انقطاع التواصل بين عون وميقاتي يمدد أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية

البرلمان يستعد لعقد جلسة لتحريك انتخابات الرئاسة

TT
20

انقطاع التواصل بين عون وميقاتي يمدد أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية

بات بحكم المؤكد أن أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية تدخل الآن في إجازة مديدة يرجح بأن تتجاوز عطلة عيد الأضحى في حال أن الأبواب السياسية لا تزال موصدة أمام معاودة مشاورات التأليف بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي التي اقتصرت حتى الساعة على اجتماعين انتهيا إلى اختلاف حول التركيبة الوزارية التي أعدها ميقاتي وقابلها عون بمطالبته بأن تكون موسعة من 30 وزيراً مطعمة بوزراء دولة بذريعة أن الحكومة في حاجة إلى غطاء سياسي لمواجهة التحديات التي تنتظرها من دون أن يكشف عن طبيعتها.
وبرغم أن عون حاول الالتفاف على انقطاع تواصله مع ميقاتي الذي يدخل أسبوعه الثاني موحياً من خلال البيان الصادر عن مكتبه الإعلامي بأنه واصل متابعة الأوضاع الداخلية والأجواء السياسية لا سيما تلك المتعلقة بمسار تشكيل الحكومة، فإن مصادر وزارية مقربة من الرئيس المكلف سألت عون مع من يتشاور في ملف تأليفها؟ وهل تواصل مع الرئيس ميقاتي الذي لم يكن على علم بوجود أي شكل من أشكال التشاور؟ أم أن مشاوراته تقتصر على وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والفريق السياسي المحسوب عليه.
ولفتت المصادر الوزارية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الكرة الآن في مرمى عون وأن ميقاتي ليس في وارد مقاطعته وأن لا مانع لديه من أن يتوجه في أي لحظة للقائه لتسهيل ولادة الحكومة، لكن يُفترض برئيس الجمهورية أن يُبدي مرونة تجاه التشكيلة الوزارية التي تسلمها عون في أول لقاء عُقد بينهما فور انتهاء الرئيس المكلف من إجراء مشاوراته مع الكتل النيابية.
وقالت بأن هناك إمكانية لفتح ثغرة في أزمة تشكيل الحكومة لكن الأمر يتوقف على عون، وأكدت أن ضيق الوقت الذي يفصل عن انتهاء الولاية الرئاسية لعون لم يعد يسمح بوضع مصير البلد على لائحة الانتظار.
وفي هذا السياق، رأى مرجع حكومي سابق أن مشكلة عدم الإفراج عن الحكومة تكمن في أن عون لم يتبدل، فيما تبدل كل ما يدور من حوله ولم يعد في الموقع الذي يملي فيه شروطه بعد أن أضاع الفرصة تلو الأخرى في إنقاذ البلد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن عون بمكابرته وعناده أسقط نهائياً نظرية الرئيس القوي في طائفته، خصوصا أنه لم يعد الرئيس الجامع للبنانيين بعد أن أصبح طرفاً في النزاع السياسي بانحيازه لمحور الممانعة بقيادة «حزب الله» الذي لديه مشروع آخر يخطط من خلاله لبسط سيطرته على الدولة.
وحذر المرجع الحكومي السابق من الاستقواء على ميقاتي بذريعة عدم ترشحه للانتخابات بالتلازم مع عزوف رؤساء الحكومات السابقين عن خوضها من جهة، وبتشرذم الساحة السنية من جهة ثانية، وقال إن الرئيس المكلف صامد على موقفه ولن يخضع لشروط عون الخاصة بتأليف الحكومة بالإنابة عن باسيل ولا بالتهديدات التي يطلقها الأخير بقلب الطاولة في وجهه لأنه سيجد صعوبة في إيجاد من يناصره وتحديداً حليفه «حزب الله» الذي يتجنب الصدام مع الشارع السني.
لذلك فإن ضيق الوقت لم يعد يسمح بتمديد أمد مشاورات تأليف الحكومة مع اقتراب موعد الدخول في استحقاق انتخاب رئيس جمهورية جديد بدءاً من أول سبتمبر (أيلول) المقبل التزاماً بالدستور. وهذا يعني أن الخيار الوحيد يكمن في تعويم حكومة تصريف الأعمال بصرف النظر عن رد فعل عون ورئيس الظل باسيل الذي قد يجد نفسه أمام خيارات صعبة لافتقاده للغطاء المحلي والدولي في حال أراد أن يأخذ البلد إلى الانتحار بطلبه من الوزراء المحسوبين عليه الامتناع عن تصريف الأعمال.
وعليه فإن التمديد لحكومة تصريف الأعمال سيتلازم هذه المرة مع استعداد البرلمان للانطلاق في ورشة تشريعية وكان هذا مدار بحث بين ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي وإن كان يعطي فرصة أخيرة لتشكيل الحكومة فإنه سيدعو هيئة مكتب المجلس في النصف الأول من الشهر الحالي إلى اجتماع لوضع جدول أعمال الورشة التشريعية التي سيعقدها البرلمان في غضون أقل من أسبوعين وتُخصص لإقرار البنود الإصلاحية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي.
كما أن الرئيس بري يدرس دعوة البرلمان في النصف الأول من سبتمبر لعقد جلسة لانتخاب رئيس جمهورية جديد يُفترض أن تليها دعوات أخرى إلى حين تأمين انتخابه قبل انتهاء ولاية عون.
وطبيعي أن تُخصص الجلسة الأولى لاختبار مواقف الكتل النيابية وتحديداً الكتلة التي تضم النواب المنتمين إلى القوى التغييرية، باعتبار أن حراك المرشحين للرئاسة الأولى لن ينطلق على عجل بغياب المشاورات واللقاءات لأن معظمهم يفضلون التريث لرصد ما ستؤول إليه التطورات الجارية في المنطقة ومدى تأثيرها المباشر على المعركة الرئاسية مع أن المجتمع الدولي يصر على إنجاز هذا الاستحقاق في موعده أسوة بالانتخابات النيابية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الشرع: فلول النظام السابق يحاولون جرّ سوريا لحرب أهلية

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال كلمة حول أحداث الساحل السوري (لقطة من فيديو)
الرئيس السوري أحمد الشرع خلال كلمة حول أحداث الساحل السوري (لقطة من فيديو)
TT
20

الشرع: فلول النظام السابق يحاولون جرّ سوريا لحرب أهلية

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال كلمة حول أحداث الساحل السوري (لقطة من فيديو)
الرئيس السوري أحمد الشرع خلال كلمة حول أحداث الساحل السوري (لقطة من فيديو)

قال الرئيس السوري أحمد الشرع، الأحد، إن سوريا «تعرضت مؤخراً لمحاولات كثيرة، لزعزعة استقرارها وجرّها إلى مستنقع الفوضى».

وأضاف الشرع، خلال كلمة حول المستجدات الأخيرة، أن البلاد «أمام خطر جديد، يتمثل في محاولات فلول النظام السابق وجهات خارجية، خلق فتنة جديدة، وجرّ بلادنا إلى حرب أهلية، بهدف تقسيمها».

ورأى الشرع أن التهديدات التي تواجه سوريا «ليست مجرد تهديدات عابرة، بل هي نتيجة مباشرة لمحاولات انتهازية من قبل قوى تسعى إلى إدامة الفوضى»، مشيراً إلى أن ما يحدث في بعض مناطق الساحل السوري ليست المحاولة الأولى، «بل حدث مثلها قبل شهر ونصف شهر وأخمدناها».

وتابع: «علينا أن نعترف بالحقائق أن النظام الساقط خلّف جراحات عميقة أثناء فترة حكمه، فرع فلسطين وصيدنايا والأفرع الأمنية والاغتصاب والكيماوي والتهجير وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، كل ذلك ترك جراحاً من الصعوبة بمكان أن تندمل، وكان من نتائجها ما حدث بالأمس، رغم سعي الدولة من اللحظة الأولى إلى الانتصار لمنع وقوع ذلك».

وأكد الرئيس السوري: «منذ اللحظات الأولى قمنا بتعزيز المنطقة بالقوات الأمنية لحماية السلم الأهلي ومنع حدوث حالات ثأرية، هذه القوات تمت مهاجمتها وقتلوا الكثير منها قتلاً وحرقاً واعتدوا على الأهالي هناك، ومن قام بهذه الجريمة النكراء هم أنفسهم من قاموا بالجرائم البشعة ضد الشعب السوري خلال الـ14 عاماً الماضية».

وشدّد على عدم التسامح «مع فلول الأسد الذين قاموا بارتكاب الجرائم ضد قوات جيشنا ومؤسسات الدولة، وهاجموا المستشفيات وقتلوا المدنيين الأبرياء، وبثوا الفوضى في المناطقِ الآمنة. فليس أمام هؤلاء سوى خيار واحد، وهو تسليم أنفسهم للقانون».

وقال الشرع: «سنحاسب بكل حزم ودون تهاون كل من تورط في دماء المدنيين، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة، وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين، سيواجه العدالة عاجلاً غير آجل».

وأشار الرئيس السوري إلى تشكيلِ لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في أحداث الساحل، وتقديمِ المتورطين إلى العدالة، وكشفِ الحقائق أمام الشعب السوري.

وأضاف: «سنعلن عن تشكيلِ لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، وستكون مكلفة من رئاسة الجمهورية بالتواصلِ المباشر مع الأهالي في الساحل السوري، للاستماع إليهم، وتقديم الدعم اللازم، بما يضمن حماية أمنهم، ويعزز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة».

وبدأ التوتر في سوريا، يوم الخميس، في قرية ذات غالبية علويّة في ريف محافظة اللاذقية الساحلية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تطوّر الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلّحين علويين النار، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي تحدث منذ ذلك الحين عن حصول عمليات «إعدام» طالت مدنيين.

وأرسلت السلطات تعزيزات إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس في الساحل الغربي، حيث أطلقت قوات الأمن عمليات واسعة النطاق لتعقب موالين لبشار الأسد.

وتعد هذه الأحداث الأعنف التي تشهدها البلاد منذ إطاحة الأسد المنتمي إلى الأقلية العلوية، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).