حضت الصين دول جنوب شرقي آسيا أمس (الاثنين)، على عدم الانحياز في التنافس بين القوى العالمية الكبرى، وحذرتها من «أن يتم استغلالها بيادق»، وكشفت في الوقت نفسه عن تقديمها مقترحات للتعايش مع الحضور الأميركي في آسيا ومنطقة المحيط الهادي.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في كلمة أمام أمانة «رابطة دول جنوب شرقي آسيا» (آسيان)، إن الدول في المنطقة يجب أن تظل «مستقلة وتحترم سيادة كل منها الأخرى». وأضاف: «يجب أن نعزل هذه المنطقة عن الحسابات الجيوسياسية وعن فخ قانون الغابة، وعن أن تستغل كقطع شطرنغ في التنافس بين القوى الكبرى، وعن الإجبار باستخدام الهيمنة والتنمر». وقال وانغ إن المنطقة يجب أن ترفض محاولات تقسيمها إلى «مجموعات مواجهة وحصرية»، في إشارة على ما يبدو إلى المبادرات الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة بما في ذلك ما يطلق عليها «كواد» و«أوكوس».
وتتألف مبادرة «كواد»، وهي الحوار الأمني الرباعي، من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند. أما «أوكوس» فهي اتفاقية أمنية سوف تساعد الولايات المتحدة وبريطانيا بموجبها كانبيرا في بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية.
ويقوم وانغ بجولة في جنوب شرقي آسيا للترويج لمبادرة التنمية العالمية الصينية التي تصفها بكين بأنها حل لـ«عجز السلام العالمي ومعضلة الأمن» ومبادرة «الحزام والطريق»، وهي مبادرة بنية تحتية تقدر بأكثر من تريليون دولار لبناء شبكة من السكك الحديدية والموانئ والجسور عبر سبعين دولة.
وفي موازاة ذلك، كشف وانغ أن بلاده سلمت للولايات المتحدة «مخططاً لتعايش الجانبين» في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن وزير الخارجية الصيني القول إنه قدم الاقتراح إلى نظيره الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماعهما الذي استمر خمس ساعات في بالي قبل أيام معدودة.
وتطرق وانغ إلى التفاصيل بشكل موسع أثناء خطابه أمام أمانة رابطة «آسيان»، وقال: «لقد أخبرت الجانب الأميركي بشكل رسمي تماماً أنه ينبغي على الجانبين النظر في مناقشة تأسيس قواعد للتعاملات الإيجابية في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ودعم النهج الإقليمي المفتوح بشكل مشترك، ونتطلع إلى تلقي ردود فعل على الاقتراح الصيني».
ووصف وانغ «القواعد» الصينية المقترحة بأنها تدعم مركزية رابطة «آسيان» وأطر التعاون الإقليمي الحالية؛ واحترام الحقوق والمصالح المشروعة للآخرين في منطقة آسيا والمحيط الهادي؛ وتعزز الاستقرار مع توفير «مزيد من المصالح العامة» للمنطقة. وأضاف أنه «إذا تمكنت الصين والولايات المتحدة من ممارسة التعاملات بشكل سليم في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فإن هذا يمكن أن يساعد في إطلاق طاقة إيجابية وتلبية توقعات جميع دول المنطقة»، قائلاً إن تحقيق كل هذا يتوقف على ترفع الولايات المتحدة عن «عقلية الهيمنة».
وفي طوكيو، نقلت وكالات الأنباء العالمية عن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أن الصين تمثل «تحدياً لنظام السلام العالمي بسبب موقفها من تايوان والنزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي والشرقي».
وقالت بيربوك عقب لقائها نظيرها الياباني يوشيماسا هاياشي في طوكيو، إن الظهور القوي والواثق للصين «يمثل تحدياً عالمياً»، مضيفة في إشارة إلى مطالباتها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي: «لقد ثبت بشكل متكرر أنه عندما يتعلق الأمر بالمصالح، فإن القواعد لا تُطبق بالضرورة»، موضحة أن هذا يعرّض «أساس حياتنا المشتركة والسلمية» للخطر. وذكرت أن هذا يؤثر من ناحية على قضايا عسكرية، كما يشكل من ناحية أخرى تحدياً خاصاً للقرن الحادي والعشرين متمثلاً في «أن الهجمات المستقبلية لا يمكن تنفيذها بالدبابات والقنابل فقط، بل أيضاً بوسائل اقتصادية»، موضحة أن «مسألة الأمن الاقتصادي تعد لذلك قضية محورية للمستقبل».
وفي إشارة إلى صراع الصين المزداد على النفوذ في منطقة المحيطين الهندي والهادي، قال الوزير الياباني هاياشي: «لن نسمح بتغيير الوضع الإقليمي بالقوة»، مضيفاً أن اليابان ستواصل الحديث مع ألمانيا حول هذا الموضوع حتى تظل منطقة المحيطين الهندي والهادي «حرة ومفتوحة». وذكر أنه من المهم التعاون مع دول ذات توجهات مماثلة لليابان وألمانيا لإظهار موقف قوي تجاه روسيا، وقال: «يجب دعم أوكرانيا»، مؤكداً ضرورة أن تقدم الدول المجاورة لأوكرانيا الدعم أيضاً.
الصين تقترح قواعد للتعايش مع الأميركيين في منطقة آسيا والمحيط الهادي
حذرت دول جنوب شرقي آسيا من استغلال «بيادق في التنافس بين القوى الكبرى»
الصين تقترح قواعد للتعايش مع الأميركيين في منطقة آسيا والمحيط الهادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة