«الائتلاف» يعول على تبدّل في موقف القاهرة لتوحيد القرار العربي بشأن سوريا قبل «مؤتمر الرياض»

دي ميستورا يلتقي غدًا ممثلين عن المعارضة في إسطنبول للتباحث في الحل السياسي

مهاجرة سورية في جزيرة كوس اليونانية، انقذت ضمن مهاجرين آخرين غير شرعيين عبر قوارب تنطلق من السواحل التركية (أ.ب)
مهاجرة سورية في جزيرة كوس اليونانية، انقذت ضمن مهاجرين آخرين غير شرعيين عبر قوارب تنطلق من السواحل التركية (أ.ب)
TT

«الائتلاف» يعول على تبدّل في موقف القاهرة لتوحيد القرار العربي بشأن سوريا قبل «مؤتمر الرياض»

مهاجرة سورية في جزيرة كوس اليونانية، انقذت ضمن مهاجرين آخرين غير شرعيين عبر قوارب تنطلق من السواحل التركية (أ.ب)
مهاجرة سورية في جزيرة كوس اليونانية، انقذت ضمن مهاجرين آخرين غير شرعيين عبر قوارب تنطلق من السواحل التركية (أ.ب)

تتجه أنظار المعارضة إلى مؤتمر القاهرة المزمع عقده الأسبوع المقبل، رغم تمسّك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بمقاطعته احتجاجا على بيان «المؤتمر الأول» الذي استبعد التطرق إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد، معولة على أن تنعكس نتائجه على «مؤتمر الرياض» الذي أرجئ إلى ما بعد شهر رمضان المبارك.
في غضون ذلك، يعقد المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، يوم غد الخميس، لقاءات مع المعارضة العسكرية والسياسية، على رأسها الائتلاف الوطني، في إسطنبول، ضمن المشاورات التي يعقدها قبل مؤتمر «جنيف 3». وتأتي هذه اللقاءات بعدما رفض الائتلاف تشكيل وفد للقاء دي ميستورا في جنيف، مكتفيا بإرسال رسالة إليه تتضمن موقف المعارضة من أي حل سياسي في سوريا، إضافة إلى دعوته للقاء ممثليها في إسطنبول. وفي هذا الإطار، جدّد عضو الائتلاف الوطني سمير نشار، تأكيده على أن «مطالب الائتلاف لن تتغير لناحية التمسك بأن مفتاح أي حل سياسي في سوريا لن يكون إلا برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، كما أننا لن ندخل في مفاوضات ما لم يتم التأكّد من أنه لن يكون له أي دور في المرحلة الانتقالية».
وحول مؤتمر الرياض للمعارضة، عزا عضو الائتلاف سمير نشار تأجيله إلى ما سماه بـ«السبب الإجرائي»، إثر التغييرات الأخيرة في السعودية، لا سيما على صعيد وزارة الخارجية بعدما تولاها عادل الجبير، والمواقف التي نتجت عن الاجتماع الأخير الذي جمعه مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، وأكدت أنه لا خلاف بين الدولتين حول ملفي اليمن وسوريا، الأمر الذي من شأنه أن يقرّب وجهات النظر بين الطرفين في القضية السورية لا سيما حول مصير الأسد. وذكّر نشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالبيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر القاهرة الأول، وما لقاه من انتقادات من أطراف سورية عدّة لعدم تطرقه إلى مصير الأسد وتجاهله الثورة السورية، مرجحا أنّ تطرأ تغييرات على الموقف المصري الذي كان سلبيا في ما يتعلق بتنحي الأسد. وبينما لفت نشار إلى أنّ صورة مقررات مؤتمر القاهرة لا تزال غير واضحة لغاية الآن، أوضح أنّه إذا ظهر تغير في الموقف المصري فقد يكون «مؤتمر الرياض» تتويجا لجمع المعارضة بكل أطيافها لمواجهة التحديات والعمل على حل سياسي، لافتا إلى جهود تبذل كذلك على خط التوصل إلى تقارب عربي - تركي في القضية السورية رغم المشكلات التي تواجهها حتى الآن.
في المقابل، أكد المعارض السوري هيثم مناع، أحد المشاركين في «مؤتمر القاهرة»، أن الهدف من المؤتمر الذي سيعقد الأسبوع المقبل هو إحياء مسار الحل السياسي استنادا إلى مقررات مؤتمر جنيف. ونفى مناع، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، أن يكون الهدف من المؤتمر هو تشكيل كيان سياسي بديل للائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، قائلا «نحن لا نقبل بأن نكون بدلاء لأي كيانات سياسية.. المؤتمر يسعى لإعادة مفاوضات الحل السياسي بناء على اتفاق (جنيف 1)، باعتباره المرجع اليتيم الذي يقبل به المجتمع الدولي»، مضيفا «وفق بيان جنيف يتم التفاوض بين المعارضة وممثلين عن الحكومة بمشاركة ممثلين للمجتمع المدني تحت إشراف الأمم المتحدة، للتباحث في وضع هيئة حكم انتقالي تكون ممثلة بأكبر قدر ممكن لطوائف الشعب السوري سواء كانوا مدنيين أو عسكريين. ويتوافق ذلك مع إصدار مجلس الأمن والمجتمع الدولي قرارات بمحاربة ومعاقبة كل من يدعم ويمول الإرهاب بسوريا وكذلك من يسهل وصول الإرهابيين إليها». وأضاف «لا نتوهم بالطبع أن كل هذا سيتحقق بمؤتمر القاهرة، وإنما نقول إن إعادة مسار جنيف ودعمه بقرارات إلزامية من مجلس الأمن تنفذ بأجندة زمنية بتجريم ومعاقبة من يساند الإرهاب بسوريا يمثلان الخطوة الأولى على الطريق الصحيح».
وعما إذا كان القائمون على مؤتمر القاهرة سيقبلون باستمرار الأسد على رأس السلطة خلال المرحلة الانتقالية، قال «نحن لدينا خارطة طريق مذكور بها أن تصوراتنا للحل السياسي تنطلق من إدراكنا لاستحالة نجاح الخيار العسكري واستدامته، واستمرار منظومة الحكم التي لا مكان لها بالمستقبل». ولفت إلى أن النظام السوري «لا يلاحق المتورطين بالإرهاب لكونه هو ذاته ملاحقا بارتكاب جرائم، بينما لو جاءت هيئة حكم انتقالي فستفضح وتلاحق المتورطين في المتاجرة بالدم السوري على كل المستويات».
وقال إن «المؤتمر يشارك به 35 حزبا من معارضة الداخل والخارج.. ولن يتم توجيه الدعوة لأي شخص له علاقة بمؤسسات النظام السوري، كما لن تتم دعوة أي مجموعة تتحالف مع كيان إرهابي كجماعة الإخوان المسلمين التي أعلنت أنها في تحالف مع (النصرة)»، مضيفا «نريد تشكيل وفد من المعارضة يتمتع بالكفاءة والمصداقية والنزاهة والاحترام الاجتماعي والولاء لسوريا أولا وأخيرا. أما مرحلة التفاوض مع النظام بالمستقبل فستكون تحت إشراف الأمم المتحدة».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.