توقيف قياديين إخوانيين بارزين يعزز هيمنة المتطرفين على الجماعة في مصر

مد أجل النطق بالحكم في «الهروب من السجون» و«التخابر» المتهم فيهما مرسي

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال مثوله أمام محكمة الجنايات في جلسة قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون» والتي تأجلت إلى 16 يونيو الحالي لإتمام المداولة مع استمرار حبس المتهمين، أمس (رويترز)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال مثوله أمام محكمة الجنايات في جلسة قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون» والتي تأجلت إلى 16 يونيو الحالي لإتمام المداولة مع استمرار حبس المتهمين، أمس (رويترز)
TT

توقيف قياديين إخوانيين بارزين يعزز هيمنة المتطرفين على الجماعة في مصر

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال مثوله أمام محكمة الجنايات في جلسة قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون» والتي تأجلت إلى 16 يونيو الحالي لإتمام المداولة مع استمرار حبس المتهمين، أمس (رويترز)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال مثوله أمام محكمة الجنايات في جلسة قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون» والتي تأجلت إلى 16 يونيو الحالي لإتمام المداولة مع استمرار حبس المتهمين، أمس (رويترز)

ألقت السلطات المصرية القبض على عضوي مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، محمود غزلان وعبد الرحمن البر الملقب بـ«مفتي الجماعة»، غرب القاهرة مساء أول أمس، في ضربة موجعة للحرس القديم من قيادات «الإخوان» الذين يخوضون صراعا لإبقاء خيوط التنظيم في قبضتهم. ويعزز توقيف غزلان والبر، على الأرجح، اصطفاف أنصار الجماعة خلف القيادة الجديدة التي تبدي مواقف أكثر تطرفا في مواجهة النظام. يأتي هذا في وقت قررت فيه محكمة أمس مد أجل النطق بالحكم في قضيتي «الهروب من السجون» و«التخابر» المتهم فيهما الرئيس الأسبق محمد مرسي وآخرون من قادة الجماعة إلى جلسة 16 يونيو (حزيران) الحالي.
وقالت مصادر أمنية إن الأجهزة الأمنية تمكنت من تحديد مكان اختباء غزلان والبر داخل شقة في منطقة 6 أكتوبر (غرب القاهرة)، مشيرة إلى أنهما كانا في طريقهما للهرب إلى السودان.
ويأتي القبض على غزلان والبر بعد ساعات من بث بيان غير تقليدي لـ«أجهزة أمنية» قالت فيه إنه تم الكشف عن خلية الإرهابية، تعمل بتكليف من قيادات جماعة الإخوان بالخارج، لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ عمليات معادية ضد مصر وشعبها ومؤسساتها وبخاصة رجال الشرطة والقضاة والإعلام وقيادات سياسية وشخصيات عامة.
وأظهرت بيانات وبيانات مضادة لقيادات في جماعة الإخوان، خلال الأيام القليلة الماضية، وجود انشقاق عميق في مركز صناعة القرار داخل التنظيم، في واحد من أعنف الانقسامات الداخلية في تاريخ الجماعة التي تأسست عام 1928.
وثار المصريون على جماعة الإخوان صيف العام قبل الماضي، بعد عام واحد من وصولهم إلى السلطة، ومنذ ذلك الحين تخوض الجماعة صراعا عنيفا مع السلطات. وألقي القبض على معظم قادة الجماعة بمن فيهم مرشدها العام محمد بديع، وأحيلوا إلى المحاكمات وصدرت بحقهم أحكام أولية بالإعدام.
وقالت مصادر أمنية وقضائية أمس إن غزلان والبر (المحكومين غيابيا بالإعدام) أحيلا إلى نيابة أمن الدولة العليا بعد إلقاء القبض عليهما، لاتهامهما في وقائع التحريض على العنف. ويلزم القانون المصري السلطات القضائية بإعادة محاكمة المدانين غيابيا فور القبض عليهم.
ويعد غزلان، الذي شغل منصب المتحدث الرسمي باسم الجماعة بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، أحد القيادات الرئيسية المحسوبة على جناح القطبيين (نسبة إلى سيد قطب القيادي الإخواني الذي أعدمته السلطات المصرية في ستينات القرن الماضي). وأزاح القطبيون خلال عامي 2010 و2011 معظم القيادات الإصلاحية داخل الجماعة.
ومع اشتداد الملاحقات الأمنية بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وفرار عدد كبير من القيادات، أجرى التنظيم، الذي راكم خبرات طويلة في العمل السري، انتخابات داخلية في أبريل (نيسان) 2014، أسفرت عن انتخاب قيادة جديدة أكثر تطرفا من القطبيين الذين طالما وصفوا بالتشدد.
وقال قادة منشقون عن الإخوان لـ«الشرق الأوسط» إن القبض على غزلان والبر يعزز من فرص اصطفاف أنصار الإخوان خلف القيادة الجديدة.
وكانت السلطات المصرية قد ألقت الأسبوع الماضي القبض على القيادي الإخواني محمد طه وهدان غرب القاهرة أيضا. وتولى وهدان قيادة الجماعة خلال العامين الماضيين. وقال مصدر مطلع، لـ«الشرق الأوسط»، إن «زوجة وهدان كانت حلقة الوصل بين قيادات التنظيم داخل السجون والقيادة الميدانية الجديدة.. المعلومات والتكليفات كانت تمرر عبر زوجة الشاطر (خيرت الشاطر نائب المرشد) إلى زوجة وهدان وبالعكس». وأضاف المصدر أنه من غير المعروف حجم تأثير غياب حلقة الوصل بين القادة في السجون والقيادات الجديدة بعد القبض على وهدان.
وتفاقمت الأزمة الداخلية في قيادة «الإخوان» بعد نشر محمود عزت، نائب المرشد والرجل القوي داخل التنظيم، مقالا وقعه بـ«القائم بأعمال المرشد»، وهو ما ترفضه القيادة الجديدة في الجماعة. ويسعى القطبيون إلى لجم عناصر التنظيم بحثا عن «صفقة جيدة» في لعبة علاقتهم مع السلطات، التي طالما أجادوها، بحسب عدد من القادة المنشقين عن الجماعة، لكن الزمام يفلت من بين أيديهم.
وحرص بيان للمتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المحسوب على القيادة الجديدة على وصف غزلان والبر بـ«المجاهدين»، من دون أي إشارة لمواقعهما التنظيمية في مكتب الإرشاد (أعلى سلطة تنفيذية في الجماعة).
في غضون ذلك، قررت محكمة جنايات القاهرة، أمس، مد أجل النطق بالحكم في قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون» المتهم فيهما مرسي وقيادات أخرى، إلى جلسة 16 يونيو الحالي لإتمام المداولة مع استمرار حبس المتهمين. وأصدرت المحكمة منتصف مايو (أيار) الماضي قرارا بإرسال أوراق مرسي، والمرشد العام بديع، ونائبه الشاطر، والشيخ يوسف القرضاوي، وعصام العريان، ورشاد البيومي، ومحمود عزت، وسعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق، وصلاح عبد المقصود و99 آخرين، إلى المفتي لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار حكم بإعدامهم.
وهذا هو ثاني حكم يصدر ضد الرئيس الأسبق مرسي، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة في 21 أبريل (نيسان) الماضي بالسجن المشدد 20 عاما على مرسي في قضية «أحداث الاتحادية».
وأسندت النيابة العامة للمتهمين في قضية «اقتحام السجون» اتهامات بـ«الاتفاق مع هيئة المكتب السياسي لحركة حماس، وقيادات التنظيم الدولي الإخواني، وحزب الله اللبناني، على إحداث حالة من الفوضى لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها، تنفيذا لمخططهم، وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد، وضرب واقتحام السجون المصرية».
وفي قضية «التخابر» أسندت النيابة العامة إلى المتهمين اتهامات بـ«التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد، بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.