روسيا تتهم «أطرافاً ثالثة» بتعجيزها «قسرياً» عن سداد ديونها

الكرملين: لا أساس لوصف الحالة بالتخلف

أكد الكرملين الاثنين أنه «لا أساس» للقول بأن روسيا تخلّفت عن سداد ديونها السيادية بالعملات الأجنبية (رويترز)
أكد الكرملين الاثنين أنه «لا أساس» للقول بأن روسيا تخلّفت عن سداد ديونها السيادية بالعملات الأجنبية (رويترز)
TT

روسيا تتهم «أطرافاً ثالثة» بتعجيزها «قسرياً» عن سداد ديونها

أكد الكرملين الاثنين أنه «لا أساس» للقول بأن روسيا تخلّفت عن سداد ديونها السيادية بالعملات الأجنبية (رويترز)
أكد الكرملين الاثنين أنه «لا أساس» للقول بأن روسيا تخلّفت عن سداد ديونها السيادية بالعملات الأجنبية (رويترز)

بينما يعتبر الغرب أن عدم سداد الديون بـ«عملتها الأصلية» تخلفاً، أصبحت روسيا رسمياً متخلفة عن السداد، رغم أن موسكو تقول إنها سددت القيمة ذاتها بعملتها المحلية، لتصبح روسيا بذلك حالة فريدة من التخلف القسري عن السداد، وما قد يستوجب إعادة تعريف التخلف في قاموس الاقتصاد العالمي.
وأكد الكرملين الاثنين أن «لا أساس» للقول إن روسيا تخلّفت عن سداد ديونها السيادية بالعملات الأجنبية، في وقت يفرض فيه الغرب عقوبات على روسيا، على خلفية غزوها لأوكرانيا.
وقال الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين: «لا أساس لوصف هذا الوضع بأنه تخلّف عن السداد»، وذلك بعدما انقضت الأحد مهلة إجراء عملية دفع رئيسية. وأضاف أن «هذه المزاعم بشأن التخلّف عن السداد خاطئة تماماً»؛ مشيراً إلى أن روسيا قامت بتسوية ديونها في مايو (أيار) الماضي.
وذكرت «بلومبرغ نيوز» في وقت سابق الاثنين، أن روسيا تخلّفت عن سداد ديونها السيادية بالعملات الأجنبية للمرة الأولى منذ أكثر من قرن، بعدما انقضت مهلة الإعفاء الممنوحة لمدفوعات فوائد بقيمة حوالى 100 مليون دولار، كان من المقرر سدادها الأحد. واتّهمت السلطات الروسية الغرب بالسعي لدفع موسكو إلى تخلّف زائف عن السداد، بينما وصف وزير ماليتها أنطون سيلوانوف الوضع بأنه «مهزلة».
وأعلنت وزارة المالية الروسية في بيان عبر البريد الإلكتروني، أنها أوفت بالتزاماتها المتعلقة بخدمة الديون بالكامل، وفقاً لوثائق سندات أجنبية «يوروبوندز» مستحقة في عام 2026 و2036، حسبما ذكرت الوزارة في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني.
ووفقاً لوكالة «بلومبرغ»، ذكرت الوزارة أن الفرصة أتيحت لأنظمة المقاصة والتسوية الدولية لتحويل الأموال إلى المستثمرين؛ لكنها لم تتخذ الخطوات اللازمة لذلك. وأوضحت أنه نظراً لأن الوسطاء الماليين الأجانب خارج سيطرة وزارة المالية الروسية، فيجب على المستثمرين التقدم إليهم مباشرة.
ووفقاً لوثائق الإصدار، يتم تسجيل التخلف عن السداد في حالة «عدم السداد» من جانب المدين، ولكن السداد -وفقاً لموسكو- تم مقدماً في 20 مايو الماضي، أي قبل 5 أيام من حظر فرضه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية على المعاملات الروسية. وذكرت الوزارة أن جميع المشاركين في السوق مسبقاً علموا بانتهاء ترخيص مكتب مراقبة الأصول الأجنبية.
وأوضحت أن عدم تسلم الأموال جاء بسبب «أطراف ثالثة»، وهو أمر غير منصوص عليه صراحة في وثائق الإصدار كتخلف عن السداد، ويجب النظر إليه في إطار القواعد العامة للقانون.
وقطعت العقوبات الغربية روسيا إلى حد كبير عن النظام المالي العالمي، ما جعل من الصعب على موسكو تسديد ديونها. وتخلّفت روسيا آخر مرة عن سداد ديونها بالعملات الأجنبية عام 1918، عندما رفض قائد الثورة البلشفية فلاديمير لينين الاعتراف بالالتزامات المترتبة على نظام القيصر الذي أطيح به حينذاك. وتخلّفت مرة أخرى عن سداد الديون التي كان معظمها بالروبل عام 1998 في ظل أزمة مالية أوسع.
وتسعى روسيا جاهدة للوفاء بمدفوعات مستحقة عن سندات بقيمة 40 مليار دولار منذ غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، والذي أثار عقوبات شاملة عزلت روسيا بشكل فعال عن النظام المالي العالمي، وأبعدت كثيراً من المستثمرين عن أصولها.
وقال الكرملين مراراً وتكراراً إنه لا يوجد ما يدعو روسيا للتخلف عن السداد؛ لكنها غير قادرة على إرسال الأموال لحاملي السندات بسبب العقوبات، متهماً الغرب بمحاولة دفع البلاد إلى تخلف مصطنع عن السداد.
واصطدمت جهود روسيا، لتفادي ما قد يكون أول تخلف كبير لها عن سداد ديونها المتعلقة بالسندات الدولية منذ الثورة البلشفية، بعقبة لا يمكن تجاوزها، عندما منع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية موسكو بشكل فعال من سداد المدفوعات، في أواخر مايو.
وقال دنيس هرانيتسكي، رئيس التقاضي السيادي في شركة المحاماة «كوين إيمانويل»، لـ«رويترز»، إنه «منذ مارس (آذار) ونحن نعتقد أنه لا مفر من تخلف روسيا عن السداد، وكان السؤال فقط هو: متى؟». وأضاف: «لقد تدخل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية للإجابة عن هذا السؤال لنا، والآن بات التخلف عن السداد أمام أعيننا».
وفي حين أن أي تخلف رسمي عن السداد سيكون رمزياً إلى حد كبير، نظراً لأن روسيا لا يمكنها الاقتراض دولياً في الوقت الراهن، ولا تحتاج إلى ذلك بفضل عائدات النفط والغاز الكبيرة، فمن المحتمل أن تؤدي هذه الوصمة إلى زيادة تكاليف الاقتراض بالنسبة لها في المستقبل.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

الاقتصاد إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

أعلنت الحكومة الإسبانية أمس (الجمعة) فتح تحقيق في احتمال دخول شحنات من النفط الروسي إلى أراضيها عبر دول ثالثة ودعت إلى بذل جهود أوروبية مشتركة لـ«تعزيز إمكانية تتبع» واردات المحروقات. وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا في رسالة: «في مواجهة أي شكوك، من الضروري التحقق» مما إذا كانت «المنتجات المستوردة تأتي من المكان المشار إليه أو من بلد آخر وما إذا كانت هناك أي مخالفة». وأوضحت الوزيرة الإسبانية أن «هذه المخاوف» هي التي دفعت إسبانيا إلى «التحقيق» في إمكانية وصول نفط روسي إلى أراضيها، مذكرة بأن واردات المحروقات «مرفقة نظريا بوثائق تثبت مصدرها».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد موسكو تسيطر على شركتي طاقة أوروبيتين وتهدد بالمزيد

موسكو تسيطر على شركتي طاقة أوروبيتين وتهدد بالمزيد

سيطرت موسكو على أصول شركتين للطاقة، ألمانية وفنلندية، ردا على المعاملة بالمثل لشركات روسية موجودة في أوروبا، وهددت بتوسيع قائمة الشركات الأجنبية المستهدفة بمصادرة «مؤقتة» لأصولها داخل البلاد. وقال الكرملين، أمس الأربعاء، إن تحرك موسكو للسيطرة المؤقتة على أصول مجموعة «فورتوم» الفنلندية للطاقة و«يونيبر» الألمانية التي كانت تابعة لها، جاء ردا على ما وصفه بالاستيلاء غير القانوني على أصول روسية في الخارج. تمتلك «يونيبر»، الشركة الأم، حصة 83.7 في المائة في شركة «يونيبرو»، الفرع الروسي، التي زودت ألمانيا لسنوات بشحنات الغاز الطبيعي. ودخلت الشركة في ضائقة شديدة العام الماضي بسبب قطع إمدادات الغاز الرو

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

حذّر الكرملين اليوم (الأربعاء)، من أن روسيا قد توسّع قائمة الشركات الأجنبية المستهدفة بمصادرة مؤقتة لأصولها في روسيا، غداة توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمرسوم وافق فيه على الاستيلاء على مجموعتَي «فورتوم» و«يونيبر». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: «إذا لزم الأمر، قد توسّع قائمة الشركات. الهدف من المرسوم هو إنشاء صندوق تعويضات للتطبيق المحتمل لإجراءات انتقامية ضد المصادرة غير القانونية للأصول الروسية في الخارج».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

قال فريق من الباحثين إنه من المرجح أن سقف أسعار النفط المحدد من جانب مجموعة السبع شهد خروقات واسعة في آسيا في النصف الأول من العام، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقام فريق الباحثين بتحليل بيانات رسمية بشأن التجارة الخارجية الروسية إلى جانب معلومات خاصة بعمليات الشحن، حسبما نقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، اليوم (الأربعاء). وفي ديسمبر (كانون الأول)، فرضت مجموعة الدول الصناعية السبع حداً أقصى على أسعار النفط الروسي يبلغ 60 دولاراً للبرميل، مما منع الشركات في تلك الدول من تقديم مجموعة واسعة من الخدمات لا سيما التأمين والشحن، في حال شراء الشحنات بأسعار فوق ذلك المستوى. ووفقاً لدراسة التجارة وب

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موسكو تضع يدها على الأصول الروسية لشركتَي طاقة أجنبيتين

موسكو تضع يدها على الأصول الروسية لشركتَي طاقة أجنبيتين

وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يضع الشركات الروسية التابعة لاثنين من مورّدي الطاقة الأجانب («يونيبر» الألمانية، و«فورتوم أويج» الفنلندية) تحت سيطرة الدولة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وقال المرسوم الذي نُشر أمس (الثلاثاء)، إن هذه الخطوة رد فعل ضروري على التهديد بتأميم الأصول الروسية في الخارج. وهدد المرسوم بأنه في حالة مصادرة أصول الدولة الروسية أو الشركات الروسية أو الأفراد في الخارج، ستتولى موسكو السيطرة على الشركات الناشئة من الدولة الأجنبية المقابلة. وتمتلك «يونيبر» حصة 83.73 في المائة في شركة «يونيبرو» الروسية الفرعية، التي زوّدت ألمانيا لسنوات بشحنات الغاز الطبيعي. ودخلت ا

«الشرق الأوسط» (موسكو)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.