السيناتور غراهام والجنرال برينان «يعاينان» التهديدات التركية لمناطق السيطرة الكردية

التقى السيناتور الأميركي ليندسي غراهام وقائد قوات التحالف الدولي الجنرال الاميركي جون برينان أمس ( الأربعاء) قادة «قوات سوريا الديمقراطية» و «مجلس سوريا الديمقراطية» وإدارتها الذاتية في مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، وبحثا معهم في ملفات أمنية وعسكرية وعمليات التحالف في ملاحقة وتعقب الخلايا النائمة الموالية لتنظيم «داعش» إضافة إلى تصاعد وتيرة التهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة ضد مناطق سيطرة «قسد» .
وقال مصدر كردي بارز إن قادة «قسد» ومجلس «مسد» والإدارة الذاتية ناقشوا التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة «في ظل استمرار التهديدات التركية وهجماتها، والحاجة إلى خفض التصعيد من قبل جميع الأطراف واحترام اتفاقيات وقف إطلاق النار لتعزيز الاستقرار والضغط على تركيا لكبح تهديداتها». وكشف أن السيناتور غراهام نقل إلى القادة السوريين «ضرورة إيجاد صياغة متوازنة تحفظ العلاقة الأميركية التركية من جهة، وتضمن استقرار مناطق شمال شرقي سوريا واستمرار مهمة قتال تنظيم (داعش) بالتعاون مع قوات (قسد) من جهة ثانية». كما تحدث عن «مناطق عازلة بين قسد وتركيا». إضافة إلى تطوير العلاقات التجارية بين الجانبين. كما شمل البحث ملفات مسلحي تنظيم «داعش» المحتجزين لدى «قسد» ومصير عائلاتهم الموجودة في مخيمي «الهول» و «روج» شمال شرقي سوريا.
ثم تفقد غراهام والجنرال برينان «سجن الصناعة» جنوب مدينة الحسكة الذي شهد تمرداً وعصياناً مسلحا في بداية العام الحالي، كما تفقدا مخيم الهول المكتظ الذي يقع في الجهة الشرقية من المحافظة ويضم نحو 56 ألف نازح ولاجئ من سوريا والعراق وقسما خاصا بالمهاجرين الأجانب. وعقدا اجتماعاً مع إدارة المخيم التي أكدت أن تدهور الأوضاع الأمنية وتزايد حالات القتل والاعتداء تصاعدت مع ارتفاع وتيرة التهديدات (التركية) منذ الشهر الماضي. وقالت همرين حسن مديرة المخيم في أتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»،«نقلنا لهما، أن الحوادث الأمنية مثل جرائم القتل والهروب زادت مع التهديدات التركية واستمرار هجماتها (تركيا) على مناطق الإدارة»، وأكدت أن «ذلك يفتح الطريق أمام التنظيمات الإرهابية لا سيما خلايا (داعش) لتنظيم نفسها من جديد في المخيم ومحيط المنطقة»، وحذرت المسؤولة الكردية من تداعيات العملية التركية المرتقبة قائلة: «ستؤدي إلى كارثة إنسانية لا سيما في المخيمات المكتظة».
وفي سياق متصل، أجرى وفد بريطاني فرنسي من القوات المشاركة في التحالف الدولي محادثات مع «مجلس منبج العسكري» المنضوي في صفوف «قسد»، في المدينة الواقعة شرق محافظة حلب، في شأن التهديدات التركية والتصعيد العسكري المصاحب لها. واطلع الوفد على الأوضاع في المنطقة وعقد اجتماعاً موسعاً مماثلاً مع الإدارة المدنية واستمع إلى وجهات نظرها.
كما وصل وفد من التحالف الدولي إلى مدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشرقي ضم خبراء في الشؤون العسكرية والمدنية في الجيش الأميركي، والتقى الإدارة الذاتية وتجول في شوارع المدينة واستمع إلى الأهالي ومخاوفهم وهواجسهم الأمنية إزاء تصاعد التهديدات التركية.
وكانت قوات التحالف بما فيها الوحدات الأميركية، انسحبت من مدينتي منبج وعين العرب بعد تنفيذ تركيا عمليتها العسكرية «نبع السلام» نهاية عام 2019.
وبعد ساعات من زيارة الوفد، أعلنت «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» حالة الطوارئ العامة ورفعت جاهزيتها القصوى في عموم مناطق نفوذها، عقب اجتماعات الجانب الأميركي مع قادة الإدارة والقيادة العامة لقوات «قسد» ورئاسة مجلس «مسد»، على أن تضع جميع إمكاناتها الخدمية والبشرية والمالية في حماية شعوب المنطقة من أي هجوم تركي مرتقب، في وقت أكد فيه مسؤول سياسي كردي بارز أنهم مستعدون للحوار مع جميع الدول والجهات الفاعلة في الحرب السورية؛ بما فيها تركيا، لحل الأزمة السورية.
وأعلنت الإدارة الذاتية في بيان نشر على موقعها الرسمي «حالة الطوارئ العامة والإيعاز إلى كافة المجالس والهيئات واللجان والمؤسسات التابعة للإدارة إعداد خطط للطوارئ لمواجهة التهديدات التركية والتحديات الأمنية». وذكرت سهام قريو، رئيسة «المجلس العام» في «الإدارة» في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أنه «بناء على مقتضيات المصلحة العامة ولما تتعرض له مناطق (الإدارة) من تهديدات مستمرة من قبل الدولة التركية وقصفها المستمر، أعلنا حالة الطوارئ ورفع الجاهزية القصوى»، على أن توضع جميع الإمكانات بخدمة حماية الشعب من أي هجوم تركي على مناطق الإدارة، و«أوعزنا القرار إلى المجلس التنفيذي بالإدارة ورئاسات الإدارات المدنية في مناطق الإدارة إعطاء الأولوية في مشاريعها لمواجهة التهديدات التركية».
واتهمت المسؤولة بالإدارة الذاتية تركيا باتباع سياسات التغيير الديمغرافي وتهجير السكان الآمنين وخلق حالة من الفوضى والنزوح وزعزعة الاستقرار، «بهدف توسيع رقعة الاحتلال وتنفيذ أجندات معادية تسمح بعودة فلول الإرهابيين والمتطرفين إلى المنطقة، مما سيؤثر وبشكل مباشر على مكتسبات الإدارة التي تحققت بفضل تضحيات أبناء مكوناتها السورية الأصيلة والعريقة»، بحسب قريو، وأخبرت بأن الجيش التركي يستخدم كل صنوف الأسلحة الثقيلة والطيران المسير في استهداف المدنيين والبنية التحتية، و«دمرت المستشفيات ومحطات كهرباء ومياه ومنشآت مدنية، ونيتها احتلال وقضم المزيد من الأراضي السورية».
في سياق متصل، قررت رئاسة المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية رفع درجة الجاهزية القصوى للتصدي لأي هجوم تركي مرتقب، بعد اجتماع عاجل (الأربعاء)، وقالت في بيان رسمي إنها حالة حرب، «الحالة التي نمر فيها هي حالة حرب ويجب التصرف على هذا الأساس، آخذين بعين الاعتبار كافة التجهيزات والتحضيرات اللازمة لمواجهة الحرب، وتم رصد الميزانية اللازمة لمواجهة التداعيات السلبية للحرب المحتملة»، وناقشت جميع الاستعدادات والجاهزية القصوى لمواجهة الحرب إذا ما حدثت، خصوصاً في المناطق والقرى الحدودية حيث تهدد تركيا بعملية عسكرية ضدها.
في سياق متصل، قال صالح مسلم، رئيس «حزب الاتحاد الديمقراطي» أحد أبرز الجهات السياسية التي تدير «الإدارة»، في اتصال هاتفي أمس مع «الشرق الأوسط» من مدينة القامشلي، إنهم مستعدون للحوار مع جميع الأطراف؛ بما فيها تركيا، لحل الأزمة السورية، «إننا نرحب بجميع الأطراف الذين يودون حل المشكلة السورية والقضية الكردية»، وشدد على أن تركيا سيطرت خلال السنوات الماضية على مناطق كردية عدة شمال سوريا، «تركيا احتلت عفرين وسري كانيه وتل أبيض، وهناك آلاف المهجرين من منازلهم، وقبل البدء بأي حوار يجب إيجاد حل لهذه المناطق»، ودعا إلى العمل على خلق وتجهيز أرضية تتضمن النقاط المتعلقة بشعوب شمال شرقي البلاد وإيجاد حل جذري للمهجرين قبل البدء بأي حوار، وأضاف: «نحن لسنا من عشاق الحروب».
ولفت السياسي الكردي المتحدر من مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، إلى أن جزءاً من أجواء مناطق الإدارة يخضع لسيطرة طيران التحالف الدولي الذي يدعم قوات الإدارة العسكرية «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، فيما يخضع الجزء الآخر لسيطرة الطيران الحربي الروسي، وشدد مسلم: «إذا لم تسمح هذه الجهات (واشنطن وموسكو) فلن تستطيع تركيا الهجوم؛ كون مدننا الكردية على الحدود بعمق يصل إلى 30 كيلومتراً، ويجب فرض حظر جوي وإيقاف باقي الهجمات بالقذائف والصواريخ»، ولم يستبعد قيام تركيا بشن هجوم مباغت في أي لحظة أو دقيقة، وتابع حديثه ليقول: «الشيء الذي تريده تركيا هو وقوف الجميع إلى جانبها لمحاربة الكرد وإبادتهم. لن نقوي ظهرنا بأي أحد؛ فالشعب مستعد ليخوض هذا النضال. نحن نتحضر لذلك، وبأنفسنا سنقاوم. أرضنا شرفنا وكرامتنا»، واختتم حديثه بالقول: «ليس هناك من يحمل السلاح بدلاً منا. سنحارب بأنفسنا، وكل شخص يقول أنا سوري؛ فعليه الدفاع عن السيادة السورية ووحدة الأراضي السورية».