برحيل الممثل الفنان الكويتي علي القطان، الذي غيبه الموت قبل أيام، يكون مسلسل «درب الزلق» الشهير الذي عرض عام 1977 قد فقد معظم فنانيه مثل علي المفيدي وخالد النفيسي وخليل إسماعيل وماجد سلطان والممثل طالب الذي اشتهر بعبارة كان يرددها وهي: «أبيها»، وحتى مخرجه حمدي فريد، والممثل المصري بيجو الذي شاركهم العمل بدور فؤاد باشا.. رحلوا، تاركين وراءهم مدرسة هي مزيج من كوميديا وتراجيديا.
وعلى الرغم من قصر الأدوار التي أداها كل من علي القطان والممثل الراحل طالب فإنهما تركا أثرًا كبيرًا على الواقع اليومي للحياة الاجتماعية المعاصرة، كما يقول الدكتور سليمان آرتي الأستاذ المساعد في المعهد العالي للفنون المسرحية. ويضيف آرتي لـ«الشرق الأوسط» أن «المجتمع الكويتي لا يزال حتى اليوم يردد عبارات هؤلاء، ويستخدم أدوارهم كإسقاطات اجتماعية في أحاديثهم، فمثلاً عبارة (أبيها) أصبحت مثل العلامة المسجلة التي يرددها الناس في مواقف تستدعي ذلك، وكذلك يتذكرون فورًا طريقة عمل المحاماة التي أداها علي القطان، حين يتعلق الحديث الدائر حول هذه المهنة. بل أكثر من ذلك، أن إحدى الصحف التي نشرت خبر رحيله على موقعها في شبكة الإنترنت، كان الخبر مرفقًا بإعلان عن مكتب لأحد المحامين. ولا ندري هل هي مصادفة أم مقترنة بمناسبة الدور الشهير للقطان».
حضور كبير وغياب هادئ
ويرى الدكتور سليمان آرتي أن هؤلاء الفنانين الذين أدوا هذه الأدوار الصغيرة لكن المهمة جدًا، لم يحظوا بالظهور الكافي، وغابوا دون ضجيج، رغم أنهم عملوا بالفن منذ الستينات من القرن الماضي، فالممثل طالب أدى أدورًا في أعمال أخرى مثل أوبريت «بساط الفقر»، بينما واكب الفنان علي القطان الحركة الفنية منذ مهدها، فظهر في مسلسل «محكمة الفريج» و«عائلة أبو جسوم» الذي استمر منذ منتصف الستينات ولغاية منتصف السبعينات، إضافة إلى أعمال مسرحية ومسلسلات إذاعية، وكانت له بصمة واضحة في هذا المسلسل كما يقول الدكتور آرتي الذي يعتبر أن بروز بعض العبارات الصغيرة والخالدة التي رددها هؤلاء الفنانون، وخلودها إلى يومنا هذا، يعد أمرًا جديرًا بالملاحظة، فلولا موهبتهم المتقدة لما أوصلوا هذه العبارات إلى يومنا المعاصر، حتى أنها أصبحت تتداول حتى في مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة، وبرامج الهواتف النقالة، منوهًا بالقول: «خصوصًا أن هذه الأدوار الصغيرة تم أداؤها أمام محترفين أمثال عبد الحسين عبد الرضا وسعد الفرج وخالد النفيسي».
ويعد مسلسل «درب الزلق» من أبرز الأعمال النقدية الاجتماعية التي تتحدث عن المتغيرات التي طرأت على المجتمع الكويتي بعد عملية تثمين البيوت واهتمام المجتمع بالتجارة، وذلك من خلال حكاية شقيقين هما عبد الحسين عبد الرضا بدور حسين بن عاقول وسعد الفرج بدور سعد بن عاقول يصبح لديهما رأسمال نتيجة شراء الحكومة لمنزلهما، ثم يدخلان في تجارة فاسدة، ومن أبرز المشاهد التي لا تزال حية حتى اليوم هو المشهد المتمثل في محاولة أحد المحتالين بيع الأهرامات في مصر إلى بطلي العمل «حسين وسعد»، معتقدين أنهما يستطيعان جلبها إلى الكويت لجذب السياح.
ويعود الدكتور آرتي للحديث عن الأدوار الصغيرة والخالدة لكل من الممثل طالب والممثل علي القطان، فيقول إن «براعة هذين الممثلين، إلى جانب أبطال العمل، تكمن في أنهم أجادوا المعادلة الصعبة جدًا وهي الإمساك بالخيط الفاصل بين الكوميديا والتراجيديا»، وهو ما وصفه بالكوميديا السوداء. مضيفًا أن «هذه المعادلة يجب ألا نغفل فيها دور المؤلف عبد الأمير التركي: «الذي أتمنى له الشفاء مما يعانيه اليوم صحيًا».