دراسة: الثقوب السوداء الأقدم نشأت من هجمات غازية عنيفة

دراسة: الثقوب السوداء الأقدم نشأت من هجمات غازية عنيفة
TT

دراسة: الثقوب السوداء الأقدم نشأت من هجمات غازية عنيفة

دراسة: الثقوب السوداء الأقدم نشأت من هجمات غازية عنيفة

توصلت دراسة جديدة إلى أن الثقوب السوداء الأقدم والأكثر سطوعًا في الكون نشأت من هجمات غازية عنيفة، إذ تشكلت بعض الكوازارات فائقة الكتلة خلال المليار سنة الأولى بعد الانفجار العظيم.
حيث تتلألأ الكوازارات مثل المنارات الكونية على شاطئ يبعد 13 مليار سنة ضوئية عن الأرض؛ وهي من أقدم وألمع بقايا الكون المبكر التي يمكن لعلماء الفلك اكتشافها اليوم، وذلك حسبما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وتعد الكوازارات اختصارًا لمصادر الراديو شبه النجمية؛ وهي عبارة عن ثقوب سوداء عملاقة تتوهج مثل المجرات وتبلغ كتلتها ملايين إلى مليارات المرات مثل شمس الأرض.
واليوم، توجد الكوازارات في مراكز العديد من المجرات الكبيرة. لكن بفضل لمعانها الاستثنائي تم تتبع الكوازارات بعيدًا عبر الزمكان، حيث تم تحديد ما يقرب من 200 منها على أنها تشكلت خلال المليار سنة الأولى من تاريخ كوننا.

كيف يمكن أن تتشكل مثل هذه الأجسام الضخمة في وقت مبكر جدًا؟

لقد أربك هذا السؤال الباحثين لأكثر من عقدين، منذ أن تم تحديد الكوازارات الأولى. والآن، قد توفر دراسة جديدة نُشرت في 6 يوليو(تموز) بمجلة «Nature» إجابة طال انتظارها.
فباستخدام محاكاة الكمبيوتر، وضع الباحثون نموذجًا لتشكيل النجوم في بدايات الكون، مع التركيز على أحد المنعطفات النادرة حيث التقى تياران من الغاز البارد المضطرب. في حين أن تيارات الغازات المكونة للنجوم تتقاطع في الكون مثل الطرق السريعة الكونية، وإن «الغيوم» الطبيعية أو الخزانات حيث التقى تياران كانت نادرة للغاية خلال المليار سنة الأولى بعد الانفجار العظيم، ما يجعلها مناطق دراسة مغرية، لكنها بعيدة المنال.
وفي المحاكاة، تجمعت مجموعتان كبيرتان من الغازات المكونة للنجوم في مركز هذه التيارات على مدار ملايين السنين. ولكن، لدهشة الفريق، لم تتحد هذه الكتل أبدًا لتصبح نجومًا بالحجم الطبيعي كما تنبأت النماذج السابقة للكون المبكر.
وجاء في الدراسة «تسببت التيارات الباردة في حدوث اضطراب في السحابة (الغازية) التي حالت دون تشكل النجوم العادية حتى أصبحت السحابة ضخمة جدًا لدرجة أنها انهارت بشكل كارثي تحت ثقلها، مكونة نجمين بدائيين عملاقين»، حسبما قال المؤلف المشارك في الدراسة دانييل والين محاضر كبير بعلم الكونيات بجامعة بورتسموث في بريطانيا، في بيان له قال فيه «كان أحد (النجوم) 30 ألف كتلة شمسية والآخر كان 40 ألف كتلة»، وفق قوله.
وقدرت الدراسات السابقة أن الكوازار يجب أن يقيس ما بين 10000 إلى 100000 كتلة شمسية عند ولادته. وإذا كان الأمر كذلك، فإن كلا النجمين البدائيين العملاقين من المحاكاة الجديدة يمكن أن يكونا «بذورا» قابلة للحياة لأوائل الكوازارات في الكون، كما كتب مؤلفو الدراسة.
وفي الواقع، من الممكن أن يكون كلا النجمين الكبيرين قد انهارا في الثقوب السوداء على الفور تقريبًا ثم استمرا في التهام الغاز أثناء نموهما إلى كوازارات فائقة الكتلة مثل تلك التي اكتشفها العلماء في بدايات الكون.
وكتب الباحثون أنه مع استمرار نمو الثقوب السوداء الوحشية، فإنها يمكن أن تندمج وتطلق سيلًا من تموجات الزمكان المعروفة باسم «موجات الجاذبية». كما ان من المحتمل أن يتمكن العلماء من اكتشاف هذه الموجات باستخدام مراصد خاصة في العقود القادمة، ما قد يؤكد نتائج المحاكاة.
وإذا تم تأكيد ذلك، فإن هذا البحث سيقلب عقودًا من التفكير حول تكوين النجوم في الكون المبكر.
جدير بالذكر، اقترحت الدراسات السابقة أن النجوم البدائية الكبيرة يمكن أن تتشكل فقط في البيئات القاسية؛ حيث يمكن للقوى الخارجية مثل الأشعة فوق البنفسجية القوية أن تمنع النجوم الأصغر من التكون. وتظهر هذه المحاكاة الجديدة، مع ذلك، أن مثل هذه البيئات الغريبة قد لا تكون ضرورية. ويمكن أن تظهر بذور الكوازارات بشكل طبيعي حيث تلتقي تيارات نادرة من الغاز البارد.


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».