مصر تحقق في أسباب هجوم القرش بالغردقة

أعلنت السلطات المصرية أمس، إجراء تحقيق موسع بشأن هجوم القرش الذي أودى بحياة سائحتين، قبالة منتجع سهل حشيش بالغردقة (جنوب شرقي مصر)، وأغلقت محافظة البحر الأحمر الشواطئ المحيطة بموقع الحادثة، بداية من منطقة سهل حشيش، حتى منطقة مكادي، منذ مساء يوم الجمعة الماضي.
وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، في بيان صحافي أمس، «إنه فور تلقي بلاغ بتعرض سيدتين لهجوم من سمكة قرش أثناء ممارسة رياضة السباحة السطحية بالمنطقة المواجهة لمنتجع سهل حشيش جنوب مدينة الغردقة، تم تشكيل مجموعة عمل من المختصين بمحميات البحر الأحمر وجمعية (هيبكا)».
ووجهت فؤاد اللجنة المشكلة بالوقوف على الأسباب العلمية وملابسات حادث الهجوم، مع جمع كافة المعلومات من جميع المصادر، وتحليل تلك البيانات والمعلومات طبقاً للبروتوكولات المستخدمة عالمياً في تحقيقات حوادث هجوم أسماك القرش على البشر.
ووفق وزيرة البيئة، فإن «فريق العمل المختص ببحث ملابسات الحادث ما زال يقوم باستكمال مهام عمله للتوصل بشكل دقيق لأسباب السلوكيات التي نتجت عن سمكة القرش المتسببة في الحادث تجاه الفقيدتين». وأعلنت الوزارة عن أسفها تجاه الحادث، وقدمت التعازي لأسر الضحيتين.
وحاول علاء عاقل، رئيس لجنة تسيير أعمال غرفة المنشآت الفندقية المصرية، طمأنة السائحين بشأن الهجمات الأخيرة. وقال في تصريحات صحافية، إن «هذا الهجوم نادر الحدوث، ويحدث مرة كل 10 سنوات، أو أكثر، لأن البحر مفتوح وبه جميع أنواع الأسماك وسلوكها غير مأمون، والسياح يعلمون ذلك قبل نزولهم المياه، وبالتالي فالحادث عارض ووارد حدوثه في أي مكان بالعالم».
من جهته، قال أحمد العزب إبراهيم، غواص مصري، يعمل منذ 3 عقود بالغردقة، إنه منذ عمله في مجال الغوص بالغردقة لم يصادف وجود أي هجمات لأسماك القرش، مشيراً إلى أن أسماك القرش تنتشر قبالة السواحل المصرية بالبحر الأحمر، ويتم تنظيم رحلات غوص بصفة منتظمة لرؤيتها، لافتاً إلى أنه يتم مشاهدة نوعين من أسماك القرش باستمرار وهما «وايت تيب»، و«وير شارك».
وأضاف العزب لـ«الشرق الأوسط»: «عدم رصده وزملاء كثيرين له، أسماك القرش من أنواع (ماكو)، التي ينسب إليها بعض الهجمات خلال الأعوام الأخيرة بالسواحل المصرية المطلة على البحر الأحمر».
ورغم إغلاق الشواطئ المحيطة بموقع حادثة هجوم القرش، فإن أعمال الغوص والسنوركل والسباحة مستمرة في مياه البحر قبالة المناطق البعيدة عن موقع الهجوم، وفق العزب. ويستبعد العزب تأثر حركة السياحة سلبياً بهجوم القرش بسهل حشيش، مشيراً إلى أن الحادثة نادرة، واستثنائية، ولفت إلى تردد الكثير من السائحين الأجانب على الغردقة للاستمتاع برياضة الغوص منذ ما يقرب من 30 عاماً. ونفى العزب إقدام الغواصين على تقديم الطعام للقروش، وقال «من يفعل ذلك سيتم إغلاق شركته في الحال من قبل وزارة البيئة، قد يتم ذلك بشكل فردي أو سري من قبل البعض بعيداً عن الرقابة».
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020، تعرض زوار شاطئ محمية رأس محمد بمحافظة جنوب سيناء إلى هجمات قرش، لم تسفر عن وفيات، ولم تتكرر خلال الأشهر الماضية.وتعد هجمات القرش بمدينة شرم الشيخ في عام 2010 من أخطر حوادث هجوم القرش في مصر خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حيث قتل وأصيب عدد من السائحين الأوروبيين في سلسلة من الهجمات الدامية.
وتعرضت الأجهزة المحلية المصرية لانتقادات حادة وقتئذ بسبب تعاملها الذي وُصف بأنه «متسرع»، حيث قللت من خطورة الهجمات، بعد إعلانها عن صيد سمكتي قرش من نوعين مختلفين (المحيطي الأبيض) و(ماكو)، وقالت إنهما متسببتان عن الهجوم، وأعادت فتح الشواطئ مرة أخرى، لكن بعد مرور ساعات قليلة على قرار إعادة فتح الشواطئ تعرضت سائحة ألمانية إلى هجوم عنيف من سمكة قرش، توفيت على أثره. ما دفع السلطات المصرية إلى إغلاق الشواطئ مجدداً، والاستعانة بخبراء أجانب لبحث أسباب الهجمات الدامية.
وأكد الباحث الأميركي، رالف إس كوليير، الخبير بمعهد بحوث أسماك القرش، وقائد فريق تحقيق هجمات القرش بشرم الشيخ عام 2010، أن سبب هجوم القرش على البشر، الذي يعد نادراً في تلك المنطقة، يرجع إلى قيام غواصين محليين بإطعام أسماك القرش بأيديهم، وبسبب اعتياد القرش على هذه الممارسات خلال تلك الفترة ظن أن السائحين غواصون سُيقدمون على إطعامه، لذلك بدأ بالتهام أذرعهم في البداية، ثم الأرداف، التي كان يوجد عليها حقيبة الظهر لدى الغواصين والزبائن.
وبعد انتهاء التحقيق، غلظت الحكومة المصرية العقوبات على الأفراد الذين يطعمون القرش في البحر، ما أدى إلى عدم تكرار الهجمات خلال السنوات العشر الأخيرة، حتى تم الإعلان عن هجوم نادر جديد بمحمية رأس محمد في 2020، وأخيراً بالغردقة.