قائمة الاستخبارات الحمراء... 200 من أبرز مثقفي بريطانيا في القرن الـ20

ماكينة حكومية ضخمة تولت أخذ الجميع بالشبهات

ديفيد كوت
ديفيد كوت
TT

قائمة الاستخبارات الحمراء... 200 من أبرز مثقفي بريطانيا في القرن الـ20

ديفيد كوت
ديفيد كوت

شُكلت صورة جهاز الاستخبارات البريطاني - يعرف باسمه المختصر MI5 - في المخيال الشعبي على أنه الذراع الأمنية للدولة البريطانية المكلف بمطاردة أولئك الذين يعرضون أمن البلاد للخطر - من الطابور الخامس النازي إلى الجواسيس السوفيات، وربما في أيامنا كل المتطرفين المحليين من مختلف الأطياف. وهناك مؤرخون بريطانيون مثل كريستوفر أندرو في كتابه «دفاعاً عن المملكة» يسرد بالفعل العديد من حكايات هؤلاء الجواسيس من ملفات الجهاز السرية التي سمح له بالاطلاع عليها.
على أن كتابة تاريخ متوازن لأجهزة الاستخبارات لا يزال رهين معضلة مركزية وهي التغييب المستمر للملفات التي تظل مغلقة لعقود طويلة، وكثيراً ما يفرج عنها - إن أفرج عنها - جزئياً أو أنها تختفي إلى الأبد أو تضيع في متاهات البيروقراطيات، وهي معضلة تقارب الهستيريا اشتكى منها الكثير حتى المؤرخين الرسميين مثل كريستوفر أندرو نفسه (في كتابه «الدولة السرية - 1985»)، فما بالك بالمؤرخين المستقلين.
من هنا تأتي أهمية أحدث كتب المؤرخ البريطاني البارز ديفيد كوت المعنون «القائمة الحمراء: إم آي - 5 والمثقفون البريطانيون في القرن العشرين»، الذي استفاد من نقل عدد من الملفات الشخصية لدى المخابرات البريطانية لعدة مئات من الأسماء المعروفة - في عالم السياسة والعمل النقابي والصحافة والثقافة والأدب والمسرح والموسيقى والفنون وصناعة الأفلام والأكاديميا والعلوم - إلى عهدة الأرشيف القومي العام ليضع نوعاً من تاريخ بديل مغاير عن طبيعة الدور الذي لعبه هذا الجهاز في الحياة البريطانية خلال القرن العشرين. فشكوك الأجهزة الأمنية وجهودها في المراقبة والملاحقة والرصد لم تكتف طوال ما يقرب من مائة عام بمطاردة الجواسيس المحتملين من جهة الأمم المعادية، بل امتدت وفق الملفات التي اطلع عليها المؤلف لتشمل – دون أي قواعد محددة سوى عموميات مثل «الدفاع عن البلاد» ومكافحة «التخريب» – كل من يمكن أن يشكل خطراً على الأمن القومي بتعريفه الأضيق المتسم بكثير من الشوفينية والعنصرية - كل من اقترب من اليسار، والناشطين ذوي البشرة السوداء، وحتى من المثقفين والفنانين غير الملتحقين بأي تيارات سياسية لكن مارسوا حرياتهم المدنية بالتعبير، أو عارضوا السرديات الرسمية، أو طرحوا علناً آراء اعتبر موظفو الاستخبارات - بتحيزاتهم السياسية والطبقية - أنها غير مناسبة، بمن فيهم أعضاء محترمون في البرلمان.

لم يطلع المؤلف على عدد هائل من الملفات، بل على عدة مئات فقط تم نقلها إلى الأرشيف، مقارنة مثلاً بـ400 ألف ملف سمح لكريستوفر أندرو بالبحث فيها، كما أن السلطات لم تكشف عن هويات المخبرين الذين تولوا مهمات الرصد أو كيف تم اختراق المؤسسات تحديداً، كما لم ترفع السرية عن أي ملفات لأشخاص ما زالوا على قيد الحياة. ومع ذلك، فإن ما يورده كاف للكشف عن ماكينة حكومية ضخمة تولت أخذ الجميع بالشبهات ففتحت الرسائل، واعترضت الهواتف، وتم التنصت على المنازل الخاصة والمكاتب والمقرات، ووُضِع مواطنون بريطانيون تحت المراقبة المادية من قبل عملاء الاستخبارات دون مبررات قانونية، ورصدت أنشطتهم، واستدعي الكثير للاستجواب، وكثيراً ما كان يضاف آخرون إلى قائمة المراقبين الطويلة بمجرد تعاملهم العادي مع شخص مثير للاهتمام. ويورد كوت أسماء 200 شخص تقريباً من هؤلاء وضعوا في قائمة حمراء سرية بتصور انتمائهم الحقيقي أو المتخيل لمؤامرة شيوعية - بمن فيهم التروتسكيون الذين ناصبوا موسكو العداء واصطفوا بشكل عام مع الغرب - وقد يكون أشهرهم آرثر رانسوم، بول روبسون، جي بي بريستلي، كينغسلي أميس، جورج أورويل، دوريس ليسينغ، كريستوفر إيشروود، ستيفن سبندر، دوروثي هودجكين، جاكوب برونوسكي، جون بيرجر، بنيامين بريتن، كريستوفر هيل، إريك هوبسباوم، كينغسلي مارتن، مايكل ريدغريف، جوان ليتلوود، جوزيف لوسي، مايكل فوت وهارييت هارمان ضمن آخرين.
ومن الجلي في قراءة كوت لتلك الملفات أن نزعة ذعر نشأت مبكراً في أجواء جهاز الاستخبارات البريطاني الحديث الذي ولد في خضم الحرب العالمية الأولى ضد كل ما هو شيوعي إثر استيلاء البلاشفة على السلطة في روسيا 1917، إذ اندفعت السلطات البريطانية وقتها بكل طاقتها الممكنة إلى محاربة الاتحاد السوفياتي ودعمت الجيش الأبيض الذي كان يقاتل جيش البلاشفة الأحمر وأرسلت قوات للمشاركة في بعض المعارك داخل روسيا. هذا الذعر من الشيوعية تحول بعد الحرب إلى سياسة رسمية للدولة البريطانية، وتم تكليف جهاز إم آي 5 بالمراقبة والتحقق لمنع ما سمي بـ«التخريب» الذي وصفته وثائق الجهاز بـ«أي أنشطة تهدف إلى تقويض الديمقراطية البرلمانية أو الإطاحة بها بوسائل سياسية أو عنفية أو نقابية - إضرابات وما شابه - ». وقد استمرت هذه المنهجية المذعورة أقله حتى تفكيك الاتحاد السوفياتي في 1991 وانتهاء مرحلة الحرب الباردة، فيما لا يمكن لأحد خارج الجهاز اليوم الجزم بأن تلك المنهجية قد عُدلت في وقت لاحق، أو إذا ما استعيدت مجدداً بعد المواجهة الأوكرانية بين روسيا والغرب.
يحاول كوت جاهداً في كتابه أن يمنح الفرصة لمحتويات الملفات بالتحدث دون أن يفرض عليها الالتحاق بسردية محددة، ولذلك فإن بعضها كان لأشخاص مثيرين للشكوك بالفعل من مقياس إم آي 5، لا سيما لأولئك المنتسبين للحزب الشيوعي لبريطانيا الكبرى – كما كان يسمى قبل حله -، كما أن الاستخبارات وإن راقبت كثيرين فإنها كانت تغلق ملفات من لم يجد المحققون بأنهم يمثلون أي تهديد حقيقي للأمن القومي. ويبدو أن الأغلبية الساحقة من أعضاء الحزب الشيوعي كانوا غير جادين في الوصول إلى السلطة، أو فقدوا الثقة بالاتحاد السوفياتي أو ببساطة غيروا آراءهم. ولذلك فإن معظم الملفات التي اطلع عليها كوت مملة، ولا تليق بدراما تخريب وجواسيس، وتتشكل إلى حد كبير من قصاصات صحافية، وقوائم حضور اجتماعات، وبطاقات انتساب، وتقارير الشرطة من استجواب جيرانهم، والقيل والقال من مقر الحزب الشيوعي (الذي تم التنصت عليه)، وآراء الزملاء والرفاق المخبرين، وحتى أخبار الزواج والطلاق والعلاقات الجنسية، وفي بعض الأحيان وضعت تقارير عن الوالدين أو الأشقاء والشقيقات.
بالطبع كانت هناك استثناءات. مثلاً الناشر جيمس ماكجيبون كان شيوعياً متحمساً، ويبدو أنه تجسس لصالح الروس أثناء خدمته في الاستخبارات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية. وقد تم التحقيق معه، ولكنه لم يعترف ولم توجه إليه أي تهم لغياب أدلة يمكن استخدامها في المحكمة. لكن أكثر قصص الكتاب سحراً قد تكون حكاية النحاتة كلير شيريدان، ابنة عم ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية. تبنت كلير الأفكار الشيوعية في العشرينات من القرن الماضي - وإن لم تنتم أبداً للحزب الشيوعي - وسافرت لاحقاً إلى موسكو حيث أقامت في الكرملين ونحتت تماثيل نصفية للقادة السوفيات، بما في ذلك تروتسكي وزينوفييف ودزيرجينسكي وحتى لينين نفسه. وبعد ذلك كانت على علاقة مع الممثل الشهير تشارلي شابلن المؤيد للشيوعية. وقد تجولت حول العالم وبثت وجهات نظر معادية لبريطانيا. وقد راقبتها الاستخبارات البريطانية بطبيعة الحال، وخلصت إلى أنها لم تكن جاسوسة ولم تمثل تهديداً أمنياً، ولكنها كانت مجرد «شخصية مزعجة بشكل غير عادي»، ولديها «شغف بصنع الأذى لبريطانيا دولياً».
يكرس كوت فصلاً في كتابه للعلاقات بين إم آي 5 وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، والتي كانت تتضمن ترتيبَ تدقيقٍ سري في خلفيات المرشحين للعمل يهدف إلى منع تسلل الشيوعيين والمتعاطفين معهم إلى قلب مصنع البروباغاندا البريطاني. كما اتبع الجهاز سياسة الإبعاد أيضاً – بدل الخنق المباشر - ضد بعض الأكاديميين المشكوك فيهم عبر حرمانهم من وظائف تقدموا إليها أو استحقوها في المجلس الثقافي البريطاني والجامعات. ومع ذلك، يقول كوت، بأن الإطار العام لعمل الاستخبارات البريطانية لم يعتمد ضد هؤلاء مبدأ منع السفر أو سحب الجوازات ولم تمنع كتبهم من الجامعات أو المكتبات العامة وإن راقبت حساباتهم المصرفية في كل حال.
تأريخ كوت البديل لجانب من سجل الاستخبارات البريطانية في «القائمة الحمراء» سيصبح دون شك مدخلاً مهماً لفهم ثقافة وعقلية النخبة المتحكمة بالدولة البريطانية طوال القرن العشرين وانحيازاتها العنصرية والطبقية والفكرية، وتحذيراً للعقلاء من الهدر الكبير الذي استمر لعشرات السنين في مجتمع يدعي الديمقراطية ويحاضر في الشعوب الأخرى بحقوق الإنسان وحرية التعبير.



أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش
TT

أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش

حصل الكاتب الهندي أميتاف غوش، يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، على جائزة إراسموس لعام 2024 ومبلغ نقدي قدره 150 ألف يورو، لمساهمته الملهمة في موضوع هذا العام «خيال ما لا يمكن تصوره». وذلك من خلال أعماله التي تهتم بمواضيع الساعة؛ من بينها الأسباب الرئيسية لتغير المناخ.

وغوش (ولد عام 1956)، في كلكتا، عالم أنثروبولوجيا اجتماعية من جامعة أكسفورد، ويعيش بين الهند والولايات المتحدة. تتضمن أعماله روايات تاريخية ومقالات صحافية. وتعتمد كل أعماله على بحث أرشيفي شامل، وهي تتجاوز الزمن والحدود المكانية. ومن بين المواضيع الرئيسية، التي يتطرق إليها، الهجرة والشتات والهوية الثقافية، دون إغفال، طبعاً، البعد الإنساني.

في كتابيه الأخيرين «لعنة جوزة الطيب» و«الدخان والرماد: التاريخ الخفي للأفيون»، يربط غوش بين الاستعمار وأزمة المناخ الحالية، مع إيلاء اهتمام خاص لشركة الهند - الشرقية الهولندية.

وكان الاستعمار والإبادة الجماعية، وفقاً لغوش، من الأسس التي بنيت عليها الحداثة الصناعية. علاوة على ذلك، فإن النظرة العالمية، التي تنظر إلى الأرض كمورد، تذهب إلى ما هو أبعد من الإبادة الجماعية والإبادة البيئية. التي تستهدف كل شيء - الناس والحيوانات والكوكب نفسه، والسعي وراء الربح، قد استنزف الأرض وحوّل الكوكب إلى موضوع للاستهلاك.

المخدرات أداة استعمارية

ويدور موضوع كتاب «الدخان والرماد» حول الرأسمالية التي تفتقد أي وازع أخلاقي. وبداية، يفند المؤلف الكتابات التي تدعي أن الأفيون كان يستخدم في الصين بشكل واسع، ويعتبر ذلك من الكليشيهات التي لا أساس لها من الصحة، إذ لم يكن إنتاج الأفيون نتيجة للتقاليد الصينية، بل «كانت المخدرات أداة في بناء قوة استعمارية». وكان النبات يشكل جزءاً مهماً من الاقتصاد في مستعمرة الهند البريطانية. وفي كتابه «لعنة جوزة الطيب»، يستدعي غوش المذبحة التي اقترفها جان بيترزون كوين (1587 - 1629)، في جزر باندا في عام 1621 للسيطرة على احتكار جوزة الطيب. يطبق قوش الآن هذه الطريقة أيضاً على الأفيون. وكان قد سبق له أن كتب عن تاريخ الأفيون «ثلاثية إيبيس»؛ وتتضمن «بحر الخشخاش» (2008)، و«نهر الدخان» (2011)، و«طوفان النار» (2015). وروى فيها قصة سفينة العبيد، إيبيس، التي كانت تتاجر بالأفيون بين الهند والصين خلال حرب الأفيون الأولى (1839 - 1842).

يقول جان بريمان (1936) عالم اجتماع الهولندي والخبير في مواضيع الاستعمار والعنصرية وما بعد الكولونيالية، عن «لعنة جوزة الطيب»: «ما الذي ألهم هؤلاء الهولنديين من (VOC) شركة الهند - الشرقية، بقيادة كوين لذبح جميع سكان جزر - باندا قبل أربعة قرون؟». هذا السؤال يطرحه أيضاً الكاتب الهندي غوش في كتابه «لعنة جوزة الطيب». علماً بأن جوزة الطيب لا تنمو إلا في هذه الجزر. ويضيف بريمان: «ليس من باب الاهتمام بما نعتبره نحن في هولندا النقطة السيئة في تاريخنا الاستعماري، ولكن لأن، عقلية شركة الهند - الشرقية الهولندية ما تزال منذ 400 عام تحركنا، بل إنها تغرقنا مباشرة في أزمة المناخ. وباختصار، تعتبر قصة الإبادة الجماعية في جزر - باندا بمثابة مَثَل لعصرنا، وهي قصة يمكن تعلم الكثير».

دولة المخدرات لشركة الهند - الشرقية

كانت هولندا أول من اعترف بالقيمة التجارية للأفيون، وهو المنتج الذي لم يسبق له مثيل من قبل. ولضمان توفر ما يكفي من الأفيون للتجارة، تم استخدام المزيد من المناطق في جزيرتي جاوة ولومبوك لزراعة الخشخاش. وتبين أن احتكار شركة الهند - الشرقية للأفيون كان بمثابة إوزة تضع بيضاً ذهبياً، فقد عاد الحاكم العام إلى هولندا في عام 1709 ومعه ما يعادل الآن «ثروة بيل غيتس» وقد يعود جزء من ثروة العائلة الملكية الحالية لهذه التجارة، بحسب غوش، نتيجة استثمارها الأموال في شركات الأفيون. وهكذا أصبحت هولندا «دولة المخدرات الأولى». ولكن تبين أن ذلك كان لا شيء، مقارنة بما فعله البريطانيون في الهند؛ وفقاً لغوش، فقد أتقنوا إدارة أول «كارتل عالمي للمخدرات».

ففي الهند، أجبر البريطانيون المزارعين على تحويل أراضيهم إلى حقول خشخاش والتخلي عن المحصول بأسعار منخفضة. ثم قاموا ببناء المصانع حيث كان على (العبيد) معالجة الأفيون وسط الأبخرة. ولم تكن السوق الهندية كبيرة بما يكفي، لذلك كان على الصينيين أيضاً أن يتكيفوا. ومع ذلك، يبدو أن الصينيين لم يكونوا مهتمين على الإطلاق بالتجارة مع البريطانيين. ويقتبس غوش رسالة من تشيان لونغ، إمبراطور الصين آنذاك، الذي كتب في رسالة إلى الملك البريطاني جورج الثالث في عام 1793: «لم نعلق أبداً أي قيمة على الأشياء البارعة، ولم تكن لدينا أدنى حاجة لمنتجات من بلدك».

لعب الأفيون دوراً مركزياً في الاقتصاد الاستعماري منذ عام 1830 فصاعداً. وتم إنشاء المزيد والمزيد من المصانع في الهند لتلبية احتياجات «المستهلك الصيني»، كما كتب الكاتب البريطاني Rudyard Kipling روديارد كبلنغ عام 1899 في تقريره «في مصنع للأفيون»؛ فرغم الرائحة الخانقة للأفيون، كان «الدخل الكبير» الذي حققه للإمبراطورية البريطانية أهم.

تضاعفت مساحة حقول الخشخاش في الهند إلى ستة أضعاف. ويوضح غوش بالتفصيل ما يعنيه هذا لكل من المجتمع الهندي والطبيعة في القرون التي تلت ذلك. فلا يحتاج نبات الخشخاش إلى الكثير من الرعاية فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى الكثير من الماء، مما يؤدي إلى الجفاف واستنزاف التربة. كما شكلت تجارة الأفيون جغرافية الهند المعاصرة بطرق أخرى. وأصبحت مومباي مدينة مهمة كميناء عبور للأفيون في عهد البريطانيين. ولا تزال المناطق التي تم إنشاء معظم حقول الأفيون فيها في ذلك الوقت من بين أفقر المناطق في الهند.

يوضح قوش كيف يعمل التاريخ، وبالتالي يميز نفسه عن معظم الكتاب الذين تناولوا الموضوع ذاته.

كما أنه يرسم أوجه تشابه مع الحاضر، التي لا يجرؤ الكثير من المؤلفين على تناولها. ووفقاً له، لا توجد مبالغة في تقدير تأثير تجارة الأفيون الاستعمارية على الأجيال اللاحقة. فما أنشأه البريطانيون في المناطق الآسيوية لا يختلف عن عمل منظمة إجرامية - حتى بمعايير ذلك الوقت، كما يكتب غوش، وهذا ما زال قائماً.

إن رؤية ذلك والاعتراف به أمر بالغ الأهمية لأولئك الذين يرغبون في العمل من أجل مستقبل أفضل.

يوم أمس منح ملك هولندا ويليام ألكسندر جائزة إيراسموس لأميتاف غوش في القصر الملكي في أمستردام، تقديراً لعمل غوش، الذي يقدم، بحسب لجنة التحكيم، «علاجاً يجعل المستقبل غير المؤكد ملموساً من خلال قصص مقنعة عن الماضي، وهو يرى أن أزمة المناخ هي أزمة ثقافية تنشأ قبل كل شيء من الافتقار إلى الخيال».