روحاني: طهران ستقف حتى النهاية إلى جانب الحكومة السورية

قيادي شيعي في كابل: حملة تجنيد تقوم بها السفارة الإيرانية لإرسال مقاتلين أفغان إلى سوريا

الرئيس الإيراني حسن روحاني مستقبلا أمس في طهران محمد جهاد اللحام رئيس مجلس الشعب السوري (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني مستقبلا أمس في طهران محمد جهاد اللحام رئيس مجلس الشعب السوري (أ.ف.ب)
TT

روحاني: طهران ستقف حتى النهاية إلى جانب الحكومة السورية

الرئيس الإيراني حسن روحاني مستقبلا أمس في طهران محمد جهاد اللحام رئيس مجلس الشعب السوري (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني مستقبلا أمس في طهران محمد جهاد اللحام رئيس مجلس الشعب السوري (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الثلاثاء، أن «بعض دول» المنطقة التي تدعم المعارضة السورية «ترتكب أخطاء في حساباتها»، مؤكدا أن طهران «ستقف حتى النهاية إلى جانب الحكومة والشعب» في سوريا، بحسب وكالة الأنباء الرسمية. في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة بريطانية عن حملة تجنيد تقوم بها السفارة الإيرانية في العاصمة الأفغانية كابل، لإرسال مقاتلين إلى سوريا دعما لنظام الأسد.
وجاء تصريح روحاني خلال لقائه رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام، ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عنه قوله: «اليوم، وبعد 4 سنوات من الصمود والمقاومة، فإن أحلام ومخططات أعداء سوريا باءت بالفشل، وتبددت بعدما كانوا يتصورون أنهم قادرون على احتلال دمشق في غضون أشهر».
وأكد أن إيران «ستقف إلى النهاية إلى جانب الحكومة والشعب» في سوريا. ورأى أن «الشعب السوري يعاني من حرب مفروضة من قبل بعض الدول والجماعات الإرهابية، لكن هذا الشعب قادر على التصدي لجميع المؤامرات والمخططات عندما يريد ذلك».
وفي وقت لاحق، التقى اللحام رئيس مجلس الأمن القومي الأعلى الأميرال علي شمخاني، الذي قال إن سوريا «في الخط الأمامي للدفاع عن الأراضي الإسلامية أمام الكيان الصهيوني وموجة الإرهاب التكفيرية»، بحسب المصدر. وتابع «لذلك، فإن إضعاف سوريا سيؤدي إلى إثارة الكثير من الأزمات والمشاكل في المنطقة»، ووصف الإرهاب بأنه «سيف ذو حدين سيرتد على حامليه».
وتتزامن زيارة اللحام التي بدأت الاثنين مع اجتماع للائتلاف الدولي ضد تنظيم داعش، في باريس، لمناقشة استراتيجية وقف تقدم المتطرفين في العراق وسوريا رغم الضربات الجوية. وتزامن هذا التصريح مع كشف صحيفة «تايمز» البريطانية في عددها يوم أمس عما سمته بـ«حملة تجنيد تقوم بها السفارة الإيرانية في العاصمة الأفغانية كابل»، التي تقدم تأشيرات للشيعة الأفغان المستعدين للقتال في سوريا، ويصل عددهم إلى المئات شهريا، بحسب مصادر قادة الأقلية الشيعية في كابل.
وأضافت الصحيفة أن إيران تقدم آلاف الدولارات لمرتزقة شيعة من أفغانستان وباكستان تشجيعا لهم للانضمام إلى القتال، من أجل مساندة نظام الرئيس بشار الأسد الذي أنهك جيشه وفقد الكثير من معنوياته للقتال. وقدرت عدد المقاتلين حاليا بخمسة آلاف مقاتل. كما أوردت الصحيفة ما يشير إلى موقع إلكتروني باللغة الأُردية، يقوم بالدعاية لإرسال المقاتلين الشيعة من باكستان إلى سوريا، مقابل راتب قدره ثلاثة آلاف دولار. ويعتقد بعض المحللين أن نحو خمسة آلاف أفغاني وباكستاني يقاتلون الآن مع نظام الأسد، وأن حملات التجنيد في أفغانستان تركز على أقلية الهزارة الشيعية، في حالة من الاستغلال لحالة البطالة التي يعانون منها بالإضافة إلى الدوافع الدينية، وهذا بحسب زعيم الشيعة في كابل. وذكرت الصحيفة بمصادر أخرى للتجنيد، اعتمادا على أن مليوني أفغاني يعيشون بصورة غير قانونية في إيران منذ فترة الحرب في أفغانستان، وبعضهم هُدد بالترحيل إذا رفض القتال في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن قادة المعارضة السورية أنه تأكيدا لهذا التقرير فهم يأسرون أو يقتلون أعدادا متزايدة من المقاتلين الأفغان والباكستانيين. واعترف بعض من أسروا في جنوب سوريا قبل أسبوعين بأنهم كانوا جزءا من مجموعة عسكرية قوامها 600 أفغاني. وتحدثت الصحيفة عن شريط فيديو بثته المعارضة السورية في إدلب، وأظهر أربعة أسرى، قال أحدهم إنه «تطوع للدفاع عن مقام السيدة زينب في دمشق». وكانت وسائل الإعلام التركية قد بثت شريطا الأسبوع الماضي، أظهر مقاتلين في زي الجيش النظامي السوري يرقصون على أنغام موسيقى أفغانية ويتحدثون بلغة البشتو الرئيسية في أفغانستان. كما بينت الصحيفة أن محطة تلفزة إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري بثت برنامجا أظهر مقاتلين أفغانا في سوريا.
وأوردت «تايمز»، نقلا عن صحيفة «شرق» الإيرانية الليبرالية، أن البرلمان الإيراني يدرس تعديل تشريع يمنح حقوق المواطنة للأجانب المستعدين للقتال في سوريا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.