واشنطن تحظر استخدام الألغام الأرضية في العالم باستثناء الحدود الكورية

أعاد البيت الأبيض فرض حظر على استخدام الألغام الأرضية في معظم أنحاء العالم، باستثناء الحدود بين الكوريتين الشمالية والجنوبية. وهو قرار يلغي القواعد التي وضعها الرئيس السابق دونالد ترمب الذي كان قد سمح باستخدام أكبر لتلك الألغام التي دائماً ما تكون السبب الرئيسي في قتل آلاف المدنيين سنوياً.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، في بيان صباح أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تعمل على مواءمة سياستها المتعلقة باستخدام هذه الأسلحة، خارج شبه الجزيرة الكورية، مع أحكام اتفاقية أوتاوا التي تعد المعاهدة الدولية التي تحظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام الأرضية. وأضافت أن الرئيس جو بايدن ملتزم بمواصلة دور الولايات المتحدة كقائد عالمي في التخفيف من الآثار الضارة للألغام الأرضية المضادة للأفراد في جميع أنحاء العالم.
وأوضح البيان أن هذا القرار «يأتي لتجنب التأثير المدمر الذي يمكن أن تحدثه الألغام الأرضية المضادة للأفراد، في سياق الحرب الروسية الوحشية وغير المبررة في أوكرانيا؛ حيث تسبب استخدام القوات الروسية لهذه الذخائر وغيرها في إلحاق أضرار جسيمة بالمدنيين والأعيان المدنية».
كما أوضح أن الولايات المتحدة استثمرت منذ عام 1993 أكثر من 4.2 مليار دولار في أكثر من 100 دولة، لتعزيز السلام والأمن الدوليين من خلال برامج تدمير تلك الأسلحة.
وجاءت هذه الخطوة بعد مراحل من النقاشات والمراجعات الداخلية للسياسة التي تم وضعها في أوائل عام 2020، والتي مكّنت القادة العسكريين من استخدام الألغام على مستوى العالم في مواقف معينة.
وبينما لا تزال الولايات المتحدة غير مؤهلة للانضمام إلى معاهدة أوتاوا بسبب رفضها التخلي عن استخدام الألغام الأرضية بالكامل، يقول المسؤولون الأميركيون إنهم يأملون في القيام بذلك، إذا أمكن تطوير أسلحة بديلة لحماية حدود كوريا الجنوبية مع كوريا الشمالية. تجرد القواعد الجديدة «البنتاغون» من السلطة في هذه القضية، مما يعطي السيطرة للبيت الأبيض.
عندما أعلن ترمب عن لوائح استخدام الألغام الأرضية عام 2020، وصف «البنتاغون» هذا الأمر بأنه ذو قيمة في حماية القوات من اجتياح أو توجيه قوات العدو إلى مناطق يمكن مهاجمتها فيها. وكان بايدن قد هاجم سياسات ترمب خلال حملته كمرشح رئاسي، وتعهد ببذل الجهود لتدمير الأسلحة، بما في ذلك الألغام الأرضية. إلا أنه واجه بعض الاعتراضات من القادة العسكريين الذين دعموا استخدام الألغام.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، وصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك إيه ميلي، الألغام بأنها أداة مهمة في زمن الحرب. وقال: «الألغام المضادة للدبابات أو الألغام المضادة للأفراد هي استخدام فعال للغاية في القتال»؛ مشيراً إلى ضرورة ضمان عدم بقاء الأسلحة. وقال مسؤول كبير في «البنتاغون» في ذلك الوقت: «لن تضحي الولايات المتحدة بسلامة الجنود الأميركيين».
وتشير التقارير إلى أن مخزون الولايات المتحدة يحتوي على حوالي 3 ملايين لغم مضاد للأفراد، تتميز جميعها بخصائص التدمير الذاتي أو التعطيل الذاتي. وقد استخدمت الولايات المتحدة الألغام المضادة للأفراد مرة واحدة منذ دخول معاهدة أوتاوا حيز التنفيذ في أفغانستان.
ويشير المحللون إلى أن السياسة الجديدة ستجعل الولايات المتحدة ملتزمة بمعظم جوانب معاهدة أوتاوا، وحظر إنتاج وشراء الألغام وحظر تصديرها ونقلها إلا عند الضرورة لتدميرها. كما تلزم اللوائح الولايات المتحدة بتدمير الألغام الأميركية الحالية التي لا تعتبر ضرورية في كوريا الجنوبية.
وقال مسؤول إن السياسة الجديدة كانت انعكاساً لاعتقاد إدارة بايدن بأن حقوق الإنسان يجب أن تكون عاملاً مهماً عند التفكير في استخدام الأسلحة، أو توفيرها لبلدان أخرى. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الألغام المضادة للأفراد التي تستخدمها دول مختلفة تقتل نحو 7 آلاف شخص سنوياً، الغالبية العظمى منهم من المدنيين. ويعتقد أن نصف الضحايا على الأقل من الأطفال.
وفي أماكن مثل أفغانستان واليمن، ظلت الألغام الأرضية تشكل خطراً خفياً وطويل الأمد في أعقاب النزاعات، وزرع الأراضي الزراعية أو الممرات الجبلية بها.
ورحب المدير التنفيذي لجمعية الحد من الأسلحة، داريل كيمبال، بالسياسة الجديدة، مطالباً بمزيد من الخطوات لنزع تلك الألغام من عدة دول. وقال: «ما زلنا بعيدين عن خطى معظم العالم، والإدارة الأميركية بحاجة إلى التحرك بسرعة أكبر لنزع تلك الألغام».