احتضار أشهر صحف الجزائر بسبب انقطاع الرواتب والإعلانات

أصحابها سيعملون فيها بعد إضراب طاقمها التحريري وعمالها

قارئ يتصفح جريدة الوطن الجزائرية في مايو الماضي (أ.ب)
قارئ يتصفح جريدة الوطن الجزائرية في مايو الماضي (أ.ب)
TT

احتضار أشهر صحف الجزائر بسبب انقطاع الرواتب والإعلانات

قارئ يتصفح جريدة الوطن الجزائرية في مايو الماضي (أ.ب)
قارئ يتصفح جريدة الوطن الجزائرية في مايو الماضي (أ.ب)

يبدأ اليوم صحافيو وعمال جريدة «الوطن» الفرنكفونية الجزائرية، إضراباً عن العمل ليومين، احتجاجاً على عدم قبض أجورهم منذ مارس (آذار) الماضي، بسبب معاناة الجريدة الأشهر في البلاد، من ضائقة مالية خطيرة نتيجة حرمانها من الإعلانات الحكومية، زيادة على تراجع مداخيل بيعها بشكل كبير.
وكتبت «الوطن» في عدد أمس، أن إضراب اليومين سيكون كل أسبوع، ولمدة 5 أسابيع. فيما أعلن ملاك المؤسسة التي تصدر الصحيفة، في اجتماع لهم الأسبوع الماضي، أنهم سيتولون بأنفسهم كتابة المقالات بحكم أن غالبيتهم من قدامى الصحافيين، حتى لا تنقطع نسخها عن الأكشاك. ونقل عنهم أنهم «يعترفون للصحافيين وعمال الإدارة، بكامل الحق في اختيار شكل الاحتجاج الذي يريدون».
وتعقدت الوضعية المالية للصحيفة، المحسوبة على المعارضة، منذ أشهر على إثر منعها من التصرف في حساباتها المصرفية، لعجزها عن تسديد أقساط القرض البنكي الذي سمح لها ببناء مقر جديد منذ سنوات، والذي لم تنتقل إليه بسبب تحفظات فنية عليها، صادرة عن محافظة الجزائر العاصمة. كما أنها تعرضت لتصويب ضرائبي زاد من تعقيداتها المالية وباتت على وشك أن تحتضر.
وقال مجلس إدارة الصحيفة في بيان، إنه «يأسف» لقطع الإعلانات العمومية عنها من طرف «الوكالة الوطنية للإشهار»، وهو الجهاز الحكومي الذي يستلم الإعلانات من الشركات والهيئات والإدارات العمومية، ويتولى توزيعها على الصحف والمواقع الإلكترونية الإخبارية والقنوات التلفزيونية. وأكد مجلس الإدارة، أنه وجه نداءات للسلطات من أجل حل الأزمة لكن من دون جدوى، وقال إن «الوطن» «ستعمل من أجل ضمان صدروها الذي يستمر منذ 32 سنة، بعدما عاشت أزمات عدّة وسعت بكل موضوعية ووعي، إلى الأخبار الوطنية وما يعيشه الجزائريون».
وما لم يذكره بيان الإدارة، هو أن الإعلانات الحكومية توقفت عنها منذ أن نشرت على صدر صفحتها الأولى، قبل عامين، صورة رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح، الذي توفي بنهاية 2019، وتحدثت في مقال عن مصادر ثروته «المشبوهة» هو وأبنائه. ويشاع أن أعلى السلطات في البلاد، استشاطت غضباً على الصورة والمقال، فقررت قطع الإعلانات عن الصحيفة.
واللافت أيضاً، أن المؤسسات الخاصة أوقفت إمداد «الوطن» بالإعلانات وذلك لسببين: الأول، الأزمة المالية التي تتخبط فيها غالبيتها. والثاني، يتمثل في أن ملاكها يتحاشون رد فعل سلبي من الحكومة إن وضعوا إعلاناتهم في هذه الصحيفة، كونها مدرجة في «لائحة المغضوب عليهم»، وهذا ما كتبه مديرها محمد الطاهر مسعودي في مقال قبل أشهر.
ويقول مراقبون إن مشاكل «الوطن»، كما غالبية الصحف الخاصة، تعود إلى المنافسة الشديدة التي باتت تواجهها من شبكات التواصل الاجتماعي، التي استقطبت إليها جلَ قراء الصحف.
وتعد «الوطن» خصماً لدوداً للإسلاميين الذين يعتبرونها «معولاً يستعمله ضدهم، التيار الفرنكفوني العلماني المتنفذ في بعض قطاعات الدولة والمجتمع». كما يحمَلونها المسؤولية بخصوص إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، التي فازت بها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، نهاية 1991، وذلك بتشجيع السلطات آنذاك على هذه الخطوة، التي فتحت أبواب أزمة أمنية خطيرة خلَفت عشرات آلاف القتلى ودماراً في البنية التحتية، ويطلق عليها الجزائريون «العشرية السوداء».
كما يأتي إضراب «الوطن»، في سياق أزمة خانقة تعيشها كل الصحف الخاصة، فيما تتدفق الإعلانات الحكومية على الجرائد العمومية وأشهرها «المجاهد» و«الشعب» و«المساء» و«النصر»، التي تعد طاقة السحب لديها ضعيفة قياساً إلى كبريات الصحف مثل «الخبر» و«الوطن» و«الشروق».
وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، نشرت صحيفة «ليبرتيه» الكبيرة، الناطقة بالفرنسية، عددها الأخير بعد أسبوع من قرار مالكها رجل الأعمال الثري يسعد ربراب إغلاقها، منهياً مسيرتها التي امتدت ثلاثة عقود. وأكد مقربون من ربراب، أن قراره التخلص منها، «يعود إلى اعتقاده بأن الحكومة تعرقل مشروعاته بسبب خط صحيفته المعارض».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».