نيمار... من مشروع نهضة سان جيرمان إلى سلعة في كرة القدم

المهاجم الذي يمتلك مهارات بالفطرة لا يدرك ماذا يفعل ويثير حالة من الشك حول مستقبله

تسويق نيمار التجاري بات أهم من براعته في الملعب (إ.ب.أ)
تسويق نيمار التجاري بات أهم من براعته في الملعب (إ.ب.أ)
TT

نيمار... من مشروع نهضة سان جيرمان إلى سلعة في كرة القدم

تسويق نيمار التجاري بات أهم من براعته في الملعب (إ.ب.أ)
تسويق نيمار التجاري بات أهم من براعته في الملعب (إ.ب.أ)

في مقابلة مع صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية هذا الأسبوع، انتهز رئيس نادي باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، الفرصة ليوضح رؤيته لمستقبل ناديه الفرنسي، مشيراً إلى أن النادي يعمل به رجال لديهم رغبة هائلة في تحقيق الفوز والنجاح، ولا يحتاج بعد للبحث عن ترويج نفسه لمزيد من البريق.
ويأخذنا هذا للحديث عن مستقبل اللاعب البرازيلي نيمار جونيور، الذي يمكن أن نقول إنه يدخل الآن جزءاً آخر من المسلسل الدرامي الذي يمكن أن نطلق عليه: «ما الذي يفعله نيمار بالضبط؟ وإلى أي مدى سيستمر ذلك؟».
لقد رفض الخليفي التطرق إلى قضية نيمار بشكل مباشر، رغم أنه أوضح أن «البعض سيبقى والبعض سيغادر». ونُقل عن أحد ممثلي نيمار قوله: «نيمار لديه حافز كبير تجاه المشروع الباريسي»، لكن هناك نقطة أخرى تجعل هذا الأمر أكثر إثارة للاهتمام، حيث أشارت صحيفة «ليكيب» الفرنسية إلى أن هناك عداً تنازلياً قد بدأ، وهو أن نيمار لديه بند في عقده مع باريس سان جيرمان يفيد بأنه في حال بقائه في النادي حتى 1 يوليو (تموز)، فإن عقده سيمتد تلقائيا إلى عام 2027.
وإذا كان هذا صحيحاً، فهذا يعني أن اللاعب البرازيلي سيبقى في باريس سان جيرمان حتى يكمل عامه الخامس والثلاثين، وهو الأمر الذي سيكلف النادي الباريسي نحو 200 مليون يورو أخرى، وهو الأمر الذي يعكس إلى أي مدى لم تنجح قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم للعب المالي النظيف، وأن ضح الأموال بالمليارات دون رقابة حقيقية من الممكن أن يدمر اللعبة.
ومع استمرار حالة الشك وعدم اليقين هذه، فسيكون هناك بالطبع غضب واحتقار؛ لأن هذه هي المشاعر الرئيسية التي يستطيع نيمار توليدها. في الحقيقة؛ ليس من الصعب معرفة السبب وراء ذلك، فاللاعب البرازيلي يعيش حياة شخصية صاخبة، ويكون رد فعله مسرحياً وهزلياً عندما يتعرض لأي خطأ داخل الملعب، وهو الأمر الذي يعيده «تيم فيكري» إلى حقيقة أن نيمار قد قضى أيامه الأولى في كرة القدم للصالات، التي تتسم باحتساب الأخطاء بكثرة وخداع اللاعبين للحكام.
في الواقع؛ يمتلك نيمار القدرات والإمكانات التي تؤهله لتقديم أفضل من ذلك بكثير، فهو لاعب قادر على تقديم الإبداع والمتعة للمشاهدين إلى أقصى حد ممكن. إنه لا يزال قادراً على اللعب بالقوة نفسها وبالطريقة نفسها، ولا يزال في قمة عطائه الكروي، كما لا يزال المهاجم الأكثر إبداعاً ومهارة في جيله، فهو لاعب يمتلك مهارة طبيعية غير مصنوعة، وإمكانات قلما نجدها في لاعبي كرة القدم في الوقت الحالي.
لكنه أيضاً أكثر لاعب غير مكتمل بشكل واضح في جيله! ورغم كل أمواله وثرواته، فإن نيمار أيضاً ضحية لهذا العالم المادي. ولكي تدرك ذلك؛ فإنه يتعين عليك أن تشاهد السلسلة الأخيرة لنيمار على «نتفليكس»، والتي توضح بالتفصيل العديد من التفاصيل السيئة الخاصة بالنجم البرازيلي.

نيمار يتحرك في حاشية ضخمة محاطاً بالحراس والأصدقاء (أ.ف.ب)

باعتراف الجميع؛ ربما لم يكن المنتجون يقصدون ذلك، لكن كان هذا هو الانطباع الذي وصل إلى كل من شاهد نيمار وهو يقفز من طائرات الهليكوبتر مع حاشيته المأجورة («هؤلاء هم أصدقائي»؛ كما يقول وهو يضحك). ويعقد الناس اجتماعات حول هوية نيمار، وكيف يمكن تطويرها وجعلها أكثر إثارة، في حين يبدو والده مندهشاً من الأمر برمته، وهو يجلس على طاولته الضخمة في مكتبه الضخم لا لشيء إلا لأنه والد نيمار!
لقد انتهت أفضل لحظات المسيرة الكروية لنيمار مع برشلونة في ومضة، كما تم اتهامه بالاغتصاب لكن التهمة سقطت بسبب نقص الأدلة، ويبدو اللاعب حريصاً على إحضار والده في كل مناسبة لكي يُظهر له بشجاعة أنه أصبح مليونيراً محاطاً بالخدم رغم أنه لا يزال في الثامنة والعشرين من عمره!
بحلول هذا الوقت؛ أصبح هذا الفيلم في الأساس يركز على استنفاد نيمار وضجره، وحياته بوصفه أول لاعب كرة قدم حقيقي يتحول إلى سلعة أو يصبح محبوساً في عالم المليارديرات الخاص به. لقد قام باريس سان جيرمان بشراء نيمار لكي يصبح عنواناً وواجهة لمشروعه الكروي، لكن اللاعب البرازيلي تحول إلى عنوان للهدر والتبديد والاستعراض والفراغ.
لقد تحدث نيمار عن استنفاده بسبب غرابة حياته، وعن شعوره بالقلق من أنه قد لا يتمكن من اللعب مرة أخرى في نهائيات كأس العالم بمجرد أن ينتهي من المشاركة في المونديال القطري الذي تنظمه الدولة التي تدفع راتبه، حيث قال النجم البرازيلي: «لا أحد يعرف أي شيء عني». وفي نهاية هذا الفيلم الوثائقي، صبغ نيمار شعره بلون قنديل البحر، وظهر وهو يقفز إلى مروحية أخرى، وبدا يتصرف كأنه أمير وليس لاعباً لكرة القدم!
ومع ذلك، لا يزال هناك أمل في أن يتمكن اللاعب البرازيلي من أن يترك بصمته الخاصة في عالم كرة القدم. لقد سجل نيمار 100 هدف وصنع 60 هدفاً في 140 مباراة مع باريس سان جيرمان، رغم تعرضه لـ23 إصابة منذ كأس العالم الماضية. لقد عاد وقدم أداءً جيداً للغاية في نهاية الموسم الماضي، لكن سرعان ما تراجع مستواه مرة أخرى. لكن نيمار سيواجه مشكلة أخرى؛ هي أن المدير الفني المحتمل لباريس سان جيرمان، كريستوف غالتييه، يعتمد على الضغط العالي على حامل الكرة ويطلب من المهاجمين القيام بواجباتهم الدفاعية داخل الملعب، كما أنه يمتلك شخصية قوية ويحب دائماً أن يكون صاحب الكلمة الأولى والأخيرة. فكيف سيتعامل نيمار مع ذلك؟
لقد رأينا هذا يحدث من باريس سان جيرمان في السابق أيضاً، فقبل 5 سنوات كان هناك حديث مماثل عن بدايات جديدة، وعن ضرورة التعاقد مع لاعبين «يأكلون العشب»، لكن النتيجة النهائية كانت التعاقد مع نيمار في نهاية المطاف! فهل سيحدث ذلك مرة أخرى؟


مقالات ذات صلة

دي تزيربي: لم أترك شاختار وهو تحت قصف بوتين... فكيف بمرسيليا؟!

رياضة عالمية تزيربي قال إنه مستمر في منصبه مدرباً لمرسيليا (أ.ف.ب)

دي تزيربي: لم أترك شاختار وهو تحت قصف بوتين... فكيف بمرسيليا؟!

أكد المدرب الإيطالي لنادي مرسيليا الفرنسي لكرة القدم روبرتو دي تزيربي، الجمعة، أنه لم يفكر قط في الاستقالة من منصبه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية زكريا أبوخلال (أ.ف.ب)

المغربي أبوخلال يستعيد التوهج بعد المعاناة

بداية حالمة، جدل، إصابة خطيرة وخيبة أمل... هذا مشوار زكريا أبوخلال مع فريقه تولوز الفرنسي الذي انتعش مؤخراً بفصل جديد مع عودة المهاجم الدولي المغربي.

«الشرق الأوسط» (تولوز)
رياضة عالمية سان جيرمان يتأهب لجولة جديدة في الدوري الفرنسي (أ.ف.ب)

الدوري الفرنسي: مباراة سهلة لسان جيرمان... وقمة بين موناكو وبريست

يسعى باريس سان جيرمان إلى تعزيز صدارته عندما يستضيف تولوز، العاشر (الجمعة)، في افتتاح المرحلة الـ12 من بطولة فرنسا في كرة القدم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية يستعد أرنو لإتمام صفقة الاستحواذ على نادي باريس في وقت لاحق هذا الشهر (رويترز)

عائلة أرنو: شراء نادي باريس استثمار طويل الأجل

قالت عائلة الملياردير برنار أرنو الأربعاء إنها تهدف إلى الارتقاء تدريجيا بنادي باريس اف.سي الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية ليصبح ضمن نخبة الكرة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية ديديه ديشان (د.ب.أ)

ديشان «السعيد»: أرفع القبعات للاعبي فرنسا

أعرب ديديه ديشان المدير الفني للمنتخب الفرنسي لكرة القدم عن سعادته بالفوز الذي حققه منتخبه على المنتخب الإيطالي في الجولة الأخيرة من المجموعة الثانية

«الشرق الأوسط» (باريس)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».