5 دوافع أساسية لتوحش التضخم عالمياً

لاغارد تؤكد الإصرار على رفع الفائدة... ومعركة دفاع عن العملات في آسيا

فيما يجتمع رؤساء البنوك المركزية الكبرى في لشبونة البرتغالية تركز نظيرتها في شرق آسيا على حماية العملات (رويترز)
فيما يجتمع رؤساء البنوك المركزية الكبرى في لشبونة البرتغالية تركز نظيرتها في شرق آسيا على حماية العملات (رويترز)
TT

5 دوافع أساسية لتوحش التضخم عالمياً

فيما يجتمع رؤساء البنوك المركزية الكبرى في لشبونة البرتغالية تركز نظيرتها في شرق آسيا على حماية العملات (رويترز)
فيما يجتمع رؤساء البنوك المركزية الكبرى في لشبونة البرتغالية تركز نظيرتها في شرق آسيا على حماية العملات (رويترز)

فيما تشهد مدينة لشبونة البرتغالية اجتماعاً مهماً للبنك المركزي الأوروبي، سيشمل في أجندته لقاء مع قادة البنوك المركزية الكبرى عالمياً، تخوض بنوك شرق آسيا معركة كبرى للدفاع عن عملاتها وسط جنون التضخم وسباق رفع الفائدة... بينما أكد خبراء عالميون أن الارتفاع الحالي في معدلات التضخم نتاج لخمسة دوافع أساسية.
ويرى روشير أغاروال، وهو اقتصادي أول في إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي، ومايلز كيمبول الأستاذ بجامعة كولورادو في بولدر، في مدونة حديثة على موقع صندوق النقد الدولي، أن هذه الأسباب الخمسة هي: الاختناقات في سلاسل الإمداد، وتحول الطلب من الخدمات إلى السلع، وحزمة التدابير التنشيطية الكلية والتعافي في مرحلة ما بعد الجائحة، وصدمة عرض العمالة، إضافة إلى صدمات إمدادات الطاقة والغذاء الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وحسب التجارب التاريخية السابقة، لن تستمر هذه الطفرة التضخمية الخارجة عن السيطرة لأكثر من عامين. ورغم وجود فروق مهمة عبر البلدان، ارتفع التضخم في جميع أنحاء العالم تقريباً. وفي الوقت الحالي، تتمثل أوجه عدم اليقين الرئيسية في مدى استمرارية ضيق الأوضاع في أسواق العمل واختناقات سلاسل الإمداد، وطبيعة استجابة البنوك المركزية لمعدلات التضخم المرتفعة.
وحسب الباحثين، «يشير تحليلنا إلى أن البلدان التي استطاعت كبح جماح التضخم لم يشهد سوى عدد قليل منها لاحقاً طفرة تضخمية مزمنة خارجة عن السيطرة. ويعني ذلك أن عدداً قليلاً فقط من البلدان سقط مجدداً في براثن التضخم بعد الاستفاقة من الموجة التضخمية (أو بعد فترة متواصلة من الاستفاقة امتدت حتى بداية التسعينات). وجاء ذلك مدعوماً أيضاً بعدد من الإصلاحات المؤسسية التي أتاحت للبنوك المركزية القوة اللازمة لمواجهة الضغط من جانب السياسيين لدفع عجلة النمو من خلال زيادة التضخم في اللحظات المناسبة».
وتخلص المدونة إلى أنه «ستتوقف مدة النوبة التضخمية الحالية على عاملين. أولاً، التفاعل بين استمرار ضيق الأوضاع في أسواق العمل واختناقات سلاسل الإمداد واستجابة البنوك المركزية. وثانياً، مدة الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على أسعار الطاقة والغذاء والنمو العالمي. وحسب التجارب التاريخية السابقة، لن تستمر هذه الطفرة التضخمية الخارجة عن السيطرة لأكثر من عامين... ولكن هذا التقييم قد يخطئ في مواطن قليلة».

- إصرار أوروبي واهتمام عالمي
وفي غضون ذلك، أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، خطط رفع معدل الفائدة بواقع ربع نقطة خلال شهر يوليو (تموز) المقبل، ولكنها قالت إن صانعي السياسات على استعداد لعمل ما هو أكثر من ذلك لمواجهة التضخم القياسي.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن لاغارد قدمت في الاجتماع السنوي لمسؤولي البنك المركزي الأوروبي في سينترا في البرتغال ضمانات بأن آلية مكافحة الأزمة الجديدة، التي لم يتم الإعلان عنها بعد، لن تقف عائقاً أمام التغلب على ارتفاع أسعار المستهلكين بأسرع وتيرة منذ تبني العملة الموحدة اليورو.
ويأتي اجتماع مسؤولي البنك في وقت صعب، حيث إنهم يستعدون لزيادة معدلات الفائدة لأول مرة منذ عقد. ومن ناحية أخرى، هناك مخاوف متزايدة من أن القطع المحتمل لإمدادات الطاقة الروسية سوف يؤدي لحدوث ركود. وكان المسؤولون قد عقدوا اجتماعاً طارئاً هذا الشهر عقب ارتفاع عوائد السندات الإيطالية، حيث قرروا تسريع العمل لوضع آلية جديدة لمواجهة مثل هذا الاضطراب.
ومما يزيد من أهمية الاجتماع، برمجة حضور كل من رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم بأول، ومحافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي، إضافةً إلى المدير العام لبنك التسويات الدولية أغوستين كارستينز، على أن يجتمع المسؤولون الأربعة، اليوم (الأربعاء)، في نهاية المنتدى.
والاجتماع يأتي بينما حذّر بنك التسويات الدولية «بي آي إس»، الأحد، في تقريره السنوي عن الاقتصاد، البنوك المركزية من أنه يجب ألا تسمح للتضخم بأن يستحكم، بينما يخيم خطر الركود التضخمي على الاقتصاد العالمي. وقال بنك التسويات الدولية الذي يعد بمثابة البنك المركزي للبنوك المركزية في العالم، إن على المؤسسات التحرك بسرعة لضمان العودة إلى تضخم منخفض ومستقر، في حين يتم الحد من تأثيراته في معدلات النمو.

- معركة دفاع عن العملات في آسيا
وفي جانب آخر من العالم، بعد سنواتٍ من بناء البنوك المركزية في آسيا احتياطياتها من النقد الأجنبي، بدأت هذه البنوك في الاستفادة من مخزونها لتعزيز قيمة عملاتها الضعيفة مقابل ارتفاع الدولار الأميركي.
وتراجع الاحتياطي النقدي في تايلاند إلى 221.4 مليار دولار في 17 يونيو (حزيران) وفقاً لبياناتٍ صدرت أواخر الأسبوع الماضي. ويُعد أدنى مستوى تُسجّله منذ أكثر من عامين. وتُظهر الأرقام الشهرية أن مخزون إندونيسيا من النقد الأجنبي بلغ أدنى مستوياته منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. كما أنّ احتياطيات كوريا الجنوبية والهند بلغت أدنى مستوياتها منذ أكثر من عام. وفي الوقت نفسه، كان احتياطي ماليزيا الأشدّ هبوطاً منذ عام 2015

- حسب تقرير لـ«بلومبرغ».
وقال راجيف دي ميلو، مدير محافظ عالمية لدى شركة «غاما أسيت مانجمنت» في جنيف: «ربما استخدمت بعض الدول احتياطياتها من العملات الأجنبية سعياً إلى تحقيق الاستقرار في عملاتها عندما كانت حركات الأسعار بالغة. وهي تعرف أنها لا تستطيع أن تغيّر اتجاه أسعار عملاتها التي تضعف أمام الدولار الأميركي إلاّ أنّ بإمكانها التخفيف من حدّة هذا التدهور».
وبالتعلم من الأزمة المالية الآسيوية خلال 1997 راكمت البنوك المركزية الدولارات للمساعدة في دعم قيمة عملاتها والدفاع عنها في ظلّ تقلبات السوق الجامحة. أما هذا العام، ومع إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي المتشدّدة لتعزيز الدولار الأميركي في الأسواق، عكست البنوك المركزية الآسيوية عملية الشراء، وكانت تايلاند وإندونيسيا من بين الدول التي تعهدت بالحدّ من التقلبات في عملاتها. بينما سمح البنك المركزي الفلبيني للسوق بتحديد قيمة البيزو مقابل الدولار، ويتدخل البنك فقط للحدّ من التقلبات.
ومن المحتمل أن تشهد عملات آسيا الناشئة ذات العائد المرتفع انفراجاً قريباً. وقد تواصل تراجعها بسبب تدهور موازينها المالية الخارجية إلى جانب مشاعر العزوف عن المخاطرة التي أطلقها تشديد السياسة النقدية عند بنك الاحتياطي الفيدرالي، وفقاً لخبراء استراتيجيين في مجموعة «غولدمان ساكس». كما لمح البنك المركزي الأميركي إلى زيادة كبيرة أخرى لأسعار الفائدة في يوليو، وسط تقديرات المتعاملين بزيادتها 75 نقطة أساس.


مقالات ذات صلة

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.