على إثر الصراع المعلن بين وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، وحكومته، من جهة وبين رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، من جهة ثانية، حول تسمية رئيس أركان الجيش القادم، خرجت أوساط عسكرية من القيادات الحالية والجنرالات المتقاعدين بتحذير من مغبة «إقحام السياسات الحزبية إلى الجيش، وإدخال المرشحين لمنصب رئيس الأركان إلى اللعبة الحزبية».
وأجمعت تلك القيادات، من خلال تصريحات إعلامية عديدة، الخميس، على أن «الصراع حول هوية رئيس الأركان، على هذا النحو العلني، وإلصاق النعوت بأن هذا المرشح يميني وذاك يساري، يمكنه أن يغذي الغرائز الحزبية لبعض السياسيين، ولكنه يكون على حساب هيبة الجيش، وستكون له تبعات سلبية على الالتفاف الجماهيري حول الجيش وحتى على المصالح الأمنية والاستراتيجية». وقال قيادي منهم، إن «أحد أكبر عناصر القوة في إسرائيل، هو أن الجيش ما زال يعتبر جيش الشعب ولا يتم اعتباره مؤسسة حزبية، ولا يسمح لقادته أن يتدخلوا في السياسة. وفي اللحظة التي يبدأون في توزيع شهادات الولاء على الجنرالات، مع هذا الجناح أو ذاك، يقوّضون أهم أركان الجيش ولا يفيدون أحداً سوى العدو الذي يتربض بإسرائيل ويستغل كل نقطة ضعف فيها».
وكان غانتس قد أعلن مطلع الشهر الحالي، أنه باشر اتصالاته ولقاءاته مع الجنرالات لاختيار رئيس أركان جديد، يحل محل قائد الجيش الحالي، أفيف كوخافي، الذي ستنتهي مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال، إنه يبكر في عملية الاختيار لإدراكه أهمية حسم هذا الموضوع في وقت ملائم، وإتاحة الفرصة لنقل زمام الأمور من كوخافي إلى الرئيس الجديد بسلاسة. وكشف غانتس، في حينه، عن ثلاثة مرشحين للمنصب، هم: الجنرال أيال زمير، نائب رئيس الأركان الأسبق، والجنرال هيرتسي هليفي، نائب رئيس الأركان الحالي، والجنرال يوئيل ستريك، القائد السابق للقوات البرية التابعة للجيش، والذي يعمل حالياً زميلاً باحثاً في مركز أبحاث في واشنطن.
وتم تسريب معلومات تفيد بأن غانتس يفضل هليفي على المرشحَين الآخرين. وفي الحال، خرج رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو بحملة يطالب فيها بوقف تلك الإجراءات، معتبراً تصرف غانتس محاولة لفرض رئيس أركان على الحكومة القادمة. وجنّد رؤساء أحزاب المعارضة الآخرين، حزب الليكود وشاس و«يهدوت هتوراة» والصهيونية الدينية، فتوجهوا برسالة إلى المستشارة القضائية للحكومة، بهارافا – ميارا، أمس، لوقف إجراءات التعيين أثناء ولاية الحكومة الانتقالية. واعتبروها خطوة معادية للديمقراطية. وخلال ذلك، راحوا يتهمون هليفي باليسارية. وسرّبوا معلومات تفيد بأن نتنياهو معني بتعيين زمير في المنصب، الذي عمل إلى جانبه كسكرتير عسكري للحكومة.
وقد حاول غانتس تهدئة نتنياهو، فأعلن أنه سيجري مشاورات مع جهات قانونية وكذلك مع رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، حول التعيين. وقال، إن تعيين رئيس هيئة الأركان العامة القادم في هذا الوقت «ضروري واستراتيجي وأمني وتنظيمي من الدرجة الأولى. وخلافاً للاعتقاد السائد، فإني لا أريد سباقاً مع الزمن، وإنما تنفيذ هذه الخطوة بتنسيق وثيق مع الجهات القانونية ومع نتنياهو أيضاً». وأضاف، أن «هذا تعيين له تأثير بالغ على أمن الدولة وبناء القوة، وإدارة مجمل مستويات القيادات العسكرية التي تأتي بعده». ودعا غانتس نتنياهو إلى «عدم محاولة عرقلة التعيين لأن النتيجة ستكون إلحاق ضرر بأمن إسرائيل».
وحسب مقربين من غانتس، فإن نتنياهو، كان أول رئيس حكومة في إسرائيل يدخل في مواجهات مباشرة مع الجيش، ولديه حساب طويل مع غانتس نفسه والعديد من الجنرالات الذين اختلف معهم خلال فترة حكمه الطويلة. ونشر هو والعديد من قادة اليمين تقارير تمس بالجيش وتتهمه بالقصور. وأنه يؤيد زمير لأنه معروف بانتقاداته للمؤسسة العسكرية. ويذكرون، أن زمير ألقى خطاباً بمناسبة تسريحه من الجيش وتعيين هرتسلي هليفي مكانه، قبل سنتين، حذر فيه من أن «الجيش لا يحوز إلا الحد الأدنى من الإمكانيات والقدرات اللازمة لمواجهة التهديدات على الساحات المختلفة».
وحسب خبراء في الشؤون العسكرية، يعتبر هذا الخطاب أساساً في اختيار رئيس الأركان. فنتنياهو الذي ينتقد قيادة الجيش يريد زمير بسبب هذا الموقف. وغانتس، الذي لا يحب توجيه نقد علني كهذا ويعتبره مادة للعدو، لا يرى في زمير رئيساً ملائماً للأركان ويفضل هليفي عليه. ويبدو حتى الآن أن غانتس مصر على رايه ولذلك فهو يواصل إجراءاته لتعيين رئيس أركان منذ الآن.
تحذير العسكر في إسرائيل من إدخال «رئيس الأركان» في اللعبة الحزبية
تحذير العسكر في إسرائيل من إدخال «رئيس الأركان» في اللعبة الحزبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة