تونس تشدد إجراءاتها الأمنية بعد التهديد باستهداف المطارات

دراسة توضح تفشي ظاهرة التطرف في المجتمع

تونس تشدد إجراءاتها الأمنية بعد التهديد باستهداف المطارات
TT

تونس تشدد إجراءاتها الأمنية بعد التهديد باستهداف المطارات

تونس تشدد إجراءاتها الأمنية بعد التهديد باستهداف المطارات

قال محمد ناجم الغرسلي، وزير الداخلية التونسي، إن سلطات بلاده أقرت تعزيزات أمنية مكثفة، بعد تحذير تنظيم داعش من ركوب الطائرات بداية من منتصف شهر شعبان الحالي، وهو ما يوافق انطلاق الرحلات الجوية ضمن اتفاقية «السماء المفتوحة» بين تونس والاتحاد الأوروبي.
وأشار الغرسلي إلى وجود سلسلة من الاجتماعات الأمنية بمطار تونس قرطاج وبقية المطارات التونسية، تحسبا لأي طارئ، مؤكدا أن اتخاذ هذه الاحتياطات الأمنية لا يأتي فقط كرد على التهديد الإرهابي، بل في إطار ما تعيشه تونس من تهديدات إرهابية متواصلة، وأبدى استعداد بلاده لمواجهة كل التهديدات الإرهابية بقوله: «يجب أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات».
ويأتي هذا التحذير بعد أيام قليلة فقط من تبني تنظيم داعش لعملية إطلاق عسكري النيران على زملائه في الثكنة العسكرية بالعاصمة، ما أدى إلى مقتل ثمانية منهم وجرح 132 آخرين. وقد هدد نفس التنظيم في وقت سابق بضرب الموسم السياحي التونسي المرتبط بفصل الصيف، الذي يعتبر المصدر الأساسي لتوفير العملة الصعبة. فيما تعد شركة الخطوط الجوية التونسية (شركة حكومية) أهم ناقل للسياح الأجانب نحو الوجهات التونسية.
وبخصوص الاحتياطات الأمنية التي تم اتخاذها، قال الغرسلي، إن الوحدات الأمنية ضاعفت خلال الفترات الأخيرة من جهودها في مجال الاستخبارات، مضيفا أن قوات الأمن على أتم اليقظة والاستعداد، مع اقتراب مواعيد إجراء امتحانات نهاية الموسم الدراسي، ودخول الموسم السياحي، وشهر الصيام.
على صعيد متصل، تسلمت تونس أمس 50 كاميرا حرارية من ألمانيا لمواجهة مخاطر الإرهاب، وخلال حفل تسليم هذه التجهيزات قال وزير الداخلية التونسية في تصريح إعلامي: «إن هذه الكاميرات تتميز بتكنولوجيا عالية، وستستفيد منها قوات الأمن في حربها ضد الإرهاب».
وفي محاولة لفهم ظاهرة تفشي الإرهاب في صفوف الشباب التونسي، قدم الاتحاد العام لطلبة تونس (منظمة طلابية ذات توجه يساري) نتائج دراسة تطرقت إلى ظاهرة الإرهاب وانتشارها وتطورها، وانعكاساتها على المجتمع، وشملت طلبة داخل 13 مؤسسة جامعية.
وأوضحت أماني ساسي، رئيسة المنظمة في مؤتمر صحافي، أن ما بين 800 و1200 طالب تونسي التحقوا بساحات القتال في ليبيا وسوريا والعراق، وانضم معظمهم إلى تنظيم داعش المتشدد، مضيفة أن أكثر من 800 طالب يزاولون تعليمهم في المؤسسات الجامعية أبدوا «استعدادهم» أحيانا، و«ترددهم» أحيانا أخرى في الانضمام إلى المجموعات المتشددة في سوريا، وفي المقابل ردعت السلطات التونسية، على حد قولها، نحو 500 طالب من الالتحاق ببؤر التوتر.
وبخصوص أسباب تفشي ظاهرة الإرهاب بين طلاب الجامعات، قالت ساسي إن ذلك مرده إلى قوة الاستقطاب الهائلة التي توظفها المجموعات المتشددة، وأكدت أن كليات العلوم والهندسة تعد الأكثر استقطابا للطلبة الذين توجهوا إلى ليبيا وسوريا والعراق، مقارنة ببقية المؤسسات الجامعية. كما أشارت الدراسة إلى أن تونس العاصمة تشهد أكبر نسبة لتمركز المجموعات الداعمة للأفكار المتشددة، حيث تحتل جامعة تونس، والمنار وقرطاج الرتبة الأولى بنسبة 20 في المائة، تليها جامعة القيروان (وسط تونس) بنحو 18 في المائة، ثم تأتي جامعات الكاف وجندوبة وباجة (الشمال الغربي) في المرتبة الثالثة بنحو 16 في المائة، فيما تقدر النسبة في المنستير وسوسة والمهدية (الساحل التونسي) بنحو 15 في المائة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.