محاربة التضخم أهم من النمو في عرف البنوك المركزية

باول: لا توجد ضمانات للنجاح

قال جيروم باول إن الطريق إلى «الهبوط الناعم» يصبح «أكثر صعوبة بشكل كبير» كلما استمر التضخم لفترة أطول (رويترز)
قال جيروم باول إن الطريق إلى «الهبوط الناعم» يصبح «أكثر صعوبة بشكل كبير» كلما استمر التضخم لفترة أطول (رويترز)
TT

محاربة التضخم أهم من النمو في عرف البنوك المركزية

قال جيروم باول إن الطريق إلى «الهبوط الناعم» يصبح «أكثر صعوبة بشكل كبير» كلما استمر التضخم لفترة أطول (رويترز)
قال جيروم باول إن الطريق إلى «الهبوط الناعم» يصبح «أكثر صعوبة بشكل كبير» كلما استمر التضخم لفترة أطول (رويترز)

قال رؤساء بنوك مركزية كبرى مساء الأربعاء إن خفض التضخم حول العالم سيكون مؤلما وقد يحطم النمو، لكن يجب إنجازه بسرعة لمنع نمو سريع للأسعار من أن يصبح مترسخا.
ووصل التضخم حول العالم إلى أعلى مستوياته في عدة عقود بفعل قفزات في أسعار الطاقة، واختناقات في سلاسل التوريد بعد الجائحة.
وقال جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي: «العملية من المرجح بشدة أن تتضمن بعض الألم، لكن الألم الأسوأ سيأتي من الفشل في معالجة هذا التضخم المرتفع والسماح له بأن يصبح دائما».
ومرددة كلمات باول، قالت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي إن التضخم المنخفض في عهد ما قبل الجائحة لن يعود، وإن المركزي الأوروبي يتعين عليه أن يتحرك الآن لأن نمو الأسعار من المرجح أن يبقى فوق مستوى 2 في المائة المستهدف لسنوات قادمة.
وقال باول إن تصميم تشديد للسياسة النقدية لتفادي ركود في الولايات المتحدة ممكن بالتأكيد، مضيفا أن المسار ضيق وأنه لا توجد أي ضمانات للنجاح. وقال باول إن الاقتصاد الأميركي ما زال «في حالة قوية» وقادرا على تجاوز أوضاع الائتمان المشددة مع تفادي الركود أو حتى زيادة كبيرة في معدل البطالة... لكنه أضاف أن الطريق إلى ما يطلق عليه «هبوط ناعم» يصبح «أكثر صعوبة بشكل كبير» كلما استمر التضخم لفترة أطول وزادت فرصة أن تصبح توقعات الناس للتضخم غير مؤكدة. وقال أوغستين كارستنز المدير العام لبنك التسويات الدولية، وهو مظلة لمجموعة من البنوك المركزية، إن صانعي السياسات اتخذوا الخطوة الأولى في الاعتراف بأن لديهم مشكلة. وأضاف أن مهمتهم الآن هي تشديد السياسة النقدية بينما تتصاعد المخاطر.
وأبلغ كارستنز المؤتمر السنوي للبنك المركزي الأوروبي: «يجب عليهم أن يحاولوا... منع الانتقال الكامل من بيئة تضخم منخفض إلى بيئة تضخم مرتفع تسمح لهذا التضخم المرتفع بأن يترسخ».
وقال أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا إن البنك المركزي البريطاني مستعد لمزيد من الزيادات في معدلات الفائدة إذا استمر التضخم المرتفع. لكنه حذر من أن الاقتصاد البريطاني من الواضح الآن أنه يمر بمنعطف ويبدأ بالتباطؤ.
وكانت لاغارد أعلنت الثلاثاء أن هذه المؤسسة ستذهب «قدر ما يلزم» لمحاربة التضخم «المرتفع بشكل مفرط»، والمرتقب أن يبقى كذلك «لبعض الوقت» في منطقة اليورو. وقالت إن صدمة التضخم الحالية تشكل «تحديا كبيرا لسياستنا النقدية». ويتمثل هدف المركزي الأوروبي في إعادة التضخم إلى مستوى قريب من 2 في المائة، فيما بلغ ذروته في مايو (أيار) الماضي مع أكثر من 8 في المائة في منطقة اليورو، ويمكن أن يزيد بشكل إضافي في يونيو (حزيران) بحسب أرقام متوقعة الجمعة. وتستعد المؤسسة في يوليو (تموز) الجاري في مواجهة التضخم المتزايد، لرفع نسب الفائدة للمرة الأولى منذ 11 عاما، بمجرد إنهاء مشترياته من الديون في السوق.
وقد زاد هذا الاحتمال من مخاطر حدوث أزمة ديون في منطقة اليورو مع تزايد فروق أسعار الفائدة المطلوبة من دول شمال وجنوب أوروبا للاقتراض وتمويل عجزها. واضطر المركزي الأوروبي في الآونة الأخيرة إلى بذل قصارى جهده لطمأنة المستثمرين من خلال الإعلان عن الاستعدادات لـ«أداة مكافحة التجزئة» الجديدة لتخفيف فروقات نسب الفائدة بين الدول المستفيدة من ظروف اقتراض جيدة والدول الأخرى.
وقالت لاغارد الثلاثاء إن هذه الأداة الجديدة «يجب أن تكون فعالة ومتناسبة وتحتوي على ضمانات كافية للحفاظ على زخم الدول الأعضاء نحو سياسة موازنة سليمة». ويعد منع الفروق بين معدلات الاقتراض السيادية شرطا مسبقا للانتقال الصحيح للسياسة النقدية في كل دول منطقة اليورو الـ19. وفي هذا الإطار فقط سيكون من الممكن «للفوائد أن ترتفع بقدر ما هو ضروري» كما أعلنت لاغارد، المديرة العامة السابقة لصندوق النقد الدولي. لكن البنك المركزي الأوروبي يواجه معضلة لأن رفع معدلات الفائدة بشكل سريع جدا يمكن أن يغرق منطقة اليورو في الركود، خصوصا أن المؤسسة سبق أن خفضت توقعاتها للنمو للسنتين المقبلتين. وقالت لاغارد: «لكننا ما زلنا نتوقع معدلات نمو إيجابية» بسبب الدعم الداخلي للاقتصاد.
ولا يريد البنك المركزي الأوروبي أن يكون الطرف الوحيد الذي يتحرك في العاصفة، ولذلك يتوجب على الحكومات ومسؤولي السياسة النقدية «لعب دورهم في خفض المخاطر»، كما قالت. وهذا عبر تقديم «دعم محدد الهدف وموقت» للاقتصاد مع مراعاة ماليتهم العامة كما خلصت لاغارد.


مقالات ذات صلة

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

الاقتصاد مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا) - لشبونة)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)»، لتعزيز الوصول إلى المواد الأساسية والتصنيع المحلي، بالإضافة إلى تمكين الاستدامة والمشاركة السعودية في سلاسل الإمداد العالمية.

ووفق بيان من «المبادرة»، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن المشروعات البارزة التي أُعلن عنها تشمل: مرافق صهر وتكرير، وإنتاج قضبان النحاس مع «فيدانتا»، ومشروعات التيتانيوم مع «مجموعة صناعات المعادن المتطورة المحدودة (إيه إم آي سي)» و«شركة التصنيع الوطنية»، ومرافق معالجة العناصر الأرضية النادرة مع «هاستينغز».

وتشمل الاتفاقيات البارزة الأخرى مصانع الألمنيوم نصف المصنعة مع «البحر الأحمر للألمنيوم»، إلى جانب مصنع درفلة رقائق الألمنيوم مع شركة «تحويل».

بالإضافة إلى ذلك، أُعلن عن استثمارات لصهر الزنك مع شركة «موكسيكو عجلان وإخوانه للتعدين»، ومصهر للمعادن الأساسية لمجموعة «بلاتينيوم» مع «عجلان وإخوانه»، إلى جانب مصهر للزنك، واستخراج كربونات الليثيوم، ومصفاة النحاس مع «مجموعة زيجين».

وهناك استثمار رئيسي آخر بشأن منشأة تصنيع حديثة مع «جلاسبوينت»، في خطوة أولى لبناء أكبر مشروع حراري شمسي صناعي في العالم.

يذكر أن «جسري» برنامج وطني أُطلق في عام 2022 بوصفه جزءاً من «استراتيجية الاستثمار الوطنية» في السعودية، بهدف طموح يتمثل في تعزيز مرونة سلاسل التوريد العالمية، من خلال الاستفادة من المزايا التنافسية للمملكة، بما فيها الطاقة الخضراء الوفيرة والموفرة من حيث التكلفة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي.

ويهدف «البرنامج» إلى جذب استثمارات عالمية موجهة للتصدير بقيمة 150 مليار ريال بحلول عام 2030.

وخلال العام الماضي، تعاون «البرنامج» مع كثير من أصحاب المصلحة المحليين والعالميين لمتابعة أكثر من 95 صفقة بقيمة تزيد على 190 مليار ريال سعودي، تغطي أكثر من 25 سلسلة قيمة.