اجتماعات «العشرين» تنتهي بانقسامات عميقة وبلا صورة تذكارية

لافروف انسحب مرتين... وبلينكن للروس: أوكرانيا ليست بلدكم وحبوبها ليست حبوبكم

لافروف مع نظيره الصيني وانغ يي (أ.ف.ب)
لافروف مع نظيره الصيني وانغ يي (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات «العشرين» تنتهي بانقسامات عميقة وبلا صورة تذكارية

لافروف مع نظيره الصيني وانغ يي (أ.ف.ب)
لافروف مع نظيره الصيني وانغ يي (أ.ف.ب)

أخفق وزراء خارجية مجموعة العشرين للدول الأكثر ثراءً ونمواً في التوافق على موقف مشترك من حرب في أوكرانيا وطريقة التعامل مع تداعياتها الدولية، بما في ذلك حول إمدادات الغذاء والطاقة، على الرغم من الضغوط الشديدة التي مارستها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على روسيا لوقف «حربها المختارة وغير المبررة» ضد الجمهورية السوفياتية السابقة، وللسماح بتصدير الحبوب الأوكرانية إلى دول العالم. وترك هذا الفشل المزيد من الغموض حول آفاق التعاون المستقبلي في هذا المنتدى الدولي المهم. وعلى الرغم من النداء العاطفي الذي وجهته وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي، لنظرائها من أجل الوحدة وإنهاء الحرب، ظل الإجماع بعيد المنال وسط الانقسامات العميقة بين الشرق بقيادة الصين وروسيا من جهة، والغرب بزعامة الولايات المتحدة وأوروبا من الجهة الأخرى. لم تلتقط صورة جماعية ولم يصدر بيان نهائي كما كان يحصل في السنوات السابقة، في علامة إضافية على التوترات الحادة بين روسيا والمشاركين الغربيين.
وعلى الرغم من وجودهما في القاعة ذاتها، في الوقت ذاته، للمرة الأولى منذ بدء حرب أوكرانيا، تجاهل وزيرا الخارجية الأميركي والروسي سيرغي لافروف بعضهما البعض بشكل واضح. وانسحب لافروف من الجلسة مرتين على الأقل: الأولى عندما تحدثت نظيرته الألمانية أنالينا بايربوك في الجلسة الافتتاحية، ومرة أخرى قبل أن يتكلم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، عن طريق الفيديو في الجلسة الثانية، وفقاً لدبلوماسي غربي حضر. وافتتح الاجتماع بعد ساعات فقط من إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، استقالته، الخميس الماضي، مما دفع وزيرة الخارجية في حكومته ليز تراس، إلى مغادرة بالي، وكان المنتدى الموسع بدأ للتو عندما أطلقت النار على رئيس الوزراء الياباني السابق. ثم توفي لاحقاً متأثراً بالإصابة.
وحضت وزيرة الخارجية الإندونيسية وزراء المجموعة، بينهم بلينكن ولافروف ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، والعديد من النظراء الأوروبيين، على التغلب على عدم الثقة من أجل كوكب يواجه تحديات متعددة من فيروس «كورونا» إلى تغير المناخ وكذلك أوكرانيا. وقالت مارسودي: «لا يزال يتعين على العالم أن يتعافى من الوباء لكننا نواجه بالفعل أزمة أخرى: الحرب في أوكرانيا». وأشارت إلى أن البلدان الفقيرة والنامية تواجه الآن وطأة نقص الوقود والحبوب الناتج عن الحرب في أوكرانيا، معتبرة أن «مجموعة العشرين تتحمل مسؤولية تصعيد الأمر والتعامل معه لضمان بقاء النظام العالمي القائم على القواعد مناسباً». وكذلك قالت: «لا يمكننا إنكار أنه أصبح من الصعب على العالم الجلوس سوية». وأضافت بحزن أن «العالم يراقبنا، لذا لا يمكننا أن نفشل». لكن بعد انتهاء الاجتماع، لم تستطع مارسودي الإشارة إلى أي اتفاقات توصل إليها المشاركون.
وقال لافروف للصحافيين بعد الجلسة الأولى، «لم نكن نحن من تخلى عن كل الاتصالات. بل الولايات المتحدة». وأضاف: «نحن لا نركض خلف أي شخص يقترح الاجتماعات. إذا كانوا لا يريدون التحدث، فهذا خيارهم».
واعتبرت موسكو، الجمعة، أن الدول الغربية «أخفقت» في فرض مقاطعة على روسيا خلال اجتماع مجموعة العشرين في إندونيسيا، وذلك رداً على انتقادات لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، عبر «تلغرام»، إن «خطة مجموعة السبع لمقاطعة روسيا في مجموعة العشرين أخفقت. لم يدعم أحد الأنظمة الغربية». ونفت أن يكون وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قاطع الاجتماعات، رافضة اتهامات بيربوك بأن موسكو ليست لديها أي «نية للحوار».
بعد ذلك بوقت قصير، استهدف بلينكن الوفد الروسي بشكل مباشر، متهماً موسكو في الدورة الثانية المغلقة بوقف ملايين الأطنان من الحبوب في الموانئ الأوكرانية، والتسبب في انعدام الأمن الغذائي في أجزاء كبيرة من العالم. وقال: «إلى زملائنا الروس: أوكرانيا ليست بلدكم. حبوبه ليست حبوبكم. لماذا تسدون المنافذ؟»، مضيفاً: «يجب أن تدعوا الحبوب تخرج». ولكن لافروف لم يكن موجوداً في القاعة خلال اتهامات بلينكن.
وقال المسؤولون الأميركيون إنهم عازمون على عدم السماح بتشتيت الانتباه عما يعتقدون أنه ينبغي أن يكون محور التركيز الأساسي لمؤتمر بالي: تعطيل إمدادات الغذاء والطاقة العالمية بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، وحشد الدعم لتعويض النقص في أفريقيا وآسيا وأماكن أخرى. ولمحوا إلى أنه لن يكون هناك بيان جماعي كما كان الحال في السنوات السابقة عندما أصدرت المجموعة بيانات مشتركة حول قضايا رئيسية مثل الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والمناخ والمسائل الاقتصادية التي تم النظر إليها على أنها مخططات للعمل العالمي. وأفادت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، بأنه قبل الاجتماع الموسع في بالي، التقى بلينكن نظيرتيه الفرنسية والألمانية والمسؤول البريطاني الرفيع لمناقشة «حرب روسيا المختارة وغير المبررة» في أوكرانيا. وأضافت أن المسؤولين الأربعة «راجعوا سبل معالجة مخاوف الأمن الغذائي العالمي التي نتجت عن استهداف روسيا المتعمد للزراعة الأوكرانية».
وخلال اجتماعه مع وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار، قال بلينكن إن العديد من أعضاء مجموعة العشرين انتقدوا موسكو بسبب حملتها في أوكرانيا. وقال: «ما سمعناه اليوم بالفعل، هو جوقة قوية من كل أنحاء العالم... حول ضرورة إنهاء العدوان».
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، إن الوضع في أسواق الغذاء العالمية سيظل «متوتراً» في خضم التداعيات الناتجة عن الصراع في أوكرانيا. وأضاف بوتين في اجتماع جرى بثه عبر التلفزيون مع مجموعة من المسؤولين أن روسيا «سيتعين عليها الوفاء بالتزاماتها بشأن الصادرات الغذائية». وأدى نشر روسيا لقواتها المسلحة في أوكرانيا إلى اضطرابات في سوق الحبوب العالمية، في ظل تعطل الصادرات الزراعية من أوكرانيا بسبب الحصار الروسي على أوديسا، وهي الميناء الرئيسي لأوكرانيا على البحر الأسود.
ومن المقرر أن يلتقي بلينكن نظيره الصيني اليوم في بالي، في محاولة لإعادة فتح الحوار بين واشنطن وبكين. وستكون هذه المرة الأولى التي يجتمعان فيها منذ أشهر بعد التوترات في شأن قضايا عديدة، ومنها تايوان. ويأتي الاجتماع في الوقت الذي يعرب فيه الرئيس الأميركي جو بايدن، عن أمله في إجراء محادثة في الأسابيع المقبلة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.


مقالات ذات صلة

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

صحتك رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

كشفت دراسة مكسيكية أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن كبار السن أكثر قدرة على تحمل موجات الحرارة مقارنة بالشباب.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.