الرئيس التونسي: الدستور الجديد لا يشكل خطراً على الحريات

دعا المواطنين إلى التصويت عليه «حتى تتحقق أهداف الثورة»

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

الرئيس التونسي: الدستور الجديد لا يشكل خطراً على الحريات

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

قال الرئيس التونسي قيس سعيد، أمس، إن الدستور المقترح لا يشكل خطراً على حقوق التونسيين وحرياتهم، ولن يعيد البلاد إلى الحكم الاستبدادي، ليرد بذلك على انتقادات وجهتها مختلف الأطياف السياسية، وليحث المواطنين على دعمه في استفتاء سيُجرى الشهر الجاري.
واتهم سعيد المنتقدين لدستوره بأنهم «دأبوا على الافتراء... وما أبعد ما يروجونه عن الحقيقة»، قائلاً إن «الجميع يعلم ما عانته تونس منذ عقود، وخصوصاً العقد الماضي. فقد أفرغوا خزائن الدولة، وزاد الفقراء فقراً، وازداد من أفسدوا إثراء».
ودعا الرئيس سعيد من خلال مذكرة تفسيرية لمشروع الدستور الجديد، أصدرتها مؤسسة الرئاسة أمس، التونسيين، إلى التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء على مشروع الدستور المقرر في 25 من يوليو (تموز) الحالي «حتى لا يصيب الدولة هرم، وحتى تتحقق أهداف الثورة... فلا بؤس ولا إرهاب ولا تجويع، ولا ظلم ولا ألم... ويوم الاستفتاء هو مناسبة لتحقيق مطالبكم وإنقاذ دولتكم».
وأضاف الرئيس سعيد مدافعاً عن مشروعه السياسي: «من يدَّعي أن مشروع الدستور يُهيئ لعودة الاستبداد لم يكلف نفسه عناء النظر في كل بنوده وأحكامه، ولم ينظر في تركيبة المحكمة الدستورية، ولا في إمكانية سحب الوكالة، ولا في حق المجلس في مساءلة الحكومة، ولا في تحديد حق الترشح لرئاسة الدولة إلا مرة واحدة»، مبرزاً أن المجلسين النيابيين لهما حق مراقبة الحكومة، كما أن للشعب حق مراقبة أعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ونواب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وله حق سحب الوكالة من أعضاء كل واحد من هذين المجلسين. كما قال رداً على منتقدي مشروع الدستور، إنه «لا يهيّئ لاختلال التوازن بين السلطات، والتوازن يختل فقط حين يهيمن حزب واحد أو تحالف واحد على كل مؤسسات الدولة»، على حد تعبيره.
وبخصوص دوافعه لإجراء الاستفتاء في هذا التوقيت تحديداً، قال الرئيس سعيد، إن «الواجب المقدس لإنقاذ مؤسسات الدولة الموشكة على الانهيار، والمحاولات المتكررة لضرب وحدة البلاد، والإفلات من المحاسبة وانتشار الفساد، كلها أسباب دفعتني إلى تنظيم استشارة وطنية، علاوة على حوار وطني قبل وضع مشروع الدستور الجديد الذي سيُعرض على الشعب».
لكن معظم الأحزاب السياسية وجماعات المجتمع المدني أبدت معارضتها لدستور الرئيس، قائلة إنه تم وضعه من جانب واحد، وسوف يفتقر إلى الشرعية؛ لأن التونسيين أمامهم أقل من 4 أسابيع لاتخاذ قرار بشأنه، ولا يوجد حد أدنى لمشاركة الناخبين لتمريره.
وانضمت نقابة الصحافيين إلى المعارضين للدستور، وقالت في بيان أمس، إن هذا المشروع «يلغي باب الهيئات الدستورية، ومنها هيئة الاتصال السمعي البصري، بما يفتح المجال أمام السلطة التنفيذية للتدخل المباشر في قطاع الإعلام، عبر منح إجازات البث وسحبها وتسليط العقوبات... وهذا الأمر يتعارض مع مكاسب الثورة والمعايير الدولية، وتعديل الإعلام بطريقة تشاركية، وعبر هيئات دستورية مستقلة وفاعلة، ويرجعه إلى مربع هيمنة السلطة ومحاولة توظيفه وضرب استقلاليته».
من جانبه، قال الصادق بلعيد، رئيس اللجنة التي عينها الرئيس سعيد لإعداد المسودة الأولى من الدستور الذي أعاد الرئيس صياغته بعد ذلك، إن نسخة الرئيس «خطيرة وتمهد الطريق لنظام ديكتاتوري مشين»، موضحاً أن النسخة التي قدمها سعيد «لا تشبه المسودة التي أعدتها اللجنة».
في سياق ذلك، عبَّرت «جبهة الخلاص الوطني» عن رفضها لمشروع الدستور، ومقاطعتها للاستفتاء «لما يُمثله من عودة للنّظام الرئاسوي المقيت»، على حد تعبيرها، معلنة تمسكها بدستور 2014، وقالت إن «إصلاحه يجب أن يكون نتيجة حوار وطني شامل، يحافظ على مبادئ الفصل بين السلطات والتوازن والرقابة المتبادلة بينها، كشرط لضمان الحقوق والحريات وسيادة القانون».
واعتبرت «جبهة الخلاص» أن هذا المشروع صيغ بعد إقصاء الأحزاب ومنظّمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية المستقلة من كل حوار، أو تشاور حول مُستقبل البلاد، وما تقتضيه من إصلاحات، وأُحيطت صياغته بجوّ من التكتّم والسرية، مما دفع بكثير من المشاركين في الاستشارة إلى الانسحاب منها، كما أن رئيس اللجنة الاستشارية، الصادق بلعيد، تبرأ من مشروع الدستور الذي نشره سعيد.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».