بكين تشيد بالحكم الذاتي في هونغ كونغ تحت سلطتها... ولندن وواشنطن تنتقدان «تآكله»

أحد قادة الحركة الديمقراطية قال إن المدينة هادئة ومتناغمة لأنها فقدت تنوعها السياسي وحرية التعبير

أعلام الصين وهونغ كونغ تزين البنايات (إ.ب.أ)
أعلام الصين وهونغ كونغ تزين البنايات (إ.ب.أ)
TT

بكين تشيد بالحكم الذاتي في هونغ كونغ تحت سلطتها... ولندن وواشنطن تنتقدان «تآكله»

أعلام الصين وهونغ كونغ تزين البنايات (إ.ب.أ)
أعلام الصين وهونغ كونغ تزين البنايات (إ.ب.أ)

في الذكرى 25، التي صادفت أمس (الجمعة)، لتسلم بكين مقاليد الحكم في المستعمرة البريطانية السابقة، أشاد الرئيس الصيني شي جينبينغ، بـ«الديمقراطية الحقيقية» والحكم الذاتي القائم على «بلد واحد ونظامين» المطبق في هونغ كونغ منذ إعادتها إلى السيادة الصينية، متجاهلاً انتقادات دولية لقانون الأمن القومي المطبق وقمع الحريات الديمقراطية. إذ أعربت واشنطن على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن عن أسفها «لتآكل الحكم الذاتي» في المركز المالي العالمي، فيما تعهّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عدم «التخلي» عن المدينة. وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في مسيرة خلال زيارة شي قبل خمس سنوات. وكان الأول من يوليو (تموز)، يستخدم فرصة سنوية لأهالي هونغ كونغ للتعبير عن مظالمهم. ولم تنظم احتجاجات هذه المرة، مع وجود أبرز السياسيين المعارضين والنشطاء المدافعين عن الديمقراطية، إما في السجن أو المنفى الذاتي.
وقال شي خلال الاحتفال بالذكرى، التي صادفت يوم أمس، إنّه «بعد إعادة توحيدها مع الوطن الأمّ، أصبح سكّان هونغ كونغ أسياد مدينتهم»، معتبراً أنّ «الديمقراطية الحقيقية في هونغ كونغ بدأت حينئذ»، رغم القوانين التي فرضت عليها وقمع الحريات الديمقراطية فيها منذ عامين. وقال الناشط المؤيد للديمقراطية ناثان لو، الذي هرب من هونغ كونغ، في تغريدة: «المدينة بأكملها لها صوت مهيمن واحد وتم القضاء على الآخرين. إنها هادئة ومتناغمة لأنها فقدت تنوعها السياسي وحرية التعبير». وأضاف: «إنه فشل وليس نجاحاً (دولة واحدة ونظامان)».
وأعادت بريطانيا هونغ كونغ إلى الحكم الصيني في أول يوليو (حزيران) 1997، حيث وعدت بكين بحكم ذاتي واسع النطاق، وحقوق فردية غير مقيدة، واستقلال قضائي على الأقل حتى عام 2047. ويتهم منتقدو الصين السلطات بانتهاك تلك الحريات بقانون شامل للأمن القومي فرضته بكين على المدينة في عام 2020 في أعقاب احتجاجات شعبية مؤيدة للديمقراطية في العام السابق.
وزيارة شي لهونغ كونغ هي الأولى له منذ عام 2017، عندما أدت كاري لام اليمين لتصبح أول امرأة ترأس المدينة. وقال شي بعد أداء زعيم المدينة الجديد جون لي اليمين أمس (الجمعة)، إنه لا يوجد سبب لتغيير صيغة «دولة واحدة ونظامان» المستخدمة في حكم هونغ كونغ. ورفضت الصين وهونغ كونغ الاتهامات، الموجهة لقانون الأمن القومي، وقالت إن التغييرات «أعادت النظام بدلاً من الفوضى» حتى تزدهر المدينة. وقال شي إن القانون يفيد «الحقوق الديمقراطية» لسكان المدينة، وإن صيغة «دولة واحدة ونظامان» ستبقى سارية.
وتابع: «بعد كل العواصف، أدرك الجميع بأسى أن هونغ كونغ لا يمكن أن تغرق في الفوضى وأن هونغ كونغ لا يمكن أن تسمح لنفسها (بأن تغرق في) الفوضى». واعتبر أنه ينبغي على المدينة «التخلّص من كل مصادر الإزعاج والتركيز على التنمية». وأشار شي أثناء مراسم تخللها أيضاً أداء الرئيس الجديد للسطة المحلية اليمين، إلى سيطرة الحزب الشيوعي الصيني على المدينة، بعد موجة التظاهرات المطالبة بالديمقراطية التي شهدتها في 2019، ودفعت ببكين إلى فرض قمع سياسي مشدد. وقال شي: «بالنسبة لهذا النوع من النظام الجيد، لا يوجد سبب على الإطلاق لتغييره. يجب الحفاظ عليه على المدى الطويل».
ويرى بعض المحللين أن زيارة شي ناجحة بعد أن شددت بكين سيطرتها على هونغ كونغ. وبعد وصوله إلى المدينة الخميس، قال شي إن المدينة تغلبت على تحدياتها و«نهضت من بين الرماد».
وتولى مدير الأمن السابق لي، الخاضع لعقوبات أميركية بسبب دوره في تنفيذ قانون الأمن، المسؤولية في وقت تواجه فيه المدينة نزوحاً جماعياً للسكان وأصحاب المهارات في ظل بعض من أقسى قيود مكافحة «كوفيد - 19» في العالم. ونشرت السلطات قوات أمنية ضخمة، وأغلقت الطرق والمجال الجوي حول ميناء فيكتوريا، حيث أعاد الحاكم الاستعماري الأخير، كريس باتن، هونغ كونغ إلى الصين في مراسم أقيمت تحت مطر غزير في عام 1997.
وقد أغلقت بعض أجزاء من المدينة ومنع كثير من الصحافيين من حضور الاحتفالات. واتخذت السلطات خطوات للقضاء على أي مصدر محتمل للإحراج أثناء زيارة شي للمدينة. واعتقلت الشرطة والأمن الوطني تسعة أشخاص على الأقل الأسبوع الماضي. وقالت رابطة الاشتراكيين - الديمقراطيين، أحد آخر الأحزاب السياسية المعارضة المتبقية في هونغ كونغ، إنها لن تتظاهر في الأول من يوليو (تموز) بعد محادثات مع ضباط من الأمن القومي ومتطوعين مرتبطين بالمجموعة. وأكد قادة الرابطة لوكالة الصحافة الفرنسية أنه تم تفتيش منازلهم. وتنتشر في المدينة لافتات تعلن بدء حقبة جديدة من «الاستقرار والازدهار والفرص».
وبدئ يوم الجمعة، بمراسم رُفع خلالها علما الصين وهونغ كونغ، وحضره الرئيس المقبل للسلطة التنفيذي جون لي ونظّمه عسكريون على أنغام النشيد الوطني.
لكن الرئيس الصيني الذي أمضى ليلته بحسب وسائل إعلام محلية في مدينة شنجن المجاورة في بر الصين الرئيسي، وعاد إلى هونغ كونغ صباح الجمعة، لم يحضر هذه المراسم.
وكانت كل الأحداث مغلقة أمام الجمهور، لكن مجموعات صغيرة تشكلت على مقربة من أماكن الاحتفالات.
وكانت ليو (43 عاماً) التي تعمل في مطعم، تلتقط صوراً بهاتفها لمروحيات تحلّق حاملةً علمَي هونغ كونغ والصين. وقالت: «وطننا الأمّ اعتنى بنا جيّداً ونحن ممتنّون لذلك». وأضافت: «أنا كلّي أمل للسنوات الـ25 المقبلة». وفي مطعم قريب، لم يتوقع تشينغ (35 عاماً) أي شيء مهمّ من هذا اليوم. وقال: «بالنسبة إليّ، وبالنسبة لبعض سكان هونغ كونغ أيضاً على ما أظن، فإن أكبر تأثير لزيارة (شي) هي زحمة سير خانقة في كل مكان».


مقالات ذات صلة

بطاريات قابلة للزرع في خلية سرطانية تساعد على قتلها

بطاريات قابلة للزرع في خلية سرطانية تساعد على قتلها

بطاريات قابلة للزرع في خلية سرطانية تساعد على قتلها

تحتوي الخلايا السرطانية بشكل عام على مستويات منخفضة من الأكسجين، وهي حالة تعرف باسم «نقص الأكسجة»، وقد وفرت هذه الميزة هدفاً جذاباً وواضحاً، وهو تصميم نظام توصيل الأدوية الذي يبحث عن بيئة منخفضة الأكسجين، لاستهدافها بأدوية قاتلة للسرطان. لكن كانت هناك مشكلة تعوق هذا النهج، وهي مستويات «نقص الأكسجة» غير الكافية أو غير المتكافئة في الأورام الصلبة، وهي المشكلة التي حلها فريق بحثي صيني، عبر إنتاج بطارية مستهلكة للأكسجين يتم زرعها في بيئة الخلية السرطانية، وتم الإعلان عن تفاصيل هذا الإنجاز في العدد الأخير من دورية «ساينس أدفانسيس». وهذه البطارية التي تم الإعلان عن تفاصيلها، ذاتية الشحن، وتعمل على ز

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق تشيونغ تشينغ لونغ (من اليمين) مع زميله بالفريق البحثي (جامعة هونغ كونغ)

دواء للسكري يُقلل مخاطر أمراض الكلى والجهاز التنفسي

اكتشف فريق بحثي في قسم الصيدلة بكلية الطب بجامعة هونغ كونغ، أن دواءً جديداً يستخدم لخفض الغلوكوز لمرضى السكري من النوع الثاني، يمكن أن يكون مفيداً في تقليل خطر إصابتهم بأمراض الكلى والجهاز التنفسي، بما في ذلك أمراض الكلى في مرحلتها النهائية، ومرض انسداد مجرى الهواء، والالتهاب الرئوي. وخلال الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «علم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي»، قدم الفريق البحثي دليلاً بالتجارب السريرية على أن مثبطات الناقل (SGLT2i)، وهي فئة جديدة من أدوية خفض الغلوكوز لمرض السكري من النوع 2.

حازم بدر (القاهرة)
العالم صورة تجمع أعلام الولايات المتحدة والصين وهونغ كونغ (رويترز - أرشيفية)

الصين تستدعي القنصل الأميركي في هونغ كونغ إثر تصريحات «غير لائقة»

استدعى كبير الدبلوماسيين الصينيين في هونغ كونغ مؤخراً القنصل العام الأميركي؛ بسبب تصريحات اعتبرها «غير لائقة»، وحذّره من تعريض الأمن القومي الصيني للخطر، وفق ما أفاد متحدث وكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الخميس). والتقى مفوض وزارة الخارجية الصينية في هونغ كونغ ليو غوانغيوان القنصل العام الأميركي غريغوري ماي «قبل أيام قليلة»، من أجل «تقديم احتجاجات رسمية والتعبير عن الرفض الشديد له ولقنصليته، بسبب تصريحاتهم وأفعالهم غير اللائقة التي تدخلت في شؤون هونغ كونغ»، وفق متحدث باسم مكتب ليو. ولم يذكر المتحدث موعد الاجتماع بالضبط. خلال فعالية عبر الإنترنت، الشهر الماضي، قال الدبلوماسي الأميركي الذي تولى من

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم الرئيس الصيني شي جين بينغ (يمين) والرئيس التنفيذي لهونغ كونغ الخاصة جون لي (إ.ب.أ)

بدء محاكمة أبرز الشخصيات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ

بدأت اليوم (الاثنين) محاكمة 47 من أبرز الشخصيات المؤيدة للديموقراطية في هونغ كونغ، في أكبر قضية قضائية حتى الآن بموجب قانون الأمن القومي الذي قضى على كل معارضة في المدينة. ويواجه المتهمون عقوبة السجن مدى الحياة إذا أدينوا "بالتآمر لارتكاب عمل تخريبي"، وتتهمهم سلطات هونغ كونغ بمحاولة إطاحة حكومة المدينة الموالية لبكين.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
العالم جيمي لاي مكبّل اليدين (إ.ب.أ)

حكم جديد بالسجن بحق جيمي لاي على خلفية خرق عقد إيجار

أصدر القضاء في هونغ كونغ، اليوم (السبت)، حكما جديداً بحق قطب الإعلام المؤيد للديمقراطية جيمي لاي يقضي بسجنه 5 سنوات و9 أشهر بعد إدانته بالاحتيال في عقد إيجار. ولاي، البالغ 75 عاماً، أحد مؤسسي صحيفة «أبل ديلي» المغلقة حالياً، أمضى أخيراً عقوبة بالسجن 20 شهراً، بعد عدة إدانات لدوره في احتجاجات وتجمعات غير مرخصة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».