خيارات المعارضة السودانية... حوار بشروط... أو المواجهة

(تحليل إخباري)

رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)
TT

خيارات المعارضة السودانية... حوار بشروط... أو المواجهة

رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)

رمى الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد القوات المسلحة، «كرة من نار» في ملعب السياسيين، بقراره يوم الاثنين النأي بالمؤسسة العسكرية، عن المشاركة في الحوار الوطني، لإفساح المجال لتشكيل حكومة مدنية.
ويرى كثير من المراقبين أن الأوضاع في السودان، دخلت مرحلة «حرجة»، واختلفت المكونات السياسية المعارضة، في قراءة تلك القرارات.
وبينما يرى البعض أن البرهان «وضع الحصان أمام العربة»، يشير آخرون إلى بصيص نور في آخر نفق الأزمة السياسية، لكن قوى المعارضة الرئيسية ولجان المقاومة والحزب الشيوعي، رفضت بوضوح الخطاب واعتبرته «مناورة» وتحايلاً، وهروبا إلى أمام، بل وصفته بـ«انقلاب داخل الانقلاب»، ورغم ذلك أبقت الباب موارباً في إمكانية التوصل إلى حل، والجلوس من جديد مع المكون العسكري ولكن بشرط «إنهاء الانقلاب».
وأعلن البرهان في خطاب بثة التلفزيون الرسمي الاثنين الماضي، استعداده لحل مجلس السيادة، عقب تشكيل حكومة جديدة، بتوافق بين القوى الوطنية، وإفساح المجال للقوى السياسية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة من الجيش والدعم السريع، وألحق ذلك بإقالة المدنيين في مجلس السيادة الحالي.
وأدخل التصعيد الجماهيري الكبير الذي شهدته البلاد في 30 يونيو (حزيران) الماضي، واستمرار الاعتصامات والتظاهرات المستمرة، البلاد في أزمة سياسية متطاولة، لا يعرف مداها، وما إذا كان هناك ثمة مخرج للأزمة المعقدة، التي وضعت البلاد بين خيارين لا ثالث لهما «سقوط الحكم أو انهيار الدولة»، فما هي خيارات المعارضة للخروج من النفق المظلم الذي وصلت إليه البلاد؟!
يقول عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان لـ«الشرق الأوسط» والقيادي في تحالف الحرية والتغيير إن تحالفه يعمل مع قوى الثورة الأخرى على رفع وتيرة وزخم التصعيد الجماهيري والثوري، وفي الوقت نفسه فإن التحالف يملك ما يكفي من الشجاعة لاتخاذ خطوات سياسية، حال اقترب العسكريين من الرؤية المقدمة من التحالف المعارض، وتقديم التنازلات المطلوبة للحل السياسي.
وأضاف الفكي: «قدمنا رؤيتنا لهم، وتتضمن تصوراً لعودة الجيش للثكنات، وتكوين المجلس الأعلى للدفاع»، وتابع: «سلمناها لهم مكتوبة، ونرى أنها تحقق المدنية»، بيد أن الفكي قطع بعدم قبول ما سماه «أي تلاعب في قضايا العدالة وأجهزتها، وتفكيك النظام السابق الثلاثين من يونيو»، واستطرد: «إذا وافقوا عليها فلن نتردد في الذهاب للعملية السياسية».
وحال تمسك البرهان بما ورد في خطابه ورفض الحل السياسي، توعد الفكي بالدخول في مواجهة مفتوحة مع الحكم العسكري، وحمّل قادة الجيش المسؤولية عن «انهيار البلاد».
وبدوره، تعهد وزير رئاسة مجلس الوزراء السابق وعضو المجلس المركزي في تحالف الحرية والتغيير خالد عمر يوسف في إفادة للصحيفة، باستمرار المقاومة السلمية بأشكالها كافة، وأن يتواصل العمل على تطويرها وتوسيع مساحاتها، وقال: «قوة الثورة ستدفع الجميع للعمل المشترك، وإلى تطوير التفاهمات بينها، بما يقود لتحديد تفاصيل الانتقال، بما في ذلك الترتيبات المتعلقة بالقوات المسلحة».
ويرى سلك أن العملية الفنية لإنهاء الحكم العسكري تتضمن التواصل مع جميع الأطراف، وإجراء تنسيق بخطوات سريعة للوصول للتغيير، وأضاف: «لدنيا اتصالاتنا وتفاهماتنا التي سنصل بها لإنهاء الانقلاب».
وكان تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» قد دخل في تفاوض مع المكون العسكري بوساطة أميركية سعودية بعد أن كان الطرفان يرفضان الجلوس لبعضهما البعض، وتوصل الاجتماع المشترك لتقديم «رؤية» التحالف لإنهاء الحكم العسكري، وبالفعل قدم التحالف رؤيته للوساطة والآلية الأممية الثلاثية ومن ثم للعسكريين، لكن البرهان فاجأ الجميع بخطابه الذي أعلن فيه الانسحاب من الحوار مع المدنيين.
ورفض الحزب الشيوعي الذي خرج من تحالف الحرية والتغيير مبكراً أي تفاوض مع العسكريين، وقطع بالعمل على إسقاط «الانقلاب» عن طريق النضال الجماهيري السلمي، ووصف تحالف الحرية والتغيير بـ«التسووي» وأعلن تحالفا جديدا يضمه وحركات مسلحة غير موقعة على اتفاقية سلام جوبا وجناح تجمع المهنيين الموالي له ولجان المقاومة، استثنى منه «الحرية والتغيير».
وقالت عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني آمال الزين لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبها وتحالفاته يعتمدون أدوات الحراك الجماهيري السلمي الممثلة في «الاحتجاج، التظاهر، الاعتصامات» للوصول للعصيان المدني لإسقاط الحكم العسكري، وتابعت: «نحن نرفض التسوية كافة إذا أطلق عليها عملية سياسية أو تسوية مباشرة».
وأوضحت الزين أن الشيوعي وتحالفه الذي أطلق عليه «المركز الموحد لقوى التغيير الجذري»، شرعوا في العمل على تسمية مجلس تشريعي منذ الآن، وتسمية مجلس سيادة مدني يدعو المجلس التشريعي للانعقاد، ليؤدي اليمين الدستورية أمامه.
ورسمت الزين خطة تحالفها لإسقاط الانقلاب، وتتمثل في الوصول بالبلاد لمرحة «العصيان المدني الشامل»، وإفقادها أي سلطة على المواطنين، تصل حد رفضهم دفع أي رسوم حكومية، واستطردت: «لكن هذه مرحلة تحتاج للمزيد من العمل والتوعية الجماهيرية»، وتابعت: «العصيان بدأ مبكرا منذ لحظة رفضنا للعمل بحالة الطوارئ ومنذ إعلانها، وبدأ الإضراب السياسي».
ورأت الزين أن الوصول للإضراب السياسي والعصيان المدني بحاجة للمزيد من التنظيم والتشبيك بين الأشكال النقابية والمهنية والسياسية، وختمت: «لا نشك مطلقاً في إمكانية الوصول للعصيان المدني، وهي مرحلة قادمة لا محالة».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

التحديات المائية في أفريقيا تتصدر محادثات مصرية - أوغندية

منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)
منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)
TT

التحديات المائية في أفريقيا تتصدر محادثات مصرية - أوغندية

منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)
منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)

محادثات مصرية أوغندية هيمنت عليها التحديات المائية في أفريقيا، والتعاون بين دول حوض النيل، في ظل توترات تتصاعد بين القاهرة وأديس أبابا زاد من وتيرتها تفعيل اتفاقية «عنتيبي»، على غير رغبة مصر، التي طالبت بمراجعتها حفاظاً على حقوقها المائية المقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب.

وأكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن تحركات مصر مع أوغندا، إحدى الدول الموقعة على اتفاقية «عنتيبي»، تأتي ضمن مسار تعزيز التعاون لمجابهة التحديات المائية والتوصل لتفاهمات تتفق مع القانون الدولي ولا تضر بأحد، وضمن سياسة مصر الخارجية لحضور قوي ومؤثر في مختلف المجالات بالقارة السمراء، وأشاروا إلى أن تلك التحركات يعززها إنشاء القاهرة «صندوق استثمارات» بين دول حوض النيل، مما يفتح الباب لتدشين مرحلة جديدة من الشراكة البناءة التي تحقق مصالح الجميع.

ولمصر تاريخ من التعاون مع أوغندا، منها تنفيذ مشروع درء مخاطر الفيضان في أغسطس (آب) 2018 بمنحة مصرية قدرها 2.7 مليون دولار، وتوقيع اتفاقية استخباراتية أمنية في أبريل (نيسان) 2021، وفي مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع قائد قوات الدفاع الشعبية بأوغندا موهوزي موسيفيني، جهود التنمية بين دول القارة الأفريقية، لا سيما دول حوض النيل وعلى مستوى القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.

وأجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأوغندي، جيجي أودونجو، وذلك بهدف «بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين والتشاور حول عدد من القضايا الإقليمية التي تهم القارة الأفريقية»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية»، الخميس.

ونقل الوزير عبد العاطي لنظيره الأوغندي «حرص مصر على مزيد من تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية وبما يعود بالنفع والفائدة على البلدين والشعبين الشقيقين».

وتم خلال الاتصال التشاور وتبادل الرؤى بين الوزيرين «حيال عدد من القضايا التي تهم البلدين وخاصة في ظل التحديات التي تواجهها القارة الأفريقية، والدور المحوري الذي تضطلع به الدولتان لدعم السلم والأمن والاستقرار بالقارة».

السيسي خلال استقبال قائد قوات الدفاع الشعبية بأوغندا موهوزي موسيفيني في القاهرة أخيراً (الرئاسة المصرية)

علاقات مصر وأوغندا، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير صلاح حليمة، ممتدة في أكثر من مسار في إطار تعاون مائي وأمني، يشمل تناول التحديات بالقارة، وبحث تعظيم فرص التعاون بما يحقق المصالح المشتركة، لافتاً إلى أن المحادثات الأخيرة في ذلك الإطار.

ويعتقد الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أن تواصل مصر وأوغندا يأتي في إطار ملفات مهمة مرتبطة بالتحديات المائية بالقارة لا سيما بين دول حوض النيل والمهددات الأمنية التي تشهدها أفريقيا، لافتاً إلى أن هذا التواصل «تأكيد على الحضور المصري المؤثر والذي لو كان مبكراً على السنوات العشر الأخيرة، لما كانت وقعت اتفاقية (عنتيبي) ولا صار (سد النهضة) الإثيوبي تهديداً للقاهرة».

كما تناول الوزير المصري عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع أودونجو، إعلان مصر الأربعاء «إطلاق آلية استثمارية لدعم التنمية في دول حوض النيل لدعم المشروعات التنموية ومشروعات البنية التحتية والمشروعات المائية في دول حوض النيل الجنوبي والعمل بالتوازي على جذب التمويل الأجنبي لهذه الآلية»، مؤكداً «أهمية التوافق والشمولية وعدم إحداث ضرر لتعزيز أسس التعاون بين دول حوض النيل».

وأعلنت الحكومة المصرية في بيان صحافي، الأربعاء، أن مجلس الوزراء وافق على اعتماد مقترح بشأن قيام الدولة المصرية بتأسيس آلية تخصص لتمويل دراسة وتنفيذ المشروعات التنموية والبنية الأساسية بدول حوض النيل؛ وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي في هذا الشأن.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، الأربعاء، فإن «الآلية تهدف إلى تحقيق التنمية على أساس المشاركة والتعاون بين مصر وأشقائها في دول حوض النيل من خلال تعزيز الاستثمار في المشروعات التنموية ومشروعات البنية الأساسية في هذه الدول، معتمدة على ميزانية الدولة المصرية، والشراكة مع القطاع الخاص المصري، والشراكة مع الأشقاء في دول حوض النيل، وشركاء القارة الأفريقية من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية».

وتلك الآلية، باعتقاد صلاح حليمة، تستهدف تعظيم السياسة المصرية المتبعة في أفريقيا، بدعم مسار التعاون مع دول حوض النيل لتجاوز أي خلافات، لافتاً إلى أن مسار التعاون في إطار ثنائي أو متعدد أحد ثوابت مصر بالقارة الأفريقية في إطار احترام القوانين والمواثيق الدولية.

وبالإمكان أن تكون محادثات مصر وأوغندا التي تعد إحدى أهم دول اتفاقية عنتيبي ضمن المساعي المصرية لإعادة التفاوض عليها بما يضمن حقوق دول المنبع والمصب، وفق حليمة.

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

ويضم حوض نهر النيل 11 دولة أفريقية بين دول المنبع: (بوروندي، والكونغو، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا، وإريتريا، وجنوب السودان)، فضلاً عن دولتي المصب (مصر والسودان)، وسط تجاذبات تقودها أديس أبابا تجاه اتفاقيات المياه التاريخية، وظهر ذلك بصورة جلية بعد بناء إثيوبيا «سد النهضة»، قبل نحو عقد، والحديث عن اتفاقيات ما تسميها «الحقب الاستعمارية» والدعوة لتعديلها أو إلغائها.

وتُعارض مصر والسودان اتفاقية «عنتيبي»، وتتمسّكان باتفاقيات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، وتُقرّ نسبة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، وترفض أي مشروع مائي بمجرى النيل يُلحق أضراراً بالأمن المائي.

لذا المحادثات المصرية - الأوغندية التي شهدت بحث آلية الاستثمارات بين دول حوض النيل، وفق تورشين بمثابة «تدشين لمرحلة جديدة من التعاون، خاصة وكمبالا إحدى أهم عواصم دول حوض النيل، وستسعى القاهرة لتوسعة تلك المحادثات مع دول أخرى بالحوض في مسعى لمنع أي تهديد بشأن الأمن المائي».

وبخلاف ملف نهر النيل، الذي تسعى مصر لإيجاد صيغة توافقية تحترم القانون الدولي، فهناك المسار الاقتصادي بأفريقيا الذي سيكون إحدى أهم نقاط التعاون الفترة المقبلة الذي تعتمد عليه القاهرة للاستمرار في استعادة دورها التاريخي بالقارة والتغلب على تهديدات محتملة، بحسب تورشين.