واشنطن تحذر بكين من عمليات البناء في جزر بحر الصين الجنوبي

فهي تقوض الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادي

واشنطن تحذر بكين من عمليات البناء في جزر بحر الصين الجنوبي
TT

واشنطن تحذر بكين من عمليات البناء في جزر بحر الصين الجنوبي

واشنطن تحذر بكين من عمليات البناء في جزر بحر الصين الجنوبي

حذر آشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي اليوم (السبت)، من أن عمليات البناء التي تقوم بها الصين في جزر في بحر الصين الجنوبي، تقوض الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادي، لكن على الرغم من تصريحاته كان رد فعل المسؤولين الصينيين محسوبا.
واعترف كارتر الذي كان يتحدث لمسؤولين دفاعيين كبار من منطقة آسيا والمحيط الهادي، بأن دولا عدة أقامت مواقع في الجزر المتنازع عليها بالمنطقة، ولكنه قال إن حجم النشاط الصيني أثار غموضا بشأن خططها في المستقبل.
وقال كارتر لمنتدى حوار شانغريلا الأمني إن «الصين أنشأت على أكثر من ألفي فدان وهو ما يزيد على كل المطالبين بالسيادة مجتمعين.. والصين لم تفعل ذلك إلا في الـ18 شهرا الأخيرة»، مضيفًا «لا يُعرف إلى أي مدى ستذهب».
كما أفاد كارتر أن الولايات المتحدة «تشعر بقلق عميق» من حجم الإنشاءات التي تقوم بها الصين واحتمال إضفاء الطابع العسكري بشكل أكبر على الجزر، قائلا إن ذلك سيعزز «خطر حدوث سوء تقدير أو صراع».
لكنه أضاف: «كلنا نعلم أنه لا يوجد حل عسكري لنزاعات بحر الصين الجنوبي. الوقت الراهن هو وقت تجدد المساعي الدبلوماسية والتركيز على إيجاد حل دائم يحمي حقوق ومصالح الجميع».
وردًا على تصريحات كارتر، قال وفد صيني عسكري للمنتدى إن وزير الدّفاع الأميركي أخطأ في انتقاد الصين، لكن تصريحاته ليست عدائية مثل تلك التي أدلي بها خلال المنتدى في السنوات الماضية.
حيث قال الكولونيل تشاو شياو تشوه من الأكاديمية الصينية للعلوم العسكرية للصحافيين على هامش المنتدى «تصريحات كارتر هذا العام متوازنة بشكل أكبر.. هذا يساعد على بناء علاقات جديدة بين الصين والولايات المتحدة كقوتين كبيرتين كما يساعد على تحسين العلاقات العسكرية».
من جهتها، أفادت بوني غلايسر محللة في مركز الدراسات الدولية الاستراتيجية، بأن الصين والولايات المتحدة تحاولان تخفيف حدّة لغة الخطاب بعد الكثير من التصريحات الغاضبة المتبادلة خلال المنتدى العام الماضي. وقالت: «كارتر يحاول ألا يستهدف الصين بخشونة، لكن في نهاية المطاف المشكلة هي الصين والكل يعرف ذلك».
ويجول كارتر حاليا في آسيا مدّة 11 يوما، وهي ثاني جولة له منذ أن أصبح وزيرًا للدفاع في الولايات المتحدة في وقت سابق من العام الحالي.
ودعا كارتر خلال كلمة في بيرل هاربر في هاواي إلى وقف فوري لعمليات الإنشاءات التي تقوم بها كل الأطراف التي تطالب بالسيادة على جزء أو على كل بحر الصين الجنوبي، ووقف إضفاء الطابع العسكري على الجزر.
وتطالب الصين وماليزيا وتايوان وبروناي وفيتنام والفلبين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي الغني بالموارد. وتطالب اليابان والصين بالسيادة على جزر تقع بينهما في بحر الصين الشرقي.
أمّا جين ناكاتاني وزير الدفاع الياباني فقال في المنتدى: «إذا تركنا كل تصرف غير مشروع دون رد فعل، فسيتحول النظام إلى فوضى قريبًا وسينهار السّلام والاستقرار. آمل وأتوقع من كل الدول بما فيها الصين، أن تتصرف كقوى مسؤولة».
من ناحيته، دعا هشام الدين حسين وزير الدفاع الماليزي كل الأطراف في نزاع بحر الصين الجنوبي لممارسة ضبط النفس أو مواجهة عواقب يحتمل أن تنطوي على مخاطر، قائلاً «هذا (الوضع) يحتمل أن يتصاعد ليصبح واحدا من أعنف الصراعات في وقتنا، إن لم يكن في التاريخ. لغة الخطاب الحادة لن تصب في صالح أي بلد».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.