورأى محافظ هيئة الاستثمار السعودية أن نموذج العمل في المدن الاقتصادية يعتمد على الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، بحيث تقوم الدولة بالعمل على توفير بيئة استثمارية محفزة ومنافسة إقليميا وعالميا، بينما يتولّى القطاع الخاص (ممثلا في المطور الرئيسي) مهام الاستثمار وتطوير وتشغيل المدن الاقتصادية تحت إشراف الدولة. وقال العثمان «هناك مدن ومناطق اقتصادية وطنية عدة تشترك وتسهم في تحقيق الأهداف التنموية للمدن الاقتصادية، على رأسها مدينتا الجبيل وينبع ورأس الخير، والمدن الصناعية، ومدينة وعد الشمال وغيرها»، مبينا أنه من المهم وجود أطر عمل تكفل تنسيقا أعلى في الإشراف على هذه المناطق والمدن، بالإضافة إلى أهمية وجود عمل تكاملي لترويج وجذب الاستثمارات لكل منطقة أو مدينة وفقا لأولوياتها نحو تحقيق أهداف الدولة من تأسيسها.
وحول مشروعات المدن الاقتصادية، نبه محافظ الهيئة العامة للاستثمار إلى أنه تمت مواجهة بعض التحديات، مبينا أن بعض المدن الاقتصادية مرت بمراحل تعثر خلال سنواتها الأولى. وقال «كان هناك عدد من الدروس المستفادة، من أهمها أنه ليس هناك مسار وحيد للنجاح يمكن تطبيقه على كل المدن الاقتصادية، مع ضرورة وضع رؤى وأهداف طموحة لكل مدينة، شريطة أن تكون قابلة للتحقيق، وأهمية وجود حوافز تنظيمية وعروض استثمارية واضحة ومنافسة تمكّن من جذب الاستثمارات، وضرورة دعم ومساندة تطوير المدينة وبالذات في المراحل الأولى، من خلال المشروعات الحكومية الحيوية، إلى جانب ضرورة وجود اتفاقيات تطوير ملزمة وواضحة، مع التخطيط السليم واعتماد التطوير المرحلي للمدن الاقتصادية».
وأفاد المهندس العثمان بأن تلك الدروس دفعت إلى إعادة تقييم وضع كل مدينة اقتصادية على حدة، والخروج بخطط عمل تفصيلية وفقا لظروف كل مدينة، لافتا إلى أنه جرى الانتهاء من الدراسة التقييمية لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية ووضع خطة لتسريع وتيرة العمل جرى التوافق عليها بين هيئة المدن الاقتصادية، والمطور شركة «إعمار المدينة الاقتصادية».
وأكد محافظ هيئة الاستثمار السعودية أن أبرز ملامح تلك الخطة ترتكز على رفع مستوى الإنفاق من قبل المطور الرئيسي ليصل إلى ما لا يقل عن 25 مليار ريال (6.66 مليار دولار) بنهاية 2020، ورفع معدّل الإنجاز في تطوير المشروعات وفقا لبرنامج زمني مُلزم، واستهداف قطاعات استراتيجية نوعية؛ مثل الصناعات الدوائية والغذائية، والرعاية الصحية، والتعليم والتدريب المتخصص، والخدمات اللوجيستية، والسياحة والترفيه، والاتصال وتقنية المعلومات، ودعم المدينة من خلال مشروعات حكومية حيوية لدعم الاستثمارات النوعية.
وأفاد العثمان بأن خطة تسريع وتيرة العمل دخلت حيز التنفيذ، إذ شهدت المدينة بوادر نجاح ومؤشرات إيجابية أسهمت في استقطاب الكثير من كبار المستثمرين العالميين والمحليين، مشيرا إلى أنه يجري العمل بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة على تطوير أنظمة ولوائح محفزة لدعم الاستثمارات الاستراتيجية المستهدفة، مع تأسيس عدد من المشروعات الحكومية الحيوية الكبرى بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، منها على سبيل المثال مشروع ربط ميناء الملك عبد الله بالجسر البري الذي يربط شرق المملكة بغربها، وإمداد الوادي الصناعي بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية بالغاز الطبيعي، إضافة إلى مشروع محطة قطار الحرمين السريع الذي جرى إنجاز أكثر من 90 في المائة منه حتى الآن، ومشروع مجمع المستشفيات المرجعية والمتخصصة، ومشروع كليات التدريب الفني والمهني.
وأضاف المهندس العثمان «صاحب ذلك تقديم الخدمات الحكومية المتكاملة للمستثمرين والقاطنين بالمدينة الاقتصادية تحت مظلة مركز الخدمات الحكومية المتكاملة الذي تقدم من خلاله هيئة المدن الاقتصادية أهم الخدمات الحكومية الأساسية بما في ذلك الخدمات البلدية وتصاريح البناء والأشغال، ورخص الاستثمار، وإصدار وثائق ملكيات العقارات»، مشددا على أن الاستثمار في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية الذي خصص له منتدى للتعريف بفرص الاستثمار المتميزة فيه، أصبح اليوم أكثر جدوى وجاذبية من أي وقت مضى.
وفي الإطار ذاته، انطلق «منتدى الاستثمار 2015» يوم أمس، بكلمة للأمين العام للمنتدى الرئيس التنفيذي للتسويق والإعلام والتنمية المستدامة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، فهد حميد الدين، أكد فيها أهمية انعقاد منتدى الاستثمار بالرياض الذي يعنى بتعريف المشاركين بالفرص الاستثمارية وتشجيعهم على الاستثمار من خلال شراكات متنوعة في القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية داخل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وهي المدينة التي تعد من أبرز المدن الاقتصادية في السعودية والمنطقة على حد سواء، التي تعد مثالا ناجحا لشراكة القطاع الحكومي مع القطاع الخاص.
يشار إلى أن المنتدى يقام في إطار جهود المدينة الاقتصادية في التعريف بالفرص الاستثمارية الواعدة في المدينة، والعمل على استقطاب المزيد من رؤوس الأموال الوطنية للاستفادة من المزايا التي توفرها المدينة الاقتصادية للمستثمرين، ومن المتوقع مشاركة كبار المستثمرين وقادة الأعمال من مناطق السعودية، إضافة إلى كبار المسؤولين الحكوميين المهتمين بالتنمية الاقتصادية من خلال بناء الشراكة مع القطاع الخاص.



الصين تخفّض «الاحتياطي الإلزامي» في محاولة لتحفيز الاقتصاد

عمال في مصنع للسيارات الكهربائية بمدينة نانشانغ الصينية (رويترز)
عمال في مصنع للسيارات الكهربائية بمدينة نانشانغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تخفّض «الاحتياطي الإلزامي» في محاولة لتحفيز الاقتصاد

عمال في مصنع للسيارات الكهربائية بمدينة نانشانغ الصينية (رويترز)
عمال في مصنع للسيارات الكهربائية بمدينة نانشانغ الصينية (رويترز)

خفّضت الصين، الجمعة، معدّل الاحتياطي الإلزامي المفروض على المصارف الاحتفاظ به، في خطوة من شأنها أن تتيح ضخّ نحو 142,6 مليار دولار من السيولة في الأسواق المالية. وهذا الخفض الذي كان البنك المركزي الصيني أعلن، الثلاثاء، عزمه على اللجوء إليه، يأتي غداة اجتماع عقده القادة الصينيون واعترفوا خلاله بوجود «مشكلات» جديدة في اقتصاد البلاد.

ومعدّل الاحتياطي الإلزامي هو نسبة مئوية من الودائع لا يحقّ للبنوك أن تتصرف بها؛ بل تحتفظ بها لدى المصرف المركزي. والثلاثاء، أعلن رئيس البنك المركزي الصيني أنّ بكين ستتّخذ إجراءات لتحفيز الاقتصاد أبرزها خفض الاحتياطي الإلزامي وخفض سعر الفائدة الرئيسي وسعر الفائدة على القروض العقارية.

ولا تزال السلطات الصينية تتوقع نمواً بنسبة 5 في المائة هذا العام، لكنّ محلّلين يعدون هذا الهدف متفائلاً جداً نظراً للعقبات الكثيرة التي يواجهها الاقتصاد.

وتعاني البلاد بشكل خاص من أزمة في القطاع العقاري وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وتباطؤ استهلاك الأسر. وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام على رفع القيود الصحية التي فرضتها السلطات لمكافحة «جائحة كوفيد-19»، وكانت تداعياتها كارثية على اقتصاد البلاد، لا تزال وتيرة النهوض الاقتصادي أبطأ من المتوقع.

وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت الصين أنها سترفع تدريجياً، بدءاً من العام المقبل، سن التقاعد القانوني، في إجراء غير مسبوق منذ عقود.

وبالتزامن، أظهرت بيانات رسمية، الجمعة، أن أرباح الصناعة في الصين عادت إلى الانكماش الحاد في أغسطس (آب) لتسجل أكبر انخفاض لها هذا العام، وهو ما يضيف إلى سلسلة من قراءات الأعمال القاتمة التي تشير إلى تزايد الضغوط على الاقتصاد.

وانخفضت الأرباح بنسبة 17.8 بالمائة في أغسطس مقارنة بالعام السابق بعد زيادة بنسبة 4.1 بالمائة في يوليو (تموز)، بينما ارتفعت الأرباح بوتيرة أبطأ بنسبة 0.5 بالمائة في الأشهر الثمانية الأولى مقارنة بنمو بنسبة 3.6 بالمائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء.

وقال الإحصائي في المكتب الوطني للإحصاء وي نينغ إن الركود في أغسطس كان بسبب عوامل مثل «الافتقار إلى الطلب الفعال في السوق، والتأثير الأكبر للكوارث الطبيعية مثل ارتفاع درجات الحرارة والأمطار الغزيرة والفيضانات في بعض المناطق».

وقال تشو ماوهوا، الباحث في الاقتصاد الكلي في بنك «تشاينا إيفربرايت»، إن القاعدة الإحصائية العالية في العام الماضي أدت أيضاً إلى تضخيم الانعكاس، حيث أثر انخفاض الأرباح في صناعات السيارات والمعدات على النتيجة.

وأدى ضعف البيانات في وقت سابق من هذا الشهر إلى تفاقم المخاوف بشأن التعافي الهزيل، مما دفع شركات الوساطة العالمية إلى مراجعة توقعات نمو الصين لعام 2024 إلى ما دون الهدف الرسمي البالغ نحو 5 في المائة.

وفي تسليط للضوء على ضعف الطلب المحلي، وهو عنق زجاجة رئيسي للاقتصاد، وسط قلق بشأن الأمن الوظيفي، وتفاقم الركود في مبيعات العقارات والاستثمار، أعلنت شركة الألبان العملاقة المحلية «إنر مونغوليا» انخفاضاً بنسبة 40 بالمائة في صافي الربح بالربع الثاني.

وقال وي: «يظل الطلب الاستهلاكي المحلي ضعيفاً بينما البيئة الخارجية معقدة ومتغيرة».

وتخطط الصين لإصدار 284 مليار دولار من الديون السيادية هذا العام، بوصفه جزءاً من حافز مالي جديد، مع استخدام جزء من العائدات التي تم جمعها من خلال سندات خاصة لتوفير بدل شهري قدره 114 دولاراً لكل طفل لجميع الأسر التي لديها طفلان أو أكثر، باستثناء الطفل الأول، حسبما ذكرت «رويترز».

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن أرباح الشركات المملوكة للدولة انخفضت بنسبة 1.3 في المائة خلال الفترة من يناير إلى أغسطس، بينما سجلت الشركات الأجنبية ارتفاعاً بنسبة 6.9 بالمائة، في حين سجلت شركات القطاع الخاص زيادة بنسبة 2.6 في المائة. وتغطي أرقام الأرباح الصناعية الشركات التي تبلغ إيراداتها السنوية 20 مليون يوان (2.83 مليون دولار) على الأقل من عملياتها الرئيسية.