الرئيس اللبناني يدعو لمواصلة «توقيف الشبكات الإرهابية».. وأبو قتادة يعد عملياتها «دفاعية»

خبراء يرجحون توقيف قياديي «كتائب عبد الله عزام» نتيجة اختراق مجموعات جهادية

الرئيس اللبناني ميشال سليمان
الرئيس اللبناني ميشال سليمان
TT

الرئيس اللبناني يدعو لمواصلة «توقيف الشبكات الإرهابية».. وأبو قتادة يعد عملياتها «دفاعية»

الرئيس اللبناني ميشال سليمان
الرئيس اللبناني ميشال سليمان

شدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أمس، على ضرورة «استمرار الجهود الأمنية التي أدت إلى توقيف شبكات إرهابية في البلاد»، داعيا «السياسيين اللبنانيين كي يعوا خطورة المرحلة التي تمر بها البلاد»، في حين برر الإسلامي المتشدد عمر محمود عثمان الملقب أبو قتادة تأييده للتفجيرات الانتحارية التي وقعت في بيروت، بالقول إنها تأتي «دفاعا عن النفس» للضغط على حزب الله لينسحب من القتال في سوريا.
وجاء تصريح سليمان خلال ترؤسه اجتماعا أمنيا قضائيا، غداة توقيف مخابرات الجيش اللبناني أحد قادة ألوية «كتائب عبد الله عزام»، نعيم عباس، وتمكنها من تفكيك متفجرات من سيارتين مفخختين واحدة في العاصمة بيروت والأخرى في البقاع شرق لبنان، كما ضبطت مخازن أسلحة في منطقة جبل لبنان وصواريخ كانت معدة للانطلاق باتجاه الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. وجدد سليمان التنويه بما قامت به مديرية المخابرات والارتياح الذي تركه ذلك لدى المواطنين. واتفق المسؤولون الذين حضروا الاجتماع الأمني، على ضرورة إبقاء التنسيق قائما على أعلى درجاته بين الأجهزة الأمنية على مستوى التحريات والاستقصاء وتبادل المعلومات والجهوزية في سبيل كشف المجرمين والمحرضين ومن يقف وراءهم ودرء الخطر عن لبنان. ويواصل الجيش اللبناني تحقيقاته مع الموقوف عباس، بإشراف القضاء المختص، وهو القيادي الخامس في تنظيم «كتائب عبد الله عزام» الذي أوقفه الجيش خلال شهرين، من غير أن تنسحب الجهود الأمنية التي يبذلها الجيش على توقيف آخرين ينتمون إلى مجموعات «جبهة النصرة في لبنان» و«داعش» اللتين تبنتا تفجيرات ضربت مناطق نفوذ حزب الله في الشهرين الماضيين.
ويرى خبراء في الجماعات الجهادية أن توقيف قياديين في «كتائب عبد الله عزام» حصرا: «يؤكد أن التنظيم محلي ولا وجود للنصرة أو (داعش) في لبنان». ويقول الخبير السوري في الجماعات الجهادية عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط» إن الكتائب «ليست موجودة في سوريا، بل نشأت نشأة لبنانية وترجع أصولها إلى أفغانستان»، نافيا في الوقت نفسه وجود جبهة النصرة أو «داعش» في لبنان، قائلا إن «النصرة» هي «جبهة سورية وقياداتها سوريون، وبالتالي مشروعها وعملها مرتبطان بسوريا».
ويوضح الحاج أن «الكتائب» «تعبر عن إسلاميين معظمهم فلسطينيون، وترتبط بشكل رئيس بالتيار السلفي، وتمارس العمليات العسكرية ضد المدنيين»، مشيرا إلى أن «لا مؤشرات على أن نفوذها يتجاوز الحدود اللبنانية». ويقول إن التعاون في مجال نقل التفجيرات من سوريا إلى لبنان، يعود إلى أن «جميع الحركات الجهادية، تقدم أنواعا من المساعدة لبعضها، بسبب وجود علاقات قد لا تكون رسمية»، واصفا التنظيم بأنه «جديد وأهدافه على ما يبدو محلية وتربطه علاقات بتنظيمات جهادية».
ويبدو تنظيم «كتائب عبد الله عزام» أكثر فعالية من تنظيمات أخرى على الساحة اللبنانية، بدليل اعتقال الجيش اللبناني، خلال شهرين، خمسة قياديين منه، هم أميرها ماجد الماجد أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتوفي في 4 يناير (كانون الثاني) الماضي بسبب تدهور حالته الصحية على خلفية معاناته من فشل كلوي، إضافة إلى عمر الأطرش وجمال دفتردار ونواف الحسين، وأخيرا نعيم عباس.
ويرجع الخبير اللبناني في الجماعات الإسلامية عمر بكري فستق، توقيف أعضاء التنظيم الخمسة إلى «خرق قوي للجماعات الإسلامية الجهادية في لبنان». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «ولاء اللبنانيين للجيش اللبناني، في بلد صغير ينخرط أكثر سكانه في الدولة، ساهم في اختراق الجماعات»، موضحا أن «التنظيم الجهادي الذي يتبنى العمليات داخل الأراضي اللبنانية، سيعاني من مشكلة الولاء عند غالبية اللبنانيين الذين يعطون الأولوية لوطنيتهم على انتمائهم العقائدي». ويرى أنه «من الصعب لأي جماعة إسلامية أن تتحرك على الساحة اللبنانية من غير أن يصيبها خرق أو خلل أمني في كيانها».
ويؤكد بكري، استنادا إلى متابعته الدائمة لأخبار الجماعات الجهادية، أن «كتائب عبد الله عزام» التي تتواجد بالفعل على الساحة اللبنانية: «تقول إن أيا من قادتها لم يوقف في لبنان، بعد ماجد الماجد، كما أنها لم تنفذ إلا عملية السفارة الإيرانية، بدليل اعترافها بها، وإعلان هوية منفذ الهجوم».
غير أن الموقوف نعيم عباس: «ورد اسمه كمطلوب خلال اللقاءات التي جمعت مسؤولين أمنيين لبنانيين وقيادات في الأمن الفلسطيني في مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان)»، كما تقول مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أنه وصف في المخيم بأنه «من أخطر المطلوبين».
ورغم نفي المتحدث باسم الفصائل الإسلامية في مخيم عين الحلوة الشيخ جمال الخطاب، وجود مكاتب باسم التنظيم في المخيم وتأكيده في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن القضية «بعهدة السلطات اللبنانية التي تتابع تحقيقاتها»، لم تنفِ المصادر الفلسطينية أن اسم عباس، ورد ضمن أسماء المطلوبين التابعين لكتائب عبد الله عزام، إلى جانب توفيق طه، الذي يعد من أبرز قيادات التنظيم المطلوبين للسلطات اللبنانية.
وكان الناطق الإعلامي باسم «عصبة الأنصار»، وهو من أبرز الفصائل الإسلامية في المخيم، أبو شريف عقل، قال في تصريح سابق إن طه ينتمي أيضا للتنظيم، موضحا أن التنظيم «ينقسم إلى سرايا منها سرية مسماة بسرية (زياد الجراح) التي تتكفل مهمة إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل». وقد تبنت «الكتائب» إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، كان آخرها في أغسطس (آب) الماضي، فضلا عن تبنيها إطلاق الصواريخ من سوريا باتجاه مدينة الهرمل (شرق لبنان)، وآخرها في 25 يناير الماضي.
في غضون ذلك، قال القيادي الإسلامي المتشدد المعتقل في الأردن أبو قتادة، خلال جلسة محاكمته الخامسة بتهم تتعلق بالإرهاب في عمان: «أؤيد تفجيرات بيروت وحزب الله هو الذي بدأ، ومن حق أي شخص أن يدافع عن نفسه هذه العمليات دفاع عن النفس وضغط على الحزب للخروج من دائرة الصراع في سوريا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.