21 حالة انتحار خلال 36 يوماً في مناطق سيطرة الحوثيين

يمنيون جالسون على سور منخفض مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
يمنيون جالسون على سور منخفض مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
TT

21 حالة انتحار خلال 36 يوماً في مناطق سيطرة الحوثيين

يمنيون جالسون على سور منخفض مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
يمنيون جالسون على سور منخفض مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)

قاد تدهور الوضع المعيشي المستمر في المناطق الخاضعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية مؤخراً إلى إجبار العديد من السكان من مختلف الأعمار على الانتحار هرباً من حدة الضغوط التي عصفت بهم منذ أكثر من سبع سنوات مضت من عمر انقلاب الجماعة على الشرعية في اليمن.
وفي الوقت الذي كشفت فيه تقارير يمنية عن انتحار مواطن يمني كل يومين في مدن عدة، معظمها واقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية؛ نتيجة أعمال القمع وسياسات التجويع والإفقار الحوثية الممنهجة، رصدت التقارير وقوع 21 حادثة انتحار خلال 36 يوماً.
وأوضحت التقارير، أن مدناً عدة تحت سيطرة الحوثيين منها إب وصنعاء العاصمة والبيضاء وتعز وعمران وغيرها شهدت في الأيام والأسابيع القليلة الماضية تسجيل العديد من حالات الانتحار في أوساط المدنيين من مختلف الأعمار.
وأغلب تلك الحالات المسجلة - بحسب التقارير - ناتج من تدهور الأوضاع المعيشية وجرائم القمع والتنكيل وفرض الجماعة الإتاوات على السكان في ظل معاناتهم المتكررة وانعدام فرص العمل أمام الآلاف منهم بمن فيهم الذين فقدوا رواتبهم.
وأكد ناشطون يمنيون قبل أيام إقدام ضابط في القوات المسلحة اليمنية على الانتحار، بعد تدهور أوضاعه المعيشية وتراكم ديونه نتيجة مصادرة الميليشيات منذ سنوات لمرتباته.
ويعاني مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين بالقطاعين العسكري والمدني في المناطق تحت سيطرة الميليشيات صنوف العذاب وأشد الويلات والحرمان جراء أساليب القمع والتعسف الحوثية والإقصاء والتسريح من الوظيفة العامة.
وسبق حادثة انتحار الضابط بأيام إقدام شاب آخر في الـ15 من عمره على شنق نفسه داخل منزل عائلته في حي هائل وسط صنعاء العاصمة.
وتوالياً لحوادث الانتحار التي شهدتها ولا تزال عديد من مناطق سيطرة الميليشيات، أقدم معتقل في السجن المركزي بمدينة رداع بمحافظة البيضاء مطلع هذا الشهر على الانتحار شنقاً؛ وذلك احتجاجاً على رفض الميليشيات إطلاق سراحه.
وذكر مصدر محلي برداع لـ«الشرق الأوسط»، أن شاباً يدعى وسيم مقبل الشخفير (25 عاماً)، تُوفي منتحراً داخل أحد سجون الميليشيات في المدينة، بعد فشله وأسرته مراراً بمطالبة إدارة سجن الجماعة بالإفراج عنه، لافتاً إلى أن اعتقال الميليشيات التعسفي للشاب كان قبل أشهر وفق تهم ملفقة. وبالعودة إلى محافظة إب التي لا تزال تتصدر – حسب ناشطين ومصادر – قائمة المناطق تحت سيطرة الميليشيات من حيث تسجيل أعداد المنتحرين فيها طيلة الفترة الماضية، كشف مصدر أمني عن تسجيل المحافظة هذا الأسبوع نحو ثلاث حوادث انتحار.
وبيّن المصدر، أن آخر تلك الحوادث تمثل بإقدام مواطن يدعى عبد الغني قاسم الشهاري قبل أيام على الانتحار حرقاً بعد إضرام النار على كامل جسده، أمام إدارة أمن مديرية العدين (غرب المدينة)؛ احتجاجاً على تعرضه لموجات تعسف وابتزاز حوثية.
وكانت وحدة رصد يمنية أكدت في تقرير أصدرته أخيراً، أن يمنياً ينتحر كل يومين نتيجة تدهور أوضاعهم المعيشية في بلد لا يزال يعيش غالبية سكانه على حافة المجاعة.
ورصدت الوحدة التابعة لـ«يمن مونيتور» في الفترة من (24 أبريل (نيسان) وحتى 30 مايو (أيار) من العام الحالي، حالات انتحار لأكثر من 21 شخصاً بعدد من المدن اليمنية. مؤكدة، أن غالبية الحالات أقدموا على الانتحار شنقاً.
وشملت بعض الحوادث - وفق التقرير - تسجيل نحو 7 حالات في إب، و3 في صنعاء العاصمة، وحالتين في تعز، ومثلها في الجوف، في حين توزعت ثلاث حالات أخرى بواقع حالة واحدة على محافظات ذمار وعمران والضالع. وبيّن التقرير وقوع حوادث انتحار عدة لم يعلن عنها أو تتطرق لها وسائل الإعلام في قرى ومناطق نائية بمحافظة إب.
وأرجع مراقبون الزيادة بحالات الانتحار إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي لا يزال يعانيها ملايين السكان في المدن تحت سيطرة الميليشيات.
وكان تقرير لمنظمة الصحة العالمية، أكد أن اليمن يحتل المرتبة الأولى بالنسبة للدول العربية في نسبة حالات الانتحار لعام 2019، والتي وصلت إلى 580 حالة لكل 100 ألف مواطن.
ويأتي ذلك متوازياً مع إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قبل أيام عن تعليقه الشهر الفائت جميع أنشطة الصمود وسبل العيش في اليمن بسبب نقص التمويل.
وقال البرنامج في تقدير موقف لشهر مايو، إنه اضطر إلى تعليق جميع أنشطة الصمود وسبل العيش في اليمن بسبب نقص التمويل، وأضاف، أنه لا مفر من قطع المساعدات الإضافية خلال الأشهر المقبلة ما لم يتم تعبئة أموال إضافية بشكل عاجل. مشيراً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 40 في المائة خلال عام واحد في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.