تملؤها الحماسة كالعادة، تتحدث منال الضويان بحب وشغف عن عملها القادم، وجدت إيحاءات شعرية للتعبير عنه وتتخطى بأحلامها حدود العمل لتتصور ما يمكن أن يكون في المستقبل. خلال اللقاء الصحافي شرحت الضويان فكرة عملها القادم والذي وضعت له اسم «واحة القصص»، تقول إن فكرة العمل بدأت منذ عام 2018 حين طلب منها وقتها تقديم فكرة عمل بدون حدود ولا معوقات: فكرت وقتها في هذا العمل، والآن بعد ثلاثة أعوام مضت له، صقلت الفكرة وطورتها». الضويان دأبت خلال مشوارها الفني على تضمين أصوات وتجارب الآخرين في أعمالها، وفي هذا العمل تجد الفرصة لتقديم عمل مجتمعي تشاركي: «هذا الجانب يمثل جزءاً كبيراً من ممارستي الفنية، ففي كل مشروع أذهب للناس وأدعوهم للمشاركة معي في بناء عمل فني». في أعمال سابقة دعت الضويان أصواتاً من جميع أنحاء المملكة للمشاركة، ولكن في «واحة القصص» ستترك المساحة لأهالي مدينة العلا: «سأدعو أهالي العلا فقط، كل السكان مدعوون». تشرح لنا أن عملها سيكون مستوحى من خريطة المدينة القديمة في العلا والتي تشبه «المتاهة»، غير أن الوصف لا يعجبها بتعريفه القاموسي: «ليست متاهة، ولكن الفكرة عن التأمل والوصول للحقيقة». وتضيف «المتاهة لن أبنيها من خيالي بل هي معتمدة على خريطة مدينة العلا القديمة لا أريد أن أخلق نسخة طبق الأصل، أريد أن أجسد الأساس، جدار تشرق الشمس عليه وتغرب».
تعود لنقطة أساسية في ممارستها الفنية: «أعمالي دائماً تطرح معاني مثل الغياب والاختفاء والظهور» وترى في المباني الطينية التي بناها أهل مدينة العلا قديماً إيحاءً خاصاً يلمس تلك المعاني. المعروف أن البناء بالطين يستلزم إعادة الترميم بشكل مستمر، تبدو فكرة الضويان واضحة أكثر. قصص أهل العلا مثل بيوتهم الطينية، يحمل كل جدار فيها آثاراً للأيدي التي بنته، ولكن تلك الآثار تتآكل سريعاً وتختفي: «أفكر بمرحلة الاختفاء هذه. عندما يختفي مكان ما تدريجياً أريد أن أجعله ظاهراً مرة أخرى عبر العمل الفني». تنوي الضويان التوجه لأهالي المدينة: «سأقيم هنا لبعض الوقت وسأطلب من أهل المدينة أن يأتوا لهذا المكان الذي حفر فيه أجدادهم قصصهم. إنهم يعيشون في هذا المكان فأين حكاياتهم وأين نقوشهم على الحجر؟» كما ترك الأجداد قصصهم وحكاياتهم عبر النقوش على صخور العلا («نقشوا أدعيتهم وصلواتهم لله لحفظ محاصيلهم وفواكههم وقصصهم اليومية») تحلم الضويان بأن تكون واحة القصص المكان الذي يترك فيه أهالي العلا قصصهم لأجيال قادمة، سأطلب منهم كتابة ما يريدون على ألواح من الطين وسأعرض صورها على جدران خريطة المدينة».
أسألها: ماذا تتوقعين أو ماذا تنتظرين من أفراد المجتمع أن يفعلوا معك؟ وما دورهم حسب رؤيتك؟ تجيبني قائلة: «أولاً أريدهم المشاركة بحماس، طلبت أن أعقد لقاءً مع أعمدة المجتمع المحلي من رؤساء القبائل ومديري المدارس، أردت أن أتوجه لهم بالفكرة أولاً، بالنسبة لي هذه هي هديتي لأهل العلا».
«هذا مستوى مشاركة أكبر من سابق أعمالك؟»، تجيب: «نعم، أريد أن تكون المشاركة من العلا بأكملها وأي أحد ساكن في العلا وليس فقط السعوديون، لأن من كتب على الجدران لم يكونوا فقط من أهل العلا، هي خلطة».
من الأشياء التي لاحظتها خلال المشاريع التشاركية السابقة التي عملت عليها هو أن المشاركين يتغلب عليهم شعور بالحديث ورواية كل ما يحملون داخلهم، «سأعطيهم منصة، سأضع ميكروفونات لتسجيل ذلك النقاش والبث، تماماً كما فعلت في مشاركتي ببينالي الدرعية، إذ وضعت ميكروفونات شبه مخفية ووضعت إشارة لمن يريد بالإدلاء بأفكاره عبرها. لا أدعي أني سأدرس كل ما سجل ولكن هناك من سيفعل ذلك من بعدي».
تجمع الضويان عبر أعمالها الكثير من القصص والمشاركات المرئية والمسموعة أيضاً، أسألها إن كانت بصدد تكوين أرشيف لكل تلك المواد، مضيفة لها ما سيكتبه أهالي العلا. تتمنى أن تكون التسجيلات والكتابات التي تحتفظ بها موضوعاً لأبحاث أكاديمية «ألا تشعرين بالرغبة للاستماع؟»، أسألها وتقول: «استمع لبعضها ولكن ليست لديَّ المهارات والأدوات لبناية مشروع منها، أعتقد أن المشروع القادم حول التاريخ الشفهي سيكون أكاديمياً.
ما المواد التي ستستخدمها الضويان لتنفيذ عملها ««أفكر بالاستدامة ولهذا سأتعاون مع جامعة كاوست وجامعة طوكيو لتطوير مادة خاصة للبناء باستخدام مخلفات عمليات تحلية المياه».