المتمردون الحوثيون في اليمن يحتجزون عددًا من الأميركيين

مسؤولون في واشنطن يفشلون في محاولات إطلاقهم

المتمردون الحوثيون في اليمن يحتجزون عددًا من الأميركيين
TT

المتمردون الحوثيون في اليمن يحتجزون عددًا من الأميركيين

المتمردون الحوثيون في اليمن يحتجزون عددًا من الأميركيين

احتجزت جماعة الحوثي المتمردة، التي استولت على السلطة في صنعاء، أربعة أميركيين، بحسب ما أفاد مسؤولون أميركيون أشاروا إلى تعثر محاولات إطلاق سراحهم. وبعد اتخاذ قرار بإطلاق سراح أحد المعتقلين خلال الأيام القليلة الماضية، تراجع الحوثيون عن القرار.
ويعتقد أن الأميركيين محتجزون في سجن في العاصمة اليمنية صنعاء، التي تعرضت لعمليات قصف متكررة في إطار الحملة الجوية للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتهدف إلى الإطاحة بالحوثيين. ودعمت الولايات المتحدة العملية استخباراتيًا. وزاد اعتقال الأميركيين من الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في التعامل مع الوضع، الذي يتسم بالفوضى، والذي خلفه استيلاء الحوثيين على السلطة بعد الإطاحة بحكومة تعاونت بشكل كبير مع الولايات المتحدة في الهجمات، التي تتم بطائرات من دون طيار، وغيرها من عمليات مكافحة الإرهاب، التي استهدفت تنظيم القاعدة في اليمن.
وقال مسؤولون أميركيون إن ثلاثة من المعتقلين كانوا يعملون في وظائف بالقطاع الخاص، بينما يحمل الرابع، الذي لم يتم معرفة مهنته، جنسية أميركية - يمنية مزدوجة. وأكد المسؤولون عدم عمل أي من المعتقلين الأربعة لدى الحكومة الأميركية. وحجبت صحيفة «واشنطن بوست» بعض التفاصيل الخاصة بالمعتقلين بناء على طلب مسؤولين أميركيين وأقارب أعربوا عن مخاوف بشأن سلامتهم وأمنهم.
ويذكر أن هناك مواطنًا أميركيًا خامسًا، يدعى شريف موبلي، محتجز لدى الحوثيين على خلفية اتهامات تتعلق بالإرهاب وجهتها له الحكومة السابقة منذ ما يزيد على خمس سنوات. ووردت أنباء اعتقال موبلي في الماضي. أما المعتقلون أخيرًا فهم من بين عشرات المواطنين الأميركيين الذين إما لم يتمكنوا من مغادرة اليمن، أو اختاروا البقاء في البلاد بعد إغلاق الحكومة الأميركية لسفارتها في شهر فبراير (شباط) الماضي، وبدء عملية ترحيل العاملين بها وأفراد الجيش الأميركي.
ولا يزال الغموض يشوب التفاصيل الخاصة باعتقال الأميركيين؛ حيث لم يُعرف بعد مكان احتجازهم، أو ما إذا كان قد تم احتجازهم في مكان واحد بالأساس. ومن أسباب عدم توافر تلك التفاصيل هو غياب أي تبادل مباشر للمعلومات تقريبًا بين الولايات المتحدة والحوثيين الذين كثيرًا ما يرددون شعار «الموت لأميركا».
وفي ظل عدم وجود أي اتصال رسمي، قال مسؤولون أميركيون إن محاولات إطلاق سراح السجناء كانت تتم بالأساس عبر وسطاء من بينهم جماعات إغاثة إنسانية لا تزال توجد في صنعاء. وأوضح مسؤولون أميركيون عدم وجود أي إشارة إلى تعرض المعتقلين لضرر بدني أو معاملتهم كرهائن؛ مع ذلك أعربوا عن قلقهم حول سلامة أحد السجناء، الذي بدأ يتصرف بشكل مضطرب خلال الأيام القليلة الماضية في وقت بدأت تفشل فيه محاولات ترتيب مغادرته.
وقد تم اعتقال السجين بالأساس «لأنه تجاوز مدة انتهاء تأشيرته»، على حد قول مسؤول أميركي رفيع المستوى، طلب عدم ذكر اسمه. مع ذلك اتخذ القادة الحوثيون الأسبوع الحالي إجراءات إطلاق سراحه، وقامت منظمة الهجرة الدولية بالترتيب لرحلة مغادرته. وفجأة تراجع الحوثيون عن القرار، وقاموا بإلغاء تصريح السفر في 27 مايو (أيار) الحالي، واتهموا المعتقل بمحاولة السفر من دون تصريح إلى مناطق «حساسة» داخل البلاد، على حد قول المسؤول الأميركي. وطبقًا لما أفاد به المسؤول، من تلك الأماكن محافظة أبين في جنوب اليمن، التي تعد من معاقل مقاتلي تنظيم القاعدة. وبعد إعادته إلى أحد السجون اليمنية، «تصرف الأميركي وكأنه مضطرب عقليًا»، وخلع ملابسه، كما ذكر المسؤول الأميركي بناء على تقارير من مصادر داخل العاصمة اليمنية.
ورفض أحد أفراد أسرة المعتقل، الذي تم الاتصال به هاتفيًا، أول من أمس، التعليق على الأمر. ونفى مسؤولون أميركيون وجود أي اتصال مع إيران بشأن الأميركيين المحتجزين في اليمن.
إلى الجانب الآخر، قال موبلي، في محادثات تمت عن طريق الهاتف مع محاميه، إنه محتجز في منطقة داخل العاصمة اليمنية يتم استهدافها جوًا بانتظام.

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



إبعاد «حماس» عن إدارة غزة... هل يجهض خطة «التهجير»؟

مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

إبعاد «حماس» عن إدارة غزة... هل يجهض خطة «التهجير»؟

مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)

وسط حالة من الضبابية تحيط بمستقبل قطاع غزة، جاء إعلان مصري عن عدم مشاركة «حماس» في إدارة القطاع ليمنح أملاً في إزالة عثرة بملف «اليوم التالي» في مواجهة تشبث من إدارة دونالد ترمب بـ«التهجير» شرطاً لإعادة الإعمار، ورفض عربي واسع، ومساعٍ لحلول تنهي تعقيدات المشهد السياسي.

ورغم عدم وجود موقف واضح وصريح لـ«حماس»، فإن ذلك يحمل «موافقة ضمنية من الحركة»، حسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بما سيعزز الخطة المصرية - العربية التي تجري حالياً، ويجعلها بديلةً لسيناريوهات ترمب ونتنياهو الداعمة لتهجير الفلسطينيين، ومن ثم المضي في إعمار القطاع دون إخراج سكانه، وإيجاد مسار تهدئة مؤقت أو مستدام بالقطاع مع الوقت.

وخلال زيارته الحالية لإسرائيل، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في مؤتمر صحافي، الأحد، مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن ترمب أكد أنه «لا يمكن لـ(حماس) أن تستمر كقوة سياسية وعسكرية أو مستقبل في غزة»، مضيفاً: «ترمب كان جريئاً جداً في رأيه حول ما يجب أن يكون عليه مستقبل غزة، ليس الأفكار المملة نفسها من الماضي، بل شيء جريء»، في إشارة أقل حدة من تصريحات الرئيس الأميركي بشأن طلب تهجير الفلسطينيين لمصر والأردن.

وكان مصدر مصري مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة، أفاد السبت، لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، بأن هناك «اتصالات مصرية مكثّفة لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إغاثة القطاع وإعادة إعماره»، مشيراً إلى أن «(حماس) تؤكد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة».

وهو ما يتسق مع طرح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قبل أيام في مقابلة متلفزة، بأنه «إذا كانت الرؤية الدولية، والمصلحة الفلسطينية، تتطلبان أن تتنحى (حماس) عن الوجود في الصورة بهذا الشكل الواضح، فليكن وبإرادة عربية، وبتوافق وتراضٍ فلسطيني، وتأخذ السلطة الفلسطينية مسؤوليتها وتدير هذا القطاع، من خلال أي طرح من مصر أو القمة العربية (الطارئة المقبلة أواخر الشهر بدعوة من القاهرة) إذا ما قررت ذلك».

وأيّد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، الجمعة، أبو الغيط، قائلاً في منشور عبر منصة «إكس»: «الدعوة العقلانية لأمين عام الجامعة العربية، بتنحي (حماس) عن إدارة غزة في محلها، فمصلحة الشعب الفلسطيني يجب أن تتقدم على مصلحة الحركة، خصوصاً في ظل الدعوات لتهجير الفلسطينيين من غزة».

وبرأي سفير فلسطين السابق، بركات الفرا، فإن تصريحات روبيو تأتي في سياق عدم الرغبة ببقاء «حماس»، وهي رغبة تتلاقى مع أطروحات عربية، خصوصاً وهي تستخدم ذريعةً لاستمرار الحرب، وبالتالي ما ذكره المصدر المصري بشأن «حماس» هو سد لهذه الثغرات.

وبشأن موقف «حماس»، أكد الفرا أن «مصر لم تصرح من فراغ، وهي دولة كبيرة مسؤولية، وبالتالي التصريحات جاءت بعد أن أقنعتها في ظل التطورات والتصعيد في ملف التهجير، والحركة وافقت وإلا كانت ستنفي على الفور».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي، فإن «إبعاد (حماس) عن المشهد أو مشاركتها بصورة غير مباشرة، أو تحولها لطرف ليس رئيسياً في المعادلة أمر مهم بهذه المرحلة الحاسمة كي لا نعطي ذريعة لإسرائيل»، مشيراً إلى أن «(حماس) لن تتنحى بشكل كامل هي تدرك أنها ستبقى ضمن الفواعل والقوى الرئيسية على أساس أننا في مرحلة حاسمة تتعامل مع الواقع ضمن شراكة فلسطينية محسوبة وخطة مصرية عربية تعد لتجاوز أي ذرائع».

وسبق أن ذكر روبيو، في 12 فبراير (شباط) الحالي، خلال مقابلة متلفزة، أن المقترح الذي تقدَّم به ترمب بشأن تهجير سكان غزة، هو «المخطط الوحيد المتاح»، قائلاً: «على الحلفاء تقديم بديل إذا كانت لديهم خطة أفضل».

طفل فلسطيني يحمل حاوية على رأسه في المغراقة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكشف وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقاء وفد من مجلس النواب الأميركي، الأحد، بالقاهرة، أن تلك الخطة المصرية لإعمار غزة دون تهجير «تتم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية وبدعم من المجتمع الدولي».

فيما أعرب رئيس الكونغرس اليهودي العالمي رونالد لاودر في بيان عقب مقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة عن تطلعه للمقترح المصري العربي بشأن غزة، بعد تأكيد الرئيس المصري «أهمية البدء في إعادة إعمار قطاع غزة، مع ضرورة عدم تهجير سكانه من أراضيهم»، مشيراً إلى أن «مصر تعد خطة متكاملة في هذا الشأن»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية الأحد.

وباعتقاد الفرا، فإن إعلان عدم مشاركة «حماس» بإدارة غزة سيعزز الموقف العربي وخطة مصر التي تعد مشكورة لإعادة إعمار غزة دون تهجير، لنرى موقفاً قوياً وصريحاً وموحداً بالقمة العربية مبنياً على أسس وخطة واضحة لا يمكن أن تقف إسرائيل أو واشنطن أمامها بذريعة وجود «حماس»، بالتالي إفشال أي مخططات تعد.

وبرأي فهمي، فإن «طرح مشروع بديل مهم، كما تفعل مصر، سينال مشروعية وقوة في (القمة العربية) أواخر الشهر الحالي أمام تمسك ترمب بفكرة التهجير».