الصين تقترح قواعد للتعايش مع الأميركيين في منطقة آسيا والمحيط الهادي

حذرت دول جنوب شرقي آسيا من استغلال «بيادق في التنافس بين القوى الكبرى»

وزير خارجية الصين خلال لقائه رئيس إندونيسيا على هامش اجتماعات «آسيان» في جاكرتا (إ.ب.أ)
وزير خارجية الصين خلال لقائه رئيس إندونيسيا على هامش اجتماعات «آسيان» في جاكرتا (إ.ب.أ)
TT

الصين تقترح قواعد للتعايش مع الأميركيين في منطقة آسيا والمحيط الهادي

وزير خارجية الصين خلال لقائه رئيس إندونيسيا على هامش اجتماعات «آسيان» في جاكرتا (إ.ب.أ)
وزير خارجية الصين خلال لقائه رئيس إندونيسيا على هامش اجتماعات «آسيان» في جاكرتا (إ.ب.أ)

حضت الصين دول جنوب شرقي آسيا أمس (الاثنين)، على عدم الانحياز في التنافس بين القوى العالمية الكبرى، وحذرتها من «أن يتم استغلالها بيادق»، وكشفت في الوقت نفسه عن تقديمها مقترحات للتعايش مع الحضور الأميركي في آسيا ومنطقة المحيط الهادي.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في كلمة أمام أمانة «رابطة دول جنوب شرقي آسيا» (آسيان)، إن الدول في المنطقة يجب أن تظل «مستقلة وتحترم سيادة كل منها الأخرى». وأضاف: «يجب أن نعزل هذه المنطقة عن الحسابات الجيوسياسية وعن فخ قانون الغابة، وعن أن تستغل كقطع شطرنغ في التنافس بين القوى الكبرى، وعن الإجبار باستخدام الهيمنة والتنمر». وقال وانغ إن المنطقة يجب أن ترفض محاولات تقسيمها إلى «مجموعات مواجهة وحصرية»، في إشارة على ما يبدو إلى المبادرات الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة بما في ذلك ما يطلق عليها «كواد» و«أوكوس».
وتتألف مبادرة «كواد»، وهي الحوار الأمني الرباعي، من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند. أما «أوكوس» فهي اتفاقية أمنية سوف تساعد الولايات المتحدة وبريطانيا بموجبها كانبيرا في بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية.
ويقوم وانغ بجولة في جنوب شرقي آسيا للترويج لمبادرة التنمية العالمية الصينية التي تصفها بكين بأنها حل لـ«عجز السلام العالمي ومعضلة الأمن» ومبادرة «الحزام والطريق»، وهي مبادرة بنية تحتية تقدر بأكثر من تريليون دولار لبناء شبكة من السكك الحديدية والموانئ والجسور عبر سبعين دولة.
وفي موازاة ذلك، كشف وانغ أن بلاده سلمت للولايات المتحدة «مخططاً لتعايش الجانبين» في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن وزير الخارجية الصيني القول إنه قدم الاقتراح إلى نظيره الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماعهما الذي استمر خمس ساعات في بالي قبل أيام معدودة.
وتطرق وانغ إلى التفاصيل بشكل موسع أثناء خطابه أمام أمانة رابطة «آسيان»، وقال: «لقد أخبرت الجانب الأميركي بشكل رسمي تماماً أنه ينبغي على الجانبين النظر في مناقشة تأسيس قواعد للتعاملات الإيجابية في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ودعم النهج الإقليمي المفتوح بشكل مشترك، ونتطلع إلى تلقي ردود فعل على الاقتراح الصيني».
ووصف وانغ «القواعد» الصينية المقترحة بأنها تدعم مركزية رابطة «آسيان» وأطر التعاون الإقليمي الحالية؛ واحترام الحقوق والمصالح المشروعة للآخرين في منطقة آسيا والمحيط الهادي؛ وتعزز الاستقرار مع توفير «مزيد من المصالح العامة» للمنطقة. وأضاف أنه «إذا تمكنت الصين والولايات المتحدة من ممارسة التعاملات بشكل سليم في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فإن هذا يمكن أن يساعد في إطلاق طاقة إيجابية وتلبية توقعات جميع دول المنطقة»، قائلاً إن تحقيق كل هذا يتوقف على ترفع الولايات المتحدة عن «عقلية الهيمنة».
وفي طوكيو، نقلت وكالات الأنباء العالمية عن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أن الصين تمثل «تحدياً لنظام السلام العالمي بسبب موقفها من تايوان والنزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي والشرقي».
وقالت بيربوك عقب لقائها نظيرها الياباني يوشيماسا هاياشي في طوكيو، إن الظهور القوي والواثق للصين «يمثل تحدياً عالمياً»، مضيفة في إشارة إلى مطالباتها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي: «لقد ثبت بشكل متكرر أنه عندما يتعلق الأمر بالمصالح، فإن القواعد لا تُطبق بالضرورة»، موضحة أن هذا يعرّض «أساس حياتنا المشتركة والسلمية» للخطر. وذكرت أن هذا يؤثر من ناحية على قضايا عسكرية، كما يشكل من ناحية أخرى تحدياً خاصاً للقرن الحادي والعشرين متمثلاً في «أن الهجمات المستقبلية لا يمكن تنفيذها بالدبابات والقنابل فقط، بل أيضاً بوسائل اقتصادية»، موضحة أن «مسألة الأمن الاقتصادي تعد لذلك قضية محورية للمستقبل».
وفي إشارة إلى صراع الصين المزداد على النفوذ في منطقة المحيطين الهندي والهادي، قال الوزير الياباني هاياشي: «لن نسمح بتغيير الوضع الإقليمي بالقوة»، مضيفاً أن اليابان ستواصل الحديث مع ألمانيا حول هذا الموضوع حتى تظل منطقة المحيطين الهندي والهادي «حرة ومفتوحة». وذكر أنه من المهم التعاون مع دول ذات توجهات مماثلة لليابان وألمانيا لإظهار موقف قوي تجاه روسيا، وقال: «يجب دعم أوكرانيا»، مؤكداً ضرورة أن تقدم الدول المجاورة لأوكرانيا الدعم أيضاً.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».