رغم طرح 3 أفلام فقط في موسم عيد الأضحى السينمائي الحالي، فإن أقاليم مصرية كانت بعيدة عن مجال عرض الأفلام لسنوات طويلة، تشهد حالياً انتعاشة لافتة، مع إعادة تشغيل دور عرض مغلقة، وقاعات مطورة بقصور السينما لعرض أحدث الأفلام، وإتاحة مشاهدتها للجمهور لأول مرة منذ عقود بأسعار تذاكر عدتها وزارة الثقافة المصرية «مناسبة».
وأطلقت وزارة الثقافة المصرية، المرحلة الثانية من مشروع «سينما الشعب»، في أول أيام عيد الأضحى، لإتاحة الفرصة لجمهور محافظات صعيد مصر والوجه البحري، التي تعاني من ندرة دور العرض السينمائي بها، بعد أن تهدم معظمها وتحول إلى مشروعات تجارية، فيما أغلق بعضها ولم تخضع لأي تحديث.
وسعت الوزارة لفتح أبواب قصور الثقافة التابعة لها التي تشمل 14 موقعاً ثقافياً بـ11 محافظة، وهي: وادي النطرون، ودمنهور في محافظة البحيرة، والأنفوشي في الإسكندرية، والسادات وشبين الكوم في المنوفية، ومسرح 23 يوليو (تموز) في المحلة الكبرى، والمركز الثقافي بطنطا في محافظة الغربية، والبحر الأعظم في الجيزة، وقصر السينما في القاهرة، وقصر ثقافة قنا، وقصر ثقافة الوادي الجديد، وبني مر في محافظة أسيوط، وقصر ثقافة كفر الشيخ، وقصر ثقافة شرم الشيخ في محافظة جنوب سيناء.
وشهدت دور العرض التابعة للمشروع حضوراً جماهيرياً كثيفا أول أيام عيد الأضحى، وعلقت دور العرض المشاركة في المشروع لافتة «كامل العدد»، لا سيما بعد أن قررت وزيرة الثقافة تخفيض سعر تذكرة الدخول إلى النصف ليصل سعرها إلى 20 جنيهاً (الدولار الأميركي يعادل 18.86 جنيه مصري)، في حفلات فترتي الصباح والظهيرة، و40 جنيهاً في الحفلات المسائية لإتاحة الفرصة للشباب من جمهور المحافظات لارتياد دور العرض، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار التذاكر بدور العرض الخاصة التي تتراوح بين مائة ومائتي جنيه مما يفوق قدرة أغلبية الجمهور.
وأكد تامر عبد المنعم، رئيس الإدارة السينمائية في هيئة قصور الثقافة، أنه جرى اختيار الفيلم الروائي الطويل «كيرة والجن» ليكون ثاني الأفلام التي تعرضها سينما الشعب، تزامناً مع إطلاق عرضه التجاري وهو من بطولة كريم عبد العزيز، وأحمد عز، وهند صبري، ومجموعة كبيرة من الممثلين، ومن تأليف الروائي أحمد مراد، وإخراج مروان حامد، وكان الاختيار قد وقع على فيلم «واحد تاني»، لأحمد حلمي في المرحلة الأولى التي انطلقت في عيد الفطر الماضي.
أحمد مالك في لقطة من «كيرة والجن» (الشركة المنتجة)
وعبرت د. إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، في تصريحات صحافية، عن سعادتها بما يحققه مشروع «سينما الشعب»، مؤكدة أن الحضور الجماهيري الكثيف يعكس ثقة المواطن في المنتج الثقافي للدولة، ويؤكد قدرة أبناء الوطن على انتقاء المواد الإبداعية الجادة، مشيرة إلى أن المشروع يتضمن عرض مجموعة من الأفلام الوثائقية، والتوعوية، والمعرفية، والأعمال المستقلة المتميزة والمجازة رقابياً، بجانب الأعمال السينمائية الحديثة والمعاصرة، بأسعار رمزية لكل شرائح المجتمع تحقيقاً لمبدأ العدالة الثقافية.
وفي السياق نفسه، افتتحت وزيرة الثقافة ومحافظة دمياط، منال عوض أخيراً، سينما «الأندلس» الصيفي، في رأس البر ضمن خطوات دعم وتعزيز السياحة الثقافية الداخلية لعرض أحدث الأفلام السينمائية، وحدد سعر التذكرة بـ35 جنيهاً، تيسيراً على الجمهور.
وأشادت الناقدة خيرية البشلاوي بفكرة مشروع «سينما الشعب»، مؤكدة أنها فكرة ممتازة، لكن أهم من الفكرة، هو المثابرة لضمان استمرارها، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتحمس بشدة ومن ثَم يفتر حماسنا، فقد عشت تجربة مماثلة خلال تولي المثقف الراحل سعد الدين وهبة، منصب وكيل وزارة الثقافة، في الربع الأخير من القرن الماضي»، ولفتت: «كنا نذهب مع الأفلام لعمل ندوة مع الجمهور في مختلف المحافظات، ونُفاجَأ بطرحهم لأسئلة مهمة في مناقشات جادة تثري المتلقي وتشهد حضوراً كبيراً من الجمهور، وهذا جانب مهم. كما كنا نعرض أفلاماً عالمية منتقاة، لذا أطالب بإتاحة هذا التنوع لمختلف المدارس السينمائية في عروض سينما الشعب وألا تقتصر على الأفلام المصرية فقط، وأن ترافق الأفلام ندوة مفتوحة مع الحضور وأحد النقاد لإلقاء الضوء على الجوانب المختلفة للفيلم، ومن المهم الاستمرار، لأن هذه الفكرة تحتاج إيماناً وإخلاصاً لها وحرصاً عليها، وقد تجد من يعترضها، ومن يحاولون إجهاضها لوجود كتائب تقف بقوة ضد الوعي».