غريفيث: 3 عوامل تهدد فقراء العالم... والهدنة اليمنية توفر فرصة لإنهاء الحرب

قدّر في حوار مع «الشرق الأوسط» فجوة التمويل بـ80% لخطط الاستجابة الإنسانية

جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)
جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)
TT

غريفيث: 3 عوامل تهدد فقراء العالم... والهدنة اليمنية توفر فرصة لإنهاء الحرب

جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)
جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)

سألت «الشرق الأوسط» المسؤول الأممي الأول للإغاثة الطارئة عن أكبر ثلاثة تهديدات تواجه فقراء العالم بصفة جماعية، فأجاب مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، بأنها: المناخ، والصراع، وتكلفة المعيشة. وقال في حوار موسع عبر البريد الإلكتروني، إن العوامل الثلاثة تعد «تهديدات مترابطة».
الوكيل الذي ترك منصبه منتصف العام الماضي مبعوثاً خاصاً للأمين العام إلى اليمن ليتسنم مهمة أوسع على مستوى العالم، كان حازماً عند سؤاله عن «المعايير المزدوجة» في التعامل مع اللاجئين، وهي مسألة أمعن في طرحها المهتمون بقضايا اللجوء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سرعة الاستجابة باستقبال اللاجئين عند بزوغ الأزمة في أوكرانيا وبداية الهجمات الروسية نهاية فبراير (شباط) 2022؛ إذ يعد الوقوف إلى جانب المدنيين الفارين من الحرب في البلاد التي تواجه حرباً واجباً بكل تأكيد، لكنّ تلك «المعايير المزدوجة» في التعامل مع اللاجئين فتحت باب التساؤلات.
يقول غريفيث «رحّبت الأمم المتحدة بالاستجابة الأوروبية السريعة والسخية لمحنة اللاجئين الأوكرانيين. وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر بالنسبة لجميع اللاجئين، الذين يحتاجون جميعاً إلى الحصول على اللجوء، من دون تمييز. وكما أكدت المفوضية مراراً وتكراراً، فإن احترام حقوق اللاجئين هو التزام قانوني وأخلاقي، وينبغي ألا يكون مرهوناً بالجنسية».
الحوار لم يكن ساحراً رغم أن غريفيث يملك كاريزما وشخصية ودودة، ومعلوماته لم تكن مبهجة أيضاً، لكنها كانت بالغة الأهمية لأنها توثق وتجدد التأكيد أن مكافحة الفقر باتت تجد صعوبات هائلة، ولعل واحدة منها كافية لخلق الفزع في العالم؛ فقد «صار شراء ونقل المساعدات أكثر تكلفة؛ مما يعني أن مساعداتنا تصل إلى عدد أقل من الناس، أو الناس يحصلون على مساعدات أقل، أو الأمرين معاً».
وهي أسباب تصطف مع أخرى مما فاقم الحاجة الملحة عالمياً لبذل المزيد من الجهود.

وفيما يلي نص الحوار:
* أصدرت الأمم المتحدة تحذيرات متكررة من نقص الغذاء... ما البلدان الأكثر عُرضة لمخاطر ارتفاع مستويات الجوع؟
- آفاق الأمن الغذائي هذا العام سيئة إلى حد مزعج وتزداد سوءاً في الكثير من أجزاء العالم. وفي البلدان الأكثر تأهباً - أفغانستان، وإثيوبيا، والصومال، وجنوب السودان، واليمن - فإن ثلاثة أرباع مليون شخص على بُعد خطوة واحدة فقط من الوضع الكارثي النهائي، أي المجاعة.
وهم ليسوا الوحيدين المعرّضين للخطر. إذ قفز عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى مستوى آخر يبلغ 345 مليون شخص في 82 دولة هذا العام، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي.
أسباب الجوع كثيرة، وغالباً ما تكون متداخلة. الصراع والنزوح هما أكبر المشكلات. ويعيش 60 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في البلدان المتضررة من الصراعات.
كما أن الطقس الشديد بسبب أزمة المناخ من المحركات الرئيسية للجوع. وشهدت أجزاء من القرن الأفريقي أربعة مواسم أمطار فاشلة متتابعة، وهي تواجه الآن موسماً خامساً مماثلاً؛ مما أسفر عن أسوأ حالة جفاف منذ 40 عاماً. وفي أفغانستان، يعاني الناس من أسوأ موجة جفاف منذ 30 عاماً.
كما أدى الصراع في أوكرانيا إلى أزمة عالمية في تكاليف المعيشة؛ إذ تعطلت الإمدادات مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة. كل هذه الأمور تحدث في وقت كان الوباء قد جعل فقراء العالم أكثر عُرضة للمخاطر.

* هل تتسبب الحرب الأوكرانية في نقص الغذاء؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي يمكن القيام به لحماية الفئات الأكثر ضعفاً؟
- تضيف الحرب ضغطاً هائلاً على نظام الغذاء العالمي الذي يعاني بالفعل من إرهاق شديد، وذلك برفع أسعار القمح، والذرة، والوقود، والأسمدة، وتعطيل أنظمة الإمداد.
الدول الأكثر تضررا تلك التي تعتمد بشكل كبير على الحبوب المستوردة، مثل اليمن، حيث يعاني 19 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي. كما يواجه لبنان، والأرضي الفلسطينية المحتلة أزمات إنسانية متفاقمة. وهم في أفريقيا، والكاميرون، والصومال، والسودان، متضررون بشدة أيضاً، وفي بعض هذه البلدان تنفق الأسر ما يصل إلى 80 في المائة من دخلها اليومي على الغذاء. في جميع البلدان التي لدينا برامج إنسانية فيها، صار شراء ونقل المساعدات أكثر تكلفة؛ مما يعني أن مساعداتنا تصل إلى عدد أقل من الناس، أو الناس يحصلون على مساعدات أقل، أو الأمرين معاً.
رغم هذه التحديات المتصاعدة، قدّم العاملون في المجال الإنساني هذا العام مساعدات غذائية إلى نحو 6.5 مليون شخص في جميع أنحاء القرن الأفريقي، وإلى 19 مليون شخص في أفغانستان، وإلى 11 مليون شخص كل شهر في اليمن، من بين أماكن أخرى كثيرة.
وندعو الحكومات إلى دعم التدفق الحر للغذاء والطاقة في الأسواق المفتوحة. مما يشمل إطلاق فائض الإمدادات وإزالة أي عقبات أمام تصدير الغذاء والأسمدة من أوكرانيا وروسيا.
لكن في أزمة الجوع، يحتاج الناس إلى ما هو أكثر من المعونات الغذائية. إنهم يحتاجون إلى مجموعة شاملة من المساعدات، بما في ذلك الرعاية الصحية، والمياه النظيفة، والتعليم، والحماية، ودعم سبل العيش.

* كانت الاستجابة لأزمة اللاجئين الأوكرانيين سخية وفعالة إلى درجة استثنائية. ومع ذلك، أثيرت تساؤلات حول المعايير المزدوجة في معاملة اللاجئين. فكيف تنظرون إلى هذه القضية؟
- رحبت الأمم المتحدة بالاستجابة الأوروبية السريعة والسخية لمحنة اللاجئين الأوكرانيين. وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر بالنسبة لجميع اللاجئين، الذين يحتاجون جميعاً إلى الحصول على اللجوء، من دون تمييز. وكما أكدت المفوضية مراراً وتكراراً، فإن احترام حقوق اللاجئين هو التزام قانوني وأخلاقي، وينبغي ألا يكون مرهوناً بالجنسية.
البلدان المجاورة عادة ما تتحرك بسخاء لاستضافة اللاجئين - بالنظر إلى تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق التي تستضيف اللاجئين السوريين، وكينيا التي تستضيف اللاجئين الصوماليين، وجنوب السودان وبنغلاديش التي تستضيف لاجئي الروهينغا من ميانمار.

مارتن غريفيث خلال مؤتمر صحافي حول أوكرانيا في نيويورك (رويترز)

* ما أكبر ثلاثة تهديدات تواجه أفقر فقراء العالم بصفة جماعية؟
- المناخ، والصراع، وتكلفة المعيشة. وكلها تهديدات مترابطة. كما تشكل أزمة المناخ تهديداً وجودياً للبشرية جمعاء، ولكنها تؤثر على البلدان الضعيفة بصورة غير متناسبة.
نشهد على نحو متزايد الأضرار الناجمة عن مزيج التغير المناخي والصراع. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، شهدت 10 من أصل 15 بلداً تعدّ أكثر ضعفاً وأقل استعداداً للتكيف مع تغير المناخ، شكلا من أشكال الصراع. ويتعين على البلدان الغنية، التي أسهمت انبعاثاتها بأقصى حد في أزمة المناخ، أن ترقى إلى مستوى التزاماتها بتمويل المناخ (100 مليار دولار سنوياً) لصالح البلدان النامية في مجال العمل المناخي.
إن أزمة تكلفة المعيشة العالمية تسبب بالفعل المزيد من الفقر والجوع وسوء التغذية، مما يهدد الأرواح. ونحن في حاجة ماسة إلى رؤية أنواع حلول الحماية الاجتماعية التي نفّذتها حكومات كثيرة خلال الوباء، إلى جانب تخفيف عبء الديون عن البلدان المعرّضة للخطر، وزيادة الاستثمار في الخدمات الأساسية، التي تعد جوهرية للمجتمعات المتصفة بالمرونة.

* هل لكم أن تذكروا أكثر الاحتياجات الإنسانية إلحاحاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ وما الدور الأهم الذي تضطلع به الأمم المتحدة في هذا الجزء من العالم الذي يعاني من الصراعات؟
- يمر اليمن بمنعطف حرج، حيث توفر الهدنة فرصة حقيقية لاستئناف المناقشات السياسية وإنهاء الحرب. ومن الأهمية بمكان المحافظة على الزخم الدافع لها والإسراع من وتيرته. لكن حتى مع هذه الهدنة، لا يمكننا إغفال الأزمة الاقتصادية والإنسانية الهائلة التي لا تزال قائمة. أكثر من 19 مليون شخص يعانون من الجوع، بينما لا تحصل وكالات المعونة إلا على 25 في المائة من التمويل. كما يتعين علينا الاستفادة من الأموال لاحتواء التهديد المتمثل في التسرب النفطي الكارثي من الناقلة النفطية «صافر»، والتي تتفاقم خطورتها مع مرور الوقت.
ثانياً، وفي سوريا، نرى بوضوح صارخ ما تفعله حرب الأحد عشر عاماً ببلد من البلدان. فالشعب السوري في حاجة إلى سبيل للخروج من هذه الحرب حتى يتمكن من الشروع في إعادة بناء حياته ومستقبله، ومع ذلك، فلا يزال عالقاً في دائرة المعاناة الإنسانية، حيث إن 90 في المائة من السكان الآن تحت خط الفقر. لقد تأخرت كثيراً قرارات التعافي وإعادة البناء.
تتسبب الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان في تفاقم مخاطر الجوع والمعاناة؛ مما يثير قلقاً كبيراً في أوساط المجتمع الدولي. كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود يهدد أيضاً الأراضي الفلسطينية المحتلة مما يُجهد «أونروا» وبرنامج الغذاء العالمي.
لمواصلة العمليات الجارية حتى نهاية العام، يحتاج برنامج الغذاء العالمي إلى 36 مليون دولار إضافية. وفي مواجهة قيود مماثلة في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة والمنطقة، لا يزال عجز «أونروا» يبلغ 100 مليون دولار. كما أن مستويات العنف المنذرة بالخطر تثير قلقاً بالغاً، بما في ذلك استخدام قوات الأمن الإسرائيلية للقوة المميتة ضد الفلسطينيين؛ مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير من الفلسطينيين.

* بوصفكم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، فإن بين أيديكم حقيبة مليئة بالمسؤوليات... فما أولوياتكم؟
- أولاً، نحن في حاجة إلى مساءلة أفضل للأشخاص الذين شرعنا في خدمتهم - وهذه يجب أن تكون الزاوية المركزية للعمل الإنساني - إذ إن المساءلة تنطوي على تحسين إدراك احتياجات الناس، وأن تكون أكثر مرونة لتحويل المسار تبعا لتغير الاحتياجات؛ بُغية تلبية تلك الاحتياجات.
ثانياً، وهو ما يتصل بذلك، فنحن في حاجة إلى جعل المؤسسة الإنسانية أقل شمولية في التوجه وأكثر محلية في التعامل. نحن في حاجة إلى العمل مع جيل جديد من المنظمات غير الحكومية المحلية والوطنية عبر منحها المزيد من الدعم المباشر، وإتاحة المجال لها على الطاولة، حيث يجري اتخاذ القرارات.
ثالثاً، نحتاج إلى تمويل العمل الإنساني بالكامل وحماية المساعدة الإنمائية لتلبية الاحتياجات المتزايدة. لقد حال العاملون في المجال الإنساني دون حدوث مجاعة في جنوب السودان، واليمن، والصومال خلال السنوات الأخيرة، ويمكننا تكرار ذلك مجدداً إذا توفرت لدينا الموارد. لكنّ خطط الاستجابة الإنسانية التي ننسقها، وهي أداتنا الرئيسية لجمع الأموال، تواجه حالياً فجوة تمويلية بنسبة 80 في المائة إجمالاً. ويُترجم ذلك إلى تأخيرات، وقطع في المساعدة ومعاناة لا داعي لها.
النظام الإنساني بأكمله، بما في ذلك البلدان المانحة، يحتاج إلى أن يكون أفضل استعداداً، ويُزود بالموارد لاتخاذ إجراءات استباقية ومبكرة لتفادي الأزمات والمعاناة الجماعية قبل أن تشتد. هذا بالطبع يُنقذ الأرواح، لكنه يقلل أيضاً من التكاليف.
وأخيراً، يجب أن تُمنح الأولوية للسماح للمدنيين بالحصول على المساعدة التي يحتاجون إليها. لقد أصبح الوصول إلى الناس في الصراعات أكثر صعوبة. ويجب أن تخصص المنظمات الإنسانية المزيد من الوقت والموارد لتحقيق إمكانية وصول المساعدات الإنسانية - من خلال بناء الثقة، والقبول، والتفاوض مع أطراف الصراع. وهذا العمل يتطلب المثابرة والصبر.


مقالات ذات صلة

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

الاقتصاد جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

أعربت دول الخليج عن بالغ قلقها تجاه التشريعين الأوروبيين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد البديوي يتحدث في «قمة معهد ميلكن للشرق الأوسط وشمال أفريقيا» في أبوظبي (إكس)

البديوي: الموقع الجغرافي والاستقرار السياسي يجعلان الخليج وجهة عالمية للاستثمار

أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج أن موقعها الجغرافي، واستقرارها السياسي، وقوة أسسها الاقتصادية، تجعلها وجهةً عالميةً جاذبةً للاستثمار.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» بالعاصمة البحرينية الأربعاء (بنا) play-circle

«بيان قمة المنامة»: 162 بنداً ترسم ملامح المستقبل الخليجي

جاء البيان الختامي للقمة الخليجية في المنامة محمّلاً برسائل عديدة تعكس توجهاً خليجياً أكثر صراحة نحو تعزيز الأمن المشترك، والدفع باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الخليج جانب من الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق السعودي - البحريني في المنامة الأربعاء (واس) play-circle 00:42

وليا العهد السعودي والبحريني يرأسان الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق المشترك

أشاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في برقيتي شكر للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، وولي عهده الأمير سلمان بن حمد، بنتائج القمة الخليجية 46 في المنامة

«الشرق الأوسط» (المنامة)

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.


العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.


تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».