هل وصل ستيرلينغ إلى الحد الأقصى من عطائه مع مانشستر سيتي؟

ثقة غوارديولا في مهاجمه تراجعت وبات قريباً من مغادرة بطل إنجلترا

ستيرلينغ يسجل لمانشستر سيتي في مرمى نيوكاسل (رويترز)
ستيرلينغ يسجل لمانشستر سيتي في مرمى نيوكاسل (رويترز)
TT

هل وصل ستيرلينغ إلى الحد الأقصى من عطائه مع مانشستر سيتي؟

ستيرلينغ يسجل لمانشستر سيتي في مرمى نيوكاسل (رويترز)
ستيرلينغ يسجل لمانشستر سيتي في مرمى نيوكاسل (رويترز)

خلال اللقاء الذي جمع ليفربول ومانشستر سيتي على ملعب «أنفيلد» في شهر أبريل (نيسان) 2014، انطلق رحيم ستيرلينغ الذي كان يلعب في صفوف الأول آنذاك، في المساحة الخالية خلف مدافع سيتي فينسنت كومباني، ليتسلم تمريرة زميله الأوروغوياني لويس سواريز بلمسة رائعة من الجزء الخارجي لقدمه اليمنى، معلناً عن هجمة واعدة لمهاجم متميز. عندما تسلم ستيرلينغ الكرة كان على بُعد حوالي 12 ياردة من المرمى، وكان كومباني وحارس مانشستر سيتي جو هارت يغلقان زاوية التسديد إلى المرمى تماماً، لذلك غير ستيرلينغ اتجاهه إلى الداخل، وفتح زاوية جديدة بدلاً من تسديد الكرة بقدمه اليسرى في الزاوية السفلية للمرمى بين هارت وبابلو زاباليتا، حينها ارتمى حارس المرمى على الأرض بينما حاول كومباني جاهداً سد الطريق أمامه؛ لكن ستيرلينغ ارتد للخلف وسحب الكرة قبل أن يسددها في الزاوية البعيدة للجانب الأيمن في المرمى.
كان هذا هو الهدف الافتتاحي لليفربول في المباراة التي انتهت بفوز الفريق بثلاثة أهداف مقابل هدفين؛ لكن ما يجعل هذه المباراة لا تُنسى حقاً، لم يكن هذا الهدف المهم في صراع السباق على اللقب؛ لكنه كان يتمثل في أن الطريقة التي سجل بها ستيرلينغ هذا الهدف لم تكن معهودة في تلك الفترة. لقد كان هذا الهدف بالتحديد، أكثر من أي شيء آخر، هو الذي أدى إلى زيادة التوقعات بشأن مشاركة ستيرلينغ في كأس العالم مع المنتخب الإنجليزي.
كانت هذه المهارة غير معهودة بالنسبة لأي لاعب إنجليزي في تلك الفترة: من كانت لديه هذه القدرة على فعل شيء بهذه الجرأة، ولديه مثل هذه البراعة، وهذا الهدوء وهذه الثقة في النفس لتسجيل هدف بهذه الطريقة؟ وفي خضم تلك الحالة من الصخب في كرة القدم الإنجليزية، كان ستيرلينغ يبدو لاعباً مختلفاً وفريداً من نوعه، بالإضافة إلى أنه كان سريعاً للغاية ومراوغاً بارعاً أيضاً.
لكن بعد 8 سنوات على تلك المباراة، تبدو تلك اللحظة خادعة، وأصبحت هناك تساؤلات عديدة بشأن التفسيرات الأولية لما حدث خلال إحراز ستيرلينغ لهذا الهدف. فهل راوغ ستيرلينغ حقاً هارت وكومباني بطريقة رائعة، ونجح في إبعادهم عن زاوية التسديد وإرسالهم في الاتجاه الآخر من خلال التظاهر بأنه سيسدد الكرة في البداية، أم أن هارت وكومباني فشلا ببساطة في توقع أن ستيرلينغ سيعيد الكرة إلى قدمه اليمنى المفضلة؟ (لم يحرز ستيرلينغ سوى 30 هدفاً فقط من أصل 109 أهداف أحرزها في الدوري الإنجليزي الممتاز بقدمه اليسرى) وعندما نشاهد هذا الهدف مرة أخرى الآن، ربما ندرك أن ما قام به ستيرلينغ لم يكن تغييراً بارعاً في الاتجاه؛ لكنه كان مجرد إعادة الكرة إلى قدمه التي يجيد اللعب بها أكثر، وهو الأمر الذي خدع المدافعين؛ لأن القيام بمثل هذه الأشياء لم يكن معتاداً من قبل المهاجمين المميزين، عندما كانت تتاح لهم فرصة التسديد بشكل واضح أمام المرمى!
لكن منذ ذلك الهدف الرائع الذي أحرزه ستيرلينغ، والذي جعل البعض يشبهونه بالنجم الهولندي دينس بيرجكامب، لم يقدم المستويات المتوقعة منه. وعلى الرغم من أن ستيرلينغ كان عنصراً أساسياً في فريق مانشستر سيتي المتوج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز 4 مرات، وعلى الرغم من أنه كان أكثر المهاجمين الإنجليز ثباتاً في المستوى وحفاظاً على مكانه في التشكيلة الأساسية للمنتخب، عندما وصل إلى نهائي كأس الأمم الأوروبية، فقد أعرب كثيرون من مشجعي تشيلسي عن عدم رضاهم لاحتمال انتقال اللاعب إلى فريقهم هذا الصيف.
وتجب الإشارة إلى أن إحصائيات ستيرلينغ الخاصة بالتمريرات الصحيحة والمراوغات والتسديدات والأهداف المتوقعة، بالإضافة إلى التمريرات الحاسمة، كلها ممتازة، كما أن سجله جيد للغاية فيما يتعلق باستخلاص الكرات والتدخلات والاعتراضات، كمهاجم يلعب في فريق يعتمد في الأساس على الاستحواذ على الكرة. لكن هناك أوقات؛ خصوصاً عندما يكون بعيداً عن مستواه المعروف قليلاً، يبدو فيه ستيرلينغ وكأنه يفتقد إلى الهدوء الذي أشاد به الجميع في ذلك الهدف الذي أشرنا إليه في البداية في مرمى مانشستر سيتي.
وهناك عدد من التجميعات على موقع «يوتيوب» لإهدار ستيرلينغ لفرص سهلة أمام المرمى؛ بل ووصلت مدة أحد هذه المقاطع إلى أكثر من 7 دقائق. ويمكن وصف مشاهدة هذه المقاطع بأنها تجربة مربكة: في البداية تبدو قاسية -غالباً ما يكون ستيرلينغ تحت الضغط أو تكون التمريرة بعيداً جداً عنه– لكن سرعان ما تبدأ الصورة الكاملة تتشكل تدريجياً، وبشكل لا يمكن إنكاره عن ارتباك اللاعب. يهدر ستيرلينغ كثيراً من الفرص المحققة أمام المرمى؛ لكن هذا الأمر يحدث مع معظم المهاجمين أيضاً. ومع ذلك، لا يمكن لمهاجم من الطراز الرفيع أن يهدر تلك الفرصة السهلة التي أهدرها والمرمى مفتوح على مصراعيه ضد ليون في دوري أبطال أوروبا عام 2020، وينطبق الأمر نفسه أيضاً على الفرصة السهلة التي أهدرها في مباراة الدور نصف النهائي لكأس العالم ضد كرواتيا.
دقة تسديدات ستيرلينغ تصل إلى 41 في المائة. وهي نسبة أقل من دقة تسديدات لاعبين في المركز نفسه تقريباً، مثل رياض محرز، وفيل فودين، وساديو ماني، ومحمد صلاح؛ لكن ليس بفارق كبير. وعلاوة على ذلك، فإن ستيرلينغ الذي يبلغ من العمر 27 عاماً، قد أصبح بالفعل هو الهداف رقم 26 في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز (بعدد الأهداف نفسه لرايان غيغز الذي كانت دقة تسديداته 36 في المائة).
بالطبع هناك كثير من الظروف المختلفة، من بينها أن ستيرلينغ يلعب في صفوف مانشستر سيتي الذي يسجل كثيراً من الأهداف، كما أن العديد من تسديداته تكون من أمام المرمى بمسافة قريبة؛ لأن هناك عدداً هائلاً من اللاعبين الرائعين من خلفه يصنعون له الفرص. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن ستيرلينغ مهاجم جيد يمتلك كثيراً من المهارات والإمكانيات التي تجعله لاعباً من الطراز الحديث.
لكن هل هذا كافٍ؟ بالنسبة لمانشستر سيتي، قد لا يكون الأمر كذلك. وبالنظر إلى أن ستيرلينغ من المفترض أن يكون في أفضل أوقات مسيرته الكروية، وبالنظر إلى أن عقده مع مانشستر سيتي يتبقى عليه عام واحد فقط، فمن المفهوم أنه حريص على استكشاف كل الخيارات المتاحة أمامه لما يجب أن تكون أكبر صفقة في مسيرته الكروية. لكن بالنظر إلى الموارد المالية الهائلة لمانشستر سيتي، من الصعب تصديق أن النادي قد يجد صعوبة في تلبية مطالبه المالية، إذا كان النادي يريده حقاً.
يمتلك مانشستر سيتي كتيبة من اللاعبين المميزين في الناحية الهجومية، حتى مع رحيل البرازيلي غابرييل خيسوس. لقد تعاقد النادي بالفعل مع إيرلينغ هالاند وجوليان ألفاريز، لينضما إلى محرز وفودن وجاك غريليش، كما بلغ كول بالمر الآن 20 عاماً، ومن المرجح أن يلعب دوراً أكبر في صفوف الفريق، بداية من الموسم المقبل.

ستيرلينغ يهدر فرصة سانحة أمام مرمى ولفرهامبتون (أ.ف.ب)  -  هل خرج ستيرلينغ من حسابات مدربه غوارديولا؟ (إ.ب.أ)

وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن ستيرلينغ لعب دقائق أكثر في خط الهجوم أكثر من أي لاعب آخر في مانشستر سيتي خلال الموسم الماضي؛ لكن ربما يكون هو اللاعب الذي يُنظر إليه على أنه يمكن الاستغناء عنه واستبدال لاعب آخر به.
وقد يكون هناك شعور أيضاً بأن ستيرلينغ قد وصل إلى الحد الأقصى من عطائه الكروي، وأنه لا يمكنه تقديم ما هو أفضل من ذلك. لقد أمضى ستيرلينغ 6 سنوات من اللعب تحت قيادة جوسيب غوارديولا، وبالتالي فمن المفترض أنه أتقن تماماً طريقة اللعب تحت قيادة المدير الفني الإسباني، ولم يعد لديه مجال كبير للتحسن، على عكس لاعب مثل جاك غريليش الذي لا يزال يتعلم طريقة اللعب، ويمكنه التطور بشكل أكبر.
إن كل شك طفيف في قدرات ستيرلينغ يجب أن يتم تحطيمه، من خلال الاعتراف بأن هذه ليست سوى انتقادات لهذا الفريق الرائع لمانشستر سيتي الذي يلعب فيه هذا المهاجم بشكل أساسي؛ لكن قد يكون هناك شعور بأن ما يقدمه اللاعب ليس هو ما يحتاجه الفريق ومدربه الإسباني جوسيب غوارديولا في الوقت الحالي.
يحرز ستيرلينغ ما يتراوح بين 10 و20 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز كل موسم، بالإضافة إلى أنه يصنع ما يتراوح بين 5 و10 أهداف أخرى، وهو الأمر الذي سيكون مفيداً لمعظم الأندية الأخرى؛ لكن مانشستر سيتي يسجل كثيراً من الأهداف على أي حال، وما يحتاجه هو لاعب قادر على إحداث الفارق في اللحظات الصعبة في أكبر المباريات الأوروبية. تخيل أن فرصة محققة ستتاح أمام ستيرلينغ في الدقيقة الأخيرة من مباراة مانشستر سيتي أمام ريال مدريد على ملعب «سانتياغو برنابيو»، فهل سيتمكن من اغتنامها ويسجل الهدف؟ وهل تثق الجماهير في قيامه بذلك؟ ربما كانت إجابة غوارديولا على هذا السؤال واضحة تماماً من خلال حقيقة أنه لم يشرك ستيرلينغ في التشكيلة الأساسية في أي من مباراتي الذهاب والعودة للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، أمام ريال مدريد الموسم الماضي!
هذا لا يعني أن ستيرلينغ لا يمكنه أن ينجح مع تشيلسي أو توتنهام أو ريال مدريد أو أي من الأندية التي تشير التقارير إلى اهتمامها بالحصول على خدماته. إنه يلعب بشكل جيد للغاية مع هاري كين في صفوف المنتخب الإنجليزي؛ لكن من المفهوم أن كل هذا يعني أن مانشستر سيتي يجب أن يكون حذراً قبل تمديد عقد اللاعب بمقابل مادي كبير؛ خصوصاً أن المهارات الفريدة التي أظهرها ستيرلينغ في الهدف الذي أحرزه في مرمى مانشستر سيتي في أبريل عام 2014، تبدو كأنها قد مر عليها وقت طويل حتى الآن!


مقالات ذات صلة

أرتيتا: نوانيري يمنح آرسنال «كل الأسباب» للاستعانة به

رياضة عالمية إيثان نوانيري (أ.ب)

أرتيتا: نوانيري يمنح آرسنال «كل الأسباب» للاستعانة به

اعترف ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق آرسنال، بأنه أصبح من الصعب مقاومة إغراء الدفع باللاعب الشاب إيثان نوانيري رغم سباق المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كايل ووكر (أ.ف.ب)

كايل ووكر منزعج من كبوة مانشستر سيتي

شدّد كايل ووكر، مدافع مانشستر سيتي، على ضرورة التخلص من هذه الهزيمة، والتركيز على الأساسيات بعد الخسارة صفر - 4 أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي الممتاز، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الحزن كان واضحاً على لاعبي السيتي (أ.ب)

كيف أذهل توتنهام مانشستر سيتي؟

في نهاية أسبوعين غريبين بالنسبة لتوتنهام هوتسبير، ستكون الصورة المميزة هي أنجي بوستيكوغلو، وهو يرفع قبضته منتصراً في الهواء على خط التماس في «ملعب الاتحاد».

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية بيب غوارديولا (إ.ب.أ)

غوارديولا: كرة القدم مزاج... علينا استعادة الثقة قبل مواجهة فينورد

تعهد الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي بأن يعمل ولاعبوه بجد لإنهاء سلسلة الهزائم المتتالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم (أ.ف.ب)

أموريم مدرب يونايتد: سأكون صارماً عندما يتطلب الأمر

يُعرف روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد الجديد بقدرته على التواصل مع اللاعبين وهو أمر يقول كثيرون إن سلفه إريك تن هاغ كان يفتقده.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
TT

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)

قال باولو فونيسكا مدرب ميلان المنافس في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم الجمعة، إن الفوز على فينيتسيا بعد ثلاث مباريات دون انتصار هذا الموسم، بنفس أهمية مواجهة ليفربول أو غريمه المحلي إنتر ميلان.

ويتعرض فونيسكا للضغط بعدما حقق ميلان نقطتين فقط في أول ثلاث مباريات، وقد تسوء الأمور؛ إذ يستضيف ليفربول يوم الثلاثاء المقبل في دوري الأبطال قبل مواجهة إنتر الأسبوع المقبل. ولكن الأولوية في الوقت الحالي ستكون لمواجهة فينيتسيا الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء والذي يحتل المركز قبل الأخير بنقطة واحدة غداً (السبت) حينما يسعى الفريق الذي يحتل المركز 14 لتحقيق انتصاره الأول.

وقال فونيسكا في مؤتمر صحافي: «كلها مباريات مهمة، بالأخص في هذا التوقيت. أنا واثق كالمعتاد. من المهم أن نفوز غداً، بعدها سنفكر في مواجهة ليفربول. يجب أن يفوز ميلان دائماً، ليس بمباراة الغد فقط. نظرت في طريقة لعب فينيتسيا، إنه خطير في الهجمات المرتدة».

وتابع: «عانينا أمام بارما (في الخسارة 2-1)، لكن المستوى تحسن كثيراً أمام لاتسيو (في التعادل 2-2). المشكلة كانت تكمن في التنظيم الدفاعي، وعملنا على ذلك. نعرف نقاط قوة فينيتسيا ونحن مستعدون».

وتلقى ميلان ستة أهداف في ثلاث مباريات، كأكثر فرق الدوري استقبالاً للأهداف هذا الموسم، وكان التوقف الدولي بمثابة فرصة ليعمل فونيسكا على تدارك المشكلات الدفاعية.

وقال: «لم يكن الكثير من اللاعبين متاحين لنا خلال التوقف، لكن تسنى لنا العمل مع العديد من المدافعين. عملنا على تصرف الخط الدفاعي وعلى التصرفات الفردية».

وتابع فونيسكا: «يجب علينا تحسين إحصاءاتنا فيما يتعلق باستقبال الأهداف، يجب على الفريق الذي لا يريد استقبال الأهداف الاستحواذ على الكرة بصورة أكبر. نعمل على ذلك، يجب على اللاعبين أن يدركوا أهمية الاحتفاظ بالكرة».