الانقلابيون يصادرون قرية تاريخية في صنعاء لحماية مواقعهم العسكرية

TT

الانقلابيون يصادرون قرية تاريخية في صنعاء لحماية مواقعهم العسكرية

لم تعد قرية حصن عطان في جنوب غرب مدينة صنعاء موقعاً تاريخياً، كما لم تعد منازلها العتيقة ملكاً لأصحابها؛ حيث أظهرت وثيقة حوثية أن الميليشيات جلبت مدنيين ليكونوا دروعاً بشرية للمواقع العسكرية المحيطة بالقرية، قبل مصادرتها بالكامل باعتبارها ملكاً لقواتهم.
وأُبلغ سكان القرية الأصليون بهذا القرار قبل نحو شهرين فقط بعد انقضاء أكثر من سبع سنوات على الحرب؛ حيث عرفوا أن قريتهم استخدمت لحماية المواقع العسكرية، وأن انتزاعها منهم كان وفق خطة محكمة بدأت بالدفع بأعداد من العائلات للسكن في تلك البيوت القديمة التي هجرها ملاكها إلى مبانٍ جديدة، وبحجة أنهم نازحون من محافظات أخرى.
ولأن الحصون والقرى القديمة تنتشر في المنطقة الممتدة من عطان غرباً وحتى بيت بوس جنوباً، فإن أغلب سكان هذه الحصون والقرى ومع التوسع الكبير الذي شهدته العاصمة اليمنية خلال تسعينات القرن الماضي وبداية القرن الجديد، نزلوا من المرتفعات وبنوا مساكن حديثة، مستفيدين من الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي، حيث باعوا جزءاً وشيدوا عمارات حديثة في الجزء الآخر.
وفي حين ظلت تلك القرى والحصون مزاراً للسكان خلال العطلة الأسبوعية أو في الأعياد، وجد ملاكها أنفسهم للمرة الأولى في تاريخ البلاد في مواجهة مع سلطة الحوثيين التي صادرت كل المرتفعات الواقعة في المدينة ومحيطها ومنها هذه القرى، حيث حوّلت محيطها إلى مواقع عسكرية كما هو حاصل في حصن بيت بوس وقرية بيت زبطان وأخيراً قرية حصن عطان.
ووفق سكان القرية التي يعتليها جبل يمتد لمسافة كبيرة، استخدم الجبل لسنوات طويلة ولا يزال مقراً لقوات الصواريخ، كما استخدمت كهوفه مخازن لوقودها وذخائرها، في حين كان معظم سكان القرية قبل الانقلاب بسنوات غادروها إلى المنطقة الواقعة أسفلها، مستفيدين من الارتفاع الكبير في سعر الأراضي التي كانوا يملكونها وباعوا أجزاء منها، حيث استقروا في الحي الذي يحمل الاسم نفسه، وهو من أرقى أحياء المدينة، ويسكنه عدد كبير من المسؤولين والتجار.
وظلت تلك البيوت - بحسب السكان - تؤوي بعض الفقراء أو الرعاة الذين لا يجدون مساكن، وبالاتفاق مع ملاكها يقوم هؤلاء بحماية المنازل والاهتمام بها، قبل أن يدفع الحوثيون بعشرات الأسر إلى تلك المنازل في عام 2017، بحجة أنهم نازحون من دون مأوى، حيث وافق الملاك الأصليون على استخدام منازلهم بدوافع إنسانية.
وقال السكان إنهم فوجئوا في مطلع أبريل (نيسان) الماضي بخطاب مما تسمى وزارة الدفاع في حكومة الحوثيين، بإمضاء القيادي العقيد عبد الله أحمد جحاف رئيس ما تسمى لجنة حصر أراضي القوات المسلحة وموجه إلى نيابة جنوب غرب العاصمة؛ حيث يزعم الخطاب أن القرية «أملاك عسكرية»، لأنها تقع على مقربة من مواقع الميليشيات، كما يطلب من النيابة عدم النظر في مطالب ملاك القرية من المقيمين فيها بتحرير عقود إيجار بالمنازل التي يسكنون فيها.
وبحسب ملاك القرية فإنه قبل عامين تقريباً قام مكتب فرع الهيئة العامة للمساحة بصنعاء بعمل محضر مزور للمناطق المحيطة بحصن عطان مع أحد النازحين يدعى الوروري، الذي قدم على أنه أحد الملاك ومندوب عن بقيتهم، وكان هذا تحت ضغط وإلحاح وإشراف ما تسمى لجنة حصر أراضي وزارة الدفاع الحوثية.
وذكر السكان أنه تم إيقاف هذا الأمر في حينه، وتم التحقيق مع مَن قام بالتزوير، إلا أنه وقبل فترة قصيرة حصل خلاف بين الملاك والنازحين الساكنين في بيوتهم، من دون أن يدفعوا إيجارات، وطلب الملاك منهم تحرير عقود إيجار، ولكن الخلاف تطور إلى أن وصل إلى قسم الشرطة ومن ثم إلى نيابة جنوب غرب الأمانة، لكن القيادي جحاف تدخل وأرسل مذكرة إلى النيابة تم بموجبها الإفراج عن الوروري الذي يتهم بأنه شريك جحاف في تزوير المحضر.
وتعهد سكان القرية الأصليون بعدم السماح بنهب أملاكهم وأكدوا أن ما تسمى وزارة الدفاع الحوثية ليس لها أراضٍ تملكها، وأن المناطق المرتفعة منها فقط تكون ملكيتها لمصلحة أراضي وعقارات الدولة، وأن ذلك يكون بعد قرار يصدر من لجنة خاصة تشكل لهذا الغرض، ويكون من ضمن أعضائها مندوب عن الملاك.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.