قمة «العشرين» تشهد لقاء جديداً بين وزيري خارجية أميركا والصين

يجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بنظيره الصيني وانغ يي، خلال اجتماعات وزراء خارجية مجموعة العشرين في بالي هذا الأسبوع، حسبما أعلنت عنه وزارة الخارجية الأميركية، أمس (الثلاثاء).
هذا الاجتماع الذي سيجري خلال زيارة بلينكن لآسيا من اليوم (الأربعاء) حتى (الاثنين)، سيكون أحدث اجتماع على مستوى رفيع بين مسؤولين أميركيين وصينيين، في وقت يدرس الرئيس الأميركي جو بايدن رفع التعريفات الجمركية على بعض المنتجات الصينية لتخفيف حدة التضخم.
وقد سعت الولايات المتحدة للتقارب مع الصين وعقد محادثات اقتصادية ثنائية لمناقشة التحديات الضخمة التي تواجه الاقتصاد العالمي وسط تكهنات متزايدة بإمكانية خفض بعض التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب على الواردات الصينية.
ولمح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، للصحافيين خلال قمة مجموعة السبع في ألمانيا الأسبوع الماضي إلى أنه من المتوقع أن يتحدث الرئيس بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ خلال الأسابيع المقبلة.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن وزيرة الخزانة جانيت يلين، أجرت محادثات جوهرية مساء الاثنين مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه -كبير المسؤولين الاقتصاديين في بكين- ووصفت المحادثات بأنها كانت بمبادرة من الولايات المتحدة، وبأنها «صريحة» وبنّاءة وبراغماتية. وأضاف بيان وزارة الخزانة الأميركية أن الجانبين ناقشا «وجهات النظر حول وضع الاقتصاد الكلي واستقرار السلسلة الصناعية وسلسلة التوريد العالمية، واتفقا على أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات خطيرة تستدعي العمل لتنسيق أفضل للسياسات بين الصين والولايات المتحدة».
ولم يذكر بيان وزارة الخزانة التعريفات أو العقوبات، لكنه ذكر أن يلين «أثارت قضايا مثيرة للقلق» بما في ذلك تأثير الحرب الروسية ضد أوكرانيا على الاقتصاد العالمي وما وصفتها بالممارسات الاقتصادية الصينية «غير العادلة وغير السوقية».
تأتي المكالمة بين كبار المسؤولين الاقتصاديين من البلدين بعد تقرير لوكالة «بلومبرغ» ذكر أن بايدن قد يعلن «تراجعاً عن بعض التعريفات الأميركية على السلع الاستهلاكية الصينية» هذا الأسبوع. وقال التقرير -الذي نقل عن مصادر لم يسمّها- إن هذه الخطوة تعد «وسيلة لمواجهة التضخم المتسارع».
وقد أشارت تقارير عدة صادرة عن البنك الدولي والمؤسسات المالية إلى قلق متزايد بشأن مخاطر حدوث ركود عالمي، وسط تضخم لم يسجَّل منذ عقود يضرب المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي الجانب الآخر، تعرض الاقتصاد الصيني لضربة بسبب سياسة عدم انتشار «كوفيد - 19» في البلاد. ويشعر المحللون بالقلق من أن ينكمش الاقتصاد الصيني في الربع الثاني، مما يجعل هدف النمو السنوي للحكومة والبالغ 5.5 في المائة لعام 2022 بعيد المنال. كما عبّر الجانب الصيني عن «قلقه إزاء قضايا مثل رفع الرسوم الإضافية والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين والمعاملة العادلة للشركات الصينية».
وقد فرض الرئيس السابق دونالد ترمب في عام 2018 رسوماً جمركية على واردات الصين التي تبلغ قيمتها 34 مليار دولار ودخلت حيز التنفيذ منذ ذلك الحين. وتصاعدت التوترات بشكل كبير بين البلدين حيث فرضت الصين أيضاً تعريفات جديدة على الواردات الأميركية وسط مخاوف عالمية من الدخول في مرحلة حرب تجارية. وبعد أشهر من المفاوضات، تم التوقيع على هدنة تجارية في يناير (كانون الثاني) 2020، لكن العلاقات الثنائية ظلت متوترة في ظل إدارة بايدن.
ولم تُجر إدارة بايدن أي محادثات اقتصادية جوهرية مع الصين منذ تولي بايدن منصبه في يناير 2021 وركزت السياسة الاقتصادية لإدارة بايدن في آسيا على بدء اتفاقية تجارية جديدة مع الحلفاء في المنطقة.
ومع المشكلات الداخلية الأميركية، أدى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة إلى إذكاء التوقعات بأن الإدارة ستخفف بعض التعريفات للمساعدة في كبح ارتفاع الأسعار. وأشار بعض المحللين إلى أن إدارة بايدن لديها «دافع سياسي قوي» لتخفيف الرسوم الجمركية من أجل خفض التضخم قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقد أشارت وزيرة الخزانة جانيت يلين، الشهر الماضي إلى أن الإدارة الأميركية تريد إعادة تشكيل الرسوم الجمركية التي، وفقا لتصريحاتهاً، «لم تكن في الحقيقة مصممة لخدمة مصالحنا الاستراتيجية». وهو التصريح الذي يتناقض مع رؤية الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي، التي وصفت هذه الرسوم بأنها «نفوذ» ضد الصين، وتساءلت عن مدى تأثير إزالتها على التضخم.
ويقول محللون إن إلغاء التعريفات لن يكون له سوى تأثير هامشي على التضخم في الولايات المتحدة وتجارة الصين، حيث يشكل الركود المحتمل في أكبر اقتصاد في العالم تهديداً أكبر لتوقعات الصين. وأشار بنك «باركليز بي إل سي» إلى أنه في حالة التراجع الكامل عن الرسوم الجمركية، فإن التأثير المباشر الأقصى على التضخم في الولايات المتحدة هو الخفض لمرة واحدة بمقدار 0.3 نقطة مئوية.