روايات محظورة في قرار الرقيب فقط

مثقفون كويتيون يناقشون «المنع الناعم»

غلاف الرواية الممنوعة
غلاف الرواية الممنوعة
TT

روايات محظورة في قرار الرقيب فقط

غلاف الرواية الممنوعة
غلاف الرواية الممنوعة

«المنع الناعم»، هذا ما يمكن أن نصف به حالات منع الكتب لدى الرقابة في دولة الكويت، وخصوصًا الكتب الأدبية منها، وتحديدًا الروائية. وسبب هذا الوصف، يرجع إلى أن الكتب التي تمنع من قبل الرقابة، صحيح أنها لا تباع في المكتبات بشكل علني، ولكنها تتداول على الملأ، بل وتجري حولها الندوات والنقاشات وتنشر عنها الصحف.
وآخر هذه الندوات عن الكتب الممنوعة، تلك التي أقيمت (الثلاثاء) حول رواية الدكتور سليمان الشطي «الورد لك.. الشوك لي»، في ملتقى «أوركيد» الثقافي الذي تترأسه الناشطة الثقافية الكويتية الدكتورة إقبال العلي.
هذه الرواية فوجئ الدكتور الشطي بمنعها، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المنع تم بناء على جملتين أو ثلاث فقط ارتأى فيها الرقيب أنها كلمات خادشة للحياء، وذلك عن وصف الكاتب على لسان أحد الشخوص في الرواية، امرأة وهي تمشي، ثم يتحدث أيضا عن مشهد زفاف، اعتبره الرقيب غير لائق اجتماعيًا.
ولكن حسب قول الدكتور الشطي فإن الوصف جاء بلغة أدبية سردية ليس المقصود بها إثارة الغرائز ولا هي بالفاضحة التي تجعل عملاً مكونًا من 168 صفحة يمنع بسبب هذه العبارات.
بكل الأحوال، فإن المثقفين يستفيدون من مساحات الحرية التي تتيحها الكويت في عدم ملاحقة الذين يحتفون بهذه الروايات الممنوعة، ولا تسائلهم عن الندوات التي يعقدونها حولها، بل حتى جمعيات النفع العام الأهلية التي تحصل على ميزانياتها من الحكومة، تقيم أحيانا ندوات عن هذه الروايات، حتى التي منعت لأسباب سياسية، وهو ما فعلته سابقًا رابطة الأدباء الكويتيين، حين ناقشت رواية بعنوان «ذكريات ضالة» للكاتب عبد الله البصيص، وأيضا سبق أن ناقش ملتقى الثلاثاء، وهو ملتقى ثقافي خاص، رواية ممنوعة للكاتبة دلع المفتي.. وغيرها من الأعمال الأدبية التي يتم منعها فقط في قرار الرقيب، بينما تغض الجهات المعنية الطرف عن مناقشات هذه الأعمال على المنابر الثقافية، وتنشر عنها الصحف تغطيات واسعة، ويجري تداولها بين الناس بشكل علني.
وعن رواية الدكتور سليمان الشطي «الورد لك.. الشوك لي»، وصفت الكاتبة منى الشافعي، التي قدمت عنها ورقة نقدية في الندوة الأخيرة: بأن «العمل اجتماعي يحكي عن اضطهاد المرأة في مجتمع ما زال ذكوريًا، وقد نجح الشطي في معالجة هذا الواقع بامتياز»، وهو - حسب قول منى الشافعي - يرضي غرور المرأة. وتضيف: «في هذه الرواية نحن نقرأ روايتين بآن واحد، رواية توغل في الماضي، وأخرى تغوص في الواقع المعاصر، من خلال بطلة الرواية فوزية التي تتذكر معاناة أمها مع والدها الذي أحب خالتها الأصغر من أمها، فطلق الوالدة وتزوج الخالة.
المفارقة، أن رواية الدكتور سليمان الشطي تتحدث في مجرياتها عن كتاب تم منعه لبطلة الرواية فوزية، وهو حدث متخيل طبعًا، ولكن ما لبث أن واجه كتاب الدكتور سليمان الشطي المصير نفسه، الذي تحدث عنه في روايته.



«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد
TT

«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد

صدرت حديثاً عن «منشورات تكوين» في الكويت متوالية قصصية بعنوان «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد. وتأتي هذه المتوالية بعد عدد من الروايات والمجموعات القصصية، منها: «نميمة مالحة» (قصص)، و«ليس بالضبط كما أريد» (قصص)، و«الأشياء ليست في أماكنها» (رواية)، و«الإشارة برتقاليّة الآن» (قصص)، «التي تعدّ السلالم» (رواية)، «سندريلات في مسقط» (رواية)، «أسامينا» (رواية)، و«لا يُذكَرون في مَجاز» (رواية).

في أجواء المجموعة نقرأ:

لم يكن ثمّة ما يُبهجُ قلبي أكثر من الذهاب إلى المصنع المهجور الذي يتوسطُ حلّتنا. هنالك حيث يمكن للخِرق البالية أن تكون حشوة للدُّمى، ولقطع القماش التي خلّفها الخياط «أريان» أن تكون فساتين، وللفتية المُتسخين بالطين أن يكونوا أمراء.

في المصنع المهجور، ينعدمُ إحساسنا بالزمن تماماً، نذوب، إلا أنّ وصول أسرابٍ من عصافير الدوري بشكلٍ متواترٍ لشجر الغاف المحيط بنا، كان علامة جديرة بالانتباه، إذ سرعان ما يعقبُ عودتها صوتُ جدي وهو يرفع آذان المغرب. تلك العصافير الضئيلة، التي يختلطُ لونها بين البني والأبيض والرمادي، تملأ السماء بشقشقاتها الجنائزية، فتعلنُ انتهاء اليوم من دون مفاوضة، أو مساومة، هكذا تتمكن تلك الأجنحة بالغة الرهافة من جلب الظُلمة البائسة دافعة الشمس إلى أفولٍ حزين.

في أيامٍ كثيرة لم أعد أحصيها، تحتدُّ أمّي ويعلو صوتها الغاضب عندما أتأخر: «الغروبُ علامة كافية للعودة إلى البيت»، فأحبسُ نشيجي تحت بطانيتي البنية وأفكر: «ينبغي قتل كلّ عصافير الدوري بدمٍ بارد».

وهدى حمد كاتبة وروائيّة عُمانيّة، وتعمل حالياً رئيسة تحرير مجلة «نزوى» الثقافية.