المعارضة السورية تستبعد أي حل سياسي قريب للأزمة وترجح كفة الميزان العسكري

تعتبر أن سقوط النظام سيؤدي إلى سقوط «داعش» شرط وجود قرار إقليمي ـ دولي حاسم

المعارضة السورية تستبعد أي حل سياسي قريب للأزمة وترجح كفة الميزان العسكري
TT

المعارضة السورية تستبعد أي حل سياسي قريب للأزمة وترجح كفة الميزان العسكري

المعارضة السورية تستبعد أي حل سياسي قريب للأزمة وترجح كفة الميزان العسكري

رغم الهزائم المتتالية التي تلحق بالنظام السوري في الفترة الأخيرة، وخسارته لمناطق عدة، بعضها استراتيجية، لا ترى المعارضة أي أفق لحل سياسي في المدى القريب، مرجحة كفة الحل العسكري ما لم يتخذ أي قرار إقليمي - دولي يقضي بالتخلي عن الرئيس السوري بشار الأسد. وفيما يرى البعض أن صعوبة الحل السياسي تكمن اليوم في الوجود الكبير للتنظيمات الإرهابية على الأرض، ولا سيما «داعش» الذي تشير التقارير إلى سيطرته على 50 في المائة من مساحة سوريا، يجتمع جانب مهم من المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، على اعتبار أن إنهاء النظام سيؤدي إلى إنهاء «تنظيم داعش»، وستتحول الجهود عندها باتجاه «عدو واحد» هو هذا التنظيم الذي تستفيد منه كل الأطراف بطريقة أو بأخرى.
وفي هذا الإطار، يرى عضو الائتلاف الوطني سمير نشار أن توجه الأزمة السورية السياسي ستفرضه الصورة العسكرية النهائية على الأرض، في ضوء التقدم الذي تحرزه الفصائل المعارضة في الفترة الأخيرة، موضحا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «لحراك السياسي الدولي في هذه المرحلة سيكون ضعيفا إلى حين انتهاء المعارك بعد أشهر قليلة وظهور نتائج المحادثات الأميركية – الإيرانية التي من شأنها أن تنعكس سلبا أو إيجابا على مؤتمر (جنيف3)».
ولا يختلف القيادي في الجيش الحر، عبد الجبار العكيدي، عن نشار، لجهة عدم تفاؤله في أي حل سياسي قريب. ورغم تأكيده أن أي مفاوضات لا بد أنها تعتمد بشكل أساسي على التوازنات العسكرية التي هي اليوم لصالح المعارضة، والهزائم المتتالية التي تلحق بالنظام، غير أنه يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا نرى أن هناك أي رغبة أو قرار دولي في التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وخير دليل على ذلك المبادرات التي لم ولن تؤدي إلى نتيجة»، مضيفا: «هذه المستجدات قد تؤدي إلى توجه النظام للعمل على تقسيم سوريا بعدما بات شبه عاجز عن المواجهة ويركز اهتمامه على مناطق معينة، لكننا لن نسمح له بأن يصل إلى مبتغاه، وسنستمر في معركتنا ضده وضد مخططاته للمحافظة على سوريا موحدة». وهو الأمر الذي يشير إليه نشار، مرجحا أن تشهد المرحلة المقبلة انسحابات متتالية من قبل النظام في مناطق عدة هي حلب وحماه ودرعا، بحيث تبقى أولويته في الدفاع عن مناطق لا يمكن أن يستغني عنها، وتمركز قواته للدفاع عنها وهي، دمشق والقلمون وحمص والساحل.
ويرى عضو الائتلاف الوطني، أن المستجدات العسكرية من شأنها أن تؤدي إلى احتمالين اثنين؛ السيناريو الأول سيتمثل في حل سياسي متوافق عليه إقليميا، ومن ثم دوليا يؤدي إلى تقاسم النفوذ الإقليمي في سوريا مع المحافظة عليها أرضا وشعبا، مضيفا: «ويبدو واضحا أن إيران، وإلى حين أن تتضح الصورة، لن تتخلى عن الرئيس السوري بشار الأسد إلا إذا ضمنت مصالحها في المنطقة من خلال النظام في سوريا وحزب الله في لبنان، وقد يكون الحل بأي صيغة ممكنة منها التوافق على شخصيات مقبولة من قبل الطرفين لقيادة المرحلة الانتقالية».
من جهته، يؤكد العكيدي أن المعارضة لا تزال متمسكة، أكثر من أي وقت مضى، بشروطها للقبول بأي حل سياسي في سوريا، موضحا: «من الأساس أبدينا موافقتنا على الحل، شرط أن ينص بشكل أساسي على رحيل الأسد وأركان النظام وإحالة المجرمين منهم الذي قتلوا الشعب السوري إلى المحاكمات».
أما السيناريو الثاني، وفق نشار، فسيكون كارثيا، من خلال تقسيم سوريا عمليا، بحيث تبقى كل جهة حيث هي في المناطق المسيطرة عليها لتمارس نفوذها، معتبرا أن النظام يعمل بطريقة أو بأخرى للسير نحو هذا الخيار من خلال اللجوء إلى الانسحاب من عدد من المناطق أمام المجموعات المتطرفة ليقول للمجتمع الدولي وبعض المكونات السورية، بينها طائفته، أنتم أمام خيارين إما أنا أو التنظيمات الإرهابية.
وأوضح نشار أنه «إضافة إلى الانسحابات نفسها التي امتدت من وادي الضيف إلى إدلب وتدمر، هناك سؤال يطرح نفسه، كيف تمكنت قوافل داعش من الانتقال 200 كلم في الصحراء من دير الزور إلى تدمر من دون أن يتعرض لها طيران النظام ولا طيران التحالف؟»، مشيرا إلى أن «هناك معلومات تفيد بأن النظام عمد إلى إفراغ محتويات المصرف المركزي ومتحف تدمر قبل أسبوع من سقوط المدينة، وهو الأمر الذي يعكس أن هناك سياسة غض النظر عن (داعش) لاستخدامها أداة ضد النظام السوري لإنهاكه».
وفيما يؤكد نشار أن الائتلاف الوطني وبعض القوى الأخرى ستكون الطرف السياسي المفاوض من قبل المعارضة في حال بدأ العمل على أي حل سياسي، يرى نشار أن المهمة لجهة ممثلي الفصائل العسكرية التي يمكن أن تتولى التفاوض تختلف بين منطقة وأخرى، موضحا: «في المنطقة الجنوبية السيطرة هي للجيش الحر، وبالتالي يمكن التحكم بالأمر، وفي الشمالية لا أعتقد أنه سيكون هناك صعوبة في التعامل مع المجموعات الإسلامية بحيث يمكن لبعض الدول التي تتحكم بها أن تتولى مهمة توحدها وقبولها بالتفاوض. أما في ما يتعلق بالمناطق الخاضعة لسيطرة (داعش) و(جبهة النصرة)، مختلف الأطراف (أميركا وحزب الله والمعارضة والنظام)، تستفيد اليوم من وجود التنظيم الإرهابي كل بما يتناسب مع مصالحه، وعندما يلوح في الأفق أي حل بتوافق إقليمي ودولي فسيتوحد الجميع لمحاربة هذا التنظيم».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.