الولايات المتحدة تعدل قوانين الأمن القومي لضمان الحريات المدنية

سيناتور ديمقراطي: لحظة تاريخية لتغييرات منتظرة منذ عقود

الولايات المتحدة تعدل قوانين الأمن القومي لضمان الحريات المدنية
TT

الولايات المتحدة تعدل قوانين الأمن القومي لضمان الحريات المدنية

الولايات المتحدة تعدل قوانين الأمن القومي لضمان الحريات المدنية

صادق الرئيس الاميركي باراك أوباما مساء أمس (الثلاثاء) على قانون إصلاحي يحد من سلطات وكالة الامن القومي وخصوصا على صعيد جمع البيانات الهاتفية المثيرة للجدل.
وكان مجلس الشيوخ صوت قبل ذلك بساعات على مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب قبل بضعة أيام.
وكتب أوباما على "تويتر" قبل توقيعه على القانون "انا مسرور لان مجلس الشيوخ اقر اخيرا قانون فريدوم آكت. انه يحمي الحريات المدنية وامننا القومي".
وفي بيان أخر صدر في وقت سابق، كان اوباما انتقد اعضاء الكونغرس "على التأخير غير الضروري او المبرر لعمل هيئات مهمة للامن القومي"؛ وذلك طيلة الايام التي تطلبها اقرار القانون. وتابع "ادارتي ستعمل بأسرع ما يمكن على ضمان ان يكون للمسؤولين المكلفين الامن القومي كامل الصلاحيات ليواصلوا عملهم في حماية البلاد".
وينص القانون الجديد على نقل مهمة تخزين المعطيات الى شركات الاتصالات لتبديد مخاوف الاميركيين حيال المراقبة التي تمارسها حكومتهم. وفي هذه الحال، لن يكون بامكان السلطات الاطلاع على المعطيات الا بقرار قضائي. كما ينص من جهة اخرى على منح وكالة الامن القومي مجددا سلطة مطاردة الاشخاص الذين يشتبه بانهم يخططون منفردين لممارسة اعمال ارهابية واخضاعهم للتنصت.
وصرح السناتور الديمقراطي باتريك ليهي الذي يعتبر من مهندسي القانون "انها لحظة تاريخية"، وذلك بعد التصويت بغالبية 67 صوتا في مقابل 32، وأضاف ما حصل بأنه "التعديل الاول لقوانين المراقبة منذ عقود".
ويأتي التصويت بعد مشاورات شاقة ادت الى انقسام بين الجمهوريين بين تأييد اجراءات قوية لمكافحة الارهاب وبين الحاجة لحماية خصوصية الافراد، وذلك بعد التسريبات التي كشفها ادوارد سنودن المتعامل السابق مع وكالة الامن القومي حول النطاق الهائل لعمليات جمع المعلومات.
وكان سنودن كشف في يونيو(حزيران) 2013 الحجم الهائل لعمليات المراقبة. وعلقت وكالة الامن القومي جمع هذه البيانات الاثنين في الساعة 00:01 (04:01 تغ) بسبب انتهاء العمل بالمادة 125 من قانون باتريوت آكت الذي كان يشرع جمع هذه المعطيات.
بالمقابل ندد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بالاصلاح، معتبرا اياه "خطوة الى الوراء". وكان السناتور الجمهوري راند بول المرشح للانتخابات الرئاسية في 2016 والمعروف بمواقفه المتفجرة في مجلس الشيوخ تمكن من تأخير إقرار مشروع القانون الاصلاحي، ولا سيما بالقائه خطابا في 20 مايو(آيار) استمر 10 ساعات.
ويحظى القانون الجديد بدعم كبريات شركات المعلوماتية والانترنت الاميركية وفئة من المنظمات غير الحكومية التي تدافع عن الحياة الخاصة وتناهض المراقبة الالكترونية.
ورحب عملاق الانترنت "ياهو" في بيان باقرار القانون، معتبرا انه يمثل "انتصارا لمستخدمي الانترنت في كل مكان" و"يساعد على حماية مستخدمينا من خلال اصلاح مهم للغاية لبرامج المراقبة وممارسات الحكومة الاميركية".
من جهته، وصف جميل جافير مساعد مدير الشؤون القانونية في المنظمة الاميركية للدفاع عن الحقوق المدنية "ايه سي ايل يو" الاصلاح بأنه "خطوة كبيرة". وقال "هذا أهم قانون في مجال المراقبة منذ 1978، واقراره هو مؤشر على ان الاميركيين ما عادوا يريدون اعطاء وكالات الاستخبارات توقيعا على بياض"، مشيدا من ناحية ثانية بدور سنودن في التوصل الى هذا التغيير. ولكنه في الوقت نفسه حذر من ان هذا الاصلاح لا يحرم الحكومة من وسائل المراقبة "الاكثر تطفلا والاوسع نطاقا".



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.