ألمانيا حائرة بين الطاقة النظيفة أو اللجوء للمصادر الملوثة لدعم اقتصادها

تزيد اعتمادها على الفحم.. والتضخم يلقي بظلاله الخطيرة على النمو

محطة طاقة تابعة لشركة وينترشال بالقرب من الحدود الألمانية (إ.ب.أ)
محطة طاقة تابعة لشركة وينترشال بالقرب من الحدود الألمانية (إ.ب.أ)
TT

ألمانيا حائرة بين الطاقة النظيفة أو اللجوء للمصادر الملوثة لدعم اقتصادها

محطة طاقة تابعة لشركة وينترشال بالقرب من الحدود الألمانية (إ.ب.أ)
محطة طاقة تابعة لشركة وينترشال بالقرب من الحدود الألمانية (إ.ب.أ)

في الوقت الذي لجأت فيه ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، إلى زيادة اعتمادها على الفحم، الأكثر تلويثاً للبيئة، للحفاظ على معدل آمن لمنع وقوع اقتصادها في حالة ركود، في ضوء تخفيض روسيا إمدادات الغاز للدول الأوروبية، تجد برلين نفسها محاطة باتهامات تتعلق بالبيئة والتغير والمناخي.
في هذا الصدد أكدت ألمانيا أمس الاثنين، الإبقاء على هدفها الاستغناء عن الفحم لتوليد الكهرباء بحلول عام 2030 غداة إعلانها زيادة محتملة لاستخدام محطات الطاقة العاملة بالفحم لتعويض تراجع إمداداتها من الغاز الروسي.
وقال متحدث باسم وزارة الاقتصاد والمناخ في مؤتمر صحافي في برلين إن «الاستغناء عن الفحم عام 2030 ليس أمرًا متقلبًا على الإطلاق (...) قد يكون علينا تشغيل محطات عاملة بالفحم (...) ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لذلك سيكون من المهم أكثر أن نلتزم بشكل أساسي بجدولنا الزمني».
يعد التخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030 نقطة أساسية في اتفاق حكومة المستشار أولاف شولتس الائتلافية مع شركائه الخضر والليبراليين، إلا أن الحكومة أعلنت الأحد أنها ستستخدم محطات الطاقة التي تعمل بالفحم «الاحتياطية» والتي تستخدم حالياً كملاذ أخير، لضمان تأمين إمدادات الطاقة في البلاد في مواجهة انخفاض الكميات الروسية المسلمة إلى أوروبا.
وأكد وزير الاقتصاد والمناخ روبرت هابيك الأحد أن اللجوء إلى الفحم لتوليد الطاقة هو إجراء «مؤقت» في مواجهة «تدهور» الوضع في سوق الغاز، مشيراً إلى «أنه أمر مرير لكن ضروري».
أكد المتحدث باسم وزارة الاقتصاد والمناخ، ستيفان غابرييل هوف الاثنين أن التحول إلى محطات الطاقة التي تعمل بالفحم سيكون «إجراءً قصير المدى» لفترة «محدودة» حتى عام 2024.
وأعلنت شركة «غازبروم» الروسية عن خفض شحنات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم، على خلفية المواجهة بين الدول الغربية وروسيا في سياق الحرب في أوكرانيا.
وكان لهذا القرار تأثير كبير على دول أوروبية عدة، خصوصاً ألمانيا وإيطاليا وفرنسا التي لم تعد تستلم الغاز الروسي.
بالنسبة إلى برلين التي ما زالت تستورد 35 في المائة من حاجاتها من الغاز من روسيا، مقابل 55 في المائة قبل الحرب، فإن الوضع «خطير»، بحسب هابيك، حتى في ظل ضمان تزويد البلاد في الوقت الحالي.
ومع ارتفاع أسعار الطاقة، أعلن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أن الحكومة الألمانية ستقدم «ردوداً في القريب العاجل» على استمرار الارتفاع القوي في أسعار الطاقة. وقال نائب المستشار الألماني أولاف شولتس، في مدينة فلنسبورج إن «التضخم المرتفع المدفوع بمصادر الطاقة الأحفورية يلقي بظلاله على البلاد بشكل خطير».
ورصد البنك المركزي الألماني نمواً طفيفاً في الاقتصاد الألماني خلال الربع الثاني من هذا العام. وكتب البنك في تقريره لشهر يونيو (حزيران)، والذي نُشر أمس الاثنين: «في ربيع عام 2022 ينمو الاقتصاد الألماني على نحو طفيف».
وبينما أدى الإلغاء واسع النطاق لقيود احتواء جائحة كورونا إلى انتعاش في قطاع الضيافة، على سبيل المثال، أدى التضخم المرتفع إلى كبح الرغبة في الشراء لدى العديد من المستهلكين. وتستمر اختناقات التوريد ونقص المواد في التسبب في مشكلات في القطاع الصناعي، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الطاقة.
ويتوقع البنك أن تسجل ألمانيا نمواً اقتصادياً هذا العام بنسبة 9.‏1 في المائة. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كان البنك يتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.‏4 في المائة في عام 2022.
يأتي هذا في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات نشرها مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني أمس، أن التضخم في أسعار المنتجين بالبلاد ارتفع إلى مستوى قياسي جديد في مايو (أيار)، نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة.
وارتفعت أسعار المنتجين بنسبة 6.‏33 في المائة في مايو على أساس سنوي، بعد ارتفاعها بـ5.‏33 في المائة في أبريل (نيسان). وكان من المتوقع أن يرتفع المعدل مرة أخرى بنسبة 5.‏33 في المائة.


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)»، لتعزيز الوصول إلى المواد الأساسية والتصنيع المحلي، بالإضافة إلى تمكين الاستدامة والمشاركة السعودية في سلاسل الإمداد العالمية.

ووفق بيان من «المبادرة»، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن المشروعات البارزة التي أُعلن عنها تشمل: مرافق صهر وتكرير، وإنتاج قضبان النحاس مع «فيدانتا»، ومشروعات التيتانيوم مع «مجموعة صناعات المعادن المتطورة المحدودة (إيه إم آي سي)» و«شركة التصنيع الوطنية»، ومرافق معالجة العناصر الأرضية النادرة مع «هاستينغز».

وتشمل الاتفاقيات البارزة الأخرى مصانع الألمنيوم نصف المصنعة مع «البحر الأحمر للألمنيوم»، إلى جانب مصنع درفلة رقائق الألمنيوم مع شركة «تحويل».

بالإضافة إلى ذلك، أُعلن عن استثمارات لصهر الزنك مع شركة «موكسيكو عجلان وإخوانه للتعدين»، ومصهر للمعادن الأساسية لمجموعة «بلاتينيوم» مع «عجلان وإخوانه»، إلى جانب مصهر للزنك، واستخراج كربونات الليثيوم، ومصفاة النحاس مع «مجموعة زيجين».

وهناك استثمار رئيسي آخر بشأن منشأة تصنيع حديثة مع «جلاسبوينت»، في خطوة أولى لبناء أكبر مشروع حراري شمسي صناعي في العالم.

يذكر أن «جسري» برنامج وطني أُطلق في عام 2022 بوصفه جزءاً من «استراتيجية الاستثمار الوطنية» في السعودية، بهدف طموح يتمثل في تعزيز مرونة سلاسل التوريد العالمية، من خلال الاستفادة من المزايا التنافسية للمملكة، بما فيها الطاقة الخضراء الوفيرة والموفرة من حيث التكلفة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي.

ويهدف «البرنامج» إلى جذب استثمارات عالمية موجهة للتصدير بقيمة 150 مليار ريال بحلول عام 2030.

وخلال العام الماضي، تعاون «البرنامج» مع كثير من أصحاب المصلحة المحليين والعالميين لمتابعة أكثر من 95 صفقة بقيمة تزيد على 190 مليار ريال سعودي، تغطي أكثر من 25 سلسلة قيمة.