العشائر الشيعية في البقاع اللبناني تتم استعداداتها العسكرية للقتال في جرود عرسال

مظاهر مسلحة ولافتات رُفعت في المنطقة تمهيدًا للمعركة

العشائر الشيعية في البقاع اللبناني تتم استعداداتها العسكرية للقتال في جرود عرسال
TT

العشائر الشيعية في البقاع اللبناني تتم استعداداتها العسكرية للقتال في جرود عرسال

العشائر الشيعية في البقاع اللبناني تتم استعداداتها العسكرية للقتال في جرود عرسال

تكثف العشائر الشيعية في منطقة البقاع شرقي لبنان من اجتماعاتها تمهيدا للإعلان رسميا عن تشكيل لواء مشترك يُقاتل المسلحين المتمركزين في جرود بلدة عرسال الحدودية حيث الأكثرية السنية، تلبية لدعوة أمين عام حزب الله حسن نصر الله. وقد أتمت هذه العشائر، وبحسب مصادر معنية، استعداداتها العسكرية مع بدء العد العكسي لانطلاق المعركة.
ويبدو واضحا أن حزب الله قرر خوض المعركة في جرود عرسال دافعا بالعشائر إلى الواجهة نظرا لحجم الردود التي رافقت إعلانه عن التحضير لمواجهة المسلحين المتمركزين على الأراضي اللبنانية وخروج تيار «المستقبل» وأهالي عرسال ليرسموا خطوطا حمراء حول البلدة وجرودها. وكثّف الجيش اللبناني يوم أمس من عملياته في الجرود الحدودية الشرقية بحيث قصف مواقع للمسلحين الذين حاولوا احتلال عرسال في أغسطس (آب) الماضي وما زالوا يختطفون أكثر من 20 عسكريا لبنانيا يحتجزونهم في مغاور على الحدود بين لبنان وسوريا.
وكشفت مصادر ميدانية في البقاع لـ«الشرق الأوسط» عن «استنفار لعناصر حزب الله شهدته المنطقة الجردية اللبنانية - السورية يوم أمس بانتظار قرار اقتحام جرد عرسال»، لافتة إلى أن «حزب الله يسعى للسيطرة على القسم الشمالي من تلة الثلاجة في منطقة القلمون بعدما سيطر في الأسابيع الماضية على القسم الجنوبي، ومن هنا ولتفادي التكلفة الكبيرة لهذه المعركة، يبدو أنّه يسعى للقيام بعملية التفاف على المسلحين عن طريق جرود عرسال ولذلك يستعجل اتخاذ القيادة قرارا باقتحام هذه الجرود».
وتُعد عشيرة الحاج حسن في منطقة المشرفة في الهرمل شرقي البلاد اليوم الثلاثاء للقاء شعبي للإعلان والكشف عن استعداداتها العسكرية للمواجهة المقبلة في الجرود. وأوضح حسين محمد الحاج حسن، أحد أبناء هذه العشيرة لـ«الشرق الأوسط» أنّه سيتم خلال اللقاء التأكيد على «الثوابت التي سيتم التزامها في المرحلة المقبلة لتحرير الأرض من التكفيريين»، وقال لـ««الشرق الأوسط»: «نحن نعتبر معركتنا معهم تماما كما المعركة المفتوحة مع العدو الإسرائيلي، وهدفها تحرير أرضنا وحماية قرانا وبلدة عرسال التي نعتبرها عمق بعلبك - الهرمل». وحذر الحاج حسن من إعطاء معركة جرود عرسال «منحى مذهبيا»، مشددا على أنها «معركة وطنية بامتياز وهدفها حماية عرسال وأهلها وكل قرى البقاع».
وأعلنت العائلات والعشائر في منطقة بعلبك مساء السبت عن تشكيل «لواء القلعة لمواجهة الإرهاب التكفيري في جرود عرسال»، وأوضح الحاج حسن أنّه «اتفاق غير نهائي تماما كاسم اللواء»، وأضاف: «لا شك أن قرارنا هو تشكيل لواء موحّد يضم كل العشائر إلا أن المشاورات والنقاشات لا تزال قائمة ولا شيء محسوم حتى الساعة». وشهدت مناطق في البقاع في الأيام الماضية مظاهر مسلحة ورفع لافتات تمهّد للمعركة المقبلة في الجرود، حتى إن عددا من المطلوبين للسلطات اللبنانية خرجوا عبر شاشات التلفزة ليعلنوا إتمام كل استعداداتهم القتالية.
واستبعد م. ح، أحد أبناء عرسال أن تكون بلدته وجرودها على موعد مع معركة يخوضها حزب الله أو العشائر، معتبرا أن «كل ما يحصل محاولة للحشد ودفع الجيش اللبناني إلى المعركة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «وضع المسلحين في جرود فليطة جيد، ولن يتمكن حزب الله من حشرهم في جرود عرسال». وأشار م.ح إلى أن «معظم الاجتماعات التي تعقدها العشائر الشيعية تغيب عنها الشخصيات الرئيسية فيها التي لا تبدو مؤيدة تماما للمواقف التي يطلقها البعض وللمشاركة في معركة في جرود عرسال».
وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، العضو في حزب الله خلال احتفال في الجنوب «إنه وبعد ما حققته المقاومة في القلمون وما تحقق على يد الجيش والقوى الأمنية في الداخل، بقي موضوع جرود عرسال وهي أراض لبنانية مساحتها تتجاوز الـ400 كلم مربع ويحتلها هؤلاء المسلحون، وكذلك بقيت عرسال التي تشكو من غياب الدولة وسيطرة المسلحين، وخوف أهلها من تصرفات وأفعال هؤلاء المسلحين».
ودعا فنيش إلى «موقف حاسم يوفر للجيش قرارا سياسيا واضحا يصدر عن الحكومة، لتقوم الدولة بواجبها، فالمقاومة تدعم وتؤيد وتكتفي بدور الدولة، وعندما تؤدي الدولة وظيفتها ودورها وتقوم بواجبها لا يستطيع أحد أن يتدخل أو ينافس الدولة على هذا الدور، لكن المطلوب أن يكون هناك قرار لمصلحة لبنان أولا ولمصلحة أهل عرسال ثانيا ولمصلحة سائر اللبنانيين».
ولفت فنيش إلى أن «هناك فرصة متاحة تتمثل في أن نقفل هذه الحدود ونغلق آثار المرحلة السابقة، ونجعل لبنان بمنأى عن تداعيات ما يحصل في المنطقة، ونصون استقرار وأمن كل اللبنانيين، فهذا هو المطلوب اليوم، أما من يحاول أن يصور الأمر كأن هناك استهدافا لأهل عرسال فهذا قلب للحقائق مرة أخرى، وهذا يندرج في إطار تغطية وجوه هؤلاء المسلحين وفي استمرار الرهان على وظيفتهم من أجل إحداث تغيير في المعادلات الإقليمية والدولية».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.